لا يمكننا في ورشة كتابة عمرها ثلاثة أيام أن نُعلّم الأطفال كتابة القصص القصيرة، كما لا يمكن ادعاء أن تصبح النصوص في أفضل إمكانياتها، و بالضرورة لا يمكن أن نُخفف حدّة الأدلجة الجاهزة التي حفرت تمثلاتها عميقا -بشأن قوالب الكتابة- جرّاء ما يشاهدون و يقرأون ويتأثرون، ولكن ما يمكن الرهان عليه هو خلخلة جمود المناظير - في عمر مبكر- لكي نسمح للطفل أن يُثري خياله، وطرق تفكيره تجاه فعل القص.

سعت الورشة التي قدمتُها بالتعاون مع وزارة الإعلام، تحت عنوان: "خيال يصطاد القصص"، للأعمار التي تتراوح بين 11-16سنة وعبر أيقونات ممغنطة صممتها الرسامة بيان العبري، سعت لتحريض الأسئلة والخيال، لتعلم أساسيات الكتابة بطريقة مبتكرة. حيث صُنعت عشر شخصيات مختلفة، وعشر حبكات متباينة، وعشر صور للنهايات المُمكنة، وطُلب من كل طفل أن يخلق الروابط الخفية بين الشخصية والحدث والنهاية. امتلك كل طفل الحرية في بناء تاريخ الشخصية والحدث الذي أصابها والمآل الذي آلت إليه. وقد كان بإمكان كل واحد منهم اللعب بالأحداث والنهايات إلى ما لانهاية شريطة امتلاك الإقناع الفني. فالقصص مهما جنح خيالها ينبغي أن تنال حظها من الإقناع أيضا. تقول سيدني هاريس: الخيال يجب أن نربطه بخيط منطقي لنصدقه أما الحقيقة فقد لا تكون منطقية أصلا.

لقد أعطى تبادل الآراء فيما بين المشاركين بشأن القصص شعورا بأهمية أن يمتلكوا رأيا من جهة ومن جهة أخرى شعورا بأنّ الأفكار تنمو عندما تُطعم بمزيد من انطباعات الآخرين. أرادت الورشة أيضا أن تُقوي العضلة المعنية بتقبل رأي الآخر جوار القدرة على الدفاع عن الأفكار والتصورات الفردية إذا ما استدعى الأمر.

قد تبدو هذه التجارب بسيطة وفي أول الدرب ولكنها جديرة بالاحتفاء أيضا.

"سر الرسالة الغامضة"

مريم بنت يحيى الرئيسية - 16 سنة

في أعماق المحيط، حيث تنعكس أشعة الشمس على سطح المياه كقطع الذهب المتناثرة، كانت هناك "أخطبوطة" صغيرة تدعى "مارين"، كانت مميزة وفريدة من نوعها، تأتي من فصيلة نادرة من الأخطبوطات التي لا تستطيع إحضار طعامها بنفسها حتى تكمل عامها الثالث، لها عائلة تتكون من والديها وأخيها الأكبر، يعيشون في محبة ووئام، وقد كانت حركة المياه تساعدهم على جلب الأسماك الصغيرة التي تتغذى على الأعشاب البحرية الموجودة على سطح البحار.

ورغم صغر سن "مارين"، إلا أنّها كانت تتميز بحبها للتعاون مع أفراد أسرتها، وكان فضولها الذي لا ينطفئ يدفعها لاستكشاف محيطها الكبير، فقد كانت تنتظر بفارغ الصبر اللحظة واليوم الذي ستستطيع فيه إحضار طعامها بنفسها. مرت الأيام والأسابيع، حتى أتى اليوم المنتظر الذي انطلقت فيه بحرية نحو الأسطح العلوية من المحيط واثقة الخطى لا تنظر للخلف دون أن ينتابها الشعور بالارتباك والتوتر، للبحث عن طعامها بنفسها واستكشاف ما لم تراه من قبل، فقد كانت أحلامها تنمو مع كل حركة تقوم بها مجسّاتها الصغيرة.

