أدى تفاقم العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، إلى احتمالية متصاعدة لمواجهة مباشرة أو غير مباشرة، ما زاد مستوى التوتر في الشرق الأوسط.

هكذا يلفت تحليل لمركز "أوراسيا ريفيو" البحثي (Eurasia review)، ترجمه "الخليج الجديد"، إلى التوتر الجيوسياسي المستمر في السياسة العالمية بين محور الولايات المتحدة والغرب من ناحية، ومحور إيران ودعمها لروسيا في الحرب الأوكرانية من ناحية أخرى، ما يؤثر على الاستقرار والسلام في المنطقة.

ففي عام 2023، انخرطت إيران باستمرار في الاستفزازات العسكرية، بما في ذلك الإدخال العلني لصاروخ باليستي جديد، والاستيلاء على ناقلتين نفط في أبريل/نيسان ومايو/أيار، ومحاولة الاستيلاء على ناقلتين أخريين في يوليو/تموز.

في الوقت نفسه، ساعدت الصين في تسهيل اتفاق دبلوماسي في مايو/أيار 2023، مما أدى إلى استعادة العلاقات الدبلوماسية الرسمية مع السعودية، قبل أن تشرع في إعادة فتح سفارتها في الرياض.

بالإضافة إلى ذلك، سعت إيران أيضًا إلى إقامة علاقات أوثق مع الإمارات، وأعربت عن دعمها لخطاب إقليمي كوسيلة للتخفيف من حالة عزلتها.

وأدى التحسن المحتمل في العلاقات الإقليمية إلى زيادة احتمالات الحد من النزاعات بالوكالة، لا سيما في حالة اليمن، في أنباء عن دخول الرئيس الأمريكي جو بايدن في اتفاقية سياسية غير رسمية تهدف إلى منع المزيد من تصعيد الصراعات في الشرق الأوسط.

اقرأ أيضاً

تنذر بـ"حرب ناقلات" مع إيران.. أمريكا تدرس تسليح سفن تجارية

وفي ظل إعادة الحرب بين روسيا وأوكرانيا توجيه جزء من الاهتمام الأمريكي نحو أوروبا، وسعي الصين باستمرار إلى توسيع نفوذها الإقليمي في بحر الصين الجنوبي، جاء تنفيذ البحرية الأمريكية للعديد من المناورات لتعيد التوترات في المنطقة.

زاد من هذه التوترات، التعززيات التي أقدمت عليها أمريكت في الخليج، عبر انتشار كبير لقوات المارينز، والطائرات والسفن المقاتلة المطورة تقنيًا.

وحاليًا، تخطط الولايات المتحدة لنشر وحدة مشاة البحرية في المنطقة، مما يمثل أول حالة لمثل هذا الوجود منذ ما يقرب من عامين.

وأعلنت واشنطن، الشهر الماضي، تعزيز قواتها العاملة في المنطقة، بنشر مدمرة وطائرات حربية من طرازي إف-35 وإف-16، إلى جانب مجموعة استعداد برمائية وحدة استطلاعية بحرية تتألف من قرابة 3 آلاف عنصر.

والأسبوع الماضي، كشف مسؤول أمريكي لوكالة الأنباء الفرنسية، عن خطط "لنشر حراسة أمنية مكونة من عناصر من مشاة البحرية والبحرية على متن ناقلات تجارية تمر من مضيق هرمز وبالقرب منه لتشكل طبقة دفاعية إضافية لهذه السفن المعرضة للخطر".

وشدد على ضرورة تلقي طلب للقيام بذلك لأن السفن خاصة، مضيفا: "نجري الاستعدادات للتنفيذ في حال وجود اتفاقات نهائية للقيام بذلك".

اقرأ أيضاً

باحث: إضافة قوات أمريكية بالشرق الأوسط لمواجهة روسيا وإيران مسار يجب تجنبه

وقبل يومين، قال الأسطول الأمريكي الذي يتخذ من البحرين مقرا في بيان: "وصل أكثر من 3000 بحار (...) إلى الشرق الأوسط في 6 أغسطس/آب، كجزء من خطة وزارة الدفاع المعلنة مسبقا"، مضيفا أن "السفينة الهجومية البرمائية (يو أس أس باتان) وسفينة الإنزال (يو أس أس كارتر هول)، دخلتا البحر الأحمر بعد عبورهما البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس".

ويمكن للسفينة البرمائية أن تحمل أكثر من 20 طائرة، وفقا للبيان.

