فريدمان: هذا ما ينتظر ترامب وهاريس وإسرائيل إذا انتصر نتنياهو
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
صوّب الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان سهام نقده اللاذع نحو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب سوء إدارته لملف الحرب في قطاع غزة، ومحاولته إنقاذ مستقبله السياسي على حساب مصالح إسرائيل العليا.
وكتب في مقاله الأسبوعي بصحيفة "نيويورك تايمز" مذكرا الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس بأن نتنياهو "ليس صديقهما، والأنكى من ذلك أنه ليس صديقا للرهائن الإسرائيليين" الذين تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة.
وأضاف أن نتنياهو يستخدم هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول ذريعة لإطالة أمد المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، وأن "مصلحته الوحيدة" في ذلك هي الحفاظ على مستقبله السياسي، حتى لو أدى ذلك إلى تقويض بقاء إسرائيل على المدى البعيد.
تحذير لهاريسووجّه فريدمان حديثه إلى كامالا هاريس محذرا إياها من أن نتنياهو، في سبيل إنقاذ مستقبله السياسي، سيقدم على أمور في الشهرين المقبلين يمكن أن تنال بشكل خطير من فرص فوزها بانتخابات الرئاسة الأميركية، وتعزز من احتمالات فوز خصمها الجمهوري دونالد ترامب، ومن ثم فإن عليها أن تخشى ذلك.
وقال موجها حديثه للرئيس بايدن "أخبرني إن كان نتنياهو يستغبيك. ذلك أنك في كل مكالمة تجريها معه تخرج بتصريحات متفائلة عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، ثم يخبر أنصاره بشيء آخر".
وأشار إلى أن نتنياهو هو أحد العوامل التي جعلته يتوصل إلى قاعدة عامة في كتابة تقاريره عن الشرق الأوسط؛ وهي أن "المسؤولين في واشنطن يخبرونك بالحقيقة في السر ويكذبون في العلن، أما في الشرق الأوسط فالمسؤولون يكذبون عليك في السر ويقولون الحقيقة في العلن".
ولذلك، فإن فريدمان ينصح بايدن قائلا "لا تثق أبدا بما يقولونه لك في السر، خاصة نتنياهو. وأنصت فقط إلى ما يقولونه في العلن لشعوبهم بلغاتهم الخاصة".
وانتقل الكاتب بعد ذلك إلى الحديث عن أهمية معرفة العقيدة التي يتبنّاها كل من بايدن ونتنياهو في الشرق الأوسط.
وقال إن إدارة بايدن أقامت مجموعة "رائعة" من التحالفات الإقليمية مع شركاء امتدادا من اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين في منطقة آسيا والمحيط الهادي، إلى الهند والخليج العربي، وحتى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا.
مزايا لأميركا وإسرائيل
ولقد سعت الإدارة الأميركية "بحكمة" إلى دمج مبدأ بايدن مع وقف إطلاق النار في غزة واتفاق لتبادل الأسرى، من خلال تأكيد المزايا المهمة لكل من إسرائيل وأميركا، وهو ما يعتقد فريدمان أنه قد يفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة وعودة الرهائن الإسرائيليين.
كما أنه قد يمنح قوات الجيش والاحتياط "المنهكة" استراحة ضرورية لالتقاط الأنفاس، "لأن الهدنة في غزة قد تجبر حزب الله اللبناني على وقف إطلاق النار من لبنان أيضا".
وإذا وافقت إسرائيل على إجراء محادثات مع السلطة الفلسطينية بشأن حل الدولتين، فإن الكاتب الأميركي يتوقع أن ذلك سيمهد الطريق إلى تطبيع العلاقات مع السعودية، وهو ما يصفه بأنه "مكسب إستراتيجي كبير لإسرائيل".
كما سيؤدي ذلك إلى تهيئة الظروف لإرسال قوات لحفظ السلام إلى غزة من الإمارات والمغرب ومصر بالتعاون مع سلطة فلسطينية "أرفع كفاءة"، حتى لا تضطر إسرائيل إلى احتلال القطاع بشكل دائم، و"تحل حكومة فلسطينية شرعية معتدلة محل حركة حماس"، على حد تعبير الكاتب اليهودي الأميركي.
اصطدام بين عقيدتينغير أن عقيدة بايدن هذه اصطدمت مباشرة بعقيدة نتنياهو التي تركز -برأي المقال- على بذل كل ما هو ممكن لتجنب أي عملية سياسية مع الفلسطينيين قد تتطلب تسوية تقوم على التنازل عن أراضٍ في الضفة الغربية من شأنها أن تقصم ظهر التحالف السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي مع أقصى اليمين.
