خبراء ومسؤولون حكوميون في “الدولي للاتصال الحكومي 2024”: مستقبل اقتصادات بلدان العالم رهين بقدرتها على استقطاب المواهب والعقول
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
تزامناً مع الجهود العالمية والمنافسة المستمرة بين الدول لاستقطاب المواهب بهدف تعزيز التنمية والابتكار، استضاف المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في دورته الـ13 جلسة رئيسة بعنوان “المواهب.. تنافسية عالمية على مفتاح النجاح في القرن الـ 21” بالتعاون مع مجلة فوربس في الشرق الأوسط،، تناولت التحديات والفرص التي تواجهها الحكومات في استقطاب الأفراد الموهوبين والمتميزين كأحد أهم عوامل النجاح وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز النسيج الاجتماعي والاقتصادي للدول.
وشارك في الجلسة التي عُقدت بالتعاون مع مجلة فوربس الشرق الأوسط، معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجيّة، الوزير المكلّف باستقطاب واستبقاء المواهب والكفاءات، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمارات للدواء، ومعالي سايمون روبرت كوفي، وزير النقل والطاقة والاتصالات والابتكار في توفالو، ورشيد يزمي، بروفيسور ومهندس مغربي وعالم متخصص في علم المواد، فيما أدارتها خلود العميان، رئيسة تحرير مجلة فوربس في الشرق الأوسط الصادرة عن دار الناشر العربي.
وفي مستهلّ حديثه، أكّد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي أن ملف المواهب يعد حيوياً حيث أولت العديد من الدول أهمية لهذا الأمر في وقت مبكّر واستطاعت بناء اقتصادات كبرى بفضل هجرة العقول، مشيراً إلى أنّه عند تقييم أهم الدول في الوقت الراهن في هذا الملف تتصدّر الدول الغربيّة قائمة الأفضل عالمياً. وقال: “دولة الإمارات تأتي في المرتبة 22 عالمياً ولدينا خطّة استراتيجية واضحة ومتكاملة للوصول إلى قائمة أفضل 10 دول خلال السنوات السبع المقبلة، وقد بدأنا بذلك منذ 3 سنوات ونتبنى حوكمة هذا الملف حتى لا يكون عشوائياً”.
وأضاف: “عملنا على تطوير منظومة الإقامة في الدولة، وهو ما يُسهم بالتأكيد في تسهيل جذب المواهب، كما أن الاستقرار الذي تتميز به الدولة في كافة المجالات سواء الاقتصادية أو الأمنية والاجتماعية بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، يُسهم في تعزيز ثقة هذه المواهب للبقاء في الدولة. كما نوظّف قوتنا الناعمة لمواصلة جذب الشركات التي بدورها ستعمل على استقطاب المواهب”.
ومن جانبه استعرض معالي سايمون روبرت كوفي، تجربة توفالو – الدولة الأصغر في العالم من حيث المساحة وعدد السكّان – في هذا الإطار، مشيراً إلى أنّه على الرغم من عدم قدرة هذا البلد الصغير على منافسة الدول الكبرى من حيث الحوافز المادية إلا أنه يقدّم القيم التي تحكم طريقة الحياة وتعزز التعاون وبناء المجتمع.
وقال: “نحن نمثل مجتمعاً محلياً صغيراً متحداً ونؤمن بأن العمل الفردي ليس هو الطريق الأنسب لتحقيق النموّ لأنّ ذلك لا يعود بالنفع علينا كأمّة، لذا نفكّر دائماً بتعزيز روح الجماعة ونعمل على وضع استراتيجيات لاستقطاب المواهب بناء على هذا النهج”.
وبدوره أشار رشيد يزمي إلى أنّ التعليم يشكل حجر الزاوية في تكوين العقول المستقبلية، مؤكداً ضرورة تكييفه مع ما يتلاءم مع ثقافة الدول حتى يُحدِث التأثير المطلوب. وأضاف: “بسبب الاتجاهات التقنية الحديثة بات العديد من الشباب يعزفون عن التعليم بحجة أن تحقيق الربح المادي أصبح متاحاً عبر الإنترنت ولا داعي للتعليم، وهنا لا بدّ من التدخل لغرس قيمة التعليم واحترام القيم. ويُمكن أن ندعم ذلك من خلال استقطاب المواهب التي يمكنها نقل المعرفة للأطفال”.
واختتمت الجلسة بتأكيد المشاركين على أهمية تبني الحكومات لسياسات مرنة واستراتيجيات اتصال فعالة تساهم في جذب المواهب العالمية وتعزيز التنمية المستدامة، وجعل التعليم جزءاً مهماً في التنافسية العالمية على المواهب وتنمية القدرات المحلية، وضرورة إقناع أصحاب رؤوس الأموال بمميزات استقطاب المواهب وعدم الاكتفاء بالتوظيف فقط.
