هنأ أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الفريق البحثي بجامعة المنصورة على الاكتشاف الجديد لجنس ونوع من أسلاف الحيتان المنقرضة التي جابت المياه المصرية قبل نحو 41 مليون سنة، مشيدًا بمستوى البحث العلمي بالجامعات المصرية على كافة المستويات، موجهًا بأهمية تقديم الدعم اللازم لكافة المشروعات البحثية التي تخدم مجالات التنمية فى مصر.

وأوضح شريف خاطر رئيس جامعة المنصورة أن هذا الحوت الجديد يعد أحد أصغر وأقدم أسلاف الحيتان مائية المعيشة والتي تطورت من أسلاف برمائية، مشيرًا إلى أن الفريق البحثي وثق الاكتشاف في ورقة بحثية نشرت اليوم الخميس الموافق 10 أغسطس 2023 في دورية كوميونيكيشن بيولوجي «Communications Biology» الصادرة عن مؤسسة نيتشر «Nature» العالمية، إحدى أبرز الدوريات العلمية في العالم، مضيفًا أن الورقة البحثية تمثل طفرة علمية لعلماء الحفريات المصريين، إذ تُعد الدراسة الثانية من نوعها التي يقود فيها فريق مصري وصف وتسمية جنس ونوع جديد من الحيتان، بعد أن ظل هذا العلم قاصرًا على علماء الدول المتقدمة لفترة طويلة من الزمن، رغم ثراء التراث الطبيعي المصري بحفريات مهمة لأسلاف الحيتان.

ومن جانبه، صرح هشام سلام رئيس الفريق البحثي ومؤسس مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية وأستاذ الحفريات بجامعة المنصورة والجامعة الأمريكية بالقاهرة، بأن الحوت الجديد ينتمي إلي عائلة حيتان الباسيلوصوريات “Basilosauridae”، وهي مجموعة من أسلاف الحيتان المنقرضة التي تمثل أولى مراحل المعيشة الكاملة للحيتان في الماء، بعد انتقال أسلافها من اليابسة إلي الماء، مضيفًا أنه بالرغم من أن هذه المجموعة من أسلاف الحيتان كانت قد طورت خصائص تشبه الأسماك، مثل تحول الطرف الأمامي إلى زعانف واستطالة الفقرات ونمو زعنفة الذيل، إلا أنها كانت تمتلك أطرافًا خلفية يمكن رؤيتها بما يكفي لتسميتها "أرجل"، والتي لم تكن تستخدم في المشي إطلاقًا لضآلة حجمها.

وأشار محمد سامح المؤلف الرئيس للدراسة وعضو مجلس إدارة مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية وخبير إدارة التراث الطبيعي باليونسكو، إلى أنه تم العثور على حفريات الحوت الجديد في صخور عصر الإيوسين من متكون وادي الريان الجيولوجي بمنخفض الفيوم، وتتألف تلك الحفريات من جمجمة وفكين وأسنان والفقرة العنقية الأولى وأجزاء من العظم اللامي (العظم الواقع عند قاعدة اللسان)، موضحاً أن عُمر هذه الطبقات التي اُكتشف منها هذا الحوت تُقدر بنحو 41 مليون عام، مما يساعد في استكمال صورة تطور الحيتان الأولى في إفريقيا في هذا العمر.

وأضاف سامح أنه بعد دراسة أبعاد العظام المتحفرة وإجراء المعادلات الحسابية لاستنتاج طول الحوت ووزنه، اتضح أن الحوت الجديد كان يبلغ طوله نحو 2.5 متر، بينما يصل وزنه إلى قرابة 187 كجم، وبذلك يعد الأصغر حجمًا بين كل أفراد عائلته من شتى أنحاء العالم، كما أن الحوت كان قادرًا على السباحة بكفاءة وربما الغوص لأعماق متفاوتة بما يشبه أحفاده من الدلافين اليوم، مما يقدم لنا فهمًا غير مسبوق لتاريخ الحياة والتطور والجغرافيا القديمة للحيتان الأولى.

