اللوفر أبوظبي.. رحلة مذهلة عبر الزمن
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
لمياء الصديق (أبوظبي)
متحف اللوفر أبوظبي، الذي تحتضنه جزيرة السعديات في إمارة أبوظبي، يعد راوياً لحضارات العالم، ويجسد في قيمته ورمزيته ومقتنياته نهج الإمارات في ترسيخ قيم التعايش الإنساني والتواصل الحضاري بين الأمم كافة، حيث يقدم المتحف سرداً تاريخياً يأخذ زواره في رحلة زمنية لا تنسى تعبر بهم من زمن إلى زمن، ومن عصر إلى عصر، وتلهمهم القيم والمعارف النبيلة التي تجمع بين الحضارات الإنسانية على مر العصور.
اقرأ أيضاً.. روائع فنية جديدة في «اللوفر أبوظبي»
موقع اللوفر أبوظبي:
يقع متحف اللوفر أبوظبي على الخليج العربي، في جزيرة السعديات في إمارة أبوظبي، وهو المتحف العالمي الأول من نوعه في العالم العربي. يمتد متحف اللوفر على مساحة تصل لـ 24 ألف متر مربع تقريبا.
ويضم المتحف 23 صالة عرض دائمة تقدم تحفا فنية تروي قصصا من الحقب التاريخية المختلفة التي مرت بها البشرية وصولا إلى الوقت الحاضر في 12 سلسلة مختلفة.
تتصل مجموعة المباني مع بعضها البعض والتي تشكل مجمل المتحف عبر ممشى متنزه يطل على واجهات بحرية من كل جوانبه، فضلاً عن قبة تضفي تميزاً وفرادة على تصميم المتحف.
تم افتتاحه في عام 2017 باعتباره معلما ثقافيا يحظى بتميز وأهمية عالمية غير مسبوقة. يمثل متحف اللوفر أبوظبي بوابة للحوار الثقافي وهو أحد المعالم السياحية والتراثية، البارزة في أبوظبي.
جولة في متحف اللوفر أبوظبي:
في رحلة ممتعة ستكتشف الأسرار الخفية الكامنة بين نجوم قبة متحف اللوفر أبوظبي ومقتنياته الفريدة، حيث يشاهد الزائر لمتحف اللوفر أبوظبي مقتنيات نادرة تضيء على الإمبراطوريات القديمة والعصور الوسطى وعصر النهضة والأديان، وطرق التجارة مثل طرق الحرير والفخار، وما كان قائماً بشأن التواصل بين الشرق والغرب من خلال البرّ والبحر، خلال الرحلات المتبادلة، بالإضافة إلى استخدامات الهندسة ورسم الخرائط واللغة وأساليب الحياة عموماً.
يضم متحف اللوفر أبوظبي مجموعة من المقتنيات الدائمة والتي تشمل أعمالاً فنية من شتّى أنحاء العالم، تشتمل على أعمال فنية وتحف من مختلف الثقافات والحضارات، مثل التماثيل المصرية القديمة، والمخطوطات الإسلامية، الأعمال الفنية الأوروبية، وغيرها الكثير. وبترتيب يتجاوز الحدود الزمنية والجغرافية التقليدية، مما يعزز فكرة التواصل بين الثقافات. كما يعقد المتحف معارض مؤقتة ويستضيف فعاليات ثقافية وفنية متنوعة.
الأعمال الفنية البارزة:
يضم اللوفر أبوظبي أعمالاً فنية بارزة، وأفضل مثال عليها هو تمثال "أميرة باختريا" الذي يعود تاريخه إلى حوالي 2000 عام قبل الميلاد، إضافة إلى سوار ذهبي من الشرق الأوسط عمره 3000 عام على شكل رأس أسد، ولوحة للفنان عثمان حمدي بيك تعود للعام 1878 تحمل عنوان "أمير شاب منكب على الدراسة".
من الأعمال المهمة الأخرى رائعة بول غوغان "فتيان يتصارعان"، ولوحة رينيه ماغريت "القارئة الخاضعة"، لوحة لبيكاسو تعود لعام 1928 بعنوان "صورة شخصية لامرأة"، وتسع لوحات زيتية على قماش الكانفاس للفنّان المعاصر سي تومبلي، بالإضافة إلى أقدم صورة فوتوغرافية معروفة لامرأة محجبة.
