المقاطعة .. سلاح فاعل في وجه الداعمين للعدوان الاسرائيلي تراجع في النمو وانخفاض حاد للمبيعات في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
كراتشي/القاهرة/نيويورك "رويترز": أنفقت شركة كوكاكولا ومنافستها بيبسي مئات الملايين من الدولارات على مدى عقود لتعزيز الطلب على مشروباتهما الغازية في الدول ذات الأغلبية المسلمة بما في ذلك مصر وباكستان.
وتواجه الشركتان حاليا منافسة من مشروبات غازية محلية في تلك الدول بسبب مقاطعة من المستهلكين تستهدف علامات تجارية عالمية تعتبرها رمزا للولايات المتحدة، وبالتالي إسرائيل، وذلك تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة.
ففي مصر انخفضت مبيعات كوكاكولا، بينما زادت صادرات العلامة التجارية المحلية (في7) لمنطقة الشرق الأوسط خلال العام الجاري بما يعادل ثلاثة أمثال الكمية خلال العام الماضي.
وفي بنجلادش أتت حملة كوكاكولا الإعلانية في وجه المقاطعة بنتائج عكسية. وتبخر النمو السريع لشركة بيبسي في شتى أنحاء الشرق الأوسط بعد اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر.
وكانت سُنبل حسن، وهي باكستانية تعمل رئيسة تنفيذية للشؤون المالية، من بين أولئك الذين قاطعوا كوكاكولا وبيبسي، إذ رفضت إضافتهما إلى قائمة الطعام عند التحضير لزفافها في وقت سابق من العام الجاري، قائلة إنها لا تريد لأموالها أن تصل إلى خزائن الضرائب في الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل.
وقالت سنبل "عبر المقاطعة.. يمكن للمرء لعب دور بعدم المساهمة في هذا الدعم المالي". وقدمت سنبل لضيوف زفافها العلامة التجارية الباكستانية كولا نكست.
السيدة الباكستانية لا تسير وحيدة في هذا الطريق، وفي حين يقول محللو السوق إنه من الصعب تحديد رقم بالدولار للمبيعات المفقودة وإن شركتي بيبسيكو وكوكا كولا لا تزالان تتمتعان بأعمال متنامية في العديد من البلدان في الشرق الأوسط، عانت العلامات التجارية للمشروبات الغربية من انخفاض في المبيعات بنسبة سبعة بالمئة في النصف الأول من العام الجاري، وفقا لشركة أبحاث السوق نيلسن آي.كيو.
وفي حديث لرويترز خلال الشهر الجاري أشار قاسم شروف مؤسس تطبيق كريف مارت، وهو تطبيق توصيل واسع الانتشار في باكستان، إلى زيادة شعبية مشروبات محلية مثل كولا نكست وباكولا اللذين قال إنهما أصبحا يشكلان ما يعادل 12 بالمئة من مشتريات المشروبات الغازية عبر التطبيق.
وقال شروف إن النسبة كانت قرب 2.5 بالمئة قبل المقاطعة، مضيفا أن باكولا وهو مشروب غازي بنكهة الآيس كريم هو الأكثر مبيعا.
ويعود تاريخ المقاطعة كفعل احتجاجي يتبناه المستهلكون إلى حركة مقاطعة السكر في بريطانيا في القرن الثامن عشر احتجاجا على العبودية. كما استُخدمت أيضا في مواجهة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في القرن العشرين، كما استُخدمت على نطاق واسع ضد إسرائيل وشملت أيضا سحب استثمارات وفرض عقوبات.
ويشير بعض المستهلكين الذين يقاطعون منتجات كوكاكولا وبيبسي إلى دعم الولايات المتحدة لإسرائيل على مدى عقود، بما في ذلك خلال الصراع الأخير مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وقال رامون لاجوارتا الرئيس التنفيذي لشركة بيبسيكو لرويترز في مقابلة أجريت معه في 11 يوليو "يقرر بعض المستهلكين اتخاذ خيارات مختلفة في مشترياتهم بسبب قناعات سياسية"، مضيفا أن المقاطعة "تؤثر على مناطق جغرافية معينة"، مثل لبنان وباكستان ومصر.
