كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشر ظهر الثلاثاء 13 أغسطس الماضي ، حيث قادتني الظروف المرضية لشقيقي لدخول مستشفى الطوارىء الجامعي بالمنصورة التي تقدم خدمات الرعاية الطبية العاجلة لحالات الحوادث، والإسعافات الأولية لمرضى الحالات الحرجة لأبناء محافظة الدقهلية و5 محافظات بإقليم الدلتا. 

صورة ذهنية

الصورة الذهنية المعروفة عن مستشفى الطوارىء جعلتني أتوجس خوفا وهلعا رغم دخولي المستشفى قبل ذلك مرات عديدة لكن مع أحد أقاربي كانت أول مرة ، وبين حرصي على علاج أخي وقلقي من أي إهمال قد يتعرض له جعلني أركز جيدا مع اللحظات الحرجة الفارقة التي تعرضت لها ، وكان اليوم الذي دخلت فيه المستشفى يوافق اليوم المخصص لمستشفى الطوارىء في استقبال حالات الطوارىء وفق جدول مستشفيات الطوارىء الاسبوعي الموزع بين مستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية بالمنصورة .

حالة فوضى

إستجمعت قواي حتى أكون عونا لأخي خاصة أن وجود مرافق كان مهما للبحث عن الأطباء ومساعدة المريض على إجراء الفحوصات ، فوجئت بأن هناك حالة فوضى لايمكن تخيلها وأنقلها بكل أمانة من أجل تصحيح مسار مستشفى من أهم المستشفيات التي نعول عليه كثيرا في إنقاذ الناس .

تكدس المرضى

الساعة الثانية عشرة والنصف تقريبا نبحث عن طبيب ينقذ أخي بل ينقذ عشرات الحالات التي تكدست في صالة المستشفى ، أصوات إستغاثة تصدر من أقارب المرضى لنفس السبب "البحث عن طبيب" ، صراخ للمرضى الذين قادتهم الظروف لدخول المستشفى وهم يحتاجون إغاثة عاجلة ، فهاهو رجل تجاوز الستين من عمره يستغيث لإنقاذه ويشير إلى آلام في بطنه ، وأخر في نفس المرحلة العمرية يقوم مرافقه بحمل محلول يتسلل إلى جسده النحيل ولايوجد أحد حوله لاطبيب ولاممرضة بينما هو غائب عن الوعي تماما .  

أبطال المستشفى

هنا إلتقيت مع مسئول إداري ووجهني بخبرته الكبيرة إلى الطبيبة " ل" أحد أبطال المستشفى التي كانت في حركة مستمرة تتابع المرضى هنا وهناك ، وتجيب على كل أسئلة المرضى ومرافقيهم بإبتسامة تعينهم على مواجهة آلام المرض ومعاناته ، كانت هذه الطبيبة الملاذ الوحيد لي ، وطلبت الطبيبة عمل الأشعة المقطعية لأخي ، كان من الصعب علي دفع أخي على "التورلي" بسبب تكدس الطرقات بالمرضى ، وهنا خرج أحد العمال ليساعدني في دفع أخي لكنه أشار إلى ضرورة حصوله على " المعلوم" وأمام حاجتي الشديدة لإجراء الأشعة دفعت " المعلوم" وقمنا بإجراء الأشعة المقطعية ،وإتجهت إلى الطبيبة لكنها أخبرتني بصعوبة قراءتها من الشاشات المنتشرة في إستقبال المستشفى فما هو السبب ؟

" السيستم " واقع

قالت لي الطبيبة إن " السيستم " واقع والحل أن يكون معك موبايل بكاميرا لتصوير الأشعة المقطعية من جهاز أخصائي الأشعة ، تعجبت وقلت للطبيبة " وهل كافة المرضى والمرافقين لديهم موبايلات بكاميرات ؟" ردت " معلهش " واتجهت سريعا لغرفة الأشعة المقطعية أطرق الباب ولامجيب ، نصف ساعة قضيتها أنا وعشرات من مرافقي المرضى حتى نتمكن من تصوير الأشعة وأخيرا دخلت ، الطبيبة سمحت لنا بتصوير الأشعة لأنها تعودت على " وقوع السيستم" أخيرا صورت الأشعة وانتقلنا للمرحلة الثانية وهي تحاليل الدم المطلوبة ، أخذ الممرض العينة وانتظرنا 3 ساعات كاملة للحصول على النتيجة ، دخل الأطباء على " السيستم " لمعرفة النتيجة لكن " السيستم " لايزال خارج الخدمة .