مغامرات في اللوفر أبوظبي:
في متحف اللوفر أبوظبي، معرض فني للأطفال يمنح الصغار الفرص لاستكشاف الكون وتحقيق أحلامهم، والانطلاق في مغامرة تعليمية، عبر مجموعة من العروض، والأعمال الفنية التفاعلية، وروائع الفن المعروضة في قاعات العرض الدائمة في المتحف التي تضم أعمالاً بارزة من إبداع بيكاسو، ودا فينشي، ورينوار، ورامبرانت، وغيرهم.
مقتنيات متحف اللوفر أبوظبي:
متحف اللوفر أبوظبي يضم مجموعة أعمال من القطع الفنية الجديدة المميزة والمُعارة إلى المتحف، والتي يُعرض العديد منها لأول مرة في المنطقة، إضافة إلى أعمال استحوذ عليها مؤخراً. ومن أبرز الأعمال الفنية التي حصل عليها المتحف على سبيل الاستحواذ: - شمعدان من النحاس الأصفر مرصَّع بالذهب والفضة من العراق- الموصل يعود إلى حوالي عام 1275، وهو نموذج رائع للمشغولات المعدنية الإسلامية في العصور الوسطى. وتتجلّى في هذه القطعة الرائعة مهارة حرفية متميزة، وعناصر جمالية معقدة، وهو ما تميزت به تلك الفترة من مظاهر الترف والثراء الثقافي.
اقرأ أيضاً..«اللوفر أبوظبي».. منصة تعليمية ومعرفية
كما يضم متحف اللوفر أبوظبي مجموعة متميزة من المقتنيات التي تمثل ثقافات وحضارات مختلفة من جميع أنحاء العالم.
تمثال "أبو الهول" المصغر: تمثال مصري صغير لأبو الهول، يرمز إلى القوة والحكمة في الحضارة المصرية القديمة.
تعكس هذه المقتنيات تنوعًا ثقافيًا كبيرًا وتسلط الضوء على الروابط المشتركة بين الثقافات وهو ما يسعى متحف اللوفر أبوظبي إلى تعزيزه من خلال معروضاته.
تحفة معمارية:
متحف اللوفر أبوظبي صمم على يد المصمم العالمي الفرنسي جان نوفيل، مستمداً الإلهام من فن العمارة العربية والتقاليد الإماراتية. وهذا الصرح المعماري الاستثنائي دليل على رؤية دولة الإمارات الثاقبة وإنجازاتها العالمية. وخير دليل على ازدهار المنظومة الثقافية والفنية في أبوظبي.
تُعد قبة متحف اللوفر أبوظبي، المستوحاة من الهندسة المعمارية العربية، بنية مُعقّدة مُكونة من 7.850 نجمة، مُكرّرة بمختلف الأحجام والزوايا في ثماني طبقات مختلفة.
وهي قبة فضية ضخمة تبدو وكأنها تطفو فوق مدينة المتحف بأكملها. وعلى الرغم من أنها تبدو خفيفة الوزن، إلا أن القبة تزن حوالي 7500 طن.
يقع متحف اللوفر أبوظبي على ارتفاع 40 متراً عن مستوى سطح البحر، وترتفع القبة 36 متراً فوق سطح الأرض. وتزن نحو 7500 طن، وتتألف من 7.850 نجمة، مُكرّرة بمختلف الأحجام والزوايا في ثماني طبقات مختلفة، أربع طبقات منها خارجية مغطاة بالفولاذ المقاوم للصدأ، وأربع طبقات أخرى داخلية مغطاة بالألمنيوم، وعند مرور الشمس فوقها، تنساب أشعتها من خلال نجوم القبة لتشكل تأثيراً مُلهماً داخل المتحف يُعرف باسم «شعاع النور» المستوحى من الطبيعة وأشجار النخيل في أبوظبي، حيث تلتقط أوراقها أشعة الشمس الساطعة من أعلى فتنساب بقعاً من الضوء على أرض المتحف.
