نتنياهو.. الجزَّار المنبوذ
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
ذكرت فى مقال أمس، أن خطاب الاثنين الماضى الذى ألقاه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى على شعبه، هو خطاب الاعتراف بالهزيمة، وأن ما جاء به مجرد تخاريف وأكاذيب ومهاترات شخص مهزوم فى الخارج والداخل، حيث أصبح ملايين البشر فى العالم يصفونه بالجزَّار سافك الدماء، ويطلق عليه أبناء جنسه لقب قاتل الرهائن.
اليوم أواصل الكتابة عن ردود الأفعال التى خلفها خطاب هذا المحتل، حيث بدأت تتوالى التصريحات والمواقف التى تكشف أعماقه الاستعمارية الموروثة عن أجداده.
فقد أصدرت الخارجية المصرية مساء أمس الأول بيانا عبرت به عن وجهة نظر كل المصريين، الذين يقفون صفا واحدا خلف قيادتهم الحكيمة، مؤكدين أنه لا تفريط فى حق واحد من حقوق بلدنا. بيان الخارجية أكد رفض مصر لتصريحات نتنياهو، التى زعم فيها أن حماس تحصل على السلاح من الحدود المصرية عبر محور فيلادلفيا. وقال البيان فى لهجة صارمة «إن مصر تعرب عن رفضها التام للتصريحات التى أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلى والتى حاول من خلالها الزج باسم مصر لتشتيت انتباه الرأى العام الإسرائيلى، وعرقلة التوصل لصفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، وعرقلة جهود الوساطة التى تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة». وأضافت الخارجية المصرية: «تؤكد مصر على رفضها لكافة المزاعم التى يتم تناولها من جانب المسئولين الإسرائيليين فى هذا الشأن»، وأن «مصر تحمل الحكومة الإسرائيلية عواقب إطلاق مثل تلك التصريحات التى تزيد من تأزيم الموقف، وتستهدف تبرير السياسات العدوانية والتحريضية، والتى تؤدى إلى مزيد من التصعيد فى المنطقة». واختتم البيان بأن مصر حريصة على مواصلة «القيام بدورها التاريخى فى قيادة عملية السلام بما يحقق استقرار جميع شعوب المنطقة».
البيان كما يبدو يعتمد على أكثر من محور، أهمها أن مصر حريصة على حقوقها ولن تفرط فيها، إضافة إلى تحذير شديد اللهجة من المساس بأمنها القومى، والتأكيد على أنها دولة حريصة على السلام الدولى، ما يؤكد أنها تسير بخطى ثابتة وأهداف ثابتة ولا ترهبها التصريحات الرعناء أو العنتريات الجوفاء.
ومن اللافت أن دولا عربية كثيرة أعلنت دعمها لمصر فى موقفها ضد تصريحات الجزار الاسرائيلى، حيث أعلنت قطر فى بيان تضامنها التام مع «جمهورية مصر العربية الشقيقة» ورفضها لتصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى التى حاول من خلالها الزج باسم مصر لتشتيت الرأى العام الإسرائيلى وعرقلة جهود الوساطة المشتركة الرامية إلى وقف إطلاق النار فى قطاع غــزة وتبادل الرهائن والمحتجزين.
كما قالت المملكة الأردنية فى بيان لها إن وزارة الخارجية وشئون المغتربين الأردنية، تعلن رفضها كل المزاعم التى يروج لها مسئولون إسرائيليون فى محاولات عبثية لتبرير العدوان الإسرائيلى على غزة والضفة الغربية المحتلتين. وقال البيان، إن هذه المزاعم تمثل تحريضًا مدانًا وتزيد من التصعيد الخطير الذى تشهده المنطقة. ووصف البيان تصريحات نتنياهو، حول معبر فيلادلفيا بأنها مزاعم لا أساس لها، تستهدف عرقلة جهود الوساطة التى تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية للتوصل لصفقة تبادل تفضى إلى وقف دائم لإطلاق النار فى غزة.
أما السلطة الفلسطينية، فقد أدانت بدورها التصريحات التى أطلقها بنيامين نتنياهو للزج باسم مصر فى محاولة منه لتشتيت انتباه الرأى العام فى المنطقة والتهرب من التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار، للاستمرار فى حربه ضد الشعب الفلسطينى. وأعربت الرئاسة الفلسطينية عن تقديرها الكبير لدور مصر الرافض لتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه، مؤكدة أن الحدود الفلسطينية المصرية هى حدود سيادية، ورفضت وجود أى قوات إسرائيلية على محور فيلادلفيا أو معبر رفح، مشيدة بالسعى الدائم لمصر لتحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة.