إستغاثة عجوز

الساعة الآن حوالي الرابعة عصرا لازلنا ننتظر النتيجة وننتظر طبيب الصدر الوحيد ، هنا شاهدت مزيد من المرضى يتوافدون في الطرقات فعلا الضغط شديد على المستشفى لكن هل هذا مبرر لما نشاهده ؟ ، هاهي سيدة عجوز تستغيث بطبيب شاب لإنقاذها والدماء تسيل من يدها لكنه لايهتم بها ،ورجل مسن يصرخ " ياعالم إبني قاعد من 3 ساعات محدش بيسأل عنه حرام عليكم" .

خارج المستشفى

الساعة الآن السادسة مساء جاء طبيب الصدر وطلب القيام " بسحب تجمعات المياه التي ظهرت في الأشعة من صدر أخي " ، ثم جاءت طبيبة أخرى لتطلب عدة تحاليل خارج المستشفى لعدم توافرها بالمستشفى ، أخذنا العينة سريعا وتوجهنا لمعمل قريب من المستشفى وقمنا بتسليم العينة ودفع مبلغ كبير ، وبعد ظهور العينة انتظرنا الخطوة التالية ، لم نجد أحدا من الأطباء ماذا نفعل وأخي يتألم ويعاني ، الساعة التاسعة مساء أرسلت رسالة لمدير المستشفى الذي لم يكن موجودا بالمستشفى عرفته بنفسي وأظهرت صفتي الصحفية وقلت له بأننا نعاني من الظهر ولامجيب رد علي المدير سريعا وطلب مني التوجه لغرفة مدير الاستقبال لعمل اللازم ، وهنا تبدلت الأحوال وتم استدعاء الطبيب المختص فورا وتم عمل مزيد من سحب المياه من صدر أخي ،وحصل على رعاية كافية ،وهنا إكتشفت من أحد الأطباء بأن التحاليل التي أجريت خارج المستشفى موجودة كلها بالمستشفى !!

رعاية مختلفة

طبيب الصدر قام بنفسه بسحب المياه من صدر أخي وهو الطبيب الوحيد الذي يتابع الحالات في مستشفى الطوارىء والمستشفى الجامعي والحالات الحرجة والحالات العادية ، ومع ذلك ظل مع أخي حتى تحسنت حالته وأوصي بخروجه مع أخذ الأدوية بالمنزل ، خرجت الساعة الواحدة صباح اليوم التالي وكانت هذه التساؤلات .

تساؤلات مشروعة

هل مطلوب من مرافقي المرضى أن يكون لديهم "حيثية " لإنقاذ أقاربهم ؟

وهل هناك من يسعى لتعطيل آلية العمل بالمستشفى لهدف ما ؟

وهل المبنى الجديد لمستشفى الطوارىء الذي تم وضع حجر الأساس له مؤخرا سينهي مشاكل المستشفى ، أم أن تطوير الكادر الطبي والتمريضي يجب أن يتوازي مع التوسعات ؟

رئيس الجامعة 

طرحت تجربتي مع مستشفى الطوارىء لرئيس جامعة المنصورة الدكتور شريف خاطر الذي أبدى إهتماما كبيرا ، ووعد بالتدخل وطلب مني إرسال كافة الملاحظات التي شاهدتها إليه وأكد أنه حريص على المرضى ولن يقبل بأي تقصير في حقهم .