حقائق ومعلومات:
متحف اللوفر أبوظبي أشبه بمدينة مصغرة تعانقها المياه، يصل الزائر إليها عبر البر أو البحر. يُمكن للزوار استكشاف 55 مبنى منفصلاً في تجربة مماثلة لتجربة التجول في شوارع ضيقة لمدينة عربية، ويضم 23 مبنى من هذه المباني قاعات العرض، وهي جميعها مستوحاة من المنازل المنخفضة في المنطقة المحلية.
وتحتضن هذه المدينة المصغّرة مناطق عدّة مخصصة للنشاطات، مثل التجديف بقوارب الكاياك وعروض الأفلام والفعاليات والمحاضرات، إلى جانب الاستمتاع بالطعام والتأمل وتجاذب أطراف الحديث. كما تُلهم بيئة المتحف الهادئة الزوار للاستمتاع بالعلاقة المُتغيرة باستمرار بين الشمس والبحر والفن والعمارة.
متحف اللوفر أبوظبي جاء ثمرة اتفاق حكومي بين دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا. واستضاف المتحف مجموعة من المعارض المهمة كمعرض "كارتييه الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة" و معرض "من كليلة ودمنة إلى لافونتين: جولة بين الحكايات والحكم" وغيرها.
رسالة عالمية:
يجسد، متحف اللوفر أبوظبي العديد من الإنجازات الثقافية التي حققتها دولة الإمارات كما يؤدي دورا أساسيا في تحويل المنطقة الثقافية في السعديات إلى وجهة متميزة للسياحة الثقافية في المنطقة.
يهدف متحف اللوفر أبوظبي إلى أن يكون مركزًا للتبادل الثقافي والمعرفي، وأن يسهم في تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب. من خلال تقديمه لرؤية عالمية للفن والتاريخ، يسعى المتحف إلى تسليط الضوء على القواسم المشتركة بين الحضارات المختلفة، مما يجعله رمزًا للتعايش والسلام.
ويعد موقع الإمارات المتميز داعماً وملهماً لإنشاء هذه المتاحف العالمية التي تجمع تاريخ العالم تحت سقف واحد، حيث تقع في الوسط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب.
نجح متحف اللوفر أبوظبي في ترسيخ مكانته كأحد أهم المؤسسات الثقافية على مستوى العالم. بتصميمه المميز ومقتنياته الفريدة والمتنوعة ورسالة التفاهم الثقافي التي يحملها. اللوفر أبوظبي وجهة لا غنى عنها لعشاق الفن والثقافة من جميع أنحاء العالم، وصرح يعزز الحوار بين الحضارات.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: متحف اللوفر جزيرة السعديات متحف اللوفر أبوظبي المتاحف إمارة أبوظبي اللوفر أبوظبي جزيرة أبوظبي متحف اللوفر أبوظبی الأعمال الفنیة فی أبوظبی من خلال
إقرأ أيضاً:
الصين تكتب فصلًا جديدًا في رحلة تمكين المرأة العالمية
تشو شيوان **
يعيش العالم اليوم لحظة فارقة في مسيرة النضال من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين، وهذه اللحظة تتشكل في قاعات المؤتمرات بالعاصمة الصينية بكين؛ حيث احتضنت الصين على مدار يومي 13 و14 أكتوبر 2025 "اجتماع القادة العالميين بشأن المرأة"، وهذا التجمع الدولي الرفيع ليس مجرد فعالية دبلوماسية؛ بل هو إحياء للذكرى الثلاثين للمؤتمر العالمي الرابع للمرأة الذي انعقد في بكين عام 1995، وأطلق آنذاك إعلان وخطة عمل بكين، اللذان ما زالا يمثلان الوثيقة التوجيهية الأهم لتنمية المرأة على الصعيد العالمي. وأجد أن عودة العالم إلى بكين بعد ثلاثة عقود تحمل رسالة ثقة عميقة بالدور الذي تلعبه الصين كلاعب رئيسي في صياغة مستقبل المرأة حول العالم.
