مسؤول حكومي لـRue20: عدد الأرامل المستفيدات من الدعم انتقل من 77 ألفاً في عهد بنكيران إلى 400 ألف مع حكومة أخنوش
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
زنقة 20 ا الرباط
أثارت الخرجة الإعلامية الأخيرة، لعبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، جدلا واسعا بسبب كم ونوعية الاتهامات والشتائم التي كالها لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بعدما اتهمه بسرقة مال الأرامل، ولوزير العدل، عبد اللطيف وهبي، الذي نعته بوزير الفساد المطلوب أن يغادر حكومة أمير المؤمنين.
في هذا السياق، رد مصدر حكومي مأذون لموقع Rue20 بالأرقام والمعطيات، موضحا ما أسماه “كذب وبهتان رئيس الحكومة الأسبق على المغاربة لأغراض انتخابوية مجانية”، ومن أمثلة ذلك أن عدد الأرامل المستفيدات من الدعم انتقل من 77 ألف في حكومة بنكيران إلى 400 ألف مع حكومة أخنوش.
وسجل المصدر الحكومي، أن حكومة بنكيران كانت تفرض للاستفادة من “دعم الأرامل”، أن تكون النساء الأرامل في وضعية هشة وحاضنات لأطفالهن اليتامى الذين لا يتجاوز سنهم 21 سنة، بينما يشمل “الدعم الاجتماعي المباشر” في حكومة أخنوش، النساء الأرامل في وضعية هشة الحاضنات أو غير الحاضنات للأطفال اليتامى الذين لا يتجاوز سنهم 21 سنة.
وأشار من باب المقارنة، إلى أن حكومة أخنوش اشترطت لاستفادة النساء الأرامل من الدعم الاجتماعي المباشر فقط التقييد في السجل الاجتماعي الموحد واستيفاء العتبة المحددة للاستفادة.
بينما كانت تشترط حكومة بنكيران قائمة من الشروط، منها الاستفادة من نظام المساعدة الطبية راميد، وعدم الخضوع للضريبة، باستثناء ما يتعلق منها بالسكن الرئيس، وعدم الاستفادة من أي معاش أو تعويض عائلي أو أي دعم مباشر آخر يدفع من ميزانية الدولة أو ميزانية جماعة ترابية أو تدفعه مؤسسة أو هيئة عمومية (كالمنح الدراسية أو الدعم المقدم في إطار برنامج “تيسير”)، والتكفل بأطفالهن إلى غاية بلوغهم 21 سنة، والمشروط بمتابعة الدراسة أو التكوين المهني بالنسبة للأطفال البالغين سن التمدرس.
وأبرز أن دعم الأرامل كان ينص على 350 درهما شهريا عن كل طفل يتيم مستوف لشروط الاستفادة، على ألا يتعدى مجموع مبلغ الدعم سقف 1050 درهما في الشهر (3 أطفال) للأسرة الواحدة، بينما أصبح الوضع مع حكومة أخنوش في ظل الدعم الاجتماعي المباشر حاليا، هو 350 درهما شهريا عن كل طفل يتيم حاليا في حدود ثلاث أطفال الأوائل، وسيرتفع هذا المبلغ إلى 375 درهم خلال سنة 2025 ثم 400 درهم خلال سنة 2026 .وسيستفيد كذلك الأطفال المرتبين في الرابع والخامس والسادس من 36 درهما للطفل إذا كان متمدرسا أو 24 درهما للطفل إذا كان غير متمدرس.
وبالدليل الأرقام، سجل المصدر، أن آخر دفعة من دعم الأرامل وصلت إلى 77.000 امرأة أرملة حاضنة لما مجموعه 130.000 طفل، بينما الدعم الاجتماعي المباشر وصل إلى حدود 400.259 امرأة أرملة، موزعات بين 83.340 امرأة أرملة حاضنة للأطفال، و316.919 امرأة أرملة ليس لديها أطفال.
ليستنتج المصدر الحكومي نفسه، أن هذه المعطيات والأرقام تفند بالدليل القاطع ما وصفه بأكاذيب وتضليل بنكيران للرأي العام الوطني، وتُظهر كيف أنه لم يحترم موقعه الحزبي، وشرع على عادته يلفق اتهامات تدخل تحت طائلة السب والقذف التي يعاقب عليها القانون المغربي.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: الدعم الاجتماعی المباشر حکومة أخنوش
إقرأ أيضاً:
بين التطبيع والنقابات والغلاء في المغرب.. بنكيران يشعل الساحة من جديد
في أول ظهور سياسي له بعد تجديد الثقة فيه أميناً عاماً لحزب العدالة والتنمية، اختار عبد الإله بنكيران مناسبة عيد العمال ليطلق خطاباً صاخباً من على منصة الذراع النقابي للحزب، محمّلاً برسائل متعددة الاتجاهات، تتراوح بين الاتهام والانتقاد، وبين التحذير والدعوة إلى المراجعة.
