بوابة الوفد:
2024-09-15@20:05:07 GMT

العربى والتاريخ.. أزمة «دولية»

تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT

كنت سأواصل سلسلة مقالاتى عن المجالس الشعبية المحلية، واضطررت لقطعها، استجابة لصرخات عدد كبير من المتابعين والقراء، الذين خلق لهم وزير التربية والتعليم أزمة جديدة فى بيوتهم، ليس لها أية لازمة قبيل بدء العام الدراسى الجديد، بقرار غير مدروس، تضررت منه وبشدة فئة من المصريين يظن كثيرون (وبعض الظن إثم) أنهم يلعبون بالفلوس لعب، لا يعرفون شيئا عن معاناة البسطاء فى التعليم الحكومى (وهو بالمناسبة لم يعد مجانيا مثل زمان) ولا كالماء والهواء كما كان يريده عميد الأدب العربى طه حسين أول وزير للتربية والتعليم.

 

والأزمة هى إضافة مادتى اللغة العربية والتاريخ إلى طلاب المدارس البريطانية والأمريكية المعروفة بـ(IG الدولية)، واحتساب 20٪ من مجموعهما فى المجموع العام للطالب، وإن كنت لا أعتقد أن الوزير الجديد صاحب القرار وإنما وضعه أو اتخذه من سبقوه دون دراسة متأنية، ثم جاء لينفذه «عبداللطيف» دون مراعاة للظروف التى يعيشها أولياء الأمور، فهم مثل كثير من المصريين يكافحون ويريدون لأبنائهم مستوى تعليمياً ممتازاً يؤهلهم لخدمة أنفسهم ووطنهم بشكل جيد.

وسأعرض هنا شكوى أرسلها لى المهندس مصطفى الشافعى، تلخص محتوى عشرات من الرسائل تلقيتها، يبدأها متسائلاً: هل تعلم سيادة الوزير أن الشهادة البريطانية أغلب موادها علمية ولا تستهدف المواد الأدبية، وعددها ١٠ مواد بمنهج يصعب جدا على طلاب مدارس التعليم العام مواكبته، مع احترامنا الشديد لكل طلاب تلك المدارس الحكومية، ولكنها فعلا حقيقة لا يستطيع أى وزير أو مسئول إنكارها، فطالب الـIG يتم استهلاكه ذهنيا على مدار ٣ سنوات متصلة فى المرحلة الثانوية ولا يأخذ إجازة فى الصيف، ويدفع رسوماً عن المادة الواحدة 20000 جنيه، ويتحمل مثلها تقريبا دروس خصوصية، بالإضافة إلى رسوم امتحان ٨٠٠٠ جنيه، لتصل تكلفة المادة الواحدة 48 ألف جنيه، بإجمالى 500 ألف جنيه (نصف مليون تقريبا) للعشر مواد فى العام الواحد، فضلا عن أنهم يدخلون اختبارات صعبة للغاية تأتى من الخارج وليس بها أى غش ويتم تصحيحها فى الخارج.

ويمضى.. هل الهدف من القرار تعجيز أبنائنا الذين اعتادوا على المواد العلمية وليست الأدبية منذ أن التحقوا بهذا النوع من التعليم الذى يخضع لإشرافكم، والشماعة تعميق الهوية الوطنية والحفاظ على اللغة العربية ومعرفة تاريخ البلد؟ وكأن كل من تخرجوا فى السابق لا يتحدثون العربية ولا ينتمون لوطنهم ولا يعرفون تاريخهم؟.. نعم معظمهم يتخرج ضعيفاً فى اللغة العربية ولكن هذا لا يعنى انه ليس من هذا الوطن ولا يعيش فوق ترابه ولا يشرب من نيله ولا يحارب فى صفوف جيشه.

