نشرت صحيفة صحيفة "التايمز" البريطانية، تقريرا، للصحافية، كاثرين فيليب، قالت فيه إن "مقامرة الرئيس زيلينسكي بغزو منطقة كورسك الروسية، تتعرّض لانتقادات، بينما تواصل موسكو تقدمها نحو مدينة بوكروفسك الحيوية".

ففي مسقط رأسها في بوكروفسك، كانت مارينا، تتعثّر في الشارع باتجاه منزلها، وأنفاسها تفوح برائحة الخمر.

إنّها إحدى الطرق للتعامل مع وصول الجيش الروسي الوشيك إلى المدينة، هدف القوة التي يبلغ قوامها 40 ألف جندي والتي تتقدم من الشرق.

وقالت المرأة، وهي تصارع لحمل أكياس الإمدادات من أحد المتاجر القليلة التي لا تزال تعمل، مع إغلاق بوكروفسك بموجب أوامر الإخلاء: "دعهم يأتون، لن نغادر، ما سيحدث سيحدث".

وعلى بعد خمسة أميال فقط، يتقدّم الروس، غير عابئين بالتحويل الجريء الذي أطلقته القوات الأوكرانية عندما غزت الأراضي الروسية في منطقة كورسك، على أمل سحب قوات موسكو من شرق أوكرانيا.

وعلى الرغم من كل النّجاح السياسي الذي تحقّق نتيجة للاستيلاء على الأراضي الروسية، فإن كورسك تبدو وكأنها نوع خاطئ من الإلهاء عندما ننظر إليها من دونباس.

وفي يوم الاثنين، سخر فلاديمير بوتين من الأوكرانيين، لفشلهم في تحقيق هدفهم المتمثّل في تعطيل الزحف الروسي نحو بوكروفسك. وقال: "كان حسابهم هو وقف عملياتنا الهجومية في أجزاء رئيسية من دونباس. والنتيجة معروفة؛ لم ينجحوا في وقف تقدمنا في دونباس".

وفي كلمته أمام تلاميذ المدارس في سيبيريا، تعهد بوتين بوقف هجوم كورسك أيضا، بالقول: "يتعيّن علينا بالطبع التعامل مع هؤلاء اللصوص الذين دخلوا الاتحاد الروسي".


وتعد مدينة بوكروفسك، التي بلغ عدد سكانها قبل الحرب ستين ألف نسمة، وتقع عند مفترق طرق حيوي لخطوط السكك الحديدية والطرق، مركز يتم من خلاله إمداد القوات الأوكرانية عبر مساحة واسعة من خط المواجهة من فوهلدار، في الجنوب، حتى حدود منطقتي خاركيف ودونيتسك.

إن خسارة بوكروفسك سوف يتردّد صداها على طول خط المواجهة بالكامل، فضلا عن تمهيد الطريق للقوات الروسية لاحتلال منطقة دونيتسك بأكملها، وهو أحد الأهداف المُعلنة للكرملين منذ فترة طويلة بعد فشله في الاستيلاء على كييف خلال عام 2022.

وبرزت بوكروفسك في مرمى الروس بعد معركة أفدييفكا، على بعد 24 ميلا إلى الشرق، والتي انتهت بانسحاب أوكراني في شباط/ فبراير. إذ جاءت الهزيمة هناك عندما نفدت ذخيرة الحامية الأوكرانية، وهي نتيجة مباشرة للتأخير الطويل في المساعدات من واشنطن إلى أوكرانيا من قبل الكونغرس الأمريكي. قد تُطرح الآن أسئلة حول سبب استخدام تلك المساعدات، عندما وصلت أخيرا، لغزو كورسك وليس لإنقاذ بوكروفسك.

وفي السياق نفسه، يصر الرئيس زيلينسكي، على أن عملية كورسك قد أبطأت القتال حول بوكروفسك، لكن المحللين العسكريين والقوات العادية لا يتفقون، قائلين إن التقدم الروسي تسارع على مدى الأسابيع القليلة الماضية.

وكتب فريق الاستخبارات في كييف: "لقد تجاوزت وتيرة تقدّم القوات الروسية توقعاتنا، ولم تفشل في التباطؤ مع اقترابها من المدينة فحسب، بل تسارعت أيضا. لم يفشل الهجوم في منطقة كورسك في التسبب بإعادة نشر بعض القوات الروسية من دونيتسك فحسب، بل أدى أيضا إلى تفاقم نقص الأفراد الأوكرانيين".