لم يقتصر الأمر على الدول العربية التى رفضت تصريحات نتنياهو المتغطرسة والكاذبة ضد مصر، بل إن قوى المعارضة الإسرائيلية نفسها فضحت زيف وأكاذيب هذه التصريحات. ويكفى ما قاله زعيم المعارضة يائير لابيد بأن محور فيلادلفيا لا يهم نتنياهو، والشيء الوحيد الذى يهمه هو مواصلة الحرب حتى لا تنهار الحكومة التى يترأسها. وشدد لابيد فى تصريحاته الغاضبة على أن نتنياهو كان رئيسا للوزراء لمدة 15 عاما ولم يخطر على باله استعادة محور فيلادلفيا، وأن إسرائيل انسحبت من محور فيلادلفيا قبل 19 عاما وصوت نتنياهو لصالح ذلك فى حينها.
الخلاصة أن بنيامين نتنياهو منبوذ على كافة الجبهات، منبوذ عربيا ودوليا وبين أبناء شعبه أنفسهم، وما هى -فى اعتقادى- الا مسألة وقت حتى نشهد سقوطه كما شهدنا من قبل سقوط الطغاة والجزارين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الزاد شعبة حيث أصبح هو خطاب محور فیلادلفیا إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
الأمة تحت الهيمنة (الصهيونية) فماذا بعد؟
يمكن القول إن الأمة العربية بكل قدراتها وإمكانياتها الوطنية والقومية أصبحت تحت الهيمنة الصهيونية -الأمريكية، وإن نظريتي (الفوضى الخلاقة) و(الصدمة والرعب) قد نجحتا في فرض قيمهما على الوطن العربي الأرض والإنسان، وعلى العالم الإسلامي أيضا، نظريتان ابتكرهما (البنتاجون الأمريكي) وعتاولة الصهاينة على إثر سقوط الاتحاد السوفييتي وتفكك دول المعسكر الاشتراكي وإعلان أمريكا على لسان رئيسها (بوش الأب) انتصار الليبرالية على الاشتراكية وأن أمريكا أصبحت عاصمة العالم الحر، من يومها انطلقت الأجهزة الاستخبارية الأمريكية _الصهيونية وبصور وطرق متعددة لتنهش في جسد الأمة باسم الحرية والديمقراطية، وباسم حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل وباسم الحريات الصحفية وحرية الرأي والتعبير، والشفافية، ومكافحة الفساد، والعدالة الانتقالية، والحكم الرشيد، والانفتاح الاقتصادي والثقافي، والعولمة، ثم تفجرت ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات، وكل هذه الأدوات تم استغلالها وتوظيفها لخدمة المخططات الصهيونية والاستعمارية برعاية أمريكية والتي عطلت كل مهام المنظمات الدولية والقانون الدولي وفرضت قانونها الخاص وحلت هي -أي أمريكا- محل المنظمات الدولية، وأصبحت هي الأمم المتحدة وهي مجلس الأمن الدولي، وهي المعنية بقيادة العالم والمتحكمة بالأنظمة والشعوب ومصيرهما..!
على مدى 34عاما استطاعت واشنطن والمنظمات الصهيونية أن تحكما سيطرتهما على العالم، كل العالم وعبر ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني ومسميات أخرى لا حصر لها، توصلت واشنطن إلى ضرب كل مقومات الوعي المجتمعي وتمزيق الأنسجة الاجتماعية للشعوب وتطويعها لخدمة الكيان الصهيوني والمنظمات الصهيونية التي تسيطر على مصير العالم برمته بما في ذلك مصير المجتمع الأمريكي _الغربي..!
ما حصل خلال العام الماضي وما يحصل حاليا على خارطة الأمة هو نتاج عمل استخباري صهيوني متواصل منذ أكثر من ثلاثة عقود، عمل ينجز أصحابه اليوم ما كان قد بدأ عام 2003م بسقوط النظام في العراق واحتلال العراق من قبل أمريكا والصهاينة ثم أنجز الشق الأكبر منه عام 2012م، وخلال العام الجاري تم الإجهاز على آخر أهداف المخطط وهو سوريا.
