صوّب الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان سهام نقده اللاذع نحو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب سوء إدارته لملف الحرب في قطاع غزة، ومحاولته إنقاذ مستقبله السياسي على حساب مصالح إسرائيل العليا.

وكتب في مقاله الأسبوعي بصحيفة "نيويورك تايمز" مذكرا الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس بأن نتنياهو "ليس صديقهما، والأنكى من ذلك أنه ليس صديقا للرهائن الإسرائيليين" الذين تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تسريبات: روسيا تبني قناة تجارة سرية مع الهندlist 2 of 2إعلام فرنسي يفتح ملف تصدير الأسلحة لإسرائيلend of list

وأضاف أن نتنياهو يستخدم هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول ذريعة لإطالة أمد المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، وأن "مصلحته الوحيدة" في ذلك هي الحفاظ على مستقبله السياسي، حتى لو أدى ذلك إلى تقويض بقاء إسرائيل على المدى البعيد.

تحذير لهاريس

ووجّه فريدمان حديثه إلى كامالا هاريس محذرا إياها من أن نتنياهو، في سبيل إنقاذ مستقبله السياسي، سيقدم على أمور في الشهرين المقبلين يمكن أن تنال بشكل خطير من فرص فوزها بانتخابات الرئاسة الأميركية، وتعزز من احتمالات فوز خصمها الجمهوري دونالد ترامب، ومن ثم فإن عليها أن تخشى ذلك.

وقال موجها حديثه للرئيس بايدن "أخبرني إن كان نتنياهو يستغبيك. ذلك أنك في كل مكالمة تجريها معه تخرج بتصريحات متفائلة عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، ثم يخبر أنصاره بشيء آخر".

وأشار إلى أن نتنياهو هو أحد العوامل التي جعلته يتوصل إلى قاعدة عامة في كتابة تقاريره عن الشرق الأوسط؛ وهي أن "المسؤولين في واشنطن يخبرونك بالحقيقة في السر ويكذبون في العلن، أما في الشرق الأوسط فالمسؤولون يكذبون عليك في السر ويقولون الحقيقة في العلن".

ولذلك، فإن فريدمان ينصح بايدن قائلا "لا تثق أبدا بما يقولونه لك في السر، خاصة نتنياهو. وأنصت فقط إلى ما يقولونه في العلن لشعوبهم بلغاتهم الخاصة".

وانتقل الكاتب بعد ذلك إلى الحديث عن أهمية معرفة العقيدة التي يتبنّاها كل من بايدن ونتنياهو في الشرق الأوسط.

وقال إن إدارة بايدن أقامت مجموعة "رائعة" من التحالفات الإقليمية مع شركاء امتدادا من اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين في منطقة آسيا والمحيط الهادي، إلى الهند والخليج العربي، وحتى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا.

مزايا لأميركا وإسرائيل

ولقد سعت الإدارة الأميركية "بحكمة" إلى دمج مبدأ بايدن مع وقف إطلاق النار في غزة واتفاق لتبادل الأسرى، من خلال تأكيد المزايا المهمة لكل من إسرائيل وأميركا، وهو ما يعتقد فريدمان أنه قد يفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة وعودة الرهائن الإسرائيليين.

كما أنه قد يمنح قوات الجيش والاحتياط "المنهكة" استراحة ضرورية لالتقاط الأنفاس، "لأن الهدنة في غزة قد تجبر حزب الله اللبناني على وقف إطلاق النار من لبنان أيضا".

وإذا وافقت إسرائيل على إجراء محادثات مع السلطة الفلسطينية بشأن حل الدولتين، فإن الكاتب الأميركي يتوقع أن ذلك سيمهد الطريق إلى تطبيع العلاقات مع السعودية، وهو ما يصفه بأنه "مكسب إستراتيجي كبير لإسرائيل".

كما سيؤدي ذلك إلى تهيئة الظروف لإرسال قوات لحفظ السلام إلى غزة من الإمارات والمغرب ومصر بالتعاون مع سلطة فلسطينية "أرفع كفاءة"، حتى لا تضطر إسرائيل إلى احتلال القطاع بشكل دائم، و"تحل حكومة فلسطينية شرعية معتدلة محل حركة حماس"، على حد تعبير الكاتب اليهودي الأميركي.