ووصف أوليكساندر كوفالينكو، وهو المحلل العسكري في مجموعة المقاومة المعلوماتية ومقرها كييف، التقدم الروسي الخاطف على بوكروفسك بأنه "فشل دفاعي كامل". فيما كتب على قناته عبر "تيليغرام": "ليس خطأ الجنود العاديين الذين يشغلون مناصبهم. تكمن المشكلة في أولئك الذين يتخذون القرارات نيابة عن هؤلاء الجنود".

لقد قدّم زينيا، وهو جندي من اللواء الآلي 93 والذي قاتل في المعركة من أجل باخموت، العام الماضي، تقييما قاتما من الجبهة. وكتب: "بصراحة، لم أر قط شيئا كهذا. كل شيء ينهار بهذه السرعة. سوف تسقط بوكروفسك أسرع كثيرا مما سقطت باخموت".

وأشار بوهدان كروتيفيتش، وهو القائد المؤقت للواء آزوف، إلى خريطة تظهر الطليعة الروسية وهي تتقدم نحو بوكروفسك، وهي عبارة عن ذراع من الدروع يمتد من منطقة دونيتسك التي تحتلها روسيا.


لقد تم إرساله هو ورجاله إلى الجبهة من ليمان، قبل أسبوعين، مع تسارع التقدم الروسي نحو بوكروفسك بشكل خطير. وفي خضمّ المعارك مع القوات الروسية في نِيو يورك (Niu-York)، حيث يبدأ الذراع، لا يستطيع كروتيفيتش أن يفهم قرار الجنرالات بمحاولة وقف الطليعة وجها لوجه.

وقال كروتيفيتش: "ينبغي لنا أن نقطع هنا من نِيو يورك، عبر النتوء، ونحاصرهم؛ بدلا من ذلك، سنحاصر أنفسنا"، إن الميزة الروسية في القوة البشرية هنا ساحقة؛ فهم يفوقون الأوكرانيين عددا بأكثر من ثلاثة إلى واحد.

ويقول كروتيفيتش، إن "الروس عادة ما يرسلون وحدات صغيرة من جنديين أو أربعة جنود لتقييد العدو على الأرض؛ وبينما نركض وراء أربعة رجال، يتقدمون إلى مكان آخر". إن هذا التكتيك "انتحاري ولكنه فعال، وهم قادرون على تحمله، لديهم 120 مليون شخص".

يعرض كروتيفيتش، صورا، من مسيّرات لمواجهة قريبة حيث لجأ رجاله إلى إشعال النار في الإطارات لإخراج الجنود الروس من القبو إلى بنادقهم المنتظرة. وأضاف كروتيفيتش، واصفا كيف تتناثر جثث الجنود الروس في المدينة المدمرة جزئيا، حيث تفوح روائح الجثث المتحللة في الهواء: "إنهم يخسرون الكثير من الرجال هنا، أكثر بكثير منا".

"وما زالوا يواصلون القدوم، في كورسك، يلقون بالمدفعية والألوية لمجرد الاحتفاظ بمواقعهم. أفضل ما يمكنهم فعله في كورسك هو أن يزرعوا الألغام في كل مكان ويخرجوا منها ويأتوا إلى هنا" يتابع المتحدّث نفسه.

وفي بوكروفسك، يجد المدنيون الذين يؤجّلون اتخاذ قرار المغادرة أو البقاء أن وقتهم قد نفد. فقد تم إغلاق مبنى الإدارة وأغلقت السلطات المحلية أبوابها؛ وتظهر لوحة إعلانية مكتوب عليها "إخلاء" بأحرف حمراء غامقة رقم الهاتف الذي يمكن الاتصال به لطلب المساعدة.


كانت تمارا، 61 عاما، تحزم أمتعتها في سيارتها استعدادا للمغادرة إلى كييف حيث انتقل أبناؤها البالغون بعد أن أصيب المنزل وتضرر بسبب القصف. وقالت: "لا أعرف ماذا يحدث، ولا أعرف ما إذا كان الروس سيأتون حقا أم لا؛ لكنني لا أريد أن أغامر".