اليوم يمكن القول إن المخطط الصهيوني حقق أهدافه وانتصر الكيان وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها دون مكابرة إذا ما رغبت القوى الحية في الأمة أن تعيد ترتيب نفسها وتعيد حساباتها في كل إجراءاتها ومواقفها وطريقة تعاطيها في إدارة الصراع الوجودي مع أعدائها سواءً تعلق الأمر بالأمة على المستوى القومي أو تعلق بمواقفها القطرية أو بمواقف النخب والفعاليات المناهضة للعدو والتي عليها إعادة النظر في كل مواقفها من عدوها وطريقة التعاطي معه..
يجب أن نعترف أن الاختراق قد طال كل الفعاليات المناهضة للعدو وحلفائه أمريكا والقوى التابعة لها عربيا وإسلاميا..!
نعم يجب الإقرار والتسليم بأن محور المقاومة تعرض لأكبر عملية اختراق استخباري، اختراق طال الفعاليات والمجتمعات والأنظمة المناهضة للعدو..!
ومن المهم الاعتراف بهذه الحقيقة، لأن الاعتراف بداية طريق الإصلاح والتحصين وإعادة النظر بكل الوسائل والسبل والمواقف والسلوك..
دفع محور المقاومة الكثير من التضحيات وتعرض لعمليات اختراق قاسية ودامية، إذا ما استثنينا -صنعاء- من أعضاء المحور، فيما الاختراق الصهيوني طال بقية أعضاء المحور بدليل أن إسماعيل هنية اغتيل في غرفة نومه في طهران حيث كان يقيم وهذه كانت أولى مؤشرات الاختراق التي طالت لاحقا قيادة حزب الله وذهب ضحية هذا الاختراق أهم رمز من رموز المقاومة وهو السيد حسن نصر الله الذي لن يعوض فقدانه ولو بعد مائة عام، خسارة السيد حسن نصر الله تفقد أي انتصار بريقه مهما كان هذا الانتصار ومهما حاولنا الحديث عن انتصارات ميدانية أيا كانت فهي لا تعادل فقدان رجل وقائد بحجم ومكانة ودور السيد حسن نصر الله.. الأمر ذاته يتصل بحالة سوريا وسقوط نظامها القومي المقاوم مهما قالوا عنه غير أنه كان درعا للمقاومة وحصنا للأمة والسور الذي تتحطم عليه كل المؤامرات، سقوط سوريا وبالطريقة التي تمت فيه دليل على فداحة الاختراق وحقيقته..!
إن الصهاينة وأدواتهم يعملون بجد في كل أوساط الأمة واستطاعوا أن يزرعوا خلاياهم وعملاءهم في أوساط النخب والفعاليات والمجتمعات التي تم نخرها من الداخل كما ينخر السوس الخشب..!
إن من الأهمية إعادة غربلة المكونات الفاعلة وتنقيتها من الشوائب والأمر ذاته ينسحب على المجتمعات بكل مكوناتها الفاعلة وإعادة وضع استراتيجية مقاومة محصنة بالوعي والاقتناع، وليس بالولاء والخوف والتخويف، إن محور المقاومة لا يجب أن يكون محصورا في نطاق اجتماعي بذاته، بل يجب أن يتكون من كل عربي ومسلم مناهض للعدو الصهيوني والاستعمار، بغض النظر عن انتمائه الديني والمذهبي والفكري والسياسي..
إن مواجهة العدو وإعادة الاعتبار للأمة والذود عن حقوقها لا يجب أن يحصر في توجه بذاته أو في جماعة بذاتها، بل يجب أن يتجند الجميع لمواجهة العدو وحلفائه وفق رؤية وطنية وقومية واضحة ووفق منطلقات وقناعات فكرية وسياسية أكثر وضوحا.. وقبل هذا يجب أن يطلق حوار مفتوح مع كل النخب والفعاليات الفكرية والثقافية والسياسية والدينية في الوسط الاجتماعي العربي قطريا وقوميا للوصول إلى رؤية نضالية وجهادية موحدة عصيّة على الاختراق حتى تتطهر الأوطان والأمة من رجس الخلايا الصهيونية الاستعمارية.. مؤسف أن نجد اليوم أنظمة تدار من قبل المخابرات الأمريكية بزعم أنها أنظمة معتدلة أو مطبعة أو مسالمة، نموذج مصر والخليج والأردن والمغرب وبقية الدول والمكونات باستثناء دول محور المقاومة التي تتعرض للاختراقات الاستخبارية ويتم تجنيد أدوات الاختراق من داخل المحور وخارجه..!