ويواصل..علماً بأنكم كوزارة مسئولون عن هذا الضعف، لأنكم لم تؤسسوا الطلاب تأسيساً جيداً للغتهم الأصلية منذ السنة الأولى وليس من السنة التاسعة (الثالثة إعدادى) كما قررتم الآن؟ 

أرجو إعادة النظر فى هذا القرار الخاطئ رحمة بالطلاب وأهلهم ويكفى ظلمهم وحرمانهم كمواطنين مصريين فى الالتحاق بالجامعات الحكومية إلا بنسبة ضئيلة جدا لا تزيد عن 5%، لا تمكنهم من الالتحاق بكلية الطب والهندسة التى دفعوا من أجلها كل هذه المبالغ الطائلة، كما يكفى أنهم يدرسون عشر مواد صعبة جدا فى ثالثة ثانوى، سترتفع بالعربى والتاريخ إلى 12 مادة، فى حين سيدرس أقرانهم فى المدارس الحكومية والخاصة خمس مواد فقط.. أى عدل هذا؟ إنه وربى تعذيب مقنن لنا ولأبنائنا؟ ارحمونا يرحمكم الله.

 

‏[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المجالس الشعبية المحلية

إقرأ أيضاً:

عربان الشتات: العمي الايديولوجي المستند الي جهالة بالجغرافيا والتاريخ (٣-٥)

د. هشام عثمان

مصطلح "عرب الشتات" يُظهر جهلًا واضحًا بالجغرافيا والتاريخ المعقدين لما يُسمى "السودان الشرقي" و"السودان الغربي" تاريخيًا، وهما منطقتان تاريخيتان شهدتا تفاعلات كبيرة بين شعوب وأعراق متعددة نتيجة للهجرات، التجارة، الحروب، والممارسات الاستعمارية بما في ذلك تجارة الرق. لكي نفهم بعمق السياق التاريخي لهذه المناطق، من الضروري أن نلقي نظرة على العوامل التاريخية والجغرافية التي شكلت هويات السكان فيها:

### 1. **السودان الشرقي**:
السودان الشرقي يمتد على طول البحر الأحمر ويمثل منطقة استراتيجية لعبور الهجرات والتجارة عبر البحر الأحمر. هذه المنطقة كانت معبرًا تاريخيًا للحجاج المسلمين في طريقهم إلى مكة، وكانت أيضًا مركزًا للتجارة بين أفريقيا والجزيرة العربية وآسيا.

- **الهجرات**: منذ عصور قديمة، كان شرق السودان ممراً رئيسياً للهجرات العربية والأفريقية، بما في ذلك القبائل العربية التي هاجرت من شبه الجزيرة العربية. هذه الهجرات لم تكن بالضرورة نتيجة للشتات بل كانت جزءًا من التنقلات الطبيعية بين مختلف المناطق.

- **التجارة**: السودان الشرقي كان مركزًا هامًا للتجارة الدولية، بما في ذلك تجارة الذهب، التوابل، والسلع الأخرى. هذا النشاط التجاري جذب مجموعات متعددة من التجار العرب والأفارقة وغيرهم، مما خلق مجتمعًا متنوعًا ومتعدد الثقافات.

- **تجارة الرق**: المنطقة شهدت تجارة الرق العربية والأوروبية التي ازدهرت عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي، حيث تم نقل العبيد من إفريقيا إلى الشرق الأوسط وأوروبا. ولكن هذه التجارة كانت جزءًا من نظام أوسع يشمل أوروبا والعالم الإسلامي ولم يكن لها علاقة مباشرة بمفهوم "الشتات" بالمعنى الحديث.

### 2. **السودان الغربي**:
السودان الغربي يشمل مناطق تمتد عبر مالي، النيجر، وتشاد، وكان منطقة حيوية من الناحية الجغرافية والتاريخية للتفاعلات بين شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء. هذا الامتداد الجغرافي الشاسع شهد هجرات ونقلات سكانية كبيرة على مر العصور.

- **طرق التجارة**: السودان الغربي كان جزءًا من شبكة طرق التجارة عبر الصحراء الكبرى التي ربطت شمال أفريقيا بمناطق الغرب والجنوب الأفريقي. عبر هذه الطرق، تم نقل الذهب والملح والعبيد، وكانت هذه الطرق أيضًا ممرات للحجاج المتجهين إلى مكة.

- **ممالك كبيرة**: مناطق السودان الغربي كانت موطنًا لممالك كبيرة مثل مملكة غانا، وإمبراطورية مالي، وإمبراطورية السونغاي. هذه الممالك كانت جزءًا من شبكة تجارية واسعة عبر الصحراء الكبرى وكانت على اتصال بالعالم العربي والإسلامي.

