مقدمة في الحرب النفسية بين سياسات العدو الصهيوني واستراتيجيات المقاومة.. قاموس المقاومة (42)
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
تحدثنا في المقال السابق عن مقدمات للغزو المعنوي والحضاري، وفي هذا المقال نؤكد على الاستراتيجيات والأدوات لمفاهيم تترافق كمنظومة ضمن ما أشرنا إليه آنفا من منظومات التطبيع واستراتيجيات العدو.
ويبدو لنا أن مفهوم الحرب النفسية وعملياتها قد اختطها الكيان الصهيوني حتى قبل وجوده، ضمن عمليات متتابعة لخلق حالة من الترويع والتهجير الممنهج والمنظم، وهو ما أتاح له من بعد ذلك -وبمساعدة دول غربية- في استمرار هذه السياسة وتطويرها، ذلك أن مفهوم الحرب النفسية وارتباطه بالغزو المعنوي يقوم على قاعدة مهمة؛ أن للحرب أشكالا كثيرة ومداخل متنوعة، وأن هذه المداخل تسهم في تكاملها في معالم النصر أو الهزيمة.
فمفهوم الحرب النفسية يقوم على قاعدة اختلاق لبعض المعلومات أو تهميش بعضها أو التهويل من غيرها في محاولة للنيل من الخصم، وفي حقيقة الأمر أن الحروب النفسية ضمن مثل هذا الصراع الحضاري المصيري الممتد تتطلب التعامل مع أساليب العدو الصهيوني وعمليات الحروب النفسية؛ التي تتسم بخصائص جوهرية تجعل من الضروري القيام بتأسيس أجهزة معلوماتية في سياق هذا الشعار الأساسي "اعرف عدوك". هذه المعرفة لا تطلب لذاتها ولكنها تبتغى لمقاصدها، وفي هذا السياق يمكن النظر في المقابل ليس فقط لأساليب العدو الصهيوني، ولكن بالتعرف على جملة الاستراتيجيات والاستجابات المناسبة لحركة المقاومة في الأمة، والانخراط في التعامل مع شأن الحروب النفسية، هادفة إلى تقوية إرادة المقاومة في الأمة وتخذيل العدو والفت في عضده وإضعافه.
مفهوم الحرب النفسية وعملياتها قد اختطها الكيان الصهيوني حتى قبل وجوده، ضمن عمليات متتابعة لخلق حالة من الترويع والتهجير الممنهج والمنظم، وهو ما أتاح له من بعد ذلك -وبمساعدة دول غربية- في استمرار هذه السياسة وتطويرها
إن المسائل التي تتعلق بالتدافع في ميدان الحروب النفسية لهو أمر جوهري للحفاظ على مقاومة الأمة وتأسيس مداخل فاعليتها، وهي أيضا تؤدي إلى مقاومة حال الوهن، وواقع الهوان في الأمة بما يمنع تلك الهزيمة النفسية قبل خوض الحروب في الميدان أو في أثنائها، أو حتى فيما بعدها.
ومن هنا فإننا نؤكد أن الحرب النفسية لا تكون فحسب في الميدان المعقود للقتال، ولا في المسائل والخطاب المعني به، ولكنها تتخطى ذلك لتأسيس كل مصادر المناعة الأساسية في الأمة وتحقيق ما من شأنه تأسيس كل ما يتعلق بالخروج من الأزمة أو المحنة:"وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً" (التوبة: 46). والعدة هنا أمر كما يتعلق بتوفير عدة السلاح في مقام المعركة، فإنه أيضا يتعلق هنا في ميادين الحرب النفسية بتأسيس القدرة واستثمار كافة الإمكانات في حرب نفسية مضادة والنيل من العدو والحفاظ على إنسان الأمة، للقيام بدوره الفعال حضورا وشهودا.
وفي حقيقة الأمر فإن الحروب النفسية لا نغالي إن قلنا إنها تعبير عن حروب الإرادة وغزو النفوس واحتلال العقول والتسلل الثقافي والفكري، ومحاولة تكريس الوهن المعنوي والقيام بالتدليس والتلبيس في حال الغزو المفاهيمي والمصطلحي كما سبقت الإشارة، إنها -الحرب النفسية- واحدة من أهم أدوات الغزو الثقافي والمعنوي والفكري من العدو وممن يدعمه ويسانده.