اصطدام بين عقيدتين

غير أن عقيدة بايدن هذه اصطدمت مباشرة بعقيدة نتنياهو التي تركز -برأي المقال- على بذل كل ما هو ممكن لتجنب أي عملية سياسية مع الفلسطينيين قد تتطلب تسوية تقوم على التنازل عن أراضٍ في الضفة الغربية من شأنها أن تقصم ظهر التحالف السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي مع أقصى اليمين.

ولطالما حرص نتنياهو على مدى سنوات على أن يظل الفلسطينيون منقسمين وغير قادرين على اتخاذ موقف موحد، ضامنا بذلك بقاء حماس كيانا حاكما قابلا للاستمرار في غزة، حسب زعم فريدمان.

ولفت الكاتب إلى أن نتنياهو بذل كل ما في وسعه لتشويه سمعة السلطة الفلسطينية وإذلالها ورئيسها محمود عباس الذي اعترف بإسرائيل، وتبنّى عملية السلام في أوسلو، وتعاون مع أجهزة الأمن الإسرائيلية بغية الحفاظ على السلام في الضفة الغربية طوال ما يقرب من 3 عقود.

وقال إن البقاء في الساحة السياسية بات العنصر الأهم في عقيدة نتنياهو لكي يتجنب الدخول في السجن في حال إدانته بتهم وُجهت إليه في عام 2019، بالاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة.

وأردف قائلا إن "المتطرفين اليهود" وافقوا على استمرار نتنياهو في الحكم ما دام محتفظا بالسيطرة العسكرية على الضفة الغربية وقطاع غزة، وإلا فإنهم سيسقطون حكومته.

ووفقا للمقال، فقد فهم نتنياهو الرسالة، وأعلن أنه سينهي حرب غزة بعد أن يحقق "نصرا تاما"، لكنه لم يحدد ما يعنيه ذلك بالضبط ومن سيحكم القطاع بعدئذ.

خدعة فيلادلفيا

وانتقد فريدمان تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، يوم الاثنين، بأن محور فيلادلفيا (صلاح الدين) على طول حدود غزة مع مصر يعد ممرا "حيويا، ويحدد مستقبلنا جميعا". ورأى كاتب المقال أن الأمر برمته لا يعدو أن يكون "خدعة".

وبالعودة إلى السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض، بدا من الواضح -من وجهة نظر مقال نيويورك تايمز- أن نتنياهو يدرك أن كامالا هاريس في مأزق؛ فإذا استمرت الحرب في غزة حتى تحقيق إسرائيل "النصر التام"، فسوف تضطر مرشحة الحزب الديمقراطي إما إلى انتقاده علنا ومن ثم خسارة أصوات اليهود، أو أن تمتنع عن ذلك وتخسر أصوات العرب والمسلمين الأميركيين في ولاية ميشيغان الرئيسية.

ولأن هاريس ربما تجد صعوبة في تبنّي أي من الموقفين -حسب ما يعتقد فريدمان- فإن هذا سيجعلها تبدو ضعيفة في نظر الأميركيين من اليهود والعرب على حد سواء.

وخلص الكاتب إلى أن نتنياهو إذا نجح في تحقيق أهدافه فسيفوز، ومعه سيفوز ترامب، وتخسر إسرائيل، وستبقى غزة في حالة غليان بالطبع في ظل احتلال الجيش الإسرائيلي لها، كما ستصبح إسرائيل دولة منبوذة أكثر من أي وقت مضى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات وقف إطلاق النار أن نتنیاهو فی غزة

إقرأ أيضاً:

هل تؤثر مناظرة ترامب وهاريس على نتيجة الانتخابات؟

انتهت أول مناظرة بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ونائبة الرئيس الحالي والمرشحة الديمقراطية كاملا هاريس، وهي المناظرة التي قد المرة الوحيدة التي يتواجهان فيها قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).

وهناك اتفاق في الآراء على أن هاريس فازت بالمناظرة. فقد نالت من رباطة جأش ترامب واستفزته ووضعته في موقف الدفاع، مما جعله يرد بمزاعم بلا أساس من الصحة.

واضطر الرئيس السابق إلى اتخاذ موقف دفاعي طوال الليلة تقريباً. والسؤال الآن هو: هل سيكون نجاح هاريس على منصة المناظرة مهماً في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)؟
جذبت مناظرة فيلاديلفيا 67 مليون مشاهد وحبس جزء كبير من الشعب الأمريكي أنفاسهم لمدة 90 دقيقة مساء الثلاثاء.