وعبر عن مخاوفه في استمرار المقاطعة بمرور الوقت لتصبح عادة لا يمكن التخلص منها على المدى الطويل .. وأكد ان "المقاطعة مؤثرة في إيراداتهم وأرباحهم حاليا " وان حاول اخفاء مشاعر القلق مؤملا تخطي الوضع.
وأظهرت بيانات الأرباح أن إجمالي إيرادات بيبسيكو من وحدة أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا بلغ ستة مليارات دولار في عام 2023. وفي نفس العام، بلغت إيرادات كوكاكولا من منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا ثمانية مليارات دولار، كما تظهر بيانات الشركة.
وذكرت الشركة أن أحجام مبيعات وحدة أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا لم تشهد نموا يذكر في الأشهر الستة التي أعقبت الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة التي جاءت بعد هجمات حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول، وذلك بعد أن سجلت نموا بنسبة ثمانية بالمئة و15 بالمئة في نفس الفترة من 2022-2023.
وانخفضت أحجام مبيعات كوكاكولا في مصر بنسبة مئوية من رقمين في الأشهر الستة المنتهية في 28 يونيو حزيران، وفقا لبيانات الشركة. وفي نفس الفترة من العام الماضي، ارتفعت الأحجام بأقل من 10 بالمئة.
وزعمت كوكاكولا إنها لا تمول العمليات العسكرية في إسرائيل أو أي دولة أخرى.كما زعمت بيبسيكو على طلب من رويترز للتعليق قائلة إن الشركة "وعلاماتنا التجارية لا تربطها أي صلة بأي حكومة أو جيش في الصراع".
وأسس رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي زاهي خوري شركة المشروبات الوطنية ومقرها رام الله، والتي تبيع منتجات كوكاكولا في الضفة الغربية. وقال إن مصنع الشركة الذي بلغت تكلفته 25 مليون دولار في غزة وافتُتح في 2016 دُمر خلال الحرب.
وقال خوري إن المقاطعة مسألة اختيار شخصي وأضاف أنه في الضفة الغربية نفسها كان تأثيرها على المبيعات واضحا.
وقال خوري، الذي يؤيد تأسيس دولة فلسطينية "إنهاء الاحتلال فقط هو الذي سيحسن الوضع".
ولم ترد الحكومة الإسرائيلية على طلب للتعليق.
* أهداف تاريخية
الضغوط التي تتعرض لها شركات المشروبات الغازية الكبرى في دول العالم الإسلامي، التي تضم مئات الملايين من المستهلكين، ليست بالجديدة.
فبعد أن افتتحت شركة كوكاكولا مصنعا في إسرائيل في الستينيات، تعرضت لمقاطعة من جامعة الدول العربية استمرت حتى أوائل التسعينيات واستفادت منها شركة بيبسي في الشرق الأوسط لسنوات.
ووفقا لشركة جلوبال داتا، لا تزال حصة شركة كوكاكولا أقل من بيبسي في الأسواق المصرية والباكستانية.
وتعرضت شركة بيبسيكو، التي دخلت إسرائيل في أوائل التسعينيات، لمقاطعة عندما اشترت شركة صودا ستريم الإسرائيلية في عام 2018 مقابل 3.2 مليار دولار.
لكن الدول ذات الأغلبية المسلمة، التي يزيد فيها عدد الشباب بين السكان، قدمت لشركات المشروبات الغازية العملاقة في السنوات الأخيرة بعض العوامل التي جعلتها تحقق نموا سريعا.
وتقول شركة كوكاكولا إنها استثمرت مليار دولار في باكستان وحدها منذ عام 2008 مما أسفر عن نمو المبيعات بأرقام في خانة العشرات على مدى سنوات. وحققت شركة بيبسيكو مكاسب مماثلة، وفقا لإفصاحات البورصة.
والآن، تتراجع الشركتان أمام العلامات التجارية المحلية.