لكن خلف هذا الخطاب الحاد، يبرز رهان أعمق: كيف يمكن لبنكيران أن يقود معارضة شرسة دون الاصطدام بثوابت الدولة؟ وكيف له أن يعيد تشكيل ملامح الحزب المهزوم انتخابياً في مشهد سياسي واجتماعي متحول؟
العودة إلى الساحة تبدو هذه المرة أكثر تعقيداً، في ظل تراجع الثقة في الفاعلين السياسيين، وتصاعد الحس النقدي في الشارع، واحتدام النقاش حول قضايا التطبيع، والهوية، والعدالة الاجتماعية.
وهنا تبرز معادلة بنكيران المعهودة: الصدع بالحق في مواجهة السلطة، مع ولاء غير مشروط للمؤسسة الملكية، باعتبارها في نظره ضامناً للوحدة والاستقرار.
رسائل نارية وسياق سياسي متأزم
في أول خروج سياسي له بعد إعادة انتخابه أميناً عاماً لحزب العدالة والتنمية في مؤتمره الوطني التاسع، اختار عبد الإله بنكيران مناسبة فاتح ماي، من على منصة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب (الذراع النقابي للحزب)، ليطلق خطاباً نارياً حمل رسائل حادة في اتجاهات متعددة: النقابات، الحكومة، الدولة، المدافعين عن التطبيع، والإعلام، وحتى بعض الرموز السابقة في المشهد النقابي.
صعود على أنقاض الهزيمة
عودة بنكيران إلى الأمانة العامة جاءت بعد الزلزال الانتخابي الذي أسقط الحزب من القمة إلى القاع في انتخابات 2021. هذا الظهور، إذن، لم يكن عادياً، بل هو تعبير عن استئناف معركة إعادة بناء حزب جريح، وتسويق زعامة تستند إلى خطاب شعبوي صريح، لا يخشى الاصطدام ولا المواقف الراديكالية، خاصة في ظل ما يراه بنكيران “ردّة سياسية وأخلاقية” تعرفها البلاد.
اتهامات ثقيلة.. المال مقابل الصمت
هاجم بنكيران النقابات المغربية دون مواربة، وخص بالذكر الاتحاد المغربي للشغل ورئيسه الميلودي موخاريق، متهماً إياهم بـ”الاتجار بالعمال” وأخذ الأموال من الدولة في مقابل الصمت على الظلم الاجتماعي، معتبراً أن هذه النقابات “تخيف العمال من الطرد” وتُسهم في “هضم الحقوق”.
وفي مقابل هذا الهجوم، مجّد بنكيران نقابة حزبه واعتبرها الاستثناء النزيه، داعياً الشغيلة إلى الانضمام إليها وعدم الخوف، قائلاً إن “الدولة لا تتدخل، وإذا تدخلت فسنقف في وجهها”.
رسائل للدولة.. لا قداسة فوق النقد
في تعبير نادر من زعيم سياسي مغربي، خاطب بنكيران الدولة قائلاً: “ماشي هي الله!”، في سياق دعوته إلى رفض الظلم والتطبيع مع الخوف. هذا التصريح يعكس ميلاً متصاعداً لديه لكسر سقف “الخطاب الرسمي المتحفظ”، مذكّراً بأدبيات ما قبل رئاسة الحكومة، حيث كان لخطابه الصدامي وقع تعبوي كبير في صفوف أنصاره.
قضية فلسطين والتطبيع.. محور الخطاب والمشاعر
خصص بنكيران جزءاً كبيراً من خطابه للقضية الفلسطينية، متهماً من يدافعون عن إسرائيل في المغرب بأنهم “يفعلون ذلك من أجل المال”، معتبراً أن “الدولة الصهيونية تخلو من الإنسانية”، وأن أموال التطبيع “لا تختلف عن أموال الدعارة”.
وذهب أبعد من ذلك حين أشار إلى أن المغاربة مستعدون للذهاب للقتال في فلسطين لو فُتح الباب لذلك، في خطاب يثير مشاعر الهوية والانتماء التاريخي والديني، ويعيد تذكير المغاربة بإجماعهم السابق على القضية الفلسطينية، في مقابل تصاعد خطاب “تازة قبل غزة”.