لكن.. سرعان ما اكتشفت "مارين" أنّ الحياة في الأماكن العلوية من المحيط ليست كما توقعتها، فبدلا من الجمال والنقاء الذي لطالما حلمت به، واجهت "مارين" الواقع المرير، فضوء الشمس الذي كانت تراه مشرقا أصبح خافتا، والأسماك التي تتغذى على الأعشاب البحرية أصبحت شحيحة بسبب التلوث البيئي الحاصل. فسيطر الحزن والإحباط عليها.

وفي لحظة من لحظات اليأس، قررت أن ترسل رسالة إلى العالم فوق المحيط، فكتبت رسالة بسيطة على ورقة نبات بحري قديم، عن طريق إحدى مجسّاتها وبمساعدة الحبر الذي تفرزه، عبرت فيها عن ألمها وخيبة الأمل التي شعرت بها، وطلبت فيها المساعدة ممن يستطيعون مساعدتها لتحسين بيئتها وحماية عالمها الذي يتعرض للخطر والهلاك. فانطلقت الرسالة من المحيط عبر التيارات البحرية وصولا إلى السطح وتحديدا إلى شاطئ هادئ، حيث كانت فتاة مهتمة بالبيئة، تتجول لتبحث عن أشياء جميلة ومميزة، فوجدت رسالة "مارين" أثناء ما كانت تتأمل، فقرأتها بتمعن حتى أدركت أن هنالك من يحتاج إلى مساعدتها، فبدأت بعمل حملات توعوية إرشادية لتنظيف الشواطئ، وبمرور الوقت تحسن الوضع في المحيط وبدأت بيئة "مارين" بالاستشفاء والتعافي.

بعد فترة، بدأ ضوء الشمس يبدو أكثر إشراقا وحيوية، وبدأت الأسماك بالعودة إلى أعماق المحيطات بكثرة، حينها أصبحت "مارين" أكثر سعادة وبهجة وامتنان، فقد حصلت على ما كانت تطمح إليه بعيش حياة هانئة في بيئة مستقرة.

وفي إحدى الأيام المشرقة، وحيث كانت "مارين" تتجول بالقرب من السطح، لمحت ظلا خافتا على الشاطئ ...وإذ هي الفتاة المنقذة، حينها رفعت "مارين" إحدى أذرعها تحية لها، فابتسمت الفتاة مدركة بأن الحياة أصبحت أفضل في المحيطات الأعمق.

البدء من مكانٍ آخر

وسام الهاشمي - 12 سنة

تخيل أن تقعد خلف أسوار الغرفة لأيام طوال بعد أن كنت أقوى وأشهر لاعب في فريقك! يا لها من لحظات قاسية، تمر الدقيقة كأنّها ساعة والساعة كأنّها يوم.

إذا بدأتُ قصتي بكلمة مفيدة فسوف أقول لك جهز نفسك جيداً قبل سن التقاعد أو الاعتزال من فريق كرة قدم، فقد تمر عليك سنوات عجاف، إن لم تكن مستعدا للقيام بعمل آخر أو رحلات أو غير ذلك. اسمي راشد، عمري 66 سنة، جئتُ من اسبانيا، أخذتُ الجنسية العُمانية بعد اعتزالي كرة القدم، وذلك بسبب تقدمي في العمر. كنتُ من أقوى المدافعين في زماني. بعد اعتزالي بسنتين قررتُ أن أسافر إلى سلطنة عمان لاستكشاف الثقافة العُمانية. قد تسألني لماذا سلطنة عُمان بالتحديد؟ سأقول لك: كان لدي صديق رائع، يُحدثني كثيراً عنها، فتحمستُ للمجيء وقررتُ بعدها أن أبقى في عُمان وأن أفتح النادي الخاص بي. لكن مع وجود أندية كثيرة وعدم معرفتي بالجميع لم أعثر على لاعبين ذو كفاءة عالية!

