أمريكا تفشل في انتهاز اللحظة
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
الهدف من كل هذا ليس لفترة معينة بل تحويل هذه المجتمعات بإرادتها وبغير إرادتها إلى تابع طوعي وتصبح سيادة وهيمنة أمريكا مسالة طبيعة وقد نجحوا إلى حد كبير في مجتمعات قريبة وبعيدة منهم وهناك أمثلة من بعض بلدان أمريكا اللاتينية وبلدان أفريقية واسيوية وعربية وإسلامية وحتى أوروبية.
المهم في ما قام به اليمن بعد ثورة 21 من سبتمبر وفي ظل مواجهة العدوان الأمريكي السعودي في كشف هذا النهج الذي ينبغي أن يصل إلى كل الشعوب وليس الأنظمة التي عاشت وتعيش أزمات وصراعات وحروب في داخلها لتدرك أن كل ما تتعرض له لم يكن صدفة بل عملاً ممنهجا .
لقد جعلت أمريكا باختصار كل شي في البلدان التي أوقعتها في براثيينها تمشي بالمقلوب وتغرق في كوابيس نتائج المخططات الأمريكية وفي جميها تحضر الخبرة الاستعمارية البريطانية والمكر الصهيوني .
الأمريكان والصهاينة لم يوجدوا عملاء وجواسيس بل اخترقوا مجتمعاتنا وشعوبنا رأسياً وأفقياً .. اخترقوا العقول وعملوا على أعادة تشكيل المجتمعات وتخريب الأجيال والغايات كانت واضحة السيطرة على الشعوب والتمكن من خيراتها وثرواتها وجعلها خاضعة وبإرادتها .. أنه عمل شيطاني ازداد شراسة عندما اعتقد الأمريكي أن زمانه قد حل ومنذ تسعينات القرن الماضي استعجل الهيمنة الشاملة التي دفعته إلى شن الحروب وخاصة في منطقتنا بعد أن اختلق الذرائع ومثال العراق وأفغانستان ومكافحة الإرهاب لا تحتاج إلى شرح وكان يختلق الذرائع لتحقيق ذلك واحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 كانت مختلقة لتحقيق غايات انتهاز اللحظة كما عنون الرئيس الأمريكي نيكسون احد مؤلفاته وعندما اتضح الفشل استخدموا الأساليب الناعمة دون الاستغناء عن بعض ما فشلوا فيه في السابق .
اليمن بإلقائها القبض على الخلايا الاستخباراتية الأمريكية الصهيونية وضع الناس أمام حقائق ربما لم يكن الكثيرين يدركونها أو لا يردون إدراكها لأسباب يطول شرحها وعلى كل من تعنيه مصالح شعبه وأمته ومستقبل أجيالها أن يعيد النظر في علاقاته في هذه القوة الاستعمارية المستكبرة والعنصرية المجرمة .
خلاصة القول الثورة ليست تغيير في البنية السياسية فقط أو استبدال بنية ببنية بل ذات طابع شامل وعميق وبدون ذلك لن نخرج من المتاهة التي هي بدون مخارج بل علينا هدمها وإعادة بناء ما يلبي احتياجات وتطلعات شعوبنا وهذا يستدعي أن نمتلك مشروع اما أذا بقينا أن نبكي على الحليب المسكوب فستعود الأمور من حيث بدأت والمتاهة لا نهائية خاصة وان الخراب الأمريكي وصل إلى المجتمعات وإلى كل شي مرتبط بحياتها ومستقبلها وتطورها وهنا نصل إلى نتيجة أن أمريكا ليست قدراً وان الأيمان والإرداة والوعي والعمل قادر على مواجهة كل مخططات أمريكا وأدواتها الخبيثة.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
إقرأ أيضاً:
ليست صدفة
لم يبق أحد حول العالم إلا وتندّر على الرئيس الأمريكي المنصرف جو بايدن، أمام زلة لسانه الشهيرة التي قال فيها: تحدثت قبل قليل إلى الرئيس المكسيكي «سيسي»، في إشارته إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. بايدن آنذاك كان قد استمع على ما يبدو قبل ذلك المؤتمر الصحافي إلى ما تريده الدولة العميقة في أمريكا التي طلبت منه أن يعامل الفلسطينيون في غزة تماماً كما يجب التعامل مع المهاجرين في أمريكا بإلقائهم خلف الحدود وتحديداً في المكسيك.
زلة بايدن، على ما يبدو، ليست صدفة، إذ يعود اليوم دونالد ترامب لينفذ على ما يبدو ما تطلبه الدولة العميقة في أمريكا، من ترحيلٍ للفلسطينيين إلى كل من مصر والأردن، باعتبار أن كلتا الدولتين تتلقيان من أمريكا مساعدات مالية وعسكرية ضخمة، تجعلهما ينصاعان، حسب اعتقاد ترامب، لضغطه وجبروته.
البعض اعتبر تصريحات ترامب بأنها جسٌّ للنبض ليس إلا، ليعود سفيره السابق في تل أبيب ويقول على صفحته على الإعلام الاجتماعي، إن الأردن هي فلسطين وليزيد من وقاحته بأن يسوق سلسلة من الترهات والخزعبلات، ليعقبه بعد ساعات بسيطة ترامب نفسه فيكرر ما سبق أن قاله مؤكداً على أن الأردن ومصر سينصاعان لإرادته في تهجير الفلسطينيين.