عند صنبور مياه عام، كان الناس يملأون حاويات المياه للاحتفاظ بها في الأقبية حيث يخططون للاحتماء من التقدم. قال سيرهي، 37 عاما: "عملت طوال حياتي لشراء منزلي؛ لن أتركه لهؤلاء الحمقى".

وقال كروتيفيتش، إن "خسارة بوكروفسك لا تعني بالضرورة خسارة أوكرانيا أو حتى دونباس، لكن الوقت ينفد أمام الجانب الأوكراني لتغيير مساره".

وأضاف: "إذا لم يتغير شيء، فإن الروس سوف يواصلون بعد بوكروفسك إلى سلوفيانسك وكراماتورسك"، وهما مدينتان استولى عليهما وكلاء روسيا لفترة وجيزة، في صراع عام 2014 في دونباس. وأضاف كروتيفيتش أن تلك كانت مرة أخرى "احتلالا ناعما، لن يكون الأمر ناعما هذه المرة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية موسكو بوكروفسك الجيش الروسي القوات الأوكرانية موسكو الجيش الروسي القوات الأوكرانية بوكروفسك المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة م الروس

إقرأ أيضاً:

موسكو تطور نظام اليد الميتة لشن ضربة نووية في حال القضاء على القيادة الروسية

وكالات

طورت روسيا نظام “اليد الميتة”، وهو آلية متقدمة قادرة على إطلاق ضربة نووية مدمرة في حال تدمير كل القيادة الروسية في بداية حرب عالمية نووية.

ويعمل النظام الذي صممته وزارة الدفاع الروسية على مبدأ ضمان الرد النووي التلقائي، حتى في حال تعرضت القيادة الروسية لأقصى درجات الهجوم.

ويعتمد النظام على مراقبة مستمرة للأنشطة النووية عبر الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار الأرضية. وفي حال عدم اكتشاف أي رد على الهجوم النووي من قبل موسكو، يفترض النظام أن القيادة قد اختفت أو تم القضاء عليها.

في هذه الحالة، يقوم النظام على الفور بإطلاق نحو 4000 صاروخ نووي باتجاه الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو، في محاولة لتوجيه ضربة نووية مضادة تطال العديد من المواقع الاستراتيجية. ويُقال إن هذا النظام قد صُمم لضمان الرد على أي تهديد نووي موجه ضد روسيا، بغض النظر عن الفوضى التي قد تنشأ نتيجة الهجوم.

ويعود الحديث عن “اليد الميتة” إلى الفترة السوفيتية، عندما تم تطويره خلال ذروة الحرب الباردة كإجراء وقائي يهدف إلى حفظ التوازن النووي بين القوى الكبرى. ومع تحديث الأنظمة التكنولوجية وزيادة الأبحاث النووية، يُعتبر النظام الآن أكثر تقدمًا مع إمكانية التشغيل التلقائي دون الحاجة إلى تدخل بشري.

وأشارت التقارير إلى أن موسكو ترى في هذا النظام عنصرًا أساسيًا من عناصر الردع النووي، معتبرةً إياه جزءًا من استراتيجيتها لحماية أمنها القومي في مواجهة أي تهديد نووي محتمل.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الروسية: موسكو منفتحة على المحادثات بشأن أوكرانيا
  • الدفاع الروسية: القضاء على 150 عسكريًا أوكرانيًا في كورسك خلال 24 ساعة
  • الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية تتكبد خسائر جسيمة على محور كورسك
  • الخارجية الروسية: موسكو منفتحة على المحادثات بشأن أوكرانيا ومستعدة للنظر في أي مبادرة واقعية
  • ناريشكين: موسكو لن تترك محاولات الناتو للمشاركة في ضرب العمق الروسي دون رد
  • موسكو تطور نظام اليد الميتة لشن ضربة نووية في حال القضاء على القيادة الروسية
  • نائب بالبرلمان الكوري الجنوبي: نشر جنود من كوريا الشمالية في كورسك الروسية
  • ما الذي نعرفه عن هجوم روسيا المضاد في كورسك؟
  • موسكو تحذّر من تغيير جذري إذا هاجمت أوكرانيا العمق الروسي
  • موسكو تحذر من "تغيير جذري" إذا هاجمت أوكرانيا عمق الأراضي الروسية