الأسبوع:
2024-09-15@19:00:51 GMT

في حب التتار - 3.. ألمش وبوتين

تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT

في حب التتار - 3.. ألمش وبوتين

مذ نشر موقع الأسبوع طريق الباحثين عن الحقيقة"، مقالي الأول في سلسلة "في حب التتار"، وصلتني رسائل عدة بطرق شتى، تدور في معظمها حول ما أشرت إليه مرارا وتكرار، وهو باختصار أن التتار ليسوا المغول الذين دمروا بغداد في جريمة تاريخية وحضارية، سبقت بكثير التدمير الأمريكي - الأوروبي للعراق ونهب آثاره التي تدل على هويته الحضارية.

والمثير أن تكون بغداد دالة على براءة التتار من هذه الجريمة، بمثل كونها دالة على جريمة المغول، فالثابت تاريخيا أن الإسلام انتشر في مناطق بلغار الفولغا، بطريقة سلمية يرجع الفضل فيها إلى التجار المسلمين الذين كانوا يروحون ويجيئون على طريق الحرير.

لكن حدثا تاريخيا فارقا حول الانتشار إلى إعلان الإسلام دينا رسميا في حوض الفولغا، وذلك عندما طلب ملك حوض الفولغا "ألمش بن يلطوار"، من الخليفة العباسي ببغداد المقتدر بالله أن يرسل إليه من "يفقهه في الدين ويعرفه شرائع الإسلام، ويبني له مسجدا وينصب له منبرا ليقيم عليه الدعوة له في بلده وجميع مملكته، ويسأله بناء حصن يتحصن فيه من الملوك المخالفين له، ولحماية بلغار الفولغا من تهديدات الخزر الذين كانوا على دين موسى".

هذه الرسالة التي ذكرها الرحالة العربي الشهير أحمد بن فضلان في رحلته، تعد تأريخا كاشفا عن عدة مناحي تاريخية، أولها أن الملك ألمش نفسه، دخل الإسلام طواعية وعن قناعة، لطلب التفقه في الدين، وطلب مساعدة الدعوة في مملكته.

وبذلك يعد ألمش أول الحكام الصقالبة المسلمون لمملكة الصقالبة، التي تعرف بالمراجع الحديثة باسم دولة فولغا بلغاريا (في روسيا الآن) ومؤسس مدينة الأبوغا في تتارستان في روسيا.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

والملاحظ ان أغلبية رسالة ألمش إلى المقتدر، دارت في جوهرها، حول فكرة التفقه في الدين والشريعة، ثم إقامة ما يدل على دين الدولة الجديد وهو المسجد والمنبر كأدوات دعوة، أما فكرة الحصن والحماية فقد جاءت تالية، ورغم أهميتها ودلالتها إلا أنها لم تكن المطلب الحيوي في الرسالة، خاصة لو علمنا أن ألمش كان ملكا قويا استطاع اخضاع منافسيه، كما أن تهديدات الخرز ذاتها لم تمنعه من تأسيس دولته القوية، دولة الصقالبة.

وما يؤكد ما ذهبنا إليه، هو ما ذكره بن فضلان من أن ملك البلغار قال له:" إن الخليفة أمير المؤمنين لو أرسل إليه جيشا لن يستطع الوصول إليه، ومع ذلك فهو يخشاه، ويحذر أن يبلغه عنه شيئا يكرهه، فيدعو عليه، فيهلك من ساعته".

ويمكن القول أنه وصول بعثة المقتدر إلى مقر حكم ألمش عام 922، شكلت بداية الإعلان عن أن الإسلام هو الدين الرسمي للمنطقة، ومعها يمكن القول إن وجود الإسلام في حوض بلغار الفولغا قبل "ألمش"، يختلف عنه بعد إعلانه الإسلام دينا رسميا، وفي مناطق كانت أغلبها وثنية أو تدين باليهودية والمسيحية وقبل قرون طويلة من ظهور الإسلام بها.

ولا أعرف كيف لا يضم اسم هذا الملك في سجلات الشخصيات الإسلامية المؤثرة في التاريخ، خاصة أن الخطوة التي قام بها، ما زال تأثيرها قائما حتى اليوم، تأثيرا جعل من الإسلام الدين الثاني في روسيا، من حيث عدد أتباعه بحسب إحصاء السكان2002.

