هل نتنياهو على حق أم على باطل؟ السؤال ممكن يكون غريبًا، حيث إنه على مستوانا نحن كعرب يمكن أن نبصم بأصابعنا العشرة أنه على باطل، لكن آخرين، خاصة على الجانب الإسرائيلى، قد لا يرونه كذلك، بمعنى آخر أن الأمر نسبى ويتوقف على زاوية النظر إلى مواقفه وسياساته.
المنطق يقول إن نتنياهو على مدى الفترات التى تولى فيها الحكم فى إسرائيل منذ عام 1996 أخذ بالصراع العربى الإسرائيلى ككل فى سكة ثانية تمامًا، يحكمه فى ذلك فكر الآباء المؤسسين للدولة العبرية القائم على نفى الآخر وعدم رؤية وجوده من الأصل!! أبسط مثال يمكن الإشارة اليه هنا هو مسار أوسلو الذى كان لنتنياهو الدور الأكبر فى القضاء عليه إثر اغتيال رابين وكان يقترب بالقضية الفلسطينية من الحل نحو دولة مستقلة أو ما شابهها.
بغض النظر عن التفاصيل فإنه من منظور استراتيجى يتعلق بمصالح الكيان الصهيونى فى حدود الرؤى المتطرفة، ربما كان نتنياهو أحد القلائل من القادة الإسرائيليين الذين يسعون بكل ما أوتى من قوة لتحقيق هذه المصالح، ليس فى ذلك دعوة للإعجاب بالرجل أو غيره وإنما هى رؤية موضوعية لسياسات رئيس وزراء إسرائيلى على مدار أكثر من 30 متقطعة.
الرجل لا يترك شاردة أو واردة إلا ومارس من خلالها سياسة الصلف والغرور والتزم مواقف متعنتة مع العمل بكل السبل على القفز بأطماع بلاده إلى الأمام وما موقفه خلال الشهور العشرة الأخيرة اثر عملية طوفان الأقصى سوى نموذج واضح على ما نقول. لا نبالغ إذا قلنا إنه يقف وحيدًا منعزلًا دون أن يشعر بالقلق، ودون أن يؤثر ذلك على رؤيته بالمضى فى سياساته التى يرفضها الجميع سواء فى داخل إسرائيل من أهالى أسرى أو من فريقه التفاوضى أو حتى امتعاض واشنطن جزئيًا أو حتى سوء مظهره ومنظره أمام المجتمع الدولى. صحيح أن جانبًا من موقفه هو الخوف من المسائلة والمحاكمة السياسية على تقصير حكومته فى عملية الطوفان، لكن لا يمكن نكران أن الجانب الأكبر هو رؤيته لمصلحة بلاده الإستراتيجية وليست تلك المتعلقة بالمدى القصير.
بالطبع لا يعنى هذا أن نتنياهو على حق، ولكنه يتعامل بالمنطق الذى يحكم العلاقات الدولية وهو منطق يقوم، وفق المفهوم السائد لها، على القوة وليس أى عامل آخر، وما يجرى من ممارسات إسرائيلية بشعة يندى لها جبين الإنسانية فى غزة على مدار الشهور الماضية دون أن يتحرك المجتمع الدولى لوقفها سوى مثال بارز على ذلك. فى العلاقات الدولية لو أن عدوك بالغ الضعف، فقد يكون من الخيانة أن تعامله على أنه غير ذلك!
