يذكرنا شهر سبتمبر من كل عام بالعام الدراسي الجديد، حيث رائحة الملابس الجديدة وملْمس الحقيبة الجديدة، وما تحويه من دفاتر وقرطاسية، لون الحذاءِ الجديد ذي الأشكال المختلفة، إطلالةُ المدرسة ولقاءُ الأصدقاء والزُّملاء، مدير المدرسة بهيئته البهية، المعلمين والمعلمات بشغفهم ودافعيتهم، سَماعُ صوت الجرس، الفصول الدراسية المرتبة والنظيفة.

بمجرد سماع والدة الطفل عمر البالغة من العمر (34) عامًا عن افتتاح مدرسة في منطقة مواصي خانيونس، حيث المكان الذي يتواجد فيه معظم النازحين من أماكن قطاع غزة حتى أسرعت خطاها من أجل تسجيل ابنها بالمدرسة ليلتحق بالسنة الدراسية الجديدة "كنت قلقة للغاية خوفًا على مستقبله" لقد أضاعت الحرب سنة كاملة من عمره قضاها وهو يعاني ويلات الخوف والجوع والحرب ونقل الماء، نحف جسمه للغاية وفقد الكثير من وزنه، المدرسة هي المكان الوحيد الذي يجب أن يتواجد فيه "أردفت قائلة بعد أن قامت بتسليم رسوم التسجيل والتي تبلغ حوالي 6 دولارات لسكرتيرة المدرسة "من المفترض أن يلتحق عمر بالصف السادس، لكن إدارة المدرسة أبلغتني بأنه سيكون في الصف الخامس أي أنه فقد سنة دراسية كاملة، لقد حزنت عندما سمعت عن هذا القرار لكنني رضخت للأمر الواقع، فوجود الشيء أفضل كثيرًا من عدمه".

أما أم محمد فكانت موجودة في المدرسة تصطحب معها بعض الأوراق الثبوتية لتسجيل ثلاثة من أبنائها للالتحاق بالمدرسة كان منهم محمد الذي سيلتحق بالصف الأول الابتدائي، لم ير المدرسة من قبل ولم تستطع والدته شراء زي دراسي جديد له لعدم توفره في الأسواق "كنت أتمنى أن تأتي السنة الدراسية ونحن نعيش حياتنا الطبيعية، حيث الأسواق ممتلئة بالزي المدرسي والبضائع والأحذية والقرطاسية والدفاتر والحقائب وكل ما يلزم، نعيش اليوم ظروفًا مأساويةً للغاية، كان أبنائي يذهبون معي للتسوق واختيار مستلزماتهم بأنفسهم لكنهم هذا العام يعيشون ظروفًا مأساويةً للغاية بسبب الحرب".

عليَّ بعد أمتار كانت معلمة تحاول الرد على استفسارات أولياء الأمور حول الجوانب الإدارية التي تتعلق بالطلاب، عند سؤالي لها عن انطباعها مع استقبال العام الدراسي داخل الخيام أجابت والحزن يعتريها" سمعت عن حاجة المدرسة لمعلمين جدد، حضرت من منطقة النصيرات بوسط قطاع غزة، حملت شهاداتي وخبراتي، وتقدمت للمقابلة وبعد إبلاغي بأن اللجنة وافقت على اختياري قمت بنقل خيمتي من النصيرات إلى منطقة مواصي خانيونس للعيش بالقرب من المدرسة".

استطردت قائلة: "بالتأكيد هناك فرق بين الحياة المدرسية في فترة ما قبل الحرب وهذه الأيام، الوضع النفسي والتعليمي صعب للغاية، الفصول الدراسية غير مجهزة بشكل مناسب، لا زي موحد بالمدرسة، لكننا نسعى من أجل التكيف مع الواقع المرير، لا يمكن أن نفقد عامًا دراسيًا آخر في ظل استمرار الحرب".

بدوره أكد مدير المدرسة الدكتور حسن حلس بأنه "يسعى للحصول على ترخيص من قبل وزارة التربية والتعليم العالي برام الله للمدرسة التي أُنشئت بمبادرة خاصة من قبل مجموعة من الأكاديميين، وقد تم تأسيس المدرسة من خلال إنشاء مجموعة من الخيام المتراصة عوضًا عن الصفوف الدراسية".

وبالحديث عن آلية اختيار المعلمين والمعلمات قال: "لقد تم الإعلان عن الحاجة إلى معلمين ومعلمات مؤهلين للعمل داخل المدرسة وبعد التقدم، تم تشكيل لجنة علمية مختصة لاختيار المعلمين والمعلمات المناسبين، لقد وضعنا خطة تعليمية متكاملة وتجهيز الكتب الخاصة لكل مرحلة تعليمية".

