العام الدراسي الجديد.. أمنيات وتحديات
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
خالد بن خميس المويتي
فتحت المدارس أبوابها في الأول من سبتمبر، حيث كان أبناؤنا من الطلبة والطالبات مع حدث انتظروه بلهفة وشوق، وكل منهم يؤمل نفسه بعام مفعم بالجد والنشاط، ونيته وغاية أمله، أن يحقق فيه أعلى الدرجات، هذا الأمل وتلك النية يعززهما دور الأب والأم؛ فكلاهما يريد من أبنائه أن يكونوا من المتفوقين المجيدين، فهما يجدان في أبنائهم صورة منعكسة لهم، ويسعيان أن تبدو هذه الصورة في أوج تألقها، ويقومان بتوفير كل المستلزمات المدرسية، بل ينتقيان أفضلها، مع إشراك أبنائهم في ذلك فهم أصحاب الشأن فيه، كذلك يقومان بتهيئة الجو المناسب لأبنائهم والذي يعينهم فيما هم مقبلين عليه.
وأوجه رسالة إلى أولياء الأمور:
* أكثروا من الدعاء والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى، أن يشرح صدور أبنائنا، وأن ييسر لهم الفهم، وأن يسهل عليهم الصعب، وأن يجعلهم من المتفوقين، فالله وحده من بيده الرفع والخفض، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى، حين قال: "رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء".
* كونوا ملهمين لأولادكم في حب العلم، والرغبة في معالي الأمور، واعلموا أن الكلمة الطيبة لها أثر كبير في تحفيز الأبناء؛ فكرروا عليهم دائما العبارات الإيجابية، مثل: "أنت مبدع" "أنت مميز" "خطك جميل" "أنت قادر" "أنت تستطيع"، وأمثالها من الكلمات التي لها وقع إيجابي في قلوب الأبناء.
* افعلوا ولا تكثروا الأوامر؛ فالأبناء يتعلمون من الأفعال أسرع من الأقوال، وهو ما يسمى "التربية بالقدوة" وتعد من أسرع وانجح أساليب التربية، فمثلًا: عندما تطلب من أبنائك النوم مبكرًا وأنت تسهر طوال الليل، فلا أثر لكلامك.
* نظموا جدول أبنائكم؛ فالأبناء يحتاجون إلى الترفيه مع التعليم، وهم لا يحسنون تقسيم أوقاتهم، فدربوهم على تخصيص أوقات ثابتة لا تنازل عنها، وهي بين التعليم والترفيه والنوم، بحيث لا يطغى وقت على آخر.
* عززوا لديهم الجانب الديني، فالقرآن والصلاة من أهم حوافز النجاح؛ فالقرآن يحيي قلبهم، ويوقظ همتهم، وتستقر به أنفسهم، وتسكن به أرواحهم، فتقبل على العلم، والصلاة تعلمهم الانضباط والالتزام بالأوقات.
* حذروهم من لصوص الأوقات، وهم الهاتف، والتلفاز، وأصدقاء السوء.
أما رسالتي إلى الطلاب والطالبات فأقول:
* أنتم أمل والديكم، فلا تخيبوا هذا الأمل، واجعلوا نصب أعينكم الفرحة التي ترتسم على محياهم، حال رؤية تفوقكم وإبداعكم.
* المهارات رصيد لا ينضب، أعلموا أن اكتساب المهارات في التعليم مثل: حب المعرفة، التواصل الفعال، التعاون الفعال، الابتكار، الفكر التكيفي، وغيرها، من معززات الذكاء والتفوق الدراسي.
* أهمية التحضير الجيد واليومي للدروس، فمن خلاله تحصلون على إتقان القراءة والكتابة، والعمليات الحسابية، ومهارات اللغة الإنجليزية، ويجعل لكم تصورا مسبقا لمجريات الدرس ويسهل لكم حفظه واستيعابه.
* أهمية المذاكرة اليومية، والتي من أساسها التكرار والتلخيص، ومن أفضل الملخصات الخرائط الذهنية، فتدربوا عليها وأتقنوها.
* أكتشفوا ذواتكم، وحددوا هواياتكم، واستخرجوا قدراتكم وطوروها، فالله سبحانه وتعالى أكسب كل واحد منا مهارات وقدرات متباينة؛ ومن اكتشف ذلك باكرًا أصبح مبدعًا.
* سجلوا أهدافكم، مع وضوح هذه الأهدف؛ فوضوح الهدف أكبر دافع لتحقيقه، وتعد من الطرق التدريسية التي تطبق في المدارس النموذجية، حيث يطلب من الطالب في مرحلة مبكرة من سلمه التعليمي أن يرسم هدفه، وأن يكتب طموحه، وذلك من خلال سؤال واضح: ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟
* احذروا من التفوق الأجوف، فالهيئات التعليمة ترفع شعارًا واضحًا، "التربية والتعليم" فلا ينفع التفوق دون قيم وأخلاق وآداب ومبادئ.
* خالطوا المتفوقين، فالمرء مفطور على حب المنافسة، ومن خالط قومًا صار منهم، وإياكم ومخالطة المتأخرين دراسيًا.
* ناموا باكرًا؛ فالنوم المبكر والاستيقاظ المبكر من أسرار النجاح والتفوق، وما أجمل المذاكرة بعد صلاة الفجر! فهو وقت يسهل فيه الحفظ والتعلم.
* سجلوا حضوركم المدرسي، وذلك من خلال مشاركتكم في المناشط المدرسية، والمسابقات التنافسية، وبها تزيد همتكم وتحفزكم للإبداع والتألق.
* عليكم بالصبر، واستحضروا قول الشاعر دائمًا:
دَبَبْتُ للمجدِ والساعون قد بلغوا
جَهْدَ النفوس وألقَوا دونه الأُزُرا
وكابدوا المجد حتى ملَّ أكثرُهم
وعانقَ المجدَ مَن أوفى ومَن صَبَرا
لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أنتَ آكلُه
لن تبلغَ المجد حتى تلعَق الصَّبِرا
* قدروا قيمة العلم، وذلك من خلال:
- احترام المدرسة، وصون كل ما فيها من العبث، والسعي للمحافظة عليه.
- احترام المعلمين فهم في مقام والديكم في المدرسة.
- احترام أدوات العلم من: الكتاب المدرسي بالمحافظة عليه، وتنظيم الكراسة، وحمل الأقلام والأدوات المساعدة.
وختامًا أسأل الله العلي القدير أن يمن على الجميع بالتوفيق والنجاح، وأن تتحقق الأمنيات وأن تنجز الأهداف، والله ولي التوفيق.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المفتي: العلم بلا دين حوّل شعوبا كاملة لحقول تجارب فى دول متقدمة (فيديو)
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن التقدم والمدنية التي نعيشها اليوم لا تلغي الحاجة إلى الدين، بل إن العلاقة بين العلم والدين علاقة تكاملية لا تعارض فيها، مشيرًا إلى أن الإسلام جعل العلم أساسًا للخلافة في الأرض، مستدلًا بقوله تعالى: "وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ"، حيث كان العلم هو الفارق بين الإنسان والملائكة.
وأوضح مفتي الديار المصرية، خلال حوار مع الدكتور عاصم عبد القادر، ببرنامج «مع المفتي»، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة: «البعض قد يسوّل له خياله بأن هناك تعارض بين العلم والدين، الواقع أنه لا يوجد تعارض بين العلم والدين، بل إن من بين ما يتميز به هذا الدين أنه في أولى دعواته قال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) بل الأعجب من ذلك أن هذا الدين، منذ أن أراده الله تبارك وتعالى ودعا الناس إليه، كان العلم هو النقطة أو الركيزة التي اعتمد عليها، بدليل أنك عندما تتحدث عن قضية الخلق الأول لأبينا آدم، تجد أن الذي فرّق بينه وبين الملائكة هو قضية العلم، حيث قال تعالى: (وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة).
وتابع: فكان الله تبارك وتعالى في هذه الجزئية يؤكد على دور العلم، بدليل أنه علّم آدم، حتى إن الملائكة عندما احتجّت وقالت: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)، قال لهم: (إني أعلم ما لا تعلمون)".
وتابع: "ثم قال تعالى: (وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم، فلما أنبأهم بأسمائهم...) إلى آخر الآيات، هنا تدرك أن الله تبارك وتعالى أراد أن يخبر آدم، والخطاب لابنائه من بعده، بأن العمدة في تحقيق الخلافة لا تتحقق إلا بالعلم، ثم هذا الربط المحكم بين هذه القضية في بدء الخليقة يشير إلى أن العلم لا يتحقق إلا من خلال قواعد ثابتة وأخلاق راسخة، والدين يمثل الشق الأكبر فيها.
وفي ذات الوقت، يشير هذا الحوار إلى أن الدين لا يتحقق إلا من خلال العلم، ثم تأكّد ذلك في دعوة الرسالة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث لم تكن الدعوة فيها إلى التوحيد فقط، وإنما الدعوة إلى العلم أيضًا، وكأن الله تعالى يريد أن يقول للناس إن التوحيد، الذي هو القطب الرئيس في الدين والمقصد العظيم فيه، لا يمكن للإنسان أن يصل إليه بصورة تتجلى معها الكمال المطلق للذات الإلهية إلا من خلال هذا العلم، لذلك، بدأ الله هذه الرسالة بالدعوة إلى العلم: (اقرأ باسم ربك الذي خلق)".
وتساءل: «لكن، هل يمكن أن نقول إن التمدن والتحضر يحققان كل شيء دون الحاجة إلى الدين؟، الواقع أن العلم في حاجة إلى الدين؛ فالعلم بلا دين استبداد، وتستطيع أن تقف على كثير من النظريات والاكتشافات العلمية الحديثة، وكيف أن العلم، حينما انطلق بعيدًا عن القانون الديني الأخلاقي، ظلم الإنسانية، فقد حقق الرفاهية لمجموعة من الناس، لكنه قضى على أجناس أخرى، العلم بعيدًا عن الدين أوجد هذا التنوع القائم على شيء من العنصرية، العلم بعيدًا عن الدين دفع أصحاب الحضارة ودعاة التمدن إلى جعل شعوب كاملة أشبه بحقول للتجارب، دون مراعاة للكرامة الإنسانية أو الطبيعة البشرية».
وأردف: «لكن الإشكالية أن الدين يُلزم العالم بالالتزام بأخلاق المهنة، فمثلًا الطبيب لابد أن يلتزم بأخلاق المهنة، فيتعامل مع المريض وفق حالته، فلا يكشف له أمرًا، ولا يهتك له سرًا، ولا يصف له دواءً لا يؤدي إلى الشفاء، فضلاً عن الأمانة في القول، والبشاشة في الوجه، وهذا هو المعنى الحضاري الحقيقي».