وتؤمن هذه التعزيزات "أصولا جوية وبحرية إضافية، بالإضافة إلى المزيد من مشاة البحرية والبحارة الأمريكيين، مما يوفر قدرا أكبر من المرونة والقدرة البحرية للأسطول الخامس الأمريكي" في منطقة الشرق الأوسط.

وأمام ذلك، جذبت عمليات الانتشار هذه انتباه إيران، لتعرض صاروخ "أبومهدي الانسيابي" كوسيلة للاشتباك المحتمل مع السفن البحرية الموجودة على مسافة تصل إلى 1000 كيلومتر.

كما أنهت بحرية الحرس الثوري الإيراني الجمعة الماضي، مناورة عسكرية مفاجئة تحت عنوان "الاقتدار"، قرب الجزر الإماراتية المحتلة.

وحسب وكالة "تسنيم" الإيرانية، كشف الحرس الثوري خلال المناورة عن صاروخي "كروز غدير" البحري، و"فتح 360" الباليستي اللذين يستخدمان الذكاء الاصطناعي، إلى جانب مسيّرات وسفن مزودة بصواريخ يصل مداها إلى 600 كيلومتر.

اقرأ أيضاً

صراع الخليج يتفاقم.. أمريكا تحشد عسكريا وإيران تستعرض صاروخيا

كما قوبل الانتشار الأمريكي بانتقادات من إيران، التي حثت دول المنطقة إلى المشاركة في "أمر حاسم" لضمان استقرار المنطقة على المدى الطويل، متهمة أمريكا بالانخراط المتقطع في المنطقة، مع تطلعات غير واقعية.

ويعلق التحليل على هذا التصاعد بالقول إن "نشر حاملة الطائرات (يو إس إس باتان)، المجهزة بقوات وطائرات، في منطقة الخليج ، بالتزامن مع إدراج مقاتلات الشبح (F-35) وطائرات عسكرية أخرى، يحدث في سياق التحول الاستراتيجي للولايات المتحدة".

ويشير إلى أن "الحفاظ على إمكانية الوصول إلى مضيق هرمز للنقل البحري له أهمية قصوى بالنسبة للولايات المتحدة، لأنه يهدف إلى منع أي تصاعد كبير في تكاليف الطاقة العالمية".

ويتابع: "يصبح هذا الهدف أكثر أهمية في ضوء الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، والذي يمارس مزيدًا من الضغط على الأسواق العالمية".

ويستغل بايدن، تعزيز انتشار قواته في الخليج بهدف ردع إيران، في أعقاب تقارير عن تشكك حلفاء خليجيين في نجاعة الغطاء، الذي توفره الدوريات التي تقودها الولايات المتحدة، على إثر احتجاز البحرية الإيرانية سفينتين خلال أسبوع واحد، مطلع مايو/أيار الماضي.

وتعتمد دول الخليج على القناة لنقل نفطها إلى الأسواق العالمية وتعرب عن مخاوفها بشأن أهداف إيران داخل المنطقة الأوسع، ومع ذلك ، تواجه الولايات المتحدة الآن التحدي المتمثل في فك الارتباط عن الشرق الأوسط.

اقرأ أيضاً

تحليل: انسداد المفاوضات ينذر بتصعيد دبلوماسي وعسكري بين إيران وأمريكا

ويزيد التحليل: "أدى تصرفات إيران الأخيرة إلى تفاقم هذا الوضع لأنها بدأت تخصيب اليورانيوم إلى 60% بمستويات أو تلك المناسبة للتسليح"، وذلك في أعقاب انهيار الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية.

في المقابل، تنظر إيران إلى هذا الإجراء على أنه يتماشى مع سلسلة من الأعمال العدوانية، ومظهر من النفوذ تجاه جيرانها.

كما عززت إيران باستمرار علاقاتها الاقتصادية مع الصين مع تعزيز تحالفاتها العسكرية مع روسيا في نفس الوقت.

علاوة على ذلك، كان ذلك بمثابة رسالة تحذيرية للولايات المتحدة وحلفائها، تسلط الضوء على قدرة الجمهورية الإسلامية على الرد، خاصة في ظل العقوبات الأمريكية التي أدت إلى مصادرة السفن التي تنقل النفط الخام الإيراني.

وأثار الوجود المزعوم للنفط الإيراني على سفينة عالقة قبالة ساحل تكساس مخاوف بشأن احتمال حدوث مصادرة أخرى.

ومع ذلك، بدأ البنتاغون تدريجياً في زيادة الانتشار البحري، مما أدى إلى فترة مهمة عبرت خلالها الحكومات العربية الخليجية والمراقبون عن قلقهم بشأن إيران.