وخلال كلمة الرئيس الصيني شي جين بينغ، دعا إلى تعزيز تمثيل المرأة في السياسة والحكومة، معتبرًا أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تضمن «ترسيخ المساواة بين الجنسين بشكل حقيقي» داخل المجتمع، كما أكد على أن البلدان بحاجة إلى «توسيع القنوات أمام النساء للمشاركة في السياسة وصنع القرار، وتعزيز مشاركة المرأة على نطاق واسع في الحوكمة الوطنية والاجتماعية»، مشيرًا إلى أن السلام والاستقرار يشكلان شرطين أساسيين لتحقيق التنمية الشاملة للمرأة، وهذه الرؤية لا تنفصل عن الإيمان الراسخ بأن للمرأة دورًا حاسمًا في إرساء «اتجاه جديد للأسرة»، خاصة في ظل مواجهة العالم العديد من التحديات في هذا الجانب.
من وجهة نظري أنَّ المكانة التي وصلت إليها المرأة في الصين اليوم هي ثمرة لسنوات من السياسات الممنهجة والاستثمار في طاقاتها، فقد أحرزت الصين تقدمًا ملحوظًا في مجال تعليم النساء اللاتي أصبحن يشكلن نحو 50 في المائة من طلاب التعليم العالي، ونحو 43 في المائة من إجمالي القوى العاملة في البلاد، وهذا التقدم التعليمي والمهني هو الأساس الذي تقوم عليه أي استراتيجية حقيقية لتمكين المرأة، واسترشادًا بروح مؤتمر بكين التاريخي، لم تتردد حكومتي في إعلان تدابير ملموسة جديدة لتعزيز هذه المكانة، حيث ستتبرع الصين في السنوات الخمس المقبلة بمبلغ آخر بقيمة 10 ملايين دولار أمريكي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وتخصص حصة قدرها 100 مليون دولار أمريكي في صندوق التنمية العالمية والتعاون بين بلدان الجنوب لتنفيذ مشاريع تنموية للنساء والفتيات، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على إيمان راسخ بأن استثمار دول الجنوب في المرأة هو استثمار في تنمية البشرية جمعاء.
لا يمكن لأحد أن يُنكر أن رحلة تمكين المرأة في العالم تشهد تحديًا بارزًا على مستوى التمثيل السياسي في أعلى المستويات، وهو تحدد تدركه الصين وتعمل على معالجته في إطار سعيها الدؤوب للتطوير، لكني أجد أن النجاح الحقيقي يُقاس أيضًا بالمشاركة الواسعة في سوق العمل والتعليم، وبوجود أطر قانونية وخطط عمل وطنية تحمي مكاسب المرأة، وقد استطاعت الصين زيادة مشاركة النساء في القوى العاملة بشكل ملحوظ، مما جعلها نموذجًا يُحتذى به عالميا، وحتى أنها نموذجًا للدول العربية التي عبر ممثلوها، مثل معز دريد المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية، عن حرصهم على "الاستفادة من تجارب الصين وخبراتها"، وهذا الإشهاد الدولي هو خير شاهد على صحة النهج الذي تتبناه الصين في مسيرة تمكين المرأة.
في النهاية.. أجد أن هذا الاجتماع العالمي في بكين يقدم دفعة قوية لمضاعفة الجهود والاستثمارات نحو تسريع خطط عمل بكين، وهو يجسد الدور الجيوسياسي المتعاظم الذي تلعبه الصين كجسر للتعاون وتبادل الخبرات بين دول العالم، خاصة بين دول الجنوب، والدعم الصيني الذي سيصل إلى 1000 مشروع لكسب الرزق الخاص بالنساء، إضافة دعوة 50 ألف امرأة إلى الصين للمشاركة في برامج التبادل والتدريب، وإنشاء مركز عالمي لبناء قدرات المرأة كل هذه إجراءات عملية تثبت أن الصين لا تقدم الشعارات؛ بل تُقدِّم حلولًا ملموسة تساهم في كتابة فصل جديد من فصول تمكين المرأة حول العالم، فصل تقوده كفاءة وخبرة ودعم غير محدود من دولة مثل الصين تضع التنمية البشرية الشاملة في صلب أولوياتها، ومن هنا يمكننا القول إنَّ الصين تُمارس دورها المسؤول تجاه القضايا العالمية؛ بما فيها قضايا المرأة والمجتمع.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصر