حذر علماء أمس من أن القطب الجنوبي بات يتحول من ثلاجة للعالم - ما يحافظ على درجات الحرارة منخفضة - إلى "مبرّد" (مشعاع).

عادة ما يعكس الجليد الموجود على اليابسة والبحر في القطب الجنوبي أشعة الشمس مرة أخرى إلى الفضاء، ولكن عندما تتشكل المياه في البرك والبحيرات في القارة القطبية الجنوبية، فإن هذا يمتص الحرارة.

وقال البروفيسور مارتن سيغيرت إن قارة القطب الجنوبي "عبارة عن سطح أبيض هائل وواسع تقوم بعمل هائل للكوكب من حيث ارتداد الكثير من الإشعاع الشمسي إلى الفضاء".

وقال إن نفس العملية - حيث يذوب الجليد ويكشف عن المحيط - تحدث بالفعل في القطب الشمالي.

وقال البروفيسور سيغيرت، عالم الجليد في جامعة إكستر، إن الجليد البحري حول القارة المتجمدة هو حاليا عند أدنى مستوى له منذ أن بدأت الأقمار الصناعية في رصده في عام 1979، ويتجاوز الحد الأدنى القياسي السابق المسجل العام الماضي.

وشهدت موجة الحر الشتوية في مارس 2022 ارتفاع درجات الحرارة بحوالي 40 درجة مئوية فوق المعدل الطبيعي في شرق القارة القطبية الجنوبية، من حوالي -50 درجة مئوية إلى -10 درجات مئوية، ولو حدث ذلك في الصيف لكان قد بدأ ذوبان سطح الصفائح الجليدية وهو ما قال العلماء إنهم لم يروه من قبل.

وقال البروفيسور سيغيرت: "أعتقد أن المجتمع العلمي أصيب بصدمة بسبب افتقار هذا الموسم للجليد البحري، وهو أقل بكثير مما حدث في السنوات السابقة".

وبسبب البيئة القاسية للقارة القطبية الجنوبية وموقعها البعيد، هناك القليل من البيانات المتاحة لربط مثل هذه الأحداث بشكل لا لبس فيه بتغير المناخ الذي يسببه الإنسان، لكن العلماء يقولون إن من المتوقع حدوثها على كوكب يزداد احترارا.

وأضاف البروفيسور سيغيرت: "أعتقد أن من المعقول أن نفترض أن حدث ارتفاع الحرارة في القطب الجنوبي الذي رأيناه هو الشيء المتوقع من الاحتباس الحراري بسبب احتراق الوقود الأحفوري. قد يكون الأمر كذلك، نظرا لأننا قدمنا الكثير من الأدلة العلمية، أن هذا كان مجرد حدث واحد خلال كل 1000 عام، لكن هذا غير مرجح، وأعتقد أن من المعقول علميا أن نفترض أنه كذلك مرتبط بكوكبنا الدفيئي".

وإلى جانب علماء من جميع أنحاء المملكة المتحدة وتشيلي وجنوب إفريقيا، كان البروفيسور سيغيرت يفحص الأدلة على الأحداث المتطرفة في القارة القطبية الجنوبية وقال إنه "من المؤكد تقريبا'' أن شدتها ستزداد ما لم يتم التحكم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وقد نشروا عملهم في مجلة Frontiers in Environmental Science، وحددوا ما يقرب من اثنتي عشرة طريقة لتغيير التأثيرات البشرية للقطب الجنوبي، من ذوبان الجليد البحري والأرضي، وانهيار الجروف الجليدية، واحترار المحيطات والغلاف الجوي، والانقراض القريب للحيوانات البحرية والمقدمة من الأنواع الأجنبية مثل الطحالب والعشب.

ويشعر العلماء بالقلق بشكل خاص بشأن ما قد يحدث خلال السنوات القليلة المقبلة مع انتشار تأثيرات ظاهرة النينو على ارتفاع درجات الحرارة.

وقالت الدكتورة آنا هوغ من جامعة ليدز: "بصفتي شخصا يشاهد هذا يحدث على أساس يومي، أجد أن من المدهش والمذهل حقا رؤية التغييرات تحدث بالحجم الذي هي عليه بالفعل". وقالت إن الأمر سيستغرق قرونا حتى تتعافى الرفوف الجليدية المنهارة، إذا كان ذلك ممكنا.

ولا تؤدي هذه الانهيارات بشكل مباشر إلى ارتفاع مستوى سطح البحر لأن الجليد يطفو بالفعل، ولكن هذا يعني أن الجليد يصب من اليابسة في البحر بشكل أسرع عبر الأنهار الجليدية، ما يسرع من معدل ارتفاع مستوى سطح البحر.

وإذا ذاب كل الجليد في القارة القطبية الجنوبية، على الرغم من أن العلماء لا يعتقدون أن هذا سيحدث في وقت قريب، فإنه سيرفع مستوى سطح البحر العالمي بمقدار 57 مترا.

وتتحد الأحداث المتطرفة مثل انهيار الجرف الجليدي أو ارتفاع موجات الحرارة في سلسلة لمضاعفة التأثيرات التي تنتشر عبر العالم وتهدد الأنواع المحلية.

ودعا فريق العلماء إلى اتخاذ المزيد من تدابير حماية البيئة للمساعدة في الحفاظ على النظم البيئية الهشة بشكل متزايد والتي أصبحت أكثر عرضة للخطر.