والجدير بالذكر أن هناك العديد من الخيام التعليمية التي أُقيمت داخل العديد من المخيمات العشوائية كنوع من المبادرات الفردية أو التابعة للمؤسسات والجمعيات الخيرية تستقبل الأطفال من الجنسين لتعليمهم لكن دون خطة تعليمية تستند للخطط الصادرة عن وزارة التربية والتعليم.

ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة وإسرائيل تستهدف كافة مقومات التعليم بشكل متعمد طال قطاع التعليم وقد وصفت هذه الانتهاكات من قبل الأمم المتحدة بـ"الإبادة التعليمية".

وبدأ مصطلح "الإبادة التعليمية" يتردد على نطاق واسع، منذ أن استخدمه مجموعة من خبراء الأمم المتحدة في تقرير لها نشر في شهر أبريل الماضي. وقد حدد الخبراء المقصد من هذا المصطلح كونه "جهدا متعمدا لتدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، وهو عمل يعرف باسم الإبادة التعليمية"، وهو يعبر عن "المحو المنهجي للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلاب والموظفين، وتدمير البنية التحتية التعليمية".

كان من نتيجة حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال على التعليم في قطاع غزة المحاصر منذ (18 عاما)، حرمان أكثر من 630 ألف طالب من الدراسة خلال العام الحالي (88 ألفا منهم طلاب جامعات). بعد أن دمر الاحتلال أكثر من 400 مؤسسة تعليمية من مدارس وجامعات ومعاهد في غزة، متخذًا من بعض مباني الجامعات ثكنات عسكرية له. وسُجل استشهاد أكثر من 400 أستاذ جامعي (20 منهم يحملون درجة البروفسور و59 يحملون درجة الدكتوراة)، وضمن حرب الإبادة الجامعية استشهد ما يقارب من عشرة آلاف طالب مدرسي وجامعي.

ووفقًا لخبراء فإنَّ العملية التعليمية في قطاع غزة لن تعود كما كانت، ويحتاج الأمر إلى جهود كبيرة، بسبب حجم الدمار والتخريب الذي لحق بالمؤسسات التربوية التي تقصد الاحتلال تخريبها وتدميرها. وقد وصف عدد من الخبراء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عدوان الاحتلال بأنه "يمثل نمطًا ممنهجًا من العنف يهدف إلى تفكيك أسس المجتمع الفلسطيني". وعندما يتم تدمير المدارس، يتم تدمير الآمال والأحلام كذلك"، أليس ما يحدث ينسجم بحرفيته مع التعريف الذي قدمته الأمم المتحدة لمصطلح "الإبادة التعليمية، بل أن ما حدث على أرض الواقع يكاد يتجاوز في فاشيته التعريف السابق.

وقد صرحت العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية في رسالة للاحزاب والمنظمات الدولية "أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من عدوان ممنهج وحرب شاملة تستهدف كل مقومات الحياة والمستقبل في قطاع غزة بما فيها التعليم والثقافة، هو أمر نضعه أولا بين أيدي المنظمات الدولية المعنية بقضايا التعليم والطفولة والمجتمع بل المعنية بقضايا الإنسانية، وثانيًا بين أيدي الدول المتحالفة مع إسرائيل والتي ما زالت تدعي الدفاع عن الإنسان وحقوقه بما فيها حقه في الحصول على التعليم".

وجاء في الرسالة أيضًا "إن عملية "طوفان الأقصى" وما سبقها من عمليات وما سيتبعها من أشكال مقاومة ورفض فلسطيني، إنما يأتي في إطار الدفاع عن حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه ومنازله ومدارسه وجامعاته ومستشفياته.. حقه في اللجوء إلى كل أشكال المقاومة من أجل أن يبقى حرًا أبيًا يقرر مستقبله بعيدًا عن الاحتلال والاستعمار والتبعية.. ففلسطين التي كانت حرة أبية عبر التاريخ، ستبقى مناضلة من أجل حريتها رافضة لكل أشكال الخنوع والعبودية".

وقد أعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية "أن تدمير 186 مدرسة في غزة هو دليل على وحشية العدوان الإسرائيلي، كما يعتبر عدوانا ممنهجا على مستقبل جيل كامل من الأطفال، وأن أكثر من 630 ألف طفل فلسطيني بغزة فقدوا الأمل في التعليم، أضف إلى أن الهجمات الإسرائيلية تستهدف محو الهوية الفلسطينية وزرع الجهل بين الشباب الفلسطيني".

ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة فقد تحوّلت المدارس إلى ملاجئ للمدنيين رغم تعرضها للقصف الإسرائيلي المُتعمد.

وخلال الأشهر الأحدى عشر الماضية، تعرضت أكثر من 500 مؤسسة تعليمية فلسطينية في غزة لقصف إسرائيلي مدمر، مما يؤكد الطبيعة الإجرامية للضربات التي أودت بحياة أكثر من41 ألف شخص، 70% منهم من الأطفال والنساء.

هذا ما أكده تصريح صدر عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا، حيث قال المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني: إن "أكثر من 70% من مدارس الوكالة في غزة، قد دمّرت أو تضررت والغالبية منها أصبحت ملاجئ مكتظة بمئات آلاف الأسر النازحة ولا يمكن استخدامها للتعليم".

وأضاف لازاريني في منشور على منصة "إكس" أن أكثر من 600 ألف طفل في غزة نصفهم كانوا بمدارس الأونروا يعانون صدمة شديدة، ويعيشون تحت الأنقاض محرومين من التعليم".

أما فيما يتعلق بالمؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة فقد إشارت اليونيسف في بيانات ترسم صورة قاتمة عن الوضع في غزة إلى أن "عدد المدارس المستهدفة زاد خمسة أضعاف، وتجاوز عدد الأطفال الشهداء 16.500 في تناقض صارخ مع الدعوات العالمية لوقف الإبادة".

أما فيما يتعلق بقرارات وزارة التربية والتعليم والتي أرى أنها جاءت متأخرة فقد أعلن وزير التربية والتعليم العالي أمجد برهم "أن الوزارة قررت أن تعود الحياة التعليمية إلى قطاع غزة من خلال الخيام، عبر التعليم الإلكتروني لجميع الطلبة المتواجدين بغزة وخارجها، وأن تعقد امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي " وان العام الدراسي سيبدأ بتاريخ 9/9/2024م.

هذا التصريح عقبه العديد من التساؤلات من قبل أولياء الأمور في قطاع غزة منها سؤال طرحه الكاتب ناهض زقوت قائلًا: "بالنسبة للخيام نحتاج إلى خيام كبيرة مجهزة بالكهرباء وشبكات الانترنت، وهاتان الوسيلتان مفقودتان في قطاع غزة، وكل طالب يحتاج إلى جوال أو ايباد لكي يدرس عليه الكترونيا مع شبكة انترنت، وهذا غير متوفر في قطاع غزة".

ثم أضاف: "التعليم الإلكتروني يحتاج إلى أدوات غير متوفرة في قطاع غزة، ليس كل الطلاب من الجنسين يمتلك جوالا أو آيباد لكي يمارس عليه الحياة التعليمية، والحصول على شبكة إنترنت بشق الأنفس، فهي غير متوفرة في المنازل أو في خيام النزوح، وإذا توفرت تكون ضعيفة جدًا؛ لأنها شبكة شوارع ويتم الحصول عليها بمقابل مادي، كل أربع ساعات بشيكل، وتقطع فيهما الشبكة خمس ساعات، نحن مع التعليم، ونعتصر ألمًا من عدم ذهاب أبنائنا إلى مقاعد الدراسة، ولكننا نريد توفير بيئة آمنة لأبنائنا وبناتنا، وتوفير كل مقومات الحياة التعليمية".

بينما يستعد الطلاب حول العالم للعودة إلى مدارسهم بكل دافعية وفرح، يعيش أطفال غزة في كابوس مستمر نتيجة الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة التي راح ضحيتها أكثر من 55.000 ما بين مفقود وشهيد جلهم من الأطفال والنساء.

لقد أصبحت الحاجة الملحة لاتخاذ موقف دولي حازم، وأن العدوان المتكرر على مدارس ومستشفيات وجامعات غزة يشكل انتهاكًا صارخًا للأعراف الإنسانية الدولية في ظل تجاهل دولة الاحتلال لاتفاقية جنيف الرابعة التي تصنف المدارس كمنشآت مدنية تتطلب الحماية.

مطلوب من المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات حاسمة، والتأكيد على ضرورة تحميل دولة الاحتلال مسؤولية هذه الانتهاكات الفاضحة للقانون الدولي وحقوق الإنسان، ووقف الإبادة الجماعية، ووضع إطار سياسي دائم لضمان سلامة وكرامة الشعب الفلسطيني وحقه في التعليم.

*كاتبة فلسطينية من غزة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وزارة التربیة والتعلیم فی قطاع غزة أکثر من من أجل من قبل فی غزة

إقرأ أيضاً:

غزة تنزف، والعالم لا يرى ولا يسمع

يمانيون../
بالأرقام، تستمر فظائع العدو الصهيوني ومجازر الإبادة التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني في تغوير الجروح وزيادة شدة الآلام، لاسيما في قطاع غزة، حيث تتواصل حرب الإبادة الجماعية وتتصاعد معها أصوات القصف بشكل متواصل، كل يوم يشهد نزيفًا متزايدًا من الدماء، وخرابًا يحيط بمختلف جوانب الحياة، ويتعاظم الألم في قلوب العائلات المكلومة التي فقدت أحباءها بنيران عدو الأمة.
في تصريح مؤلم للدكتور إسماعيل الثوابتة، مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، تتجلى أبعاد المأساة الإنسانية المتفاقمة بأرقام تقشعر لها الأبدان. ففي كل يوم يمر على القطاع المنكوب، يحصد العدو الإسرائيلي أرواح ما يقارب 90 شهيداً ممن يصلون إلى المستشفيات، ليضافوا إلى سجل طويل من الدماء الزكية التي سالت على أرض غزة.
ولم تتوقف آلة القتل الإسرائيلية عند هذا الحد، بل استهدفت الطفولة البريئة بلا رحمة، حيث تشير الإحصائيات المروعة إلى استشهاد ما معدله 32 طفلاً يومياً منذ بداية الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو منذ السابع من أكتوبر عام 2023م. كما لم تسلم النساء من هذا العدوان الغاشم، إذ ترتقي ما يقارب 22 امرأة شهيدة كل يوم .
وبأرقام دامية أخرى، يوضح الدكتور الثوابتة كيف تمضي فظائع الإبادة في تعميق الجراح وزيادة الآلام، فإلى جانب القتل اليومي، يتعمد العدو الإسرائيلي إخفاء ما يقارب 20 فلسطينياً قسرياً، وإصابة ما يربو على 207 آخرين. وفي مشهد يدمي القلوب، يبيد العدو يومياً ما يعادل 4 عائلات فلسطينية بالكامل، حيث يقتل الأب والأم وجميع الأبناء، بينما لا يبقى من 9 عائلات أخرى يتم إبادتها كجرعة يومية، سوى فرد واحد فقط ليحمل معه عبء الفقد والفجيعة. ويؤكد الدكتور الثوابتة بأسى أن سكان غزة باتوا يتعايشون مع هذه الجرائم اليومية، على أنها ضريبة يومية واجبة الدفع عن صمودهم في وجه العدو.

بيانات رسمية تؤكد الإبادة الممنهجة

في تأكيد لذات الحقائق المرة، أصدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلسلة من البيانات، تؤكد في مجملها أن العدو الإسرائيلي يواصل ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بصورة ممنهجة ومتعمدة، مستهدفاً المدنيين بشكل مباشر ومقصود.
وتشير بيانات مكتب الإعلام الحكومي إلى أن أكثر من 65% من الشهداء هم من الأطفال والنساء وكبار السن، مؤكدا أن العدو ارتكب جريمة قتل بحق ما يزيد على 18 ألف طفل، وأكثر من 12 ألفاً و400 امرأة فلسطينية. كما أباد العدو ما يزيد على ألفين و180 عائلة فلسطينية، قضى على الأب والأم وجميع أفرادها، بالإضافة إلى إبادة أكثر من خمسة آلاف و70 عائلة أخرى لم يتبق منها سوى فرد واحد على قيد الحياة.
ولم يسلم القطاع الصحي والإنساني من الإجرام الصهيوني، فقد أفادت البيانات بأن أكثر من ألف و400 طبيب وكادر صحي فقدوا أرواحهم، مما أدى إلى انهيار المنظومة الصحية. كما قُتل العدو أكثر من مائة و13 شهيداً من أفراد الدفاع المدني أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني. وفي محاولة لإسكات صوت الحقيقة، قتل العدو بدم بارد مائتين و12 صحفياً. وبلغ عدد ضحايا جرائمه المستمرة من عناصر تأمين وتوزيع المساعدات الإنسانية أكثر من سبعمائة و50 شخصاً.
وفي سياق التعليم، أزهق العدو أرواح ما يزيد على ثلاثة عشر ألف طالب وطالبة، وأكثر من 800 معلم وموظف تربوي، وما يزيد على 150 عالماً وأكاديمياً وأستاذاً جامعياً وباحثاً، بالإضافة إلى آلاف الموظفين والعاملين في القطاعات المدنية والحيوية. ويؤكد الإعلام الحكومي أن هذه الأرقام الموثقة تثبت أن استهداف المدنيين في غزة هو سياسة ممنهجة يتبعها العدو ضمن مخططه لارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