- **تأثير الإسلام**: الإسلام دخل هذه المناطق مبكرًا عن طريق التجارة والهجرات، وليس نتيجة للشتات أو الحروب. العديد من القبائل والمجموعات تبنت الإسلام على مدار قرون، مما خلق نوعًا من الهوية الثقافية المتداخلة بين الأفارقة والعرب.

### 3. **الهجرات لأغراض متعددة**:
الهجرات في هذه المناطق لم تكن بالضرورة مرتبطة بالشتات بمعناه الحديث. الهجرات كانت لأسباب عديدة، منها:

- **الحج**: طرق الحج التي عبرت السودان الشرقي والغربي كانت جزءًا أساسيًا من حركة السكان، حيث كانت القوافل تتنقل من غرب أفريقيا عبر السودان إلى الحجاز.

- **الحروب والصراعات**: العديد من الهجرات جاءت نتيجة للحروب والصراعات الداخلية في المناطق الأفريقية أو بين القوى الاستعمارية. ولكن حتى في هذه الحالات، كانت الهجرات داخل إطار المنطقة ولم تكن جزءًا من مفهوم "الشتات" الحديث.

### 4. **حملات الرق**:
حملات الرق العربية والأوروبية في هذه المناطق كانت جزءًا من تجارة عالمية للعبيد، ولكن لا يمكن اختزال تلك الفترات من التاريخ في مصطلح "عرب الشتات". تجارة الرق كانت تجارة عالمية معقدة وشملت العديد من اللاعبين، وكانت موجهة نحو استغلال الشعوب الأفريقية وليس نتاجًا لنزوح جماعي للعرب إلى هذه المناطق.

### 5. **جهل المصطلح بالتاريخ والجغرافيا**:
المصطلح "عرب الشتات" يتجاهل هذا التاريخ الغني والمعقد للتفاعل بين العرب والأفارقة في هذه المناطق. هذه المجتمعات لم تكن مجتمعات "شاردة" أو "منفية"، بل كانت جزءًا من أنظمة معقدة من التجارة، الدين، والتحركات السكانية الطبيعية. استخدام هذا المصطلح يشوه هذه الحقائق ويجعل من الهجرات التاريخية الطبيعية جزءًا من سردية سياسية ضيقة قد تكون موجهة لإثارة التوترات العرقية أو الطائفية في السودان المعاصر.

السودان الشرقي والغربي ليسا مجرد مساحات جغرافية بل مناطق ذات تاريخ طويل من التداخل بين شعوب متعددة من العرب والأفارقة. الهجرات في هذه المناطق كانت مدفوعة بأسباب دينية، اقتصادية، وسياسية ولم تكن جزءًا من مفهوم الشتات بمعناه الحديث. استخدام مصطلح "عرب الشتات" يعكس جهلًا بتاريخ وجغرافيا هذه المناطق ويقلل من أهمية التفاعل الحضاري والثقافي الذي شكّل هوياتها عبر القرون.
نواصل

hishamosman315@gmail.com  

مقالات مشابهة

  •  ياسمين صبري تتجنب أزمة العام الماضي.. هذا ما قررته
  • أحمد يحيى: 10 مليار جنيه استثمارات اي آند في الشبكة خلال العام الحالي
  • للمدارس الحكومية والخاصة.. موعد انطلاق العام الدراسي الجديد 2024-2025
  • حسن دنيا: مسلم ونور التوت وفيلو ربحوا 5 ملايين جنيه من سرقة ألحاني
  • الطماطم تثير أزمة بالبحيرة.. والكيلو بـ 40 جنيه
  • الأمن العام يلاحق تجار العملة ويضبط 8 ملايين جنيه
  • موعد بدء الدراسة 2024 للمدارس الحكومية وخريطة العام الجديد
  • تعديلات على مخالفات الحفاظ على المظهر العام في أبوظبي
  • عربان الشتات: العمي الايديولوجي المستند الي جهالة بالجغرافيا والتاريخ (٣-٥)
  • دائرة البلديات والنقل تُصدر قراراً إدارياً للحفاظ على المظهر العام في أبوظبي