سبعُ دقائق تفصلنِّي عن الأمتحان، أجلسُ في المكتبةِ مُحدقةً بالكِتاب الذي ينتظرُ منِّي أن أُقلِّب صفحاته، صفحةً صفحة حتىٰ أصلِّ إلىٰ آخر واحدة منهنّ وأغلقه، ولكن.. هَا أنا ذِي، أمسكُ بالقَلمِ وأكتبُ علىٰ الدفتر! ما الذي يدفعني للكتابةِ تحديدًا الآن بعد كُل هذا الإنقطاعِ وهَجرِ الدفاتِر والأقلام؟ في حقيقة الأمر.
مُنذ أيام، أسابيع، شُهور، وأنا خاويَة من كل شيء، الأحلام، الأفكار، التعابير، الطموحات، مُتنكرةٌ، مُتغيرةٌ علىٰ الكُل وعلىٰ نفسي أيضًا، ما عُدت أعرف من أنا؟ ما عُدت أدركُ من أكون؟ تَلابست عليّ الأشياء واختلطت، تاهت بوصلتِي ولكنّي أخيرًا -حمدًا للّٰهِ- أعدَّتُ ضبطها، ثم خلعتُ قناعِي وملابسي التنكرية وألقيتُ بها أرضًا، راكضةً، مُهرولةً، إلىٰ نفسي، أحلامِي، حاملةً على ظهري زادًا من الفِكر والتطلعات.. لقد أدركتُ اليوم أنَّه لا يجبُ علينا دائمًا أن نَقلب صفحةً من حياتنا لنُغير الواقع ونَمسح ما مضىٰ من عجافِ الأيام، يُمكننا فقط -وبِكُل بساطة- أن نَضع "نُقطةً" ثم نبدأ بعزمٍ وحماس "سطرًا جديدًا" مُختلفًا عمَّا قبله من أسطر الحياة.
كم مرةً فَشِلنا؟ كم مرةً سقطنا؟ كم مرة بكينا؟ وكم مرةً طال ليلُنا وطَال حتىٰ حسبنا أنَّ انبلاج الصباحِ أمرٌ مُحال؟ كثيرة، كثيرةٌ جدًا هِي تلكَ المَرات! ولكن أليست سُنةُ الحياةِ أنّ: ما بعد الفشلِ إلّا النجاح، وأنّه دائمًا ما تأتِي الانتفاضاتُ بعد أعتىٰ السقطات، وأنَّ العيونَ الباكية ليلًا غالبًا ما يُضحكها فجرٌ وليد، ثم وإن الليلَ مهما طَال، سيعقبه في نهايةِ الأمرِ انبلاجُ الصباح؟
اليوم وبَعد أن أرقهقنِي التفكير، وتلاطمت فِي عقلي ذكرياتٌ مريرةَ، خَنقت سكينة أيامِي. قررتُ أخيرًا أن أضع نقطة بعد "الصَمت" وأبدء سطرًا جديدًا أولىٰ كلماتِه "قُم" ثُم "اصدح" و"انطَلق" و "إياكَ.. ثُم إياكَ والصَمت"!
قلمِي المكسورُ سأصلحه، أوراقِي المُبعثرة سوف أجمعها، أفكارِي المُتلاطمةَ سوف أُسكِنُها بينَ ثنيا السُطورِ وأدفنها في الوَرق.
نعم، ولَّىٰ عهدُ الصمتِ، علىٰ العالم أن يقرأ، يَعِي، يفهم، يعلم، يُدرك، مَا مررتُ به، ماعِشته، لا يجبُ علىٰ الذكريات أن تموتَ معي، لها الحقُ أيضًا في العيشِ بعدِي، ولها الحقُ أن تُقرأ وتكونَ رُبما شُعاعًا لدَرِب أحدٍ يومًا ما غيري!
لا يقتصرُ الأمرُ عليَّ فقط، فهُنا مئاتُ القصص، قصصُ الكادِحين، الشاردين، النازحين، الصابرين، الصامدين رغم قعقعةِ السلاح، ودوِّي المدافِع، وأزيزِ الطائِرات، جميعهم ينتظرونَ قلمًا ليكتُب معاناتهم، لينقُل حياتهم، ليُوصِل للعالمِ صوتُهم، نعم، الآن أنا صوتُ من لا صوت لَه، عليَّ أن أصدحَ وأُشمِّر عن ساعدِي وأبدأ.
mnasikibrahim413@gmail.com
مناسك إبراهيم
كاتبة سودانية
mnasikibrahim413@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
محمد فاضل: حصلت على جائزة النيل للفنون ولكن تكريم ماسبيرو له طعم خاص
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعرب المخرج الكبير محمد فاضل عن سعادته بتكريمه الذي حصل عليه أمس بمؤتمر مستقبل الدراما في مصر الذي اقيم أمس الثلاثاء بمبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون برعاية الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئه الوطنية للإعلام، وقد حصل المخرج محمد فاضل على وسام ماسبيرو للإبداع ٢٠٢٥.
محمد فاضل تكريم ماسبيرو له طعم خاصونشر “فاضل” صوره تجمعه مع رئيس الهيئه الوطنية للإعلام وكتب عبر صحفه صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي قائلا: "وكان يوما مشهودا
الثلاثاء 22 أبريل 2025".
وتابع: "الحمدلله.. حصلت على جوائز و تكريمات كثيرة، كان آخرها جائزة النيل للفنون عن عام ٢٠٢٤؛ و هي ولاشك جائزة رفيعة لأنها جائزة الدولة"...، و لكن.. عندما يكون التكريم من( ماسبيرو ) تصبح الأمور لها طعم خاص، لا تتسع مساحة بوست على صفحتى للتعبير عن مشاعر كثيرة( رفرفت ) بداخلى و أنا اصعد إلى منصة المسرح بالدور السابع فى المبنى،( الرمز ) لاستلام وسام ماسبيرو للإبداع ٢٠٢٥".
وأضاف: “شكرا الأستاذ/ أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام ، مع كل التمنيات الطيبة بالتوفيق لعودة مباركة مستحقة لهذا الكيان( الرمز ) ، للمشاركة في الإنتاج الدرامى المصرى و إعادة فترة التوهج لذلك الإنتاج”.
يذكر أن الكاتب أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام رحب بكل ضيوف مؤتمر ماسبيرو للدراما الذى انطلقت جلسته الأولى أمس الثلاثاء بماسبيرو تحت عنوان “الدراما المصرية الآن ومستقبلها” بحضور عدد كبير من الفنانين والكتاب والمخرجين.
وقد جلس على المنصة خلال الجلسة الأولى من مؤتمر مستقبل الدراما فى مصر عدد من رموز الفن والإبداع وهم المخرج محمد فاضل، والفنان محمد صبحي والفنان محمود حميدة والسيناريست مدحت العدل والكاتب الكبير محمد جلال عبد القوي والكاتبة الصحفية ورئيس لجنة الدراما بالشركة المتحدة علا الشافعي والفنانين أشرف عبد الباقي وهاني رمزي والروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد.
تجدر الإشارة إلى أن المسلماني قد صرح، بأن عقد المؤتمر يأتي استجابة لرؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي التي طرحها في حديثه بحفل إفطار القوات المسلحة في شهر رمضان الماضي، والتي تقضي بضرورة تعزيز القيم، ومواجهة موجات العنف والجريمة وتعاطي المخدرات، وإشعال الصراع المجتمعي، وترويج الابتذال اللفظي والانحراف السلوكي ، وتدمير قيم العائلة.
وأضاف رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أن المؤتمر يتضمن دعوة الكتّاب والمخرجين والمنتجين وعلماء النفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد، وسيتم رفع توصيات المؤتمر للمؤسسات المعنية.