رغم امتعاضى وتحفظى على زاوية الطرح التى أقدمها فى هذه السطور، والتى أراها تأتى من حقائق الوضع الدولى، فإن ما يسعى اليه نتنياهو يتجاوز بكثير فكرة الحفاظ على حياة مجموعة من الرهائن أيًا كان عددهم. ما يريده نتنياهو من حربه على غزة التى جاءت ذريعة على عملية 7 اكتوبر، مزيد من عمليات الاحتلال للأراضى الفلسطينية على طريق ابتلاع كامل فلسطين التاريخية، وبالتالى تحقيق خطة الضم وتهجير الفلسطينيين لتصبح الأرض كلها لإسرائيل. وإذا كنا كعرب لا نستكثر استشهاد أكثر من 40 ألف فلسطينى من أجل تحقيق هدف إجلاء الاحتلال، فبمنظور المقارنة، يمكن تصور تفكير نتنياهو بأنه قد لا يكون من الكثير التضحية بمئة أسير أو أكثر لتحقيق هدف أسمى، حسب رؤيته يصب فى قلب الرؤية الإستراتيجية لوضع ومآل الدولة العبرية.
أرفض سياسات نتنياهو كما تشاء ولكن هذه هى الحقيقة التى يمكن، بل يجب، على أساسها التعامل مع هذه السياسات.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات كيف يفكر نتنياهو د مصطفى عبدالرازق نتنياهو باطل السؤال
إقرأ أيضاً:
الاتصالات تشارك في مؤتمر المناخ Cop29 بأذريبجان
شاركت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى فعاليات عدد من جلسات الدورة التاسعة والعشرون لمؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29)، فى أذربيجان.
يأتي ذلك فى إطار حرص وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على تعزيز دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة ودفع التعاون الدولى فى مجال التنمية المستدامة.
وخلال فعاليات المؤتمر؛ شاركت الدكتورة هدى بركة مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنمية المهارات التكنولوجية والمسئول عن ملف الذكاء الاصطناعى، فى المنتدى الوزارى حول الحوكمة الخضراء والذى نظمته هيئة الخدمات العامة والابتكارات الاجتماعية بحكومة أذربيجان؛ حيث ألقت كلمة حول الاستراتيجية الوطنية المصرية للذكاء الاصطناعى، وإمكانيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذكاء الاصطناعى فى إحداث ثورة فى مختلف القطاعات؛ موضحة انه يمكن من خلال استخدام الذكاء الاصطناعى بشكل مسؤول وأخلاقي، تعزيز كفاءة الطاقة، وتوفير تعليم وصحة جيدة للفئات المهمشة، بالإضافة إلى تحسين إدارة الموارد، والتنبؤ والتخفيف من آثار تغير المناخ.
وخلال "يوم الرقمنة" الأول من نوعه فى مؤتمر المناخ، شاركت الدكتورة هدى بركة فى عدد من الفعاليات التى نظمها الاتحاد الدولى للاتصالات ومنها المائدة المستديرة رفيعة المستوى التى تم خلالها مناقشة واعتماد "إعلان العمل الرقمى الأخضر" بدعم من الاتحاد الدولى للاتصالات حيث يهدف الإعلان إلى تعزيز استخدام التكنولوجيا الرقمية لمواجهة أزمة المناخ، مع تقليل الأثر البيئى لهذه التقنيات.
كذلك شاركت فى جلستين نقاشيتين نظمهما الاتحاد الدولى للاتصالات حول تبنى معايير أكثر استدامة فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ودوره فى استدامة القطاعات الاخرى خاصة فى مجال كفاءة الطاقة؛ حيث ألقت الضوء على دور القطاع فى تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للمناخ 2050 وكذا استراتيجية الطاقة المستدامة 2035 والاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية؛ مشيرة إلى عدد من التطبيقات المحلية التى تبرز الدور الحيوى للتكنولوجيا فى القطاعات الاخرى.
كما التقت الدكتورة هدى بركة مع مسئولين من القطاع الحكومى والمنظمات الدولية لبحث سبل التعاون المشترك فى المجالات ذات الصلة. كذلك قامت بزيارة جهاز الدولة للخدمة العامة والابتكار الاجتماعى، وأيضا مركز أسان للاطلاع على أبرز التجارب الناجحة لحكومة اذربيجان فى تقديم الخدمات الحكومية الرقمية.