ولطالما حرص نتنياهو على مدى سنوات على أن يظل الفلسطينيون منقسمين وغير قادرين على اتخاذ موقف موحد، ضامنا بذلك بقاء حماس كيانا حاكما قابلا للاستمرار في غزة، حسب زعم فريدمان.
ولفت الكاتب إلى أن نتنياهو بذل كل ما في وسعه لتشويه سمعة السلطة الفلسطينية وإذلالها ورئيسها محمود عباس الذي اعترف بإسرائيل، وتبنّى عملية السلام في أوسلو، وتعاون مع أجهزة الأمن الإسرائيلية بغية الحفاظ على السلام في الضفة الغربية طوال ما يقرب من 3 عقود.
وقال إن البقاء في الساحة السياسية بات العنصر الأهم في عقيدة نتنياهو لكي يتجنب الدخول في السجن في حال إدانته بتهم وُجهت إليه في عام 2019، بالاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة.
وأردف قائلا إن "المتطرفين اليهود" وافقوا على استمرار نتنياهو في الحكم ما دام محتفظا بالسيطرة العسكرية على الضفة الغربية وقطاع غزة، وإلا فإنهم سيسقطون حكومته.
ووفقا للمقال، فقد فهم نتنياهو الرسالة، وأعلن أنه سينهي حرب غزة بعد أن يحقق "نصرا تاما"، لكنه لم يحدد ما يعنيه ذلك بالضبط ومن سيحكم القطاع بعدئذ.
خدعة فيلادلفيا
وانتقد فريدمان تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، يوم الاثنين، بأن محور فيلادلفيا (صلاح الدين) على طول حدود غزة مع مصر يعد ممرا "حيويا، ويحدد مستقبلنا جميعا". ورأى كاتب المقال أن الأمر برمته لا يعدو أن يكون "خدعة".
وبالعودة إلى السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض، بدا من الواضح -من وجهة نظر مقال نيويورك تايمز- أن نتنياهو يدرك أن كامالا هاريس في مأزق؛ فإذا استمرت الحرب في غزة حتى تحقيق إسرائيل "النصر التام"، فسوف تضطر مرشحة الحزب الديمقراطي إما إلى انتقاده علنا ومن ثم خسارة أصوات اليهود، أو أن تمتنع عن ذلك وتخسر أصوات العرب والمسلمين الأميركيين في ولاية ميشيغان الرئيسية.
ولأن هاريس ربما تجد صعوبة في تبنّي أي من الموقفين -حسب ما يعتقد فريدمان- فإن هذا سيجعلها تبدو ضعيفة في نظر الأميركيين من اليهود والعرب على حد سواء.
وخلص الكاتب إلى أن نتنياهو إذا نجح في تحقيق أهدافه فسيفوز، ومعه سيفوز ترامب، وتخسر إسرائيل، وستبقى غزة في حالة غليان بالطبع في ظل احتلال الجيش الإسرائيلي لها، كما ستصبح إسرائيل دولة منبوذة أكثر من أي وقت مضى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات وقف إطلاق النار أن نتنیاهو فی غزة
إقرأ أيضاً:
توماس فريدمان لترامب: لديك فرصة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط
وجَّه الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان رسالة، عبر عموده الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز، إلى رئيس الولايات المتحدة الجديد دونالد ترامب، يحثه فيها على إعادة تشكيل الشرق الأوسط بالطرق الدبلوماسية، لأن البديل هو تفكك المنطقة إلى دول قومية.
واستهل رسالته بالقول إن ترامب تقلد مهام منصبه في واحدة من لحظات التاريخ النادرة، مثل تلك التي تلت الحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب الباردة، حيث كل الأوضاع في الشرق الأوسط في حالة حراك، وكل شيء قابل للحدوث، مضيفا أن "الكل في انتظارك".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2واشنطن بوست: هذه أمنيات فلسطينيات بعد وقف إطلاق النارlist 2 of 2إعلام إسرائيلي: يجب النظر إلى الضفة كمعركة وليس عملية محدودةend of listوقال مخاطبا الرئيس: "ليس في الأمر مبالغة، فلديكم فرصة لإعادة تشكيل هذه المنطقة بطرق يمكن أن تعزز بشكل أساسي السلام والازدهار للإسرائيليين والفلسطينيين وجميع شعوب المنطقة، فضلا عن مصالح الأمن القومي الأميركي".
لحظة حرجةوأضاف: "فلتعلم أن ثمار النجاح وفيرة، مثلما أن عواقب الفشل مروِّعة"، مشيرا إلى أن جائزة نوبل للسلام ستكون ثمرة النجاح، أما الفشل فحصاده جائزة للمغفلين، على حد تعبير فريدمان.
