تبدو منصات السوشيال ميديا من الخارج كأنها واحة الحرية والإبداع، كما نرى من بعيد الغابات كلها خضراء ومثمرة.. ولكنها رؤية مخادعة لا تكشف حقيقة ما يجرى داخلها وخلف أشجارها الكثيفة من حيوانات مفترسة تمشى على قدمين، ووحوش تجرى على أربع، وأخرى سامة تزحف على بطنها!
ولا شك أن العالم قبل ظهور منصات السوشيال ميديا اختلف كثيرًا عن العالم الذى كنا نعرفه قبل ظهورها.
ولأن كل شىء له وجهان.. فالحقيقة أن التعاطف والتأثر بين الشعوب أصبح بعد السوشيال ميديا أسرع وأصدق خاصة فى المصائب والحروب وانتشار الأمراض والمجاعات.. ولما ظهر وانتشر مرض كورونا المعروف بكوفيد 19 لعبت السوشيال ميديا دورًا كبيرًا فى التوعية.. وكان ذلك هو الوجه الأخضر للسوشيال ميديا ولكنها أخفت وراء ألوانها الجميلة المبهجة جانبًا شديد السواد أيضًا فقد ساعدت كذلك فى زيادة المخاوف إلى حد الرعب من المرض بصورة مبالغ فيها استخدمتها شركات الأدوية والمكملات الغذائية وحتى العطارة والوصفات الشعبية لزيادة مبيعاتها بمليارات الدولارات!
كما أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة من أكثر الناس الذين استفادوا من شبكات الإنترنت العنكبوتية فى بداية انتشارها، ثم منصات التواصل الاجتماعى بعد ذلك سواء فى التواصل الخفى بعيدًا عن أجهزة الأمن، أو من خلال استخدام تقنيات الاتصال لتفجير القنابل الموقوتة عن ُبعد أو أولاين.. وخربوا وأفسدوا معظم الدول العربية ورفعوا عاليها واطيها!
ومؤخرًا تمكنت الجماعات الإرهابية من أول الإخوان المسلمين إلى الجهاديين والسلفيين وحتى الأفراد «المتأخونين» والمتعاطفين معهم من تحويل منصات التواصل الاجتماعى إلى منصات لإثارة الفتن والتضليل، ونشر الأخبار الكاذبة وأصبحت البوستات ومقاطع الفيديو كلها تزييف وتلفيق.. والغريب أن تجد مثل هذه الكتابات والفيديوهات آلاف المتابعين على هذه المنصات يصدقونها ويتعاملون معها على انها حقيقية، مع أنهم لو استعملوا عقولهم أو ذرة تفكير واحدة سيكتشفون التزوير المفضوح!
وليست هذه دعوة لعدم التعامل مع السوشيال ميديا بل من الضرورة التعامل معها والتعلم منها والاستفادة منها ولكن مع استخدام وإعمال العقل فى كل ما يجرى فى مياهها ففيها اسماك ملونة وفيها تماسيح.. لأنها أعمق مما تراه على السطح.. فمثلًا عندما يكتب شخص ما شيئًا أو ينشر مقطع فيديو ومعظم المتابعين لهذا الشخص يعرفون توجهاته ضد الدولة أو الدين أو الفن ويعلمون من يموله ويؤويه خارج وطنه، وكل ما ينشره تلفيق وتزوير فى الحقائق ومع ذلك يمشون وراءه ويتعاملون معه وكأنه راع ممسكًا بعصا وحوله الكلاب تنبح على كل من يحاول أن يقترب منه.. وتتصور القطعان أنها تنعم بالحياة الوفيرة فى مراعى السوشيال ميديا الخضراء تحت حماية الراعى والكلاب.. ولا تدرى أن نهايتها الذبح!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الناصية منصات السوشيال ميديا قدمين السوشیال میدیا
إقرأ أيضاً:
محمود عباس: دعوات التهجير هدفها إلهاء العالم عن جرائم إسرائيل في غزة
أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، أن شعبه يحمل في قلبه تقديرًا عميقًا لشعوب وقيادات دول إفريقيا التي يفتخر بصداقتها، مشددًا على أن الدول الإفريقية كانت ولا تزال داعمًا مخلصًا للقضية الفلسطينية.
وشدد خلال كلمته أمام مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي المنعقد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، والمُذاع عبر شاشة «إكسترا لايف»، على أن العديد من الدول تسعى لاستمرار وقف إطلاق النار، وتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثية لغزة، وتأكيد تولي دولة فلسطين مهامها في القطاع، ومساعدة النازحين للعودة إلى مناطقهم والبدء في إعادة الإعمار.
وأوضح أن دعوات تهجير الفلسطينيين، هدفها إلهاء العالم عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية والتدمير في غزة، وسرقة الأرض الفلسطينية والاعتداء على المقدسات في الضفة والقدس من قبل قوات الاحتلال الأمريكي.