وتتواصل فعاليات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في دورته الـ 13، بتنظيم من المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة على مدار يومي 4 و5 سبتمبر الجاري، في مركز إكسبو الشارقة تحت شعار “حكومات مرنة…اتصال مبتكر”، بمشاركة نخبة من كبار المسؤولين وصناع القرار والمختصين من مختلف دول العالم، إلى جانب العاملين في إدارات الاتصال في المؤسسات الحكومية والخاصة، لمناقشة فاعلية ومساهمة الاتصال الحكومي المبتكر في تحقيق سياسات وأهداف الحكومات المرنة حول العالم اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وسياحياً.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: استقطاب المواهب
إقرأ أيضاً:
الدُّول الرَّخْوة.. وأكْل الأسود
تنتابُ دول كثيرة ـ خاصَّة المنتميّة للعالم الثالث ـ مخاوف من أن تصبح دولاً رخوة، نتيجة التحولات الاقتصادية والسياسية الكبرى والمفاجئة على المستوى العالمي، وتلك المخاوف مشروعة لكنها ليست مبررة، ذلك لأن تلك الدول كانت قادرة على تفاديها بتوفير الاحتياجات الأساسيّة لشعوبها، وتجنّب الفساد أو القضاء عليه، وعدم السماح باحتكار الموارد من جانب طبقة رجال الأعمال، ورفض احتكار السلطة لدى فئة من السياسيين، وبالعمل على سيادة القانون، واستنهاض وتشجيع مؤسسات الدولة للقيام بدورها.
نجد الفساد في الدول المتخلّفة مهدّداَ لوجود الدولة نفسها
على صعيد الخطاب السياسي، وما يتبعه من ترويج إعلامي، تعترف الدول، بما فيها المتقدمة منها، بانتشار الفساد على نطاق واسع، لكن يقع الاختلاف بينها في نسبته والنظر إليه، ففي الوقت الذي نجده مهدّداً في الدول المتقدمة لتطبيق القانون والعدالة وحقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية بشكل عام، نجد الفساد في الدول المتخلّفة مهدّداَ لوجود الدولة نفسها، التي غالبا ما تنتهي بسبب ذلك إلى انهيار كامل، على النحو الذي آل إليها بعض الدول الأفريقية والآسيوية، ودول في أمريكا اللاتينية، وحتى دول عربية.
وتعرف الدول الرخوة، أو التي ستصبح كذلك قريباً، أن فشلها نابع من أمرين، الأول: داخلي، ويتمثل في انتشار الفساد، كما سبق الذكر، والذي يتسبب غالباً في الفقر والجوع والمرض، لعدم توفر الغذاء والدواء، الأمر الذي يحول دون الوصول إلى مجتمعات الكفاية.
والثاني: خارجي، يظهر في سيطرة الأقوياء على أسواق العالم، وهذا من خلال تحكمهم في رأس المال والسلع والتقدم العلمي والتكنولوجي، ووسائل الاتصال المتطورة، أي أنهم يتحكمون في كل شيء تقريبا.
ويحدث هذا كله في ظل رؤى عالمية، تنظر إلى دول العالم من زاوية انهاء الحدود الجغرافية نتيجة العولمة، على أن يكون التداخل الجغرافي لصالح المجتمعات الرأسمالية، كونها هي القادرة على فرض قيمها ومشاريعها ورؤيتها ضمن تنظير يطرحه كتابها، ومنهم على سبيل المثال الكاتب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان، الذي تحدث منذ سنوات في كتابه "العالم المسطّح" The World Is Flat عن آفاق الحرية الاقتصادية العالمية، حيث رأى أن العالم أصبح مسطّحاً، وأن الحدود بين الدول لم تعد ذات أهمية، وأن التداخل بين الحدود أصبح كاملاً، وصارت كل الشعوب تعيش في عالمٍ واحد.
رؤية فريدمان هذه، إذا نظرنا إليها من زاوية الواقع سنجدها تشكل حضوراً إجباريّاً للعولمة، والتي بدت بعد سنوات من تعميمها لصالح الاقتصادات الكبرى، وفي الوقت ذاته تدفع الدول الرخوة نحو ضياع أكيد، وهذا يظهر في رصده لأسباب رؤيته للعالم اليوم على أنه مسطح، ومنها، قوله: "الانتقال إلى ما وراء الشواطئ، الركض كالغزلان والأكل كالأسود"، وتلك إحدى التجليات الكبرى للتوحش الرأسمالي العابر للحدود.
وبالعودة إلى تفسير عبارة "الركض كالغزلان والأكل كالأسود"، نجد توماس فريدمان يوضح لنا ما يقصده، بقوله:".. حيث يمكن لصاحب أيّ مشروع أن ينشئ مشروعه في البلاد ذات التكلفة الرخيصة في العمل والموارد، لكي يكسب ويحقق أرباحاً كبيرة، وهو ما يكشفه توجه كبرى الشركات العالمية إلى الصين".
الحال تلك موجودة اليوم، وإن كانت لا تزال في بدايتها، حيت توجه عدد من دول العالم الثالث إلى الخروج من دائرة "الدولة الرخوة"، باستغلال العمالة الرخيصة في الدول القريبة منها جغرافيّاً وثقافيّاً وقوميّاً، والتي تعاني تغير الاقتصاد العالمي، وشروط المؤسسات المالية، ومنها بوجه خاص البنك الدولي.
إذن، نحن أمام سيادة "تجربة أكل الأسود الرأسمالية"، والتي لم تُجْدِ معها المحاولات المبذولة في زمن السلم لتفادي مصير الدولة الرخوة، فما بالك ونحن في زمن الحرب، وما يرافقه من فساد في ظل مواصلة الدعوة إلى أمان يصعب تحقيقه.