في ظل الحرب العبثية من الذي يخلص السودانيين من أنفسهم؟
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
في فكر الإصلاح الديني مارتن لوثر رسّخ لفكرة أنسنة النص الديني أي بتدخل العقل الانساني في تفسير النصوص الدينية وفقا لإدراك العقل البشري و بعده بقرنيين و نصف نجد ادم اسمث في كتابيه الاول و هو نظرية المشاعر الأخلاقية و كتابه الثاني ثروة الأمم أكد على فكرة مجد العقلانية و إبداع العقل البشري متخلصا من فكرة دولة الإرادة الإلهية التي ما زالت تشغل كامل إدراك النخب السودانية و لم يستطيعوا الفكاك من جاذبية حقلها المغنطيسي.
بعد قرن من الزمن من إبداع ادم اسمث نجد فكر ماكس فيبر و هو مؤرخ و اقتصادي و عالم اجتماع يؤكد على عقلانية الرأسمالية في كتابه الأخلاق البروتستانتية و روح الرأسمالية و ماكس فيبر يؤكد ما قاله مارتن لوثر كشخصية تاريخية في فكر الإصلاح الديني و قد فارق عقل جمعي كاسد و لحسن حظه تصادف أن هناك برجوازية صغيرة صادفت رغبتها في الإزدهار المادي أفكار مارتن لوثر و لا يمكن تحقيقها بغير إتباع فكر أنسنة الفكر.
ماكس فيبر في كتابه و فكرة الاقتصاد و المجتمع إنتقد ماركسية ماركس و أنها لا تجذب غير المثقف المنخدع و هذا ما أكده ريموند أرون في كل كتبه و جهوده و قد إنتصر على ماركسية سارتر بفكر توكفيل و قد إستله من قلب النسيان.
ما أريد قوله في المجتمعات غير التقليدية يمكنك تتبع تطور الفكر بشجرة نسب تمتد في جنيالوجيا الأخلاق و العقلانية في تمجديها للعقلانية و إبداع العقل البشري بعكس حال مجتمعنا السوداني التقليدي لا يصادفك فيه تسلسل لتطور الأفكار البتة و هذا ما يجعل حال الفكر في السودان كاسد و يسيطر على أجواءه الكوز و الشيوعي السوداني بنسخة شيوعية متحجرة أما أتباع الحركة الاسلامية فقد أثبتوا أنهم عدميين أعداء الإشراق و الوضوح.
منذ نشر أفكار ماكس فيبر ها هو قرن بالتمام و الكمال يمر على فكره كإقتصادي و مؤرخ و عالم اجتماع و قانوني و يؤكد تسلسل الفكر أن عقلانية الرأسمالية في فكره الدليل عليها أنها لم تظهر بعد في مجتمعات تقليدية كمجتمعنا السوداني و هو تقليدي للغاية ليس ذلك فحسب بل أن العداء للفكر الرأسمالي في السودان يجعل النخب السودانية لا تفكر قط في أن تاريخ الفكر الرأسمالي هو التاريخ الطبيعي للإنسانية في محاكاته لقانون الطبيعة و القانون الأخلاقي و هذا نتاج ضعف منهج النخب السودانية في معالجتها للظواهر الاجتماعية هذا مع أحساننا الظن بالنخب السودانية و أنها تحاول تقديم فكر يعالج الظواهر الاجتماعية التي تفترض أخلاقية و عقلانية الفرد إلا أن ما يسيطر على الساحة السودانية من فكر متخلف يقف خلفه الكوز و الشيوعي السوداني لا يوافقنا الرأي على حسن ظننا بأن النخب السودانية تتعامل مع الظواهر الاجتماعية و تحاول تقديم فكر عقلاني و أخلاقي يجابه التحدي.
و إلا لما سيطر على الساحة فكر لم يتخلص بعد من فكرة الدولة الإرادة الإلهية و نجده في فكر أتباع المرشد أي الكيزان و فكر أتباع الامام و الختم أما أتباع الأستاذ الشيوعي الذي ينسب له الحزب فأمرهم عجب في تكلسهم و إنحطاط فكرهم و إصرارهم على شيوعية لم ترتقي لمستوى شيوعية أحزاب الغرب في إيمانها بنمط الانتاج الرأسمالي.