يجلس وحيدا في إنتظار دخوله غرفة الأشعة المقطعيةلم يساعده أحد مدة طويلة لعمل الأشعةمرضى بالطرقات ومرافقيهم في إنتظار من ينقذهمفوضى وزحام ومعاناة الانتظارالدكتور شريف خاطر

إصلاح منشود

وها أنا أنقل لرئيس الجامعة ملاحظاتي بهدف الإصلاح الذي ننشده حفاظا على صرح طبي حيوي أنفقت عليه الدولة مبالغ طائلة من أجل خدمة المرضى وإغاثتهم .

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مستشفى الطوارىء معاناة مستمرة الحالات الحرجة لحظات عصيبة محافظات الدلتا مستشفى الطوارىء الأشعة المقطعیة

إقرأ أيضاً:

أطباء بلا حدود: تستأنف عملياتها في مستشفى بشائر جنوبي العاصمة السودانية

رغم استئناف العمل، أكدت المنظمة استمرار الدعوة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لتلبية الاحتياجات المتزايدة في السودان.

الخرطوم: التغيير

أعلنت منظمة أطباء بلا حدود استئناف عملياتها الكاملة في مستشفى بشائر التعليمي بجنوب العاصمة الخرطوم بعد توقف قصير بسبب مخاوف أمنية ناجمة عن توغل مسلح.

وقال إستيفانوس ديباسو منجستو، منسق الطوارئ في المنظمة بالسودان، في تحديث الثلاثاء، إن القرار جاء بعد مناقشات مع جهات محلية لضمان سلامة وأمن موظفي المنظمة وموظفي المستشفى والمرضى. وأضاف: “نحن الآن قادرون على تقديم الرعاية الطبية الحرجة لمن هم في حاجة إليها”.

ورغم استئناف العمل، أكدت المنظمة استمرار الدعوة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لتلبية الاحتياجات المتزايدة في السودان.

كما شددت على أهمية تأمين سلامة المنشآت الصحية، لضمان استمرار المستشفيات، مثل مستشفى بشائر، في تقديم خدماتها للمدنيين المتأثرين بالأوضاع الراهنة.

وأعلنت الكوادر الصحية مستشفى بشائر الأسبوع الماضي إضراباً عن العمل شمل جميع الخدمات عدا الحالات الحرجة، ولم يتم استقبال مرضى جدد إلا إذا كانت حالاتهم حرجة، وذلك حتى إشعار آخر.

الإضراب جاء احتجاجاً على اعتداء مسلح تعرّض له المستشفى مؤخراً،  حيث اقتحمت مجموعة من المسلحين، يُعتقد أنهم ينتمون إلى قوات الدعم السريع، المستشفى وأطلقت وابلاً من الرصاص داخل قسم الطوارئ، مما أسفر عن مقتل أحد أفراد القوات المقتحمة.

فيما تمكن العاملون من الفرار دون إصابات، لكن الحادثة خلّفت لديهم حالات من الهلع والصدمة العميقة.

الوسومآثار الحرب في السودان أطباء بلا حدود جنوب الحزام جنوب الخرطوم مستشفى بشائر

مقالات مشابهة

  • مدينة الشيخ شخبوط الطبية تصبح أول مستشفى في أبوظبي يحصل على اعتماد عن فئة المراكز الطبية الأكاديمية من اللجنة الدولية المشتركة
  • أطباء بلا حدود: تستأنف عملياتها في مستشفى بشائر جنوبي العاصمة السودانية
  • تحت رعاية الشيخة فاطمة بنت مبارك.. مؤتمر التمريض السنوي الأول يعقد فعالياته
  • محافظ شمال سيناء يزور المرضى الفلسطينيين في مستشفى العريش
  • النهاري وحمزة يتفقدان مستشفى الزيدية الريفي بالحديدة
  • بعد الغارة الإسرائيليّة... بيان من مستشفى تبنين
  • أبو صفية : الجيش الإسرائيلي مسح عائلات بأكملها في غزة
  • مستشفى العودة في شمال غزة مهدد بالتوقف
  • نقص الإمدادات يهدد بتوقف خدمات مستشفى العودة شمال غزة
  • محافظ المنيا يتفقد مستشفى أورام الأطفال بمدينة سمالوط