مجاعة وانهيار للقطاعات الحيوية
وفي سياق متصل، دقت تقارير المؤسسات الغزاوية، ومعها المنظمات الإنسانية العاملة هناك، ناقوس الخطر بشأن الكارثة الإنسانية المتفاقمة، مؤكدة -التقارير- أن قطاع غزة يقف على شفا الموت الجماعي، فالمجاعة تتسع رقعتها، وأكثر من مليون طفل أصبحوا في بؤرة الخطر، بينما تنهار القطاعات الحيوية وسط حصار خانق وصمت دولي مُخزٍ.
وتشير التقارير إلى تسجيل 52 حالة وفاة بسبب الجوع وسوء التغذية، من بينهم 50 طفلاً، في واحدة من أبشع صور القتل الجماعي البطيء. ويعاني أكثر من 60 ألف طفل من سوء تغذية حاد، بينما يشتكي أكثر من مليون طفل من الجوع اليومي الذي تسبب في الهزال وسوء البنية الجسمية. وقد أُجبرت آلاف الأسر الفلسطينية على مواجهة الموت جوعاً بعد عجزها عن توفير وجبة واحدة لأبنائها.
وقال المرصد الأورومتوسطي، في بيان صحافي الاثنين 28 أبريل 2025م، إنّه بينما كان المدعو برئيس وزراء الكيان الإسرائيلي المجرم “بنيامين نتنياهو” ينكر أمام الإعلام استهداف المدنيين، كانت طائراته تنفذ المزيد من الغارات الجوية التي تتعمد قتل الأطفال والنساء، في نمط متكرر من الجرائم المروعة التي لم تعد استثناءً، بل أصبحت سياسة منهجية تتحدى كل القوانين والأعراف الدولية.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّه خلال سبعة أيام فقط (من 20 إلى 26 نيسان/ أبريل الجاري)، قتلت “إسرائيل” 345 فلسطينيًا وأصابت 770 آخرين، وفق معطيات ميدانية تُظهر أن 94% على الأقل من الضحايا هم من المدنيين. وأوضح أن 75% من الضحايا خلال المدة المشمولة بالتوثيق هم من الأطفال (51%) والنساء (16%) وكبار السن (8%).
أما وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، فقد أعلنت الأحد الماضي عن نفاد إمداداتها من الطحين في قطاع غزة. وقالت الوكالة الأممية إن لديها “حوالي 3000 شاحنة محملة بمساعدات منقذة للحياة جاهزة للدخول إلى غزة”، غير أن سلطات العدو الإسرائيلي تمنع دخول شاحنات المساعدات. وفي السياق، كانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت في أواخر الشهر الماضي من أن “الإمدادات الطبية في غزة على وشك النفاد”.
وقد وصلت البنية التحتية في قطاع غزة إلى مرحلة الانهيار الكامل، حيث خرجت 88 مستشفى عن الخدمة بفعل قصف العدو أو تدميره المباشر. كما توقفت أكثر من 90% من محطات المياه والتحلية عن العمل بسبب انعدام الوقود والتدمير الممنهج. وأُغلقت جميع المخابز في قطاع غزة تماماً نتيجة انعدام الطحين والوقود، مع رفض العدو إدخال أي شحنات مساعدات إنسانية منذ 55 يوماً.

مقالات مشابهة

  • تصعيد إسرائيلي مستمر في غزة واستشهاد أطفال بـ مدينة خان يونس
  • ندوة حوارية بـ"أبوظبي الدولي للكتاب" تستعرض أبرز التحولات في قطاع التعليم
  • "التعليم" تكشف عن معايير الترشيح للوظائف التعليمية الجديدة
  • غزة تنزف، والعالم لا يرى ولا يسمع
  • تحذير إسرائيلي من نشوء تيار عالمي يساوي الإبادة في غزة بـالمحرقة النازية
  • بورقية: هدفنا إيصال الحقائق حول المدرسة والجامعة بالموضوعية التي لا تزعج ولكنها لا تجامل
  • مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي
  • وكيل وزارة التعليم بأسيوط يتفقد مدارس إدارة صدفا التعليمية
  • الصحة فى غزة: 51 شهيدا و113 مصابا حصيلة ضحايا عدوان إسرائيل خلال 24 ساعة
  • %65 من ضحايا الحرب على غزة أطفال ونساء وكبار سن