في ظل فكر يسيطر على أفقه الكوز عدو الإشراق و الوضوح و الشيوعي السوداني اللاحق للأحداث تتناسل المحن و يطول درب الآلام الذي سيمشيه الشعب السوداني وسط الحروب و المجاعات الى لحظة تظنون فيها أنها نهاية العالم إلا انها مبتدأ الأوجاع كما يقول السيد المسيح.
في ظل حروب عبثية و ضعف نخب لا تتعاطف مع الضحايا لأنهم محرومون من نبضة المشاعر الأخلاقية و لا يهمهم غير طرح فكر حزبهم المتكلس في ايمانه بإضطراد العقل و التاريخ الذي يفضي على نهاية التاريخ و إنتهاء الصراع الطبقي و هيهات.
مثل هؤلاء لا يمكن إنتظارهم لكي يخرج من بين صفوفهم شخصية تاريخية يمكن أن تقدم تفسير لما يحدث في السودان لأنهم أتباع شيوعية لا تؤمن بفكرة الدولة من الأساس بل أسواء من ذلك أن الانسان و الفرد نفسه يمكنهم التعامل معه كوسيلة و ليس غاية في حد ذاته لأن الانسان وفقا لتجربة الانسانية و ضمير الوجود ينشد غاية الغايات و هي الحرية و من غير الشيوعي السوداني عدوا للحرية الفردية و حرية الفكر؟
و إلا لماذا الإصرار على نسخة متحجرة من شيوعية سودانية تجعلهم في ضعف فكرهم يصطفون مع أعدى أعداء الشعب السوداني؟ يصطفون مع أعدى اعداء الشعب السوداني و قد رأينا معاداتهم لحكومة حمدوك كحكومة فترة إنتقالية و إصرارهم على إسقاطها بغباء لا يحسدهم عليه أحد لأنهم مثل الكيزان لا يؤمنون بفكرة الدولة من الأساس.
وكما لا يؤمن الكوز بفكرة الدولة بل أن دولته سياجه الدوغمائي كذلك الشيوعي السوداني و لهذا لا تنتظر أن يكون هناك ضؤ في نهاية النفق ما دام في الساحة كوز و شيوعي سوداني ستطول الحرب العبثية و إذا ما وضعت أوزارها ظهر لكم البؤساء من جديد و هم أتباع المرشد و الامام و الختم و الاستاذ الشيوعي و في تبجيله من قبل أتباعه ها هم يؤبدون نسخة شيوعية سودانية لا تعرف طريق لفهم كيفية فهم نمط الانتاج الرأسمالي.
لهذا لا تصدق الشيوعي السوداني عندما يتحدث عن الديمقراطية أنهم يمارسون التقية و كذب رجال الدين كما أتباع الخمينية و حديثهم عن الجمهورية و إلصاق الاسلامية كصفة و معروف أن قيم الجمهورية لا علاقة لها بالفكر الديني و لا العرق وفقا لفكر النشؤ و الإرتقاء.
لذلك لا يخدعك الشيوعي السوداني بكلمة الديمقراطية فهي لا تتماشى مع فكر نسختهم المتكلسة و ما مناوراتهم بكلمة الديمقراكطية إلا لأن هناك غياب تام لفكر نتاج مشاريع نقدية في السودان.
و لهذا سيستمر بؤس الحال في السودان على مدى ثلاثة عقود قادمة و كل مرة تكون كل حقبة أكعب من سابقتها حتى تموت بذرة السودان القديم بإنسانه العصي على التغيير و نقول عصي على التغيير و الشاهد على ذلك الخمسة قرون المنصرمة أي منذ قيام دولة الفونج.