"ليزر" هاريس و"فزع" ترامب.. ماذا تقول لغة الجسد عن المناظرة؟https://t.co/IHA36hckhN pic.twitter.com/AZf9BOBead

— 24.ae (@20fourMedia) September 12, 2024

ومع اقتراب المواجهة، رأت كلتا الحملتين أن المناظرة ربما تكون أفضل فرصة متبقية لإحداث التغيير في سباق متقارب جداً قبل أقل من ثمانية أسابيع من يوم التصويت.
وأراد أنصار ترامب أن يرتقي الرئيس السابق فوق الهجمات الجنسية والعنصرية التي جنح إليها في حملته الانتخابية. وأرادت هاريس توضيح سياساتها أمام الجمهور المتحفز واستدراج الرئيس السابق لارتكاب خطأ قد يجعل الناخبين يشككون في حالة الرئيس السلوكية والمزاجية.
ونجحت هاريس عموماً. فقد بدأت بمصافحة ترامب في بداية المناظرة واستدرجته مرات إلى فخ الاستفزاز. وجاءت اللحظة الحاسمة بعد نحو نصف ساعة حين تهكمت هاريس على تجمعاته الانتخابية قائلة إنها كانت مملة وإن الحاضرين كانوا يغادرون مبكراً بسبب شعورهم بالإرهاق.
وبدا الارتباك على الرئيس السابق المعروف بحساسيته الشديدة تجاه أحجام تجمعاته الانتخابية. ورد بطريقة تدل على التشتت، فزعم أن المهاجرين في البلاد يقتلون الحيوانات الأليفة ويأكلونها بشكل غير قانوني في سبرينجفيلد بولاية أوهايو. وأشار أحد مديري المناظرة إلى عدم صحة هذا. لكن ترامب ظل متمسكاً بما قاله.
وقال ترامب: "في سبرينجفيلد، يأكلون الكلاب! الأشخاص الذين جاءوا إلى هنا، يأكلون القطط!".
وسرعان ما انتشرت تعليقاته على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي ختام الليلة، مع مغادرة المرشحين ساحة المناظرة، أعلنت نجمة البوب تيلور سويفت تأييدها لهاريس في تدوينة على إنستغرام، وهي لمحة تعطش إليها الديمقراطيون منذ شهور.
وقال مستشارو ترامب لكاتب هذه السطور بعد ذلك إنهم يعتقدون أن أداء ترامب كان سيئاً وأنه وقع في الفخاخ التي نصبتها هاريس، لكن ليس بالسوء الذي قد يغير مسار السباق.
وقال أحد المساعدين الذين يعملون مع ترامب منذ فترة طويلة "كرهت تلك المناظرة بالتأكيد لكنني لا أعتقد أنها ستؤثر على النتيجة".
والبيانات حتى الآن مربكة. فقد تحدثت رويترز إلى 10 ناخبين لم يحسموا أمرهم بعد المناظرة لكنهم لم يتأثروا كثيرا بأداء هاريس، فقالوا إنهم وجدوا مقترحاتها السياسية غامضة للغاية.
لكن يتعين الانتظار بضعة أيام وإجراء بعض استطلاعات الرأي الجيدة لنعرف يقيناً مدى تأثير المناظرة المحتمل على تغيير مسار السباق.

ومع استمرار التأرجح في كل الولايات التي تحتدم فيها المنافسة، قد يصبح أي دعم، ولو كان هامشياً، يحصل عليه أي من المرشحين حاسماً.

مقالات مشابهة

  • بايدن: واشنطن ولندن ستواصلان العمل من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة
  • منافسة بين ترامب وهاريس لاستقطاب المشاهير
  • ترامب وهاريس في مواجهة حول غزة: هل تهدد الحرب حقاً وجود إسرائيل؟
  • ترامب وهاريس ضد الحياة.. بابا الفاتيكان يوصي باختيار الأقل شرا
  • بابا الفاتيكان منتقدا ترامب وهاريس: يجب على الأمريكيين اختيار الأقل شرا
  • بابا الفاتيكان ينتقد ترامب وهاريس
  • القاهرة الإخبارية: حرب غزة وحل الدولتين يشعلان مناظرة ترامب وهاريس
  • رغم اختلافهما.. ترامب وهاريس متفقان على إمداد إسرائيل بالقنابل
  • مناظرة ترامب وهاريس.. هل تؤثر على نتيجة الانتخابات؟
  • هل تؤثر مناظرة ترامب وهاريس على نتيجة الانتخابات؟