الأصالة.. واستدامة السُلطة الرابعة
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
فاطمة الحارثية
عرفناها بالسُلطة الرابعة، سلطة تربط بين التنفيذية والتشريعية والقضائية، اعتمد عليها النَّاس ومازالوا في مُعظم نواحي حياتهم، إن لم يكن كلها، ولأهميتها لا بُد أن يكون لها رؤية وأهداف وإستراتيجيات ترتكز على حوكمة حيَّة، إنْ لم تستطع الدول السيطرة على المحور الأساسي في منظومة الإعلام لن تستقر الحياة ولن يطيب لهم العيش؛ والواقع أكبر برهان على ذلك، ولجوء العديد من الدول، إلى حجب بعض وسائل الإعلام وهي أداة فاعلة للسلطة الرابعة، أكبر برهان على مدى التأثير في استقرار الأمم والمجتمعات.
نمتلك الكفاءات، نمتلك الشغف ولدينا الإمكانيات، فأين التحدي؟ ربما لأنَّ الكلمة التي تصنع المحتوى لم تُعطَ حقها في الحفظ والتوجيه، وربما اندمجت أدوات الإعلام، مع مختلف البرامج دون أن يكون للإعلام بذاته هيئة واضحة، أو بيانا لسبل التحكم والتوجيه الذي يحافظ على مغزى ووقع الكلمة وأثرها، لنتفق أن لا ضرر يأتي من الأدوات ولكن المحتوى هو الأساس، والأسلوب هو الدفة وما يجذب المتلقي/ الزبون؛ يُجمع الكثير من المعنيين أن علينا أن نواكب رغبة المتلقي/ الزبون، مثلًا: ماذا يجذب الزبون/ القارئ؟ ماذا يُريد أن يقرأ؟ وكيف؟ والكثير من المغالطات، التي أرى أنها تزيد من انحدار الواقع والإضرار بالمجتمع. نحن الآن نقارب الثمانية مليارات نسمة، فكم قارئ نحتاج لنرفع الاستثمارات في هذا المجال، ليست بالحسبة الصعبة، وتحتاج فقط إلى استراتيجيات مبنية على اتساق طويل الأمد، والاستثمار الأمثل للوسائل الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي. والاختلاف هو الحل الحقيقي بعيدا عن نظريات التغيير أو المواكبة، مع النظرة الإيجابية نحو أدوات الإعلام العصرية فهي ليست العدو، فهي قائمة على حاجة أساسية وهي "استدامة جودة المحتوى" وبدونه تنتهي هذه الأدوات وتندثر، وبدون محتوى حقيقي لا تعظيم لأوجه الاستثمار، وبدون فائدة جاذبة من المحتوى يعزف الفكر قبل الزبون، إذًا الكل مرتبط بكل، فلنتعامل مع المشكلة وليس الأعراض.
كم استبيان ترصده مؤسسات وشركات الإعلام حتى تصنع قرارًا؟ كم سيناريو تصوغ من ثنايا الاستشراف حتى تصنع دراسة جدوى؟ كم مُقارنة معيارية تتدارسها هذه المؤسسات قبل أن تنشر؟ نعم إن العالم في سباق مع الزمن وتواتر بالكاد نلحق بالركب، والمرونة والتنوع من أهم الحلول لضمان تحقيق الأهداف والاستراتيجيات الإعلامية، وأيضًا الاستثمار خارج نطاقنا المحدود بحكم التعداد السكاني الضعيف، خاصة مع التباين الهائل للغة؛ حيث إنَّ أكثر من نصف عدد سكاننا من غير الناطقين بالعربية، وهل الحل وسائل أجنبية، ربما لا، وربما كاستثمار خارجي في مساحات أكبر، يغذي ويضمن استدامة الداخل حلا قد يُنظر إليه. لن تنقطع الحلول ولن نعجز على استدامة الإعلام إذا امتلكنا الإصرار وحكمة الفكر.
هل نحتاج إلى أن نُعيد بناء منظومة الإعلام القائمة ومن ثمَّ برمجته وتجزئته مرة أخرى؟ ونعطي كل ذي اختصاص اختصاصه، حتى نستطيع أن نُعزِّز العائد الفكري والاستثماري منه؟ مثلًا إعلام الطفل، الإعلام البرلماني، الإعلام الإبداعي، الإعلام الاقتصادي، الإعلام البيئي وغيره من المحاور التي تستقطب وتحقق الاستدامة على الصعيد الداخلي والخارجي، ولن أقول إن الأدوات التي يستخدمها النَّاس حاليًا تأتي بعكس ما نرغب، في الضفة المقابلة، لنُعيد شغف القراءة لدى الطفل، سواء القراءة الورقية أو الإلكترونية، ونؤسس لهم رؤية تحقق الاستراتيجيات والأهداف الإعلامية طويلة المدى.
التأثير الذي يصنع البصمة ليمتد الأثر ويتجذر، يكمن في جودة المحتوى، الاستثمارات الذكية التي تعتبر المال وسيلة لغاية نبيلة مثل حفظ سلامة فكر الكلمة، وحوكمة السلطة الرابعة "الإعلام"، برؤية ومعايير واستراتيجيات، أكثر تعظيما لعوائده ومردوده الجوهري والمادي، الاستقطاب وحلول مبتكرة تعزز بيئة المتلقي والقبول بعيدا عن محاولة الصعود على حساب الارتقاء ووجوب عدم استخدام التحفيز السلبي.