ونحن الآن في خضم هذه الحرب -طوفان الأقصى- التي قاربت على العام، فإن معارك الحروب النفسية هي من طبيعة دائمة ومستمرة؛ بل إننا يجب أن نؤكد لكل من يهمه الأمر في هذا الشأن أنها ستستمر غالبا حتى بعد أن تضع الحرب أوزارها، وهو ما يتطلب منا استثمار كل الإمكانات في تلك الحرب التي تشكل إسنادا للميدان، وهو ما تجب ملاحظته في أية التغيير القرآنية التي أشارت إلى سنة إلهية ماضية: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" (الرعد: 11).
ومن هنا وجب في سياق هذا المفهوم الذي ينال من الإرادة ويمهد لهزائم نفسية؛ أن نتدبر معاني التغيير ما بالقوم والأمة، ومعالم التغيير في الأداء والأدوات، وأصول التغيير بالأنفس في حالتها الجمعية، وبالنفس في ذواتها الفردية؛ إنها بحق معركة النفس الطويل، والانخراط المقاوم الذي يشكل مواجهة حقيقية لكل ما يتعلق بمعاني الإرادة وتمكين الصمود؛ بما يحفظ المقاومة من الانكسار بفعل أي محاولة في ميدان الحرب أو الحروب النفسية خاصة حينما نتعرف على اختلال موازين القوى والقدرات.
إن هذا العمل المذهل المقاوم، والمجاهد، والحاضنة الغزية التي تتحمل فوق ما يطيقه البشر إنما تشكل في حقيقة الأمر ملحمة من ملاحم هذا الزمان، رغم أنف هؤلاء الذين اجتمعوا في محاولة لكسر إرادة المقاومة أو إعلان انكسارها. ستظل المقاومة بذلك رمزا مهما يصمد في ميادين القتال، كما يصمد في ميادين الحروب النفسية، صمودا عزيزا كريما، هكذا تعودنا من أهل غزة العزة، مقاومة وشعبا وحاضنة.
المقاومة الحضارية الشاملة واستراتيجيات المقاومة في مدافعة الحرب النفسية حتى لا تذبل النفوس أو تحتل العقول وتهون الإرادات، بل كان ذلك في شأن الأمة وأحوالها (انتزاع المهابة، قذف الوهن)، ودور الحروب النفسية والحضارية في هذه الصناعة للأمة الغثائية على كثرتها الزائفة التي لا تقوم بأدوارها الدافعة والرافعة والناهضة والشاهدة. والشهود حضور فاعل وهو ضد المغيب والغياب والتغييب، وضد "حب الدنيا الذي تسرب في النفوس حتى أشربوا العجل في قلوبهم" ووصل إلى النخاع؛ فما أنتج إلا خنوعا وخضوعا، فتخلفنا عن روح الجهاد ونفسية المقاومة. نحن في هذا الشأن وهذه الحياة يجب ألا تستغرقنا خطابات التخذيل من باب الواقع الأليم وضغوط تتعلق بأفق الانحطاط الراعي للاستنفار والتحريض على الدافعية والرافعية للأمة نهوضا ومقاومة، تدافعا وقوة وجهادا، والانخراط في الحركة الناهضة على المستوى الإنساني والعالمي.
نموذج التصهين هو نتاج لحرب نفسية صهيونية تحت أغطية التطبيع والدعاية، وهو ما يفرض ضرورة إنشاء جهاز دعائي ودعوي لإسناد القضية العادلة لأمتنا. ويجب أن يكون العلماء والنخب المثقفة في وعي تام أن الحرب النفسية لا تستهدف النفوس الفردية، ولكنها تستهدف "القوم" الجمعي في الأمة، في نفسية الجماعات والأمم
إن حربا تجعل من النفوس ميدانها، هي معركة طويلة ومتواصلة، معركة النفس الطويل، والعمل المؤثر الكبير، هذه المعركة والمتابعة لها والانتصار فيها هو استكمال للطوفان مآلا وتـأثيرا وفاعلية. إن رسم مسارات فاعلة لترشيد حال الأمة في فعلها وفاعليتها ولا تترك للعمل العشوائي أو المتناثر، بل لا بد أن تتراكم الجهود وترشد وتسدد لعمل مؤثر. إن من حفظ النفس أن تقوم بأدوار مهمة في دفع الحروب النفسية القاصدة لغزو النفوس وتوهين الإرادة، وتسرب الهزيمة إلى داخلها بمداخلها المتعددة والمتنوعة. إن الفعل الإحيائي ضمن عمل منظم وبأساليب منظومية عمل غاية في الأهمية، والاستجابة الفاعلة والواعية والداعية، يتطلب دورا إحيائيا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ" (الأنفال: 24)؛ الحياة الكريمة ونفوس العزة والكرامة وعقول الحرية والتحرير، إنها في كل الأحوال معركة إحياء النفوس في ميدان حروب تستهدف النفوس "الحرب النفسية"، ذلك أن المدد النفسي الناهض في معركة المقاومة ليس بالأمر الهين.
إن نموذج التصهين هو نتاج لحرب نفسية صهيونية تحت أغطية التطبيع والدعاية، وهو ما يفرض ضرورة إنشاء جهاز دعائي ودعوي لإسناد القضية العادلة لأمتنا. ويجب أن يكون العلماء والنخب المثقفة في وعي تام أن الحرب النفسية لا تستهدف النفوس الفردية، ولكنها تستهدف "القوم" الجمعي في الأمة، في نفسية الجماعات والأمم.
إن الأمر المتعلق بالقابليات هو الذي يمكّن للمقولات الزائفة ضمن منظومات الحرب النفسية والدعاية، ضمن تسللات وفعل التخفي وضمن حالة حربائية متلونة. ومن ثم فإنه ضمن صناعة الوعي البصير الراصد بعمق والتفاعل بقوة مع الواقع والترشيد والتسديد للفعل المؤثر ضمن الوعي الممتد الذي يصب في كيان الأمة وعافيتها؛ كان النداء الحركي النبوي "بشروا ولا تنفروا"، بشروا واستنفروا، إنه "نفير الأمة" لإسناد مقاومتها والسير في طريق نهوضها، "بشروا" و"تنفروا" لأن البشارة جزء لا يتجزأ من عمليات الاستنفار العام والنفير العام في عملية المقاومة الحضارية، فيدفع القوى الناهضة والعمل الإيجابي المؤثر والفاعل ويجعل الأمل مشفوعا بالعمل، إنه سؤال التغيير لا يزال يعلمنا أن المقاومة لا بد وأن تكون على مستوى القوم، وعلى مستوى الذات والنفس الفردية والجماعة (الأنفس) وعلى كل مستوى حضاري بالحضور المقدر والفاعل.
x.com/Saif_abdelfatah
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحرب النفسية النصر الهزيمة المقاومة النصر المقاومة الحرب النفسية الارادة الهزيمة مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة صحافة مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحروب النفسیة الحرب النفسیة النفسیة لا فی الأمة وهو ما فی هذا
إقرأ أيضاً:
الفقر يتفشى.. كلفة الحرب والحصار اليمني يضربان اقتصاد كيان العدو الصهيوني
يمانيون/ تقارير
“إلى جانب التحديات الأمنية والعسكرية، يجب أن نتذكر أن هناك حرباً أخرى، هي الحرب على الفقر، حيث تواجه “إسرائيل” اختباراً أخلاقياً للتضامن والمسؤولية المتبادلة التي ستؤثر على صمود المجتمع وتقرر ما إذا كنا سنخرج من الأزمة أقوياء أم ضعفاء”. هذا حرفياً ما ورد في تقرير الفقر الذي أصدرته حديثاً منظمة “لاتيت” للإغاثة الإنسانية، ونشرت مقتطفات منه صحيفتا “يديعوت أحرونوت” و”إسرائيل اليوم”.
جاء في التقرير أن (32.1) % من “الإسرائيليين” شهدوا تدهورا في أوضاعهم المالية خلال العام الماضي، فيما يواجه نحو مليون “إسرائيلي” صعوبة في دفع الفواتير الأساسية.
تشير هذه الأرقام إلى حجم الضربة الاقتصادية التي تلقاها الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة أطول حربٍ يخوضها كيان العدو الإسرائيلي في تاريخه، تجتمع هذه المؤشرات مع أرقام الهجرة العكسية وتقارير رفض العودة لتُشكّل مجتمعةً ملامح مستقبل الكيان الآيل للزوال، وترسم صورة قاتمة عن وضع المحتل بعد قرابة سبعة عقود من الاحتلال والظلم.
التقرير يكشف عن مؤشرات الفقر لعام 2024 داخل مجتمع اليهود في الكيان إذ أن نحو ربع “الإسرائيليين” يعيشون تحت خط الفقر، فيما تضرر 65% من “الإسرائيليين” ماليا، ما ينذر بانهيار الصمود الاجتماعي في الكيان بسبب الحروب المستمرة وحالة عدم اليقين التي تطغى على المشهد.