استهزأ بي البعض، وبعد مرور سنة على افتتاح النادي رأيتُ بأنّه لا يوجد أمامي فرصة لاستكمال العمل فأغلقته وعدتُ إلى وحدتي التي صاحبتني بعد الاعتزال.

بقيتُ وحيداً ومنعزلا لأكثر من أربع سنوات، حتى جاءتني فرصة مميزة لتدريب لاعبين لواحد من أعرق الأندية العُمانية، أسعدني ذلك كثيرا، فانطلقتُ بكل حماس.

فاز النادي في بطولات كبيرة، فشعرتُ بأنّها ولادتي الجديدة وأيقنتُ أنّ تلك السنوات الأربع الماضية ما هي إلا استراحة محارب أخذ قسطاً من الراحة، ليستعد جيداً لعمل جدير بالتقدير والاحترام في بلد جدير بالتحية والثناء.

السجادة التائهة

ورد بنت عبدالرقيب الحراصية - ١١ سنة

كانت هناك سجادة تلعب مع أطفال عائلتها. كانت سعيدة وهي تلهو معهم. وفي يوم من الأيام قرر الأب أن يأخذ أفراد العائلة في رحلة إلى الصحراء. ثمّ ذهب ليجهز أدوات الرحلة، بينما كانت الأمّ منشغلة بتحضير الإفطار. قامت السجادة بترتيب الأغراض أيضا. أما الأطفال فقد سارعوا بتجهيز أنفسهم للرحلة.

ولما صارت العائلة في طريقها إلى الصحراء، رأى الأطفال الكثير من الحيوانات والغيوم والحشرات. عندما وصلت العائلة إلى الصحراء ذهبت الأمّ تفرش البساط وقامت بترتيب الأغراض، بينما أخذ الأطفال والسجادة يلعبون ويمرحون في الصحراء. وعندما انتهت الأمّ من ترتيب البساط نادت على جميع أفراد العائلة فدخلوا في أحاديث مهمة وعندما انتهوا من الحديث قالت لهم الأم: تناولوا الغداء. وبينما كانوا يتناولون الغداء هبت فجأة ريح قوية وسحبت السجادة بعيدا عن العائلة فتاهت. حاولت أن تبحث عن العائلة لكن دون جدوى وبعد بحث طويل التقت السجادة بالسيد نسر، فطلبت منه المساعدة فوافق على مساعدتها لأنّه يستطيع النظر للأشياء من الأعلى، شعرت السجادة بسعادة كبيرة، عندما ذهبت بصحبة النسر للبحث عن المنزل، رأت المنزل من بعيد وصرخت: "لقد عُدت.. لقد عُدت" وذهبت تطير إليه وهي تبكي من شدة الفرح، لأنّها ظنت أن لن تعود إلى المنزل. وتساءلت: "هل العائلة حزينة لفراقها أم لا؟؟" واتضح أنّ العائلة لا تكترث لغيابها، فعادت تمشي في الأزقة وهي حزينة حتى وجدت مجموعة سجادات تشبهها وذهبت تمضي حياتها معهم بحرية.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ثقافة أسوان تنظم مجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية

نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، مجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية ضمن أجندة فعالياتها بمواقع فرع ثقافة أسوان، في إطار برامج وزارة الثقافة.

وعقدت مكتبة الطفل والشباب بدراو لقاء بعنوان "إشكاليات السرد وبناء الشخصية الأدبية"، من خلال ورشة المصطبة، بهدف تسليط الضوء على مشكلات السرد الأدبي في محافظة أسوان والتحديات التي يواجهها الكتاب.

