في حب التتار - 3.. ألمش وبوتين
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
مذ نشر موقع الأسبوع طريق الباحثين عن الحقيقة"، مقالي الأول في سلسلة "في حب التتار"، وصلتني رسائل عدة بطرق شتى، تدور في معظمها حول ما أشرت إليه مرارا وتكرار، وهو باختصار أن التتار ليسوا المغول الذين دمروا بغداد في جريمة تاريخية وحضارية، سبقت بكثير التدمير الأمريكي - الأوروبي للعراق ونهب آثاره التي تدل على هويته الحضارية.
والمثير أن تكون بغداد دالة على براءة التتار من هذه الجريمة، بمثل كونها دالة على جريمة المغول، فالثابت تاريخيا أن الإسلام انتشر في مناطق بلغار الفولغا، بطريقة سلمية يرجع الفضل فيها إلى التجار المسلمين الذين كانوا يروحون ويجيئون على طريق الحرير.
لكن حدثا تاريخيا فارقا حول الانتشار إلى إعلان الإسلام دينا رسميا في حوض الفولغا، وذلك عندما طلب ملك حوض الفولغا "ألمش بن يلطوار"، من الخليفة العباسي ببغداد المقتدر بالله أن يرسل إليه من "يفقهه في الدين ويعرفه شرائع الإسلام، ويبني له مسجدا وينصب له منبرا ليقيم عليه الدعوة له في بلده وجميع مملكته، ويسأله بناء حصن يتحصن فيه من الملوك المخالفين له، ولحماية بلغار الفولغا من تهديدات الخزر الذين كانوا على دين موسى".
هذه الرسالة التي ذكرها الرحالة العربي الشهير أحمد بن فضلان في رحلته، تعد تأريخا كاشفا عن عدة مناحي تاريخية، أولها أن الملك ألمش نفسه، دخل الإسلام طواعية وعن قناعة، لطلب التفقه في الدين، وطلب مساعدة الدعوة في مملكته.
وبذلك يعد ألمش أول الحكام الصقالبة المسلمون لمملكة الصقالبة، التي تعرف بالمراجع الحديثة باسم دولة فولغا بلغاريا (في روسيا الآن) ومؤسس مدينة الأبوغا في تتارستان في روسيا.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتينوالملاحظ ان أغلبية رسالة ألمش إلى المقتدر، دارت في جوهرها، حول فكرة التفقه في الدين والشريعة، ثم إقامة ما يدل على دين الدولة الجديد وهو المسجد والمنبر كأدوات دعوة، أما فكرة الحصن والحماية فقد جاءت تالية، ورغم أهميتها ودلالتها إلا أنها لم تكن المطلب الحيوي في الرسالة، خاصة لو علمنا أن ألمش كان ملكا قويا استطاع اخضاع منافسيه، كما أن تهديدات الخرز ذاتها لم تمنعه من تأسيس دولته القوية، دولة الصقالبة.
وما يؤكد ما ذهبنا إليه، هو ما ذكره بن فضلان من أن ملك البلغار قال له:" إن الخليفة أمير المؤمنين لو أرسل إليه جيشا لن يستطع الوصول إليه، ومع ذلك فهو يخشاه، ويحذر أن يبلغه عنه شيئا يكرهه، فيدعو عليه، فيهلك من ساعته".
ويمكن القول أنه وصول بعثة المقتدر إلى مقر حكم ألمش عام 922، شكلت بداية الإعلان عن أن الإسلام هو الدين الرسمي للمنطقة، ومعها يمكن القول إن وجود الإسلام في حوض بلغار الفولغا قبل "ألمش"، يختلف عنه بعد إعلانه الإسلام دينا رسميا، وفي مناطق كانت أغلبها وثنية أو تدين باليهودية والمسيحية وقبل قرون طويلة من ظهور الإسلام بها.
ولا أعرف كيف لا يضم اسم هذا الملك في سجلات الشخصيات الإسلامية المؤثرة في التاريخ، خاصة أن الخطوة التي قام بها، ما زال تأثيرها قائما حتى اليوم، تأثيرا جعل من الإسلام الدين الثاني في روسيا، من حيث عدد أتباعه بحسب إحصاء السكان2002.
وهناك حادثة فريدة تدل على أن هذا التأثير بلغ مدى ربما كان سيغير التاريخ، لولا أن التاريخ لا يفسر بـ"لو"، ففي عام 968 م، ذهب إلى حاكم روسيا الأمير فلاديمير - "حكم من 960 pحتى 1015م"ذهب إليه وفد من أتباع العقيدة الإسلامية وحدثوه عن دينهم. وقد أعجب فلاديمير بالحديث عن الدنيا والآخرة والجنة، لكنه لم يكن راضيا أبدا عن تحريم أكل لحم الخنزير وبالأخص تحريم شرب الخمر، وقال الأمير، رافضا الدين الإسلامي: "راحتنا في خمرنا".