مجتمع هش وجيش مرعوب
النقطة التي يقدمها الصهاينة كشاهد إيجابي -والتي عادةً ما يتغنّون بها في معرض مباهاتهم بمجتمعهم الداخلي- أن “المجتمع الإسرائيلي” أحد أكثر المجتمعات حبّاً للحياة، وهي حقيقة قدمها القرآن بوصفها نقطة ضعف، وتؤكدها الأحداث كذلك. على سبيل المثال يصبح المجتمع المحب للحياة أقل قدرة على مقاومة مكاره الحياة، وأضعف في التأقلم مع ظروف الحرب ومواجهة صعوبات الحياة، لذا تجد المجتمع اليهودي مثقلاً بأرقام حالات المرضى النفسيين؛ كنتيجة مباشرة. هذا الحال ينطبق تماماً على منتسبي عصابات “الجيش” الصهيوني؛ لذا تجده أكثر “جيش” يحتمي خلف المدرّعات من ناحية، ويقاتل بالاعتماد على سلاح الجو بأنواعه، وجميعها عوامل ضعف لا يمكن لكيانٍ البقاء بالاعتماد عليها.
في هذا السياق جاء في تقرير منظمة “لاتيت” أن حوالي نصف الأطفال في الأسر المدعومة “حكومياً”، يعانون من مشاكل نفسية، وتنخفض مستويات تحصيلهم الدراسي إلى أدنى مستوياتها، فيما يتخلى أكثر من نصف كبار السن في هذه الفئة عن الأدوية ويعانون من زيادة الشعور بالوحدة والقلق، ويعيش الآلاف تحت رحمة المهدئات ومضادات الاكتئاب.
فقر غير مسبوق
يصنف التقرير حالة الفقر التي تفشت في المجتمع الصهيوني بغير المسبوقة: 22.3% من الأسر (أي حوالي 678 ألفا و200 عائلة) يعيشون في فقر. كما أن 28.7%من السكان (أي نحو 756 ألف شخص) يعانون من الوضع نفسه، ويشمل ذلك 39.6% من الأطفال (مليوناً و240 ألف طفل).
ويعتمد التقرير على ما يُعرف بمؤشر “الفقر متعدد الأبعاد” الصادر عن المنظمة، والذي يعرّف الفقر بأنه حالة ندرة كبيرة بالنسبة للاحتياجات والظروف المعيشية الضرورية للحياة الأساسية.
وتظهر بيانات التقرير أن الحد الأدنى لتكلفة المعيشة الشهرية في “إسرائيل” لعام 2024 هو 5.355 “شيكل” للفرد (1.482 دولاراً)، وحوالي 13 ألفا و617 “شيكلا” (3.769 دولاراً) لأسرة مكونة من شخصين بالغَين وطفلين، بزيادة قدرها 6.55 و6.9% على التوالي مقارنة بالعام الماضي. وبحسب التقديرات السنوية، يعني ذلك إنفاقا إضافيا يبلغ حوالي 4 آلاف “شيكل” (1.107 دولارات) للشخص الواحد، وحوالي 10 آلاف و500 “شيكل” (2.907 دولارات) لكل أسرة.
وتقدر تكلفة المعيشة المعيارية، التي تعكس تكلفة المعيشة للطبقة الوسطى داخل كيان العدو الإسرائيلي، بـ8.665 “شيكلاً” (2.399 دولاراً) للفرد و22 ألفا و181 “شيكلا” (6.141 دولاراً) للأسرة.
وتوضح منظمة “لاتيت” أن “الحد الأدنى لتكلفة المعيشة -الذي يعكس الإنفاق المطلوب للمعيشة الأساسية- ارتفع بنحو ضعف الزيادة في مؤشر أسعار المستهلك، الذي يبلغ 3.6%”، ما ضاعف من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المستوطنون الصهاينة. كما أن “معظم الزيادة في مؤشر أسعار المستهلكين تنبع من زيادة أسعار المواد الغذائية والسكن والفواتير، ما يعني أن هناك شريحة من السكان في “إسرائيل” تعيش في فقر على الرغم من أنها لم تعرّفها “مؤسسة التأمين” في الكيان على أنها فقيرة”.
الحصار البحري اليمني فاقم أزمة الاقتصاد للعدو الإسرائيلي
في هذا السياق يجب الإشارة الى أن الحصار البحري الذي تفرضه اليمن على كيان العدو الإسرائيلي أسهم بشكل أساسي في تدهور الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تدفع الهجمات المكثفة -التي تشنها القوات المسلحة اليمنية ضد السفن الإسرائيلية العابرة البحر الأحمر- شركاتِ الشحن الإسرائيلية والعالمية أيضا التي تنقل البضائع بين كيان العدو الإسرائيلي وآسيا إلى تغيير مسارات سفنها، فضلا عن ارتفاع تكاليف التأمين على السفن، ما يرفع من كلف الشحن والبضائع ويزيد مستويات أسعار السلع، ما يدفع “بنك إسرائيل المركزي” للإبقاء على أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة، ما يزيد من الأعباء المالية التي تتحملها مختلف الأنشطة الاقتصادية التي تئن من تصاعد تكاليفها وسط استمرار الحرب، وبالتالي أضحت العمليات اليمنية ضد تجارة العدو الإسرائيلي بمثابة كرة لهب متدحرجة تحرق في طريقها ليس فقط اقتصاد العدو الإسرائيلي وإنما المتعاملين معه أيضاً.
وكان خبراء اقتصاد ومحللون في قطاع الشحن البحري قد أشاروا إلى أن التطورات المتلاحقة -سيما قرار القوات المسلحة اليمنية في استهداف السفن المتجهة إلى كيان العدو الإسرائيلي أياً كانت جنسيتها- بمثابة استنزاف للقدرات الاقتصادية الإسرائيلية بالنظر إلى أهمية حركة الصادرات والواردات بين الكيان المحتل والدول الآسيوية، لاسيما كوريا الجنوبية واليابان والصين، كما يُعَدُّ هذا القرار بمثابة نقلة نوعية كبيرة وتصعيد خطير قد لا يطاول البضائع فقط وإنما ناقلات النفط كذلك، ويأتي ضمن خطوات التصعيد تحديداً في المرحلة الخامسة منه.
يُشار إلى أن حجم تبادلات العدو التجارية مع الدول الأسيوية المذكورة أكثر من 50 مليار دولار سنوياً، كما أنّ التجارة العابرة في الاتجاهين بين الجانبين واردات وصادرات تحملها سفن لا ممر بحري لها سوى البحر الأحمر وباب المندب وقناة السويس، ويقدر خبراء خسائر العدو الإسرائيلي من استهداف السفن -حتى الآن- بأكثر من 10 مليارات دولار.
بالأرقام.. الأزمة تتفاقم ومخاطرها تشتد
بالعودة إلى التقرير السابق وبخصوص الأسر المدعومة يورد التقرير أن “تكلفة المعيشة في “إسرائيل”، والتي كانت مرتفعة حتى قبل الحرب، ساءت بشكل كبير نتيجة لظروف الحرب، حيث خلقت الحرب ضغوطا لزيادة الأسعار، خاصة في صناعة المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية”.
ويؤكد في هذا السياق أن متوسط الإنفاق الشهري في الأسر المدعومة بلغ 10 آلاف و367 “شيكلا” (2.870 دولاراً)، وهو أعلى بمقدار 1.7 مرة من متوسط صافي دخلها الشهري 6.092 “شيكلاً” (1.686 دولاراً).
ويختصر التقرير هذه الأرقام بالقول إن 78.8%من الأسر المدعومة لديها ديون لبعض الكيانات، مقارنة بـ26.9% من عامة السكان، وكذلك تدهور الوضع الاقتصادي لـ65% من متلقي المساعدات و32.1% من عامة الناس خلال العام الماضي.
كما تشير نتائج التقرير إلى عواقب الحرب على الأطفال والمراهقين، حيث تأثرت الإنجازات الأكاديمية لـ44.6% من الأطفال المدعومين بشكل كبير، مقارنة بـ1.14% في عموم السكان.
وذكر التقرير أن خُمس الذين تلقوا المساعدة أفادوا بأن واحدا على الأقل من أطفالهم ترك المدرسة أو اضطروا إلى الانتقال لمدارس داخلية بسبب الضائقة المالية.
ووفقا لتقديرات الفقر، فإن 81.7% من كبار السن المستفيدين من المساعدات يعانون من الفقر، و52.6% في فقر مدقع، وأكثر من الثلث (34.8%) من كبار السن يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، و60.4% من كبار السن الذين يتم دعمهم تخلوا عن الأدوية أو العلاج الطبي، لأنهم لم يتمكنوا من دفع ثمنها”.
ويقول تقرير المنظمة إن العائلات داخل كيان العدو “تعيش في خوف دائم من نفاد الطعام وعدم قدرتها على شراء المزيد من الطعام وتقديم وجبات متوازنة ومنتظمة لأطفالها”.
وفقا لمؤسس شركة لاتيت، والرئيس التنفيذي للمنظمة فإن التوقعات للسنوات المقبلة غير مطمئنة وتثير القلق، إذ “من المتوقع أن تؤدي الإجراءات الاقتصادية المخطط لها -بما في ذلك زيادة ضريبة القيمة المضافة، ودفع اشتراكات التأمين والمزايا الصحية، فضلا عن زيادة أسعار الكهرباء والمياه والضرائب البلدية- إلى تعميق محنة السكان الأضعف”.
نقلا عن موقع أنصار الله