وأوضح أن الشرق الأوسط إما أن يولد من جديد كمنطقة قوية حيث العلاقات الطبيعية والتجارة والتعاون هي الأهداف المحددة، أو أن يتفكك إلى بضع دول قومية صلبة محاطة بمناطق شاسعة من الفوضى وأمراء الحرب والإرهابيين الذين يتقنون استخدام الطائرات المسيرة بشكل مخيف.
إعلانوحذر الكاتب من أن الوضع الراهن يبدو وكأنه المرحة الأخيرة في مسيرة الصراع في المنطقة، لأن الأمر يتعلق بصنع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، قبل أن "تخنق" المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية أي إمكانية للتوصل إلى اتفاق على أساس حل الدولتين، وبإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 50 عاما، وبمنح سوريا فرصة لإعادة الاندماج بعد 14 عاما من الصراع، وبتحييد إيران قبل أن تحصل على قنبلة نووية.
كابوس نتنياهووانتقل فريدمان بعد ذلك إلى استعراض التحديات التي تنتظر الإدارة الجديدة في الشرق الأوسط، معربا عن ثقته في أن ترامب يتفهم الآن -من خلال ممارسته ضغوطا على بنيامين نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى- أن تطلعاته السياسية والدبلوماسية تتعارض بشكل جذري مع تطلعات رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وتابع مخاطبا ترامب: "إن تطلعاتك ومصالح أميركا هي، في واقع الأمر، الفتيل الذي ربما ينسف حكومة نتنياهو، وقد يُنهي حياته السياسية"، مضيفا أن الرئيس السابق جو بايدن "المسن" كان "حلمه، وأنت كابوسه".
واعتبر فريدمان أن بقاء نتنياهو السياسي واستمرار ائتلافه الحاكم يعتمد على استئناف الحرب على غزة بعد وقف إطلاق النار، ومدى إحجامه عن بدء مفاوضات محددة زمنيا مع السلطة الفلسطينية حول حل الدولتين لشعبين.
وأكد أن هذا السبب هو الذي حدا بنتنياهو إلى شن حرب لاجتثاث حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من قطاع غزة ردا على هجومها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل.
وأنحى الكاتب بمسؤولية اندلاع تلك الحرب على من سماهم "المتعصبين اليهود" في الحكومة الإسرائيلية، وتحديدا وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
ورغم ادعائه بأن حماس منظمة إسلامية "فاشية"، فإنه يقر بأن القضاء عليها لن يتأتى إلا بأيدي فلسطينيين "أكثر اعتدالا". ومع ذلك، فهو يقول إن نتنياهو لم يرغب أو يحاول أبدا المساعدة في إيجاد بديل لها في شكل سلطة فلسطينية "محسّنة" في الضفة الغربية.
إعلان حلول مقترحةوقدّم فريدمان في رسالته لترامب وصفة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تقوم على تقسيم قطاع غزة -على غرار ما تم في الضفة الغربية بموجب اتفاق أوسلو- إلى منطقتين (أ) و(ب) لفترة انتقالية مدتها 4 سنوات.
ووفقا لهذا التقسيم، ستكون 80% من المنطقة (أ) تحت سيطرة قوات دولية/فلسطينية، وتبقى 20% منها تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية إلى أن تطمئن إسرائيل على أمنها.
وبعد انقضاء الفترة الانتقالية التي يقترحها كاتب المقال، يتعين على الطرفين الاتفاق على وضع دائم بالتوازي مع الضفة الغربية، "حيث نأمل بحلول ذلك الوقت أن تكون السلطة الفلسطينية تحت قيادة نزيهة، مثل قيادة رئيس الوزراء السابق سلام فياض".
ونصح فريدمان الرئيس ترامب بأن يوعز إلى الدبلوماسيين الأميركيين برسم حدود متفق عليها بين لبنان وإسرائيل ومعترف بها من قبل الأمم المتحدة، لافتا إلى ضرورة أن تسحب واشنطن وتل أبيب البساط من تحت أقدام حزب الله، الذي يبرر حمله للسلاح بنيته استعادة المناطق التي تحتلها إسرائيل في جنوب لبنان.
أما فيما يتعلق بإيران، فإن فريدمان يسدي النصح للرئيس الأميركي بضرورة القضاء على برنامجها النووي وإستراتيجيتها، التي يصفها بالخبيثة، في المنطقة، معربا عن أمله في أن يتمكن ترامب من تحقيق ذلك عبر مفاوضات سلمية، "وإلا، فلا بد من القيام بذلك بشكل حيوي"، في إشارة منه على ما يبدو إلى استخدام القوة مع طهران كبديل إن لم يتسن الحصول على المراد من خلال الاحتمال الأول.