لكن راحة مختلفة تأتى من الرئيس الزعيم فلاديمير بوتين، الذي يعبر دائما عن احترامه لمسلمي روسيا، والذى رعى احتفالات مرور 1100 سنة على اعتماد الإسلام بالبلاد بفعاليات 2022، والذى عبر في يونيو الماضي خلال لقائه مع الإعلاميين على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي، عن ارتياحه لنمو عدد السكان المسلمين في روسيا قائلا: "نحن نرحب بنمو السكان المسلمين في بلادنا، ونحن سعداء بما يحدث في روسيا، حيث يوجد معدل مواليد مرتفع في بعض جمهورياتنا".
وقائلا مرة أخرى: "نحن لسنا ضد زيادة عدد السكان المسلمين، بل على العكس من ذلك، نحن سعداء بما يحدث الآن في بعض جمهورياتنا، التي يغلب عليها السكان المسلمون، لدينا معدل مواليد جيد جدا.. إننا سعداء للغاية"
وزاد على ذلك أنه في زيارته الأخيرة للشيشان في أغسطس الماض، قام بتقبيل نسخة مزخرفة بالذهب من القرآن خلال جولة في مسجد "النبي عيسى" بالعاصمة الشيشانية، ما يدل على توقيره لمواطنيه المسلمين، وهو ما لم يعجب وسائل الإعلام الغربية، فأخذت تهاجم تقبيله القرآن وتصفه بالمزايدة السياسية، وغيرها من الاتهامات التقليدية التي تروجها وسائل الإعلام الغربية المدعومة بالاتجاهات السياسية المعادية لروسيا ولبوتين كشخص وصفة وقيمة، غير أن الواضح المستقر أن مسلمي روسيا مرتاحون لبوتين، وأن بوتين مرتاح لمواطنيه الروس بما فيهم المسلمين. [email protected]
اقرأ أيضاًفي حب التتار - 2.. «الإمام راوي عين الدين»
فى حب التتار - 1.. «قازان» عاصمة المستقبل الإنسانى
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: بوتين الشيشان التتار فی روسیا
إقرأ أيضاً:
محافظ الجيزة يتفقد أعمال التطوير بمحيط المتحف الكبير والطرق المؤدية إليه
تفقد المهندس عادل النجار محافظ الجيزة موقف تنفيذ أعمال التطوير بمحيط المتحف المصري الكبير وقطاع حدائق الأهرام في إطار خطة الدولة لرفع كفاءة وتطوير المناطق المحيطة بالمتحف والطرق المؤدية إليه .
حرص المحافظ على متابعة نسب انتهاء الأعمال السطحية الخاصة بمشروع الخط الرابع لمترو الأنفاق بطريق مصر اسكندرية الصحراوى فى المنطقة المقابلة للمتحف المصرى الكبير للقادم من ميدان الرماية إتجاه الطريق الدائرى .
وكلف محافظ الجيزة مديرية الطرق بالتعاون مع الإدارة العامة لمرور الجيزة لسرعة رفع كفاءة ورصف وتخطيط الطريق وتشغيل الحركة المرورية به .
وشدد محافظ الجيزة على رئيس حى الهرم بمراجعة الطرق والشوارع الجانبية ورفع كفاءتها بالتنسيق مع الجهات المعنية سواء أجهزة حكومية ومنشأت خاصة ومنع الإنتظار العشوائى والإلتزام بساحات الإنتظار المستحدثة بمحيط المتحف والمنطقة الأثرية.
عاين المحافظ نسب تنفيذ الأعمال للتأكد من إلتزام الشركات القائمة بالجداول المحددة للإنتهاء منها بمختلف القطاعات والإلتزام بالمواصفات الفنية والهندسية لتحقيق أقصى إستفادة من الأعمال.
إستهل المحافظ جولته بمتابعة تنفيذ أعمال التطوير بمنزل الطريق السياحى وطريق الفيوم ومدخل المنطقة الأثرية لأهرامات الجيزة والتى تشهد أعمال رفع كفاءة الأرصفة وتشجير والإنارة .
حيث شدد المحافظ على مسؤلى الشركات المنفذة بالإلتزام بأعلى معايير الجودة فى تنفيذ الأعمال وإضفاء اللمسة الجمالية التى تتناسب مع أهمية المناطق السياحية المحيطة بها.
كما تفقد المحافظ أعمال رفع كفاءة وتطوير أسوار قطاع حدائق الأهرام وتركيب السلالم الكهربائية الخاصة بكبارى المشاة مشددا على تنفيذ أعمال الرصف وتطوير محيط سلالم المشاة و إسراع وتيرة العمل للإنتهاء من الأعمال وفقا للجداول المحددة للتسهيل علي المواطنين.
كما تابع المحافظ سير العمل بإدارات مبني قطاع هضبة الأهرام مؤكدا على رئيس القطاع بضرورة المتابعة الدورية للشارع والتواجد الميداني وتكثيف حملات الرقابة لمنع التعديات ومخالفات البناء مع إتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال المخالفين، ورفع الإشغالات والمخلفات بمختلف أنحاء المدينة أولا بأول.