وإن طال!
كل صفقة تقوم على كلمة، كل سلطة نفاذها يقوم على الكلمة، كل قرار يُبلغ في كلمة، كل حرب قامت على كلمة، السلام كلمة، الحب كلمة، الجهد كلمة ومجموعة الكلمات محتوى يصنع المستحيل، لنستثمر الكلمة لتبقى أصيلة وتدوم لنا ولمن بعدنا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عبدالله آل حامد يستعرض رؤيته “لمستقبل الإعلام” في الكونغرس العالمي للإعلام 2024
يشهد اليوم الثاني من الكونغرس العالمي للإعلام 2024، الذي يقام تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، سلسلة من الجلسات والمناقشات الثرية التي تركز على مستقبل الإعلام، والاتجاهات الناشئة، وأبرز التحديات التي تواجه صناعة الإعلام على مستوى العالم وذلك من خلال استضافة نخبة من الخبراء والمتخصصين والشخصيات البارزة من وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية.
وسيلقي معالي عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، كلمة رئيسية في اليوم الثاني حيث سيستعرض رؤيته “لمستقبل الإعلام” والدور الحاسم للابتكار في تحقيق تطلعات قطاع الإعلام، إضافة إلى أهمية الاستفادة من التقنيات الحديثة لضمان تكيف صناعة الإعلام مع التحولات العالمية المتسارعة.
وتتضمن أجندة اليوم الثاني من الكونغرس العالمي للإعلام العديد من الجلسات الرئيسية، والتي ستناقش تأثير الذكاء الاصطناعي ووسائل الإعلام الرقمية، وأهمية تنويع المحتوى الإعلامي، فضلاً عن دور وسائل الإعلام في تعزيز القيم الاجتماعية ودعم الأجيال القادمة، ومن أبرزها جلسة بعنوان “وسائل الإعلام كمحفز للتربية الإيجابية: الارتقاء برفاه المجتمع والأسرة”، التي ستتناول الدور المحوري الذي تلعبه وسائل الإعلام في إثراء القيم المجتمعية من خلال تقديم القصص والموارد التي تعزز الروابط الأسرية وتشجع التربية الإيجابية.
كما ستتطرق مناقشات اليوم الثاني إلى أهمية التعاون بين وسائل الإعلام والحكومات لتعزيز المعرفة الأسرية وبناء مجتمعات متماسكة، مما ينعكس إيجاباً على نمو الأطفال وتطورهم.
وفي جلسة فن رواية القصص، ستستعرض مجموعة من المبدعين وصناع المحتوى خبراتهم في صياغة القصص المؤثرة والملهمة التي تلقى صدى واسعاً لدى الجماهير العالمية.
وتسلط هذه الجلسة الضوء على التقنيات التي يستخدمها هؤلاء المبدعون لجذب الجماهير وتحقيق تفاعل مؤثر بينهم من خلال السرد الشخصي والصور المؤثرة.
وتسلط جلسة “تغطية النزاعات” الضوء على التعقيدات التي يواجهها الصحفيون لدى تغطيتهم للأحداث في مناطق الصراع، بما في ذلك التحديات الأخلاقية وسلامة الصحفيين.
وتتناول الجلسة دور وسائل الإعلام في تشكيل تصورات الجمهور والتأثير على السياسات المتعلقة بالصراعات الدولية.
وتتضمن فعاليات اليوم الثاني للكونغرس جلسة بعنوان “حماية وسائل الإعلام من الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي” التي تتناول استراتيجيات الكشف والتصدي للمعلومات المضللة المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتشمل الجلسة مناقشة آليات التحقق من المحتوى من خلال الاستفادة من تقنية البلوك تشين، وأدوات التحقق من الحقائق المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى المبادئ التوجيهية الأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام.
وتناقش جلسة بعنوان “ما الذي يشاهده الناس؟” العوامل التي تساعد في تعزيز تفاعل المستخدمين عبر مختلف المنصات مع المسلسلات المشهورة عالميًا وكذلك المحتوى المتخصص القائم على البيانات.
ويناقش المشاركون التقنيات الحديثة التي تساعد المتخصصين في وسائل الإعلام على فهم احتياجات الجمهور بشكل أفضل وتعزيز مستويات التفاعل.
وتركز جلسة “وسائل الإعلام الاستباقية: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالأحداث وتوجيه وسائل الإعلام؟” على دور الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالاتجاهات، وتشكيل التغطية الإخبارية، وتوجيه استراتيجيات المحتوى للمؤسسات الإعلامية، حيث يمكن للعاملين في قطاع الإعلام الاستفادة من الأدوات المتقدمة للذكاء الاصطناعي لتوقع الأحداث والكشف عن القضايا المستجدة، مما يشكل نهجًا استباقيًا للصحافة وإنشاء المحتوى.
وتحمل الجلسة الختامية لليوم الثاني عنوان “ضرورة التنوع في الإنتاج الإعلامي” حيث تتناول أهمية التنوع في المحتوى الإعلامي، ودوره في تقديم تجارب شاملة ترتكز على الإنسان وتعكس ثراء التجارب البشرية، بما يعزز التنوع والابتكار ويسهم في تحقيق النجاح الاقتصادي لقطاع الإعلام.