وأوضح عبدالله جوهر، عضو الفريق العلمي "سلام لاب" بمركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية ومؤلف أساسي في كتابة الورقة البحثية، أنه تم تسمية هذا الحوت الجديد "توتسيتس" على شرف الملك المصري الشهير "توت عنخ آمون"، ليس فقط لنقاط التشابه بينهما، إذ مات الحوت صغيراً مثل الملك توت، وكان ملكًا للبحار القديمة في وقته، بل آثرنا أيضًا إضفاء الطابع المصري القديم على هذا الاسم العلمي، إضافة إلى إحياء ذكري اكتشاف مقبرة الملك الصغير قبل قرن من الزمان، وتزامنًا مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير بالجيزة، لافتًا إلى أنه تمت تسمية النوع "رياننسيس"، على شرف متكون وادي الريان الصخري بمنخفض الفيوم، التي اُكتشفت حفرياته منها، ليكون الاسم كاملًا (توتسيتس رياننسيس) .“Tutcetus rayanensis"

وأضاف جوهر أن الحوت الملك عاش وقتما كان قطاع كبير من الأراضي المصرية مغطى ببحر شاسع يعرف بـ "بحر تيثيس"، حيث عاشت حيوانات بحرية قديمة من بينها أسلاف الحيتان التي تعيش اليوم، وتبين من الدراسة التشريحية المفصلة لحفريات توتسيتس رياننسيس أنه يختلف تمامًا عن كل أقرانه من الحيتان المعروفة من قبل، إذ أنه يمتلك نمطًا فريدًا من الأسنان، مكّنه من اكتشاف موائل مختلفة، كما أن الفحص الدقيق لأسنان الحوت الجديد بالأشعة المقطعية فتح آفاقًا جديدة وفهمًا غير مسبوق لنمط حياة توتسيتس بشكل خاص وأقرانه من أسلاف الحيتان المنقرضة بشكل عام.

وتؤكد الدراسة أن هناك نموا سريعا نسبيًا للأسنان في هذا الحوت، ومع الوضع في الاعتبار حجمه الصغير، فإن ذلك يشير إلى نمط حياة متطور وسريع نسبيًا، هذا النمط المتسارع من الحياة يدل على احتمالية إنجاب تلك الحيتان لجنين واحد سنويًا، مع القدرة على إنتاج الجنين الثاني بسرعة أكبر عند الحاجة إلى ذلك، كما أن نمط الحياة المتسارع هذا ربما كان سببًا في نجاح عائلة حيتان الباسيلوصوريات في تكيفها الكامل للمعيشة في الماء، وقدرتها على التفوق على أسلافها من الحيتان البرمائية، بل وقدرتها على التكيف بشكل استثنائي مع الموائل المائية الجديدة بعد قطع علاقاتها باليابسة، ومن المحتمل أن يكون هذا الانتقال الكامل للماء قد حدث في المناطق المدارية وشبه المدارية، وتحديدًا مصر.

وأشارت سناء السيد، عضو الفريق العلمي "سلام لاب" والمدرس المساعد بجامعة المنصورة والمبعوثة لجامعة متشيجان الأمريكية إلى أن صغر حجم هذا الحوت تم تفسيره بأنه ربما كان مرتبطًا بطريقة أو بأخرى بالاحتباس الحراري الذي شهدته الأرض في ذلك الوقت والذي يعرف بـ "الحد الحراري الأقصى لعصر اللوتيتي المتأخر"، أو أن حوت "توتسيتس" ربما توارث تلك الصفة من أسلافه القدامى والأقل تطورًا، مضيفة أن الحيتان تهاجر اليوم إلى المياه الحارة والضحلة لكي تتكاثر وتتوالد في ظروف كتلك التي عاشتها مصر قبل 41 مليون سنة، الأمر الذي يؤكد أن منطقة الفيوم كانت إحدى أهم مناطق توالد وتكاثر الحيتان القديمة، وربما هاجرت إليها الحيتان القديمة من أماكن مختلفة، الأمر الذي بدوره جذب الحيتان المفترسة والأكبر في الحجم مثل باسيلوصورس، مؤكدة أن الحوت الجديد (توتسيتس رياننسيس) يساهم في إثراء المعرفة العالمية بأسلاف الحيتان القديمة وتوضيح أهمية الحفريات المصرية في فهم السجل التطوري لهذه المخلوقات الفريدة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أيمن عاشور وزير التعليم العالي جامعة المنصورة فرعون الحيتان جامعة المنصورة الحوت الجدید هذا الحوت إلى أن