إنتبه جيدا ايها القارئ المحترم حتى تفهم ما أريد قوله إن دولة الفونج كانت قد تزامنت مع بداية قرن الانسانيين أي أن الفكر في المجتمعات الانسانية قد بداء يفك إرتباطه بالفكر الديني و الدليل أنه نفس زمن ظهور مارتن لوثر قائد الاصلاح الديني و شوف المفارقة دولة الفونج في السودان كانت أول تأسيس للدولة الدينية شوف المصيبة السودانية عميقة كيف؟
بعدها بثلاثة قرون جاءت المهدية في السودان و أيضا أطلب منك الإنتباه أيها القارئ أن حقبة المهدية تزامنت مع حقبة نهاية فلسفة التاريخ التقليدية و بداية فلسفة التاريخ الحديثة التي تؤسس لتأليه الانسان و إذا بالمهدية تأتي معاكسة للنزعة الانسانية و تؤسس للدولة دينية بفهم متخلف للغاية و كما قال هشام شرابي أن الحركة المهدية في السودان و الوهابية و السنوسية كانت خصم على ظهور الفكر العقلاني في العالم العربي.
و يتطور الفكر وفقا سير خط الفكر العقلاني بعد الاستقلال الى لحظة ظهور الثورة الخفية التي تحدث عنها علماء الاجتماع في الغرب و قد بدأت مع نهاية الكينزية كديناميكية في بداية السبعينيات من القرن المنصرم و بعدها يصل الفلاسفة في الغرب بأن الفلسفة لم تعد قادرة على خدمة اللاهوت و أن الانسان قد وصل لوعي يجعله لا يمكن أن يموت من أجل خطاب ديني أو من أجل حزب أو دين أي دين.
شوف المفارقة العجيبة هذه هي لحظة موت عبد الناصر و قد ورث حشوده الاسلاميين الى لحظة وصلوهم للذروة ذروة الصحوة الاسلامية التي أوصلتهم لإنتاج داعش و غيرهم من كيزان و عبطهم في السودان و في نفس السنة أي ظهور الثورة الخفية و فيها بداية إنتصار الفكر الليبرالي نجد الشيوعي السوداني الغافل يغامر بإنقلاب هاشم العطا و هذا يدل على أن الشيوعي السوداني لا يدري الى أي مدى وصل فكر مسيرة الانسانية؟
و من يومها و الحزب الشيوعي السوداني لا علاقة له بفكر الثورة الخفية وفقا لتعبير علماء الاجتماع و أشهرهم مارسيل غوشيه و أدعوا النخب السودانية الى التعرف على مجهوده الفكري و هو يربط فكر ريموند ارون و فكر كلود لوفرت و موريس ميرلو بونتي بفكر ماكس فيبر المؤثر على فكر مدرسة الحوليات و بعدها فكر البنيوية و ما بعد البنيوية و ما نتج عنها من تفكير نقدي ورثه المفكرون اليوم إلا النخب السودانية فما زالت في خبوب النسخة المتكلسة من الشيوعية السودانية و فكر أعداء الاشراق و الوضوح اي فكر الكيزان اعداء الإشراق و الوضوح كعدميين كما يقول سارتر.
و لذلك قلت أن الثلاثة عقود القادمة ستكون درب آلام الشعب السوداني حتى يجسر الهوة التي تفصله عن مساحة صلبة تمكنه من تأسيس فكر ذو نزعة إنسانية نتاج قطيعة مع التراث الديني الذي قد خلف لنا كيزان و أنصار و ختمية و غيرهم من أتباع الأديان البشرية و على وجه الخصوص أتباع النسخة المتكلسة من الشيوعية السودانية.