ولعل الموقف المشّرف والمعلن للأردن ومصر برفض التهجير، قد استفزا ترامب فقرر أن يكرر التصريحات ذاتها، لكن المشهد الأكبر الذي شغل ترامب حتماً هو رؤية مئات الآلاف من الفلسطينيين العائدين إلى منازلهم، ما دفع من حوله لتذكيره بضرورة تجديد تصريحاته. ترامب بدا وكأنه يستخدم أسلوباً ناعماً وحميمياً في الحديث عن كلٍ من ملك الأردن والرئيس المصري، مستخدماً لغة دبلوماسية فيها الكثير من الإطراء والإشادة التي عادة ما تسبق التلويح بالقوة والعقوبة والضغط والتشديد، بينما وجد الذباب الإلكتروني الفرصة سانحة للترويج لبعض الخطوات العقابية المحتملة وكأنها حقيقة ماثلة.
ترامب الذي دخل إلى البيت الأبيض مدعياً أنه لا يريد أن يشعل الحروب بل يطفئها، وأنه إنما يريد أن يكون رجل سلام، ربما يكون قد اتخذ قراراً فعلياً بنزع بزته الرئاسية وارتداء ملابس المصارعة، هذه المرة، لا في حلبات المنافسات، بل على حلبات السياسة. فها هو ينسحب تباعاً من المؤسسات العالمية والاتفاقيات الدولية ومنها، منظمة الصحة العالمية وبروتوكول باريس للبيئة، بينما يفرض عقوبات على مؤسسات مختلفة كمحكمة الجنايات الدولية، ويهدد بالانسحاب من أخرى كحلف شمال الأطلسي (الناتو).
ترامب شطب خليج المكسيك وحوله إلى خليج أمريكا، وفرض عقوبات على بنما لسماحها بتشغيل قناتها من قبل شركة صينية، وأوقف المساعدات الدولية بحجة إعادة تقييمها، ورفع الضرائب الأمريكية على منتجات عدة دول ومنها، الصين وكندا وكولومبيا والقائمة تطول.
واليوم يتحفز ترامب لانتزاع غرينلاند التي تعود للدنمارك لإلحاقها بأمريكا، بينما يطلق العنان لرغبته ضم كندا إلى بلاده. لا ننسى طبعاً قراري رفع العقوبات عن المستوطنين والسماح بتزويد إسرائيل بالقنابل الثقيلة. كل هذا وذاك والذي تم خلال أسبوع واحد من تنصيبه إنما قام به الرئيس الذي يريد أن يطفئ الحروب وأن يكون رجل سلام! معقول؟ كيف لهذا أن يستقيم؟
أهذه غطرسة وغرور وقوة؟ أم شعور بكون ترامب قادرا على أن يكون مزيجاً من سوبرمان، والرجل الوطواط، والرجل العنكبوت، وطرزان، وجيمس بوند، ورامبو، وهالك العجيب، وغرندايزر في آن واحد؟
ترامب يقول إن الفلسطينيين قد عانوا كثيراً وأنهم يستحقون العيش بكرامة من خلال حياة جديدة ينعمون فيها بالأمن والأمان خارج بلدهم، بينما لا يتوانى هو ووزراؤه في تجديد دعمهم لإسرائيل، ساعين لضمان أمنها وأمانها وحقها في الدفاع عن نفسها كما يزعمون، فهل سيقترح ترامب في إطار غيرته على الإسرائيليين وفي السياق ذاته من الحرص بأن يحظوا هم بما يريده هو للفلسطينيين بالعيش خارج إسرائيل أيضاً في رحلة البحث عن الأمن والأمان؟
لقد مل الشعب الفلسطيني التجارب الاستعمارية التي لم تنجح عبر التاريخ لا من حيث الترحيل، ولا من حيث التنازل عن الأرض، ولا القبول بشطب التاريخ والجغرافيا والثقافة والفن والتراث والقائمة تطول. فترامب العائد إلى الحكم ببزة مصارع، وقفازات ملاكم، وطاقية الكاوبوي، يعتقد أنه في حلبة مصارعة مع الجميع، جاهزٌ للضم والكسر والرفع والفتح والشطب والمحق، بل يبدو وكأنه قد قرر التعامل وفق منظور وزير الدفاع الصهيوني السابق والمأزوم باعتبار الفلسطينيين «حيوانات بشرية»، وباعتبارهم منزوعي الآدمية وهو ما يراه ترامب على أنه ينطبق على رعايا كل الدول التي أعلن عليها الحرب في أسبوعه الأول في السلطة، معتقداً أن القوة ستجعل الجميع يقابل مواقفه بالسمع والطاعة والأمر والتنفيذ!
إن أمريكا على موعد مع أربع سنوات صعبة في حال أراد ترامب الاستمرار في نهجه، أو أنه يعيد النظر فيما يقول ويفعل. أما بالنسبة لتهجير الفلسطينيين فإنني أدعو «أبو دونالد» لتصفح التطبيق الذي يريد حجبه بغرض شرائه، نعم التيكتوك، ليعرف الموقف الحقيقي لكل طفل عاد إلى ركام منزله في غزة عله يستفيق من نزواته… فهل يستفيق؟ ننتظر ونرى.
القدس العربي