خطاب اجتماعي غاضب
لم يغفل بنكيران توجيه السهام إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ساخراً من ذبحه لـ60 خروفاً في منطقة أݣوراي، بينما ملايين المغاربة عاجزون عن شراء الأضحية.
كما اتهم الحكومة بالخضوع فقط لمنطق الإضرابات والضوضاء، وتجاهل العمال مقابل الاستجابة لمطالب الموظفين، في تمييز صارخ بين فئات الشغيلة. ودعا لرفع أجور عمال النظافة والبسطاء، في رسالة تلامس الطبقات المهمشة وتعيد للعدالة والتنمية جزءاً من خطابه الاجتماعي الذي فقده في الحكومة.
الملف الأمازيغي.. محاولة استباقية لضبط التوازن
في لحظة حساسة تعرف فيها بعض المناطق الأمازيغية تصاعداً في التعبير الهوياتي، أرسل بنكيران رسالة مزدوجة: اعتراف ضمني بوجود مشاكل تحتاج الحل، مقابل تحذير شديد اللهجة من مغامرات شبيهة بـ”كردستان”، قائلاً إن ذلك “لن يؤدي إلى شيء”.
هذا الموقف يندرج ضمن محاولة الحزب لاستعادة موقعه كوسيط وطني جامع بين الهويات، بعيداً عن الاستقطابات المتطرفة.
استدعاء الأندلس وتحذير من التفتت الداخلي
أنهى بنكيران خطابه باستدعاء تجربة الأندلس، حين تفرقت الإمارات وسقطت الواحدة تلو الأخرى، كرسالة رمزية تؤكد أن المشروع الوطني مهدد إذا تخلّى المغرب عن أولوياته الكبرى وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
بنكيران يعود، لكن البلد ليس كما تركه
عبد الإله بنكيران يعود إلى المشهد الحزبي والنقابي محمولاً على رصيد شعبوي لم يُستهلك بالكامل، لكن مغرب اليوم ليس مغرب ما قبل 2011، والخطابات النارية قد تعبّئ، لكنها لا تبني وحدها مشهداً سياسياً فعالاً. التحدي أمامه هو الموازنة بين معارضة شرسة، وبناء بدائل مقنعة، في ظل ساحة سياسية متغيرة ومجتمع أكثر وعياً وتشكيكاً في النوايا.
وهذا ما عبّر عنه بنكيران نفسه خلال المؤتمر الوطني التاسع للحزب، حين أكد بوضوح أنه يميّز بين الاحترام الواجب للدولة، والنقد الضروري من أجل مصلحة البلاد، في إشارة إلى أن معركته المقبلة لن تكون ضد الدولة، بل من داخل منطق الإصلاح الوطني، مع الحفاظ على صوت معارض لا يخشى الصدع بالحق.
وفي خلفية هذا السياق، لا يمكن إغفال الطابع الاستثنائي للنموذج المغربي في التفاعل مع تعبيرات الحركة الإسلامية، سواء من داخل المؤسسات أو في الشارع، ولا مع المظاهرات الشعبية المتصاعدة ضد التطبيع، والتي تُمنح في الغالب هامشاً من التعبير قلّ نظيره في محيط إقليمي تتسم أنظمته بتضييق شامل على مثل هذه الحركات.
هذا الاستثناء المغربي، رغم هشاشته أحياناً، يمنح لبنكيران وحزبه مجالاً للمناورة، وفرصة لإعادة التموضع، لكن أيضاً مسؤولية في عدم استنزاف هذا الهامش.
بنكيران والملك
رغم نبرته المعارضة الصاخبة وانتقاداته الحادة للحكومة والنقابات وحتى بعض مؤسسات الدولة، ظل عبد الإله بنكيران حريصاً على وضع المؤسسة الملكية خارج دائرة المواجهة. فدفاعه المستميت عن الملك ظل ثابتاً في كل محطاته، وهو يعتبر أن “الملكية هي الضامن لوحدة البلاد واستقرارها”، ويكرر باستمرار أن ولاءه للملك لا يعني الصمت عن الاختلالات، بل يندرج ضمن فهمه الخاص لمفهوم “النصح لأولي الأمر” في إطار المرجعية الإسلامية.
هذا التوازن بين النقد السياسي والدفاع عن الثوابت، وعلى رأسها المؤسسة الملكية، يشكل أحد أسرار بقاء بنكيران لاعباً مقبولاً داخل الحقل السياسي المغربي، رغم تقلباته وخطابه الحاد. وهو ما يمنحه هامشاً فريداً لممارسة معارضة علنية، دون الوقوع في الصدام المباشر مع مركز الحكم.