عن روسيا اليوم

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: القارة القطبیة الجنوبیة القطب الجنوبی

إقرأ أيضاً:

هل حقا تشعر المرأة بالبرد أكثر من الرجل؟

أفادت دراسات سابقة باعتقاد سائد يشير إلى أنّ النساء يشعرن بالبرد أكثر من الرجال، وأشارت بعض تلك الدراسات إلى نمط سلوك الجنسين في التعامل مع أنظمة التبريد في مقرّات العمل، وكيف أنّ النساء يفضلن أجواء معتدلة على خلاف الرجال الذين يحبذون درجات حرارة منخفضة.

ووفقًا لدراسة قديمة أخرى، فإن متوسط درجة حرارة الجسم لدى النساء أعلى قليلاً من متوسط درجة حرارة جسم الرجال، غير أن أيديهن وأقدامهن وآذانهن تميل إلى أن تكون باردة، ويرجع ذلك إلى وجود هرموني "الأستروجين" و"البروجسترون" لدى النساء، إذ يعمل الأستروجين على توسيع الأوعية الدموية في الأطراف مما يسمح بهروب الحرارة بسهولة من تلك المناطق، بينما يُضيّق "البروجسترون" الأوعية الدموية في الجلد، مما يحافظ على درجة حرارة الجسم بالتزامن مع تقليص تدفق الدم إلى الأطراف.

وهذا ما قد يفسّر شعور النساء بالبرودة أكثر من الرجال حيث تبرد أطرافهن بسرعة. إلا أنّ دراسة حديثة أشارت إلى أنّ إدراك البشر لدرجة حرارة الجسم وقدرتهم على تنظيمها لا يعتمد على جنسهم، بل على سماتهم الجسمانية، وعلى وجه الخصوص حجم الجسم ودهونه.

دراسة جديدة تخالف المفاهيم السائدة

وأظهرت نتائج الدراسة الحديثة التي أجراها مجموعة من العلماء في "معاهد الصحة الوطنية الأميركية"، أنّ الرجال والنساء يدركون درجات الحرارة بطريقة مماثلة تقريبا، وتبدو استجابتهم لاختلاف درجة الحرارة متطابقة إلى حد كبير.

وشملت الدراسة تجربة عملية على 12 امرأة و16 رجلا جميعهم في حالة صحيّة جيدة، حيث وُضِعوا جميعا داخل حجرة يتحكم العلماء بدرجة حرارتها بين 31 و17 درجة مئوية. وارتدى جميع المشاركين ملابس موحدة، بالإضافة إلى أجهزة استشعار تتتبّع النشاط الكهربائي في عضلاتهم ودرجات الحرارة في البشرة.

كما قاس الباحثون كميّة الأكسجين المستنشقة وكمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة باستخدام جهاز "مقياس السعرات الحرارية"، مما ساعد على تتبع كمية الطاقة المستهلكة للحفاظ على درجة حرارة الجسم. وسُجّلت أوزان الأشخاص ونسبة الدهون في أجسامهم ومعدلات التمثيل الغذائي الأساسي، وتعد جميعها عوامل مؤثرة في إنتاج الحرارة في الجسم.

وكان المقياس الذي وضعه العلماء يتراوح بين أقصى شعور بالبرودة "بارد جدا" وأقصى شعور بالحرارة "ساخن جدا"، وأظهرت النتائج أن تصوّر كلّ من الرجال والنساء لدرجة حرارة الغرفة كان متشابهًا إلى حد كبير، حيث شعروا بالبرد عند نفس درجة الحرارة، بين 20 و21 درجة مئوية، كما كانت درجة حرارة الجلد لدى المشاركين متقاربة، بزيادة طفيفة في درجة حرارة جسم السيدات المشاركات.

وأظهرت القياسات الفسيولوجية، مثل النشاط الكهربائي في العضلات، تشابها بين الجنسين، مع وجود اختلاف بسيط في معدلات الأيض لصالح الرجال.

ووجد العلماء أن النساء حافظن على درجة حرارة أجسامهن عند درجات منخفضة في الحجرة، وربما يعود ذلك إلى أن السيدات لديهن نسبة دهون أعلى، مما يوفر عزلا حراريا أكبر. وكانت درجة الحرارة التي بدأت عندها أجسام النساء في استهلاك الطاقة للبقاء في حالة دافئة، والتي أطلق عليها الباحثون "درجة الحرارة الحرجة المنخفضة"، أقل قليلا من الرجال بمتوسط درجة مئوية واحدة.

ورغم أنّ العينة التي أجريت عليها التجربة كانت محدودة، فإنّ الدراسة تمنح فرصة إلى إعادة النظر فيما يتعلّق بأحد المعتقدات السائدة عن شعور الجنسين بالبرودة.

مقالات مشابهة

  • طقس الاثنين: الحرارة في ارتفاع
  • للحفاظ على سلامتك.. نصائح هامة لـ قيادة السيارة أثناء ارتفاع درجات الحرارة
  • الأرصاد : استمرار ارتفاع درجات الحرارة بالشرقية مع أتربة مثارة على مكة والجموم وجازان
  • انتشار أنفلونزا الطيور في الأبقار.. دراسة تحاول حل اللغز
  • هل حقا تشعر المرأة بالبرد أكثر من الرجل؟
  • الأرصاد: استمرار ارتفاع درجات الحرارة بالشرقية ورياح على مكة والمدينة
  • أطباء يحذرون من مخاطر "ترند" فرك الليمون على الشعر
  • علماء يكشفون أسباب ارتفاع درجات الحرارة أثناء الحج.. ما علاقة أرامكو؟
  • سكان الأرض على موعد مع ظاهرة فلكية مميزة
  • روسيا.. ابتكار جهاز لتكوين "الضوء السائل"