وهناك حادثة فريدة تدل على أن هذا التأثير بلغ مدى ربما كان سيغير التاريخ، لولا أن التاريخ لا يفسر بـ"لو"، ففي عام 968 م، ذهب إلى حاكم روسيا الأمير فلاديمير - "حكم من 960 pحتى 1015م"ذهب إليه وفد من أتباع العقيدة الإسلامية وحدثوه عن دينهم. وقد أعجب فلاديمير بالحديث عن الدنيا والآخرة والجنة، لكنه لم يكن راضيا أبدا عن تحريم أكل لحم الخنزير وبالأخص تحريم شرب الخمر، وقال الأمير، رافضا الدين الإسلامي: "راحتنا في خمرنا".

لكن راحة مختلفة تأتى من الرئيس الزعيم فلاديمير بوتين، الذي يعبر دائما عن احترامه لمسلمي روسيا، والذى رعى احتفالات مرور 1100 سنة على اعتماد الإسلام بالبلاد بفعاليات 2022، والذى عبر في يونيو الماضي خلال لقائه مع الإعلاميين على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي، عن ارتياحه لنمو عدد السكان المسلمين في روسيا قائلا: "نحن نرحب بنمو السكان المسلمين في بلادنا، ونحن سعداء بما يحدث في روسيا، حيث يوجد معدل مواليد مرتفع في بعض جمهورياتنا".

وقائلا مرة أخرى: "نحن لسنا ضد زيادة عدد السكان المسلمين، بل على العكس من ذلك، نحن سعداء بما يحدث الآن في بعض جمهورياتنا، التي يغلب عليها السكان المسلمون، لدينا معدل مواليد جيد جدا.. إننا سعداء للغاية"

وزاد على ذلك أنه في زيارته الأخيرة للشيشان في أغسطس الماض، قام بتقبيل نسخة مزخرفة بالذهب من القرآن خلال جولة في مسجد "النبي عيسى" بالعاصمة الشيشانية، ما يدل على توقيره لمواطنيه المسلمين، وهو ما لم يعجب وسائل الإعلام الغربية، فأخذت تهاجم تقبيله القرآن وتصفه بالمزايدة السياسية، وغيرها من الاتهامات التقليدية التي تروجها وسائل الإعلام الغربية المدعومة بالاتجاهات السياسية المعادية لروسيا ولبوتين كشخص وصفة وقيمة، غير أن الواضح المستقر أن مسلمي روسيا مرتاحون لبوتين، وأن بوتين مرتاح لمواطنيه الروس بما فيهم المسلمين. [email protected]

اقرأ أيضاًفي حب التتار - 2.. «الإمام راوي عين الدين»

فى حب التتار - 1.. «قازان» عاصمة المستقبل الإنسانى

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: بوتين الشيشان التتار فی روسیا

إقرأ أيضاً:

قاليباف يؤكد على أهمية وحدة المسلمين في دعم القضية الفلسطينية

 

الثورة نت/..
أكد رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، على أهمية وحدة المسلمين في دعم القضية الفلسطينية.. واصفاً غزة بأنها “عاصمة قلوب المسلمين”.

وبحسب وكالة تسنيم الدولية للأنباء أشار قاليباف في كلمة له في بداية اجتماع مجلس الشورى الإسلامي، إلى الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على يد الصهاينة منذ 80 عامًا، وقدم أسبوع الوحدة لهذا العام باعتباره أسبوعًا لتضامن المسلمين من أجل قضية تحرير القدس الشريف.

كما أشار قاليباف إلى اتهامات الدول الغربية لإيران.. قائلاً: إن تكرار الادعاءات الكاذبة لكيان معروف بالكذب لا يتوافق مع طلب الدبلوماسية.

وأضاف: إنه طالما استمرت الدول الغربية في إطلاق هذه الادعاءات، فلن يتم إجراء حوار فعال.

مقالات مشابهة

  • صحافة عربية تخلط بين شركة الإخوان الماليزية وجماعة الإخوان المسلمين
  • قاليباف يؤكد على أهمية وحدة المسلمين في دعم القضية الفلسطينية
  • المسيح يحب روسيا ويعادي أوكرانيا.. البابا وبوتين مَن يحكم مَن؟
  • بسبب الوداد.. غضب واسع يلاحق لاعبا رجاويا والأخير يتبرأ من المنسوب إليه (صور)
  • الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أصل الدين ومنارة الإسلام
  • المعتزلة أهم فرق الإسلام دفاعاً عن الدين:
  • وفاء صادق تنعى رحيل الفنانة ناهد رشدي في يوم ميلادها: "إنا لله وإنا إليه راجعون"
  • الصادق الأمين.. ما أحوجنا إليه
  • عمر فرج: الزمالك فريق كبير ويمتلك التاريخ.. وتحمست للانضمام إليه
  • روسيا تهدد بإغراق بريطانيا بالصواريخ.. وبوتين يحذر من القادم