إقرأ أيضاً:

جامعة المنصورة تحصد المركز " الأول " في منافسات الدوري الثقافي المعلوماتي بمهرجان « إبداع 13» لشباب الجامعات

اختتمت وزارة الشباب والرياضة -  الإدارة المركزية لتنمية الشباب، منافسات مجال الدوري الثقافي المعلوماتي، الذي يحمل شعار: «نوابغ مصرية»، وجائزة الكاتب والروائي جمال الغيطاني،بمهرجان « إبداع » لشباب الجامعات في موسمه الثالث عشر، بمشاركة  44 جامعة ومعهد وأكاديمية، الذي يتم تنفيذه تحت رعاية  الرئيس  عبدالفتاح السيسي.

وبحسب البيان الصادر عن وزارة الشباب والرياضة، شارك  في التصفيات النهائية اليوم،بحضور علاء الدسوقي- مدير عام البرامج الثقافية والفنية،  ثماني جامعات «الأزهر بالقاهرة، كفر الشيخ، الفيوم، حلوان، عين شمس، القاهرة، المنصورة، والمنوفية » حيث اشتملت المسابقة علي مجالات متعددة  " الأدب والجغرافيا والتاريخ والرياضة والفنون والعلوم".

وعلى مستوى منافسات دور الثمانية، فازت جامعة كفرالشيخ على  جامعة الأزهر بالقاهرة، وتغلبت جامعة الفيوم على جامعة حلوان وحقق فريق جامعة القاهرة الفوز على جامعة عين شمس، وتمكنت جامعة المنصورة بتحقيق الفوز  علي جامعة المنوفية.

واشتدت المنافسة طلاب وطالبات الجامعات المتأهلة إلى الدور نصف النهائي، حيث تأهل إلى التنافس النهائي جامعتي " الفيوم والمنصورة " عقب تحقيق فريق جامعة الفيوم الفوز علي جامعة كفرالشيخ، وتغلبت جامعة المنصورة علي جامعة القاهرة.

ولم تخلو المنافسات النهائية  للحصول علي الثلاث مراكز الأولي من  الإثارة والندية، حيث تغلبت جامعة المنصورة علي جامعة الفيوم في اللقاء النهائي، واقتنصت جامعة كفرالشيخ فوزًا علي جامعة القاهرة في لقاء تحديد الثالث والرابع.

وفي ختام المسابقة حصدت المراكز الأولي لمسابقة الدوري الثقافي جامعات:  المنصورة في  المركز " الأول " والفيوم " الثاني " وكفرالشيخ " الثالث "

يذكر أن مهرجان إبداع يهدف إلى تحفيز الشباب المصري على تطوير مواهبهم في مختلف المجالات الأدبية والفنية والعلمية والاجتماعية، مع التركيز على الابتكار والإبداع.

مقالات مشابهة

  • جماهير فرايبورج تحيي ذكرى شهداء الأهلي الـ74
  • جامعة المنصورة تنظم زيارة لذوي الهمم لمعرض القاهرة الدولي للكتاب
  • جامعة المنصورة تنظّم زيارة لأبنائها من ذوي الهمم لمعرض القاهرة الدولي للكتاب
  • زوجة وليد سليمان تحيي ذكرى شهداء الأهلي
  • اربيل تحيي ذكرى فاجعة شباط
  • أوقاف الفيوم تحيي ذكرى الإسراء والمعراج من مسجد صفر بإدارة مركز جنوب
  • في ذكرى رحيلها الـ50.. باريس تحيي أجمل ليالي أم كلثوم
  • جامعة المنصورة تحصد المركز " الأول " في منافسات الدوري الثقافي المعلوماتي بمهرجان « إبداع 13» لشباب الجامعات
  • جامعة المنصورة تحصد المركز الأول في منافسات الدوري الثقافي المعلوماتي
  • جامعة المنصورة تحصد المركز " الأول " في منافسات الدوري الثقافي المعلوماتي