ويمثل التصعيد مع إيران فرصة لدعم شعبية بايدن والديمقراطيين قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

اقرأ أيضاً

ضابط أمريكي يحذر من استخدام إيران استراتيجية "الأسطول الموجود" لتقويض هيمنة بلاده

تجدر الإشارة إلى أن عمليات الانتشار هذه قد تسبب صراعات محتملة، نظرًا لغياب القتال المفتوح في الحالات السابقة عندما نشرت الولايات المتحدة المزيد من الأفراد العسكريين في المنطقة.

وفي ضوء الجمود في الجهود الدبلوماسية، وميل إيران الواضح نحو التأكيد المتزايد في الشؤون البحرية، يبدو أن الولايات المتحدة تعود إلى الاعتماد على القوة العسكرية كوسيلة لإقناع طهران بتهدئة التوترات.

ومع ذلك، فإن هذا الوضع يسمح باستمرار المشاكل العالقة بين الطرفين وتفاقمها على الساحة الدولية.

ويحذر التحليل من أن "الولايات المتحدة ستواجه عواقب اقتصادية وسياسية وأمنية ملحوظة إذا تدهورت المواجهة مع إيران".

ويضيف: "في حالة حدوث مواجهة عسكرية محتملة بين الولايات المتحدة وإيران، فمن المعقول أن تسعى إيران لإعاقة مرور الحركة البحرية عبر مضيق هرمز، وبالتالي يمارس القدرة على إحداث طفرة عالمية في أسعار النفط".

ويختتم التحليل بالقول: "تراجع العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران يحدث في سياق الصراع على الهيمنة الإقليمية في الشرق الأوسط، ما ينبئ بحرب خفية تنطوي على مخاطر متأصلة تتمثل في سوء التقدير والعواقب غير المقصودة التي قد تؤدي إلى زيادة التوترات واندلاع الأعمال العدائية العلنية".

اقرأ أيضاً

"سنرد بالمثل".. إيران تحذر من تفريغ ناقلة نفط تحتجزها أمريكا

المصدر | أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيران أمريكا مضيق هرمز الخليج مواجهة الشرق الأوسط الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط فی المنطقة اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

واشنطن: الولايات المتحدة لم تجدد الإعفاء الممنوح للعراق لشراء الكهرباء من إيران

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة لم تقم بتجديد الإعفاء الممنوح للعراق، والذي يتيح له شراء الكهرباء من إيران دون التعرض للعقوبات الأمريكية.

يأتي هذا القرار في ظل التوترات المتزايدة بين واشنطن وطهران، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى زيادة الضغط الاقتصادي على إيران.

ويعتمد العراق على هذه الإعفاءات الدورية لاستيراد الكهرباء من إيران، نظرًا لنقص قدرته على تلبية احتياجاته الداخلية من الطاقة.

يُذكر أن الإعفاءات السابقة كانت تُمنح بشكل مؤقت وتخضع لمتابعة دورية من قبل الإدارة الأمريكية.

ويُواجه العراق تحديات كبيرة في قطاع الطاقة، حيث يعتمد بشكل كبير على الغاز والكهرباء المستوردين من إيران، مما قد يؤدي إلى زيادة الضغط على البنية التحتية للطاقة في البلاد.

ويسعى العراق إلى بدائل أخرى مثل تعزيز إنتاجه المحلي أو البحث عن شركاء إقليميين ودوليين لسد النقص المتوقع.

يأتي القرار في وقت تسعى فيه واشنطن إلى تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، بينما تحاول بغداد الموازنة بين علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة وإيران.

مقالات مشابهة

  • إيران ترفع مستوى التوتر.. تصعيد الدعم العسكري للميليشيات الإرهابية يهدد أمن واستقرار المنطقة
  • لماذا اعلن الرئيس الأمريكي ترامب انه سيمدد مهلة بيع تيك توك في الولايات المتحدة؟
  • فرصة تاريخية أمام أمريكا في الشرق الأوسط
  • أمريكا وإيران.. تصاعد حدّة التوترات والتهديدات!
  • الشرق الأوسط يتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.. البراغماتية هي الحل
  • واشنطن: الولايات المتحدة لم تجدد الإعفاء الممنوح للعراق لشراء الكهرباء من إيران
  • صراع خفي في الدوحة.. إسرائيل تفشل محادثات سرية مباشرة بين أمريكا و”حماس”
  • أمريكا تهدد باتخاذ هذا الإجراء ضد الحوثيين في حال استئناف الهجمات البحرية
  • غزة تنتمي للشعب الفلسطيني| موقف مفاجئ من الصين وأمريكا حول خطة مصر
  • خطة مصر بشأن غزة تعزز مكانتها في المنطقة