وغيرت شركة كولا نكست، ومنتجاتها أرخص من كوكاكولا وبيبسي، شعار إعلاناتها في مارس آذار إلى "لأن كولا نكست باكستانية" لتؤكد أنها منتج محلي.
وقال ميان ذو الفقار أحمد الرئيس التنفيذي لشركة ميزان للمشروبات، الشركة الأم لكولا نكست، في مقابلة إن مصانع كولا نكست لا تستطيع تلبية الزيادة في الطلب. ورفض الكشف عن أحجام الكميات.
وذكر أن الشركة تعتزم الاستثمار لكنه قال إن التوسع قد يستغرق سنوات.
وشاركت المطاعم ورابطة المدارس الخاصة في كراتشي وطلاب الجامعات في إجراءات مناهضة لكوكاكولا مما أدى إلى تراجع الشعبية التي ظلت الشركة تبنيها من خلال رعاية برنامج "كوك ستوديو" الموسيقي الشهير في باكستان.
وفي مصر، قال محمد نور مؤسس شركة في7 في مقابلة إن صادرات الشركة قفزت 300 بالمئة هذا العام مقارنة بعام 2023.
وذكر نور، وهو مسؤول تنفيذي سابق في شركة كوكاكولا التي تركها في عام 2020 بعد 28 عاما من العمل فيها، إن منتجات في7 تباع الآن في 21 دولة.
وأضاف أن المبيعات في مصر، التي لم يكن المنتج موجودا فيها قبل يوليو 2023، ارتفعت بنسبة 40 بالمئة مقارنة بالعام الماضي.
ووفقا لبيانات شركة كوكاكولا إتش.بي.سي، التي تعبئ المشروب في مصر، انخفضت المبيعات بنسبة في خانة العشرات خلال الأشهر الستة المنتهية في 28 يونيو .
وكانت الكميات قد بلغت أرقاما كبيرة في الفترة نفسها من العام الماضي.
وحذر بول ماسجريف الأستاذ المشارك بجامعة جورج تاون في قطر من الأضرار طويلة الأمد التي قد تلحق بولاء المستهلكين بسبب المقاطعة.
وأضاف دون أن يقدم تقديرا للخسائر المالية التي قد تتكبدها الشركات "إذا غيرت عاداتك فسيكون من الصعب اجتذابك مرة ثانية في الأمد الطويل".
* نتائج عكسية في بنجلادش
في بنجلادش، أطلقت شركة كوكاكولا إعلانا يظهر فيه صاحب متجر يتحدث عن عمليات الشركة في فلسطين.
وبعد احتجاجات عامة، سحبت كوكا كولا الإعلان في يونيو واعتذرت. وردا على سؤال من رويترز، قالت الشركة إن الإعلان "كان غير موفق".
وقال أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال الإعلان في بنجلادش، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول له بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إن الإعلان زاد من حدة المقاطعة.
وتواجه علامات تجارية أخرى تمثل رموزا للثقافة الغربية مثل ماكدونالدز وستاربكس نفس حملة المقاطعة المناهضة لإسرائيل.
ووفقا لنيلسن آي.كيو، فإن حصة العلامتين العالميتين من السوق تراجعت أربعة بالمئة في النصف الأول من عام 2024. لكن مقاطعة المشروبات الغازية كانت أكثر انتشارا بين المستهلكين.
وإلى جانب تأثير المقاطعة، أدت معدلات التضخم والاضطرابات الاقتصادية في باكستان ومصر وبنجلادش إلى تآكل القدرة الشرائية للمستهلكين حتى قبل الحرب، مما جعل العلامات التجارية المحلية الأرخص أكثر جاذبية.
وذكرت شركة جلوبال داتا لأبحاث السوق أن حصة كوكاكولا من السوق الباكستانية تراجعت عام 2023 إلى 5.7 بالمئة مقارنة مع 6.3 بالمئة عام 2022 في حين انخفضت حصة بيبسي إلى 10.4 بالمئة من 10.8 بالمئة.
* خطط مستقبلية
تعتبر شركة كوكاكولا وشركات التعبئة والتغليف التابعة لها، بالإضافة إلى شركة بيبسيكو، هذه الدول مناطق مهمة للنمو، لا سيما مع تباطؤ الأسواق الغربية.
ورغم المقاطعة، استثمرت كوكاكولا 22 مليون دولار أخرى في تطوير التكنولوجيا في باكستان في أبريل حسب بيان صحفي أصدرته في ذلك الوقت.
وقالت كوكاكولا لتعبئة المشروبات في باكستان للمستثمرين في 23 مايو إنها لا تزال تمني النفس بشأن الفرصة" التي توفرها خامس أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، وإنها تستثمر في السوق بالتزام طويل الأجل.
وقال متحدث باسم بيبسيكو إن الشركة أعادت طرح علامة تجارية تسمى (تيم صودا) بنكهة الليمون الحامض في السوق الباكستانية في الأسابيع القليلة الماضية. والمنتج متاح الآن بنكهة الكولا مع ملصق مكتوب عليه "صنع في باكستان" بشكل واضح ومضلل للمستهلك تحت الغطاء المحلي.
وتعمل الشركتان على دمج علامتهما التجارية في نسيج المجتمعات المحلية من خلال رعاية الجمعيات الخيرية والموسيقيين وفرق الكريكت لاعادة جذب الزبائن ومواجهة خسائرهما في الوقت الراهن.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المشروبات الغازیة والشرق الأوسط شرکة کوکاکولا الشرق الأوسط العام الماضی شرکة بیبسیکو شرکة بیبسی فی باکستان من العام فی مصر
إقرأ أيضاً:
سلاح الجو الأميركي: رصد مسيرات مجهولة فوق 3 قواعد جوية في بريطانيا
أكد سلاح الجو الأميركي رصد عدد من المسيرات المجهولة فوق ثلاث قواعد جوية في بريطانيا.
وذكرت وكالة "بي إيه ميديا" البريطانية أن الحوادث وقعت خلال الفترة بين 20 و22 نوفمبر الجاري، وتم خلالها رصد "طائرات مسيرات صغيرة" فوق قواعد "لاكينهيث" و ميلدنهول" في سافولك، و"فيلتويل" في نورفولك التي تتبع سلاح الجو الملكي البريطاني.
وقال سلاح الجو الأميركي، الذي يستخدم هذه القواعد، إنه من غير الواضح في هذه المرحلة ما إذا كانت المسيرات تمثل تهديدا معاديا أم لا.
كما رفض سلاح الجو الأميركي التعليق على ما إذا كانت قد تم استخدام آليات دفاعية، لكنه أشار إلى أنه يحتفظ "بحق حماية" المنشآت.
وقال المتحدث باسم القوات الجوية الأميركية في أوروبا: "يمكننا تأكيد أنه تم رصد أنظمة جوية غير مأهولة صغيرة في محيط فوق قواعد رايف لاكينهيث، وميلدنهول، وفيلتويل بين 20 و22 نوفمبر"، وفقا للأسوشيتد برس.
وأضاف أن الطائرات المسيرات تفاوتت في العدد والحجم والشكل.
وأوضح أنه "تمت مراقبة الطائرات المسيرة بشكل نشط وقرر قادة المنشأة أن أياً من عمليات التوغل لم تؤثر على المقيمين في القاعدة أو البنية التحتية الحيوية فيها"، وفقا لما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية.
وقال "لحماية الأمن التشغيلي، لا نناقش تدابير حماية القوة المحددة لدينا ولكننا نحتفظ بالحق في حماية المنشأة. نواصل مراقبة مجالنا الجوي ونعمل مع سلطات الدولة المضيفة وشركاء المهمة لضمان سلامة أفراد القاعدة والمرافق والأصول".
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية: "نحن نأخذ التهديدات على محمل الجد ونحافظ على تدابير قوية في مواقع الدفاع. وهذا يشمل قدرات الأمن المضادة للطائرات بدون طيار".
وأضاف "لن نعلق أكثر على إجراءات الأمن".