نقول قولنا هذا و السودان ليس جزيرة معزولة عن العالم قطعا سيتأثر بما يحدث في العالم من تطور فكر و لكن حتى تختفي عقلية أتباع النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية و أتباع الامام و المرشد و الختم فاننا نحتاج لثلاثة عقود و فيها ستكون مسيرة الحياة قاسية قسوة لم يعرف الشعب السوداني من قبل و ما الحرب العبثية إلا أول خطواتها الميلون و كما يقال مسيرة المليون تبداء بخطوة و ها هي الخطوة الأولى اي الحرب العبثية لكي تنهي تاريخ سوداني قديم متلاشي.
taheromer86@yahoo.com
/////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الشعب السودانی فکرة الدولة فی السودان فی فکر
إقرأ أيضاً:
الازمة السودانية والجذور التاريخية للنخبة الحاكمة
تقرير : حسن اسحق/ استضاف منبر وعي المحامي والقانوني معتز المدني السكرتير السياسي للجبهة الديمقراطية للمحامين السودانيين ’’ السودان تحديات الحاضر وافاق المستقبل ‘‘ ، رغم مرور 69 عام علي استقلال السودان، ما زال القالب الاستعماري قائم، والصناعة التبعية للدولة مستمرة، وهيمنة أصحاب الامتيازات التاريخية قائمة بناء علي الطائفية والاستعلاء، وبناء علي التعصب الديني، و69 عاما، تفشت الحروب والتشظي والانقسام، مصاحب للعنصرية والتعصب والسودان تحت الرأسمالية الطفيلية والفساد وتبديد الثروة، وفرض سياسة البنك الدولي.
69 عاما، والدولة السودانية تعاني من الانقلابات، وأد الثورات، وتسييس الدين، وإهدار حقوق الإنسان، والسوداني يعاني من الديكتاتوريات، منذ نظام عبود، وجعفر نميري، ونظام الانقاذ بقيادة عمر البشير، وما تزال الديكتاتورية سارية، لم تشع نور الديمقراطية بعد، قطف ثمار الديمقراطية حتى هذه اللحظات، ونتج عن هذه الملامح، تخلف، وانفصال جنوب السودان، والمجاعات والفساد، والتهميش، وغياب العدالة، واشتعال النزاع في دارفور، والنيل الازرق، جنوب كردفان ’’ جبال النوبة‘‘.
ظهور الطوائف الدينية
يضيف معتز 69 عاما ورث السودان الابادات الجماعية والحروب، وهذا نتاج طبيعي لدولة رخوة، وفاشلة قابلة للزوال والتشظي، والانقسام، مشيرا إلى أن المنهج التحليلي لجذور الأزمة السودانية في الحقب التاريخية المتداخلة، تبرز فيها الجذور التاريخية للنخبة الحاكمة المسيطرة، أن النواة الأولى لتكوين الدولة السودانية، وفقا لاتفاقية الحكم الثنائي، بطريقة كانت فوقية، دون اي رابط دستوري أو عقد اجتماعي يشكل الحكم والمؤسسات الاستعمارية.
وأوضح معتز ان المستعمر اعتمد علي فئة في أم درمان ممثلة في فئة الجلابة، والتجار، وتجاوز المستعمر كل الرعاة والمزارعين والطبقات الأخرى الموجودة، وتم هذا بناء علي انتصار مشروعية الاستعمار علي الدولة المهدية، وقتها ظهرت النخبة البرجوازية الواعية للتجار حسب خبراتهم العملية في مجال التجارة السابقة، هذه النواة الاولى، يمكن ان تكون بأي حال من الأحوال تعتبر عن دستور أو قيام وصناعة دستور يحكم البلد، والانظمة السياسية للدولة، والأنظمة التشريعية، لأنه قام بضرورة وفقه مشروعية الانتصار.
أضاف معتز بعد فترة من هذه الاحداث، بدأ ظهور الطائفية، لاسباب عديدة، اهمها عدم الشعور بالانتماء للدولة الاستعمارية الأولى، وفضلت الأغلبية النزوع إلى الطائفية الدينية الممثلة في المشايخ، وهذه الطبقة بالذات كانت موالية للاستعمار البريطاني، والتكوين الأول للدولة المتحكم فيها اقتصاد تجار، والاستعمار ساهم في تقوية هذه الفئات الطائفية والدينية، عبر العديد من العطايا، حينها ظهرت الاقطاعيات الزراعية المسيطرة، ودوائر المهدي للاملاك، ودوائر جنينة السيد علي للاملاك، ومجموعات كبيرة من الأراضي الزراعية والسكنية، هي من امتلكت الامتيازات الطائفية، اضافة الى وجود طبقة الافندية.
الفشل في إدارة التنوع في السودان
أشار معتز الي تكوين الأحزاب في تلك الفترة تحت العباءة الطائفية، من هنا بدأ التوسع الطبقي للنخبة المسيطرة، تكونت من فئة التجار لفئة ارستقراطية طائفية، وأصبحت التركيبة الطبقية للفئة المسيطرة، ومن هنا لا يمكن بأي حال من الأحوال، عمل عقد اجتماعي أو دستور في تلك الفترة، واوضح ان الطبقة الارستقراطية بحكم تركيبتها البرجوازية الطائفية، هي لا تقوى علي صناعة أي دستور يعبر عن مصالح الشعب الحقيقية، وفئات الشعب، والسودان به مجموعات متعددة الثقافات والاعراق والاديان، ولا يمكن للطبقة الطائفية تصنع او تحسن ادارة التنوع في السودان، ونتج في ذاك الوقت، دساتير لا تعبر عن ارادة الشعب، وكانت عرضة للتعديلات، ومجافيه للمسائل المتعلقة بالديمومة، واستمرارية الدساتير، والتجميد والإلغاء عبر الانقلابات العسكرية التي أعقبت فترة الاستقلال.
فترة تمدد الإسلام السياسي في البلاد
أشار معتز الي دستور 1956 الذي كان مستمدا من القانون الإداري البريطاني، ودستور آخر في عام 1958، في العسكرية الأولي للحكومة الانقلابية في فترة ابراهيم عبود، باعتباره اطاري غير متكامل، وكان ايضا القانون البريطاني، وفي عام 1973، كان أول دستور دائم، في فترة حكم جعفر نميري، ركز في نظام الحزب الواحد، وادخل الشريعة الاسلامية في عام 1983، وكانت هذه الفترة بدايات الأزمات الدستورية والسياسية في البلاد، ومنها بدأت فترة تسييس الدين، ودخول الاسلام السياسي بشكل افظع، وقبلها كانت في اصوات تنادي بالدستور الإسلامي، وانتقلت المشاكل بعدها إلى العديد من مناطق البلاد.
أشار معتز الي فترة الانتفاضة التي خلقت دستور انتقالي مؤقت، كل هذه الدساتير، هي دساتير تكاد أن تكون مؤقتة، وكل هذه الدساتير والاحكام عسكرية او غير عسكرية، كلها كانت تبنى علي المراسيم الدستورية التي كانت تصادر الحريات، وتلغي عمل التنظيمات السياسية في تلك الفترة، أما دستور 1986 لم يرى النور، بسبب الصراعات السياسية، ودستور 1998، حصل تطبيق الشريعة الإسلامية والدستور الإسلامي، هذا زاد من سلطات الرئيس وقتها عمر البشير، وفي 2005، جاءت اتفاقية السلام الشامل التي وضعت مسألة تقرير المصير، وتقاسم السلطة والثروة، وظهرت اهمية وثيقة الحقوق، وكانت اضافة ممتازة للدستور.
الدساتير بعيدة عن ارادة الشعب ومصالح الجماهير
أضاف معتز ان هذه الدساتير جاءت بطرق فيها العديد من العيوب، وكانت بعيدة عن صناعة الدستور، وارادة الشعب، ومصالح الجماهير، بل كانت دساتير لحماية الامتيازات التاريخية للطبقة الحاكمة، وفي هذه الدساتير كان في غياب كامل للتنوع الثقافي، والدولة المدنية، ولم تتم معالجة مسألة المركزية، ولم يوضع بشكل واضح مسألة مناهضة الانقلابات، ولم تعزز مسألة الديمقراطية، ولم تضع مسألة التنمية بشكل متوازن، وكانت الدساتير السابقة بعيدة جدا عن كل هذه القضايا الاساسية، وكيف يحكم السودان؟، ولم يجاوب عن حسن ادارة التنوع، والثقافات ومعالجة مسائل التهميش.
قال معتز ان السلطات التشريعية سواء كانت برلمانية او تأسيسية او ادارية، وكانت لا تعبر عن الشعب عبر ديمقراطية سليمة، بل كانت عناصر وجدت تحمي في مصالح الرأسمالية الطفيلية وأصحاب الامتيازات والنخب المتسلطة، والانظمة الديمقراطية كانت تأخذ الشكل الصوري او نتاج لتوجه ديني او اثني او ثقافة عربية مفروضة في تلك الفترات، هذا في ما يتعلق بالسلطات التي تنتج الدستور، وأن صناعة الدستور بتم خلال لجان، هي تضعه حسب مصالحها، ورؤيتها تعبر عن اللجان، في البرلمان يتم اجازة الدستور، او يتم الاستفتاء حول الدستور، في ذات الوقت، هذا الاستفتاء لا يعبر عن آمال وطموحات الشعب السوداني، باطرافه المختلفة، هي لا تطور التعاقد الجمعي أو المعرفي.
مشكلة النخب الحاكمة في ادارة الهويات والتباين الثقافي
أكد معتز ان مشكلة جنوب السودان كانت مشكلة النخبة الحاكمة في الخرطوم، وهي ليست مشكلة تتعلق بمسائل تعود إلى الاستعمار أو التقسيم، بل تتعلق بادارة الهويات، والتباين الثقافي، والمظالم التاريخية، ومشكلة توازن السلطة الثروة، تراكمت الازمة في الجنوب وجذورها، من دون مراعاة للحكم الفيدرالي في دستور الحكم الذاتي، في فترة ابراهيم عبود، و انتهجت سياسات التعريب، و اسلمة الجنوب، حتى ظهور قوانين سبتمبر في فترة الرئيس جعفر نميري، ظهرت الحلول العسكرية، والجهادية، وحدث اصطفاف مضاد، والحرب أخذت الطابع الديني، بعدها جاءت مجهودات مؤتمر اسمرا، واتفاقية السلام الشامل في نيفاشا، وتسبب المشروع الإسلامي في فصل جنوب السودان، هي مسؤولية تاريخية في جبين الجبهة الاسلامية.
أوضح معتز ان الجيش ما زال مسيطر للموارد والشركات الامنية وشركات الشرطة، وظهور شركات قوات الدعم السريع، هذه الأذرع خلقت اقتصاد موازي، للاقتصاد الرسمي، ما قاد أصحاب الهامش للرجوع الي العشائرية والمناطقية، وهذا ادي الي حروب عديدة في الأطراف، تتعلق بالموارد في سياقات تاريخية مختلفة، حينما هيمنت البرجوازية والطبقة الحاكمة، ادي ذلك الي التنمية غير المتوازنة، في نفس الوقت، خلقت جانب شاسع من التهميش، لأن الموارد الحقيقية والانتاج موجودة في الأطراف، واصحابها ليس لهم أي نوع من الخدمات والامتيازات.
أوضح معتز ان عدم التنمية خلق العديد من المآسي، والمشاكل والمظالم والتاريخية، السودان يحتاج إلى تأسيس جديد، وتوسيع مواعين التنمية، ودمج الأطراف المهمشة، اضافة الي ان السودان يحتاج الى العدالة الجغرافية، مع أبعاد القبيلة عن الدور البنيوي الموازي للدولة، واوضح الجبهة الديمقراطية كان موقفها رافض لتأسيس الجنجويد منذ 2003، والفظائع التي كان يرتكبها في عام 2005، باعتبارها مليشيا صممت وصنعت لقهر المناوئين لحكومة الانقاذ، ومناهضة كل الانتهاكات التي ارتكبت في دارفور، وحرق القري والتهجير والابادة الجماعية، وكان موقفا واضحا في مناهضة الدعم السريع، وحله، باعتباره مليشيا خارج الاطر العسكرية.
ishaghassan13@gmail.com