شارك في النقاش عدد من كتّاب السرد البارزين والمهتمين بالشأن الثقافي، حيث تحدث طه الأسواني، رئيس نادي الأدب المركزي بثقافة أسوان، عن تاريخ السرد في أسوان وأهم كتابه البارزين، مشيرا إلى بعض المحاور الرئيسة مثل التهميش الإعلامي، موضحا أن الإعلام المحلي لا يُبرز الأعمال الأدبية الصادرة من أسوان بشكل كاف، مما يحد من انتشارها على المستوى الوطني، كما تم تناول قضايا غياب الورش التدريبية وندرة النشر المحلى. 

وزير الاتصالات: مركز إبداع مصر الرقمية بجامعة أسوان حقق نجاحا منقطع النظير محافظ أسوان: استمرار تقييم مستوى الأداء وتطبيق الثواب والعقاب للقيادات المحلية أنشطة ثقافية 

في نهاية النقاش، اقترح المشاركون حلولا مثل تنظيم مهرجانات أدبية سنوية تحتفي بالسرد في أسوان، ورش عمل تدريبية للكتابة السردية، وتأسيس منصة إلكترونية لنشر قصص وأعمال كتّاب أسوان، وذلك لتعزيز انتشار الأعمال الأدبية من المحافظة، توثيق التراث الثقافي لأسوان وتوظيفه في الأعمال السردية لإبراز الهوية المحلية، ومن آليات تنفيذ الحلول التعاون بين المكتبات العامة ووزارة الثقافة لإطلاق مبادرات لدعم السرد، الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لخلق مجتمع أدبي افتراضي يعزز الحوار بين الكتّاب. إطلاق مسابقات أدبية محلية تهدف إلى اكتشاف المواهب الجديدة وتشجيعها. توثيق الحوار كنواة لسلسلة فعاليات مستقبلية تناقش تطور السرد في أسوان.

 وفي الختام دعا الكاتب طه الأسواني إلى تعزيز التعاون بين الكتّاب والمؤسسات الثقافية، كما أشار إلى ضرورة التركيز على القصص المستوحاة من البيئة الأسوانية الغنية بالتراث الثقافي والطبيعي، لما لها من قدرة على جذب القراء والترويج للسرد.

في سياق آخر، وضمن أنشطة الفرع، برئاسة يوسف محمود، وبإشراف إقليم جنوب الصعيد الثقافي، برئاسة عماد فتحي، نظم بيت ثقافة دراو محاضرة بعنوان "التوحد عند الأطفال ودور الآباء" ألقاها محمد عبد القادر، أستاذ خدمة الفرد بجمعية أصدقاء المرضى. تطرق عبد القادر إلى مرض التوحد الذي يُعد اضطرابا في النمو العصبي ويؤدي إلى ضعف التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي وغير اللفظي. كما استعرض المحاضِر كيفية تأثير التوحد على النمو المعرفي واللغوي للأطفال، مؤكدًا على أهمية فهم الأهل للسلوكيات المختلفة التي قد تظهر لدى الأطفال، مثل الصراخ أو الاعتداء على الآخرين.

مقالات مشابهة

  • تامر حسني يعلن موعد ومكان جنازة الملحن محمد رحيم
  • درة: هذه كانت اللحظة الأصعب في فيلم "وين صرنا"
  • عائلة روبن نيفيز تستمتع بأجواء الطبيعة في المملكة
  • صلاح الدين تنجز 98% من التعداد السكاني وتنبيه بشأن أفراد العائلة
  • قبلان: لحظة الإستقلال الآن هي للتضحيات الوطنية على الجبهة الجنوبية
  • استشهاد فلسطيني ونجله في سجون الاحتلال عقب اعتقالهما أحياء من جنوب غزة
  • دراما العلاقات الأسرية تكشف أسباب اختفاء القيم الأخلاقية في العائلة المصرية وأسرار تقديم الشخصيات الشريرة
  • البابا يستقبل المشاركين في الندوة الثانية عشرة لدائرة الحوار بين الأديان
  • هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا
  • ثقافة أسوان تنظم مجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية