يتحوّل لبنان مع بدايات فصل الخريف الى ممر للطيور المهاجرة والعابرة وتمر في الأجواء أنواع عديدة من الطيور بين مقيم ومهاجر. ويُعتبر صيد الطيور من اكثر الهوايات المنتشرة بين اللبنانيين، إذ يصل الأمر بالبعض الى تعليم أولادهم فنون الصيد منذ نعومة أظافرهم.
فهذه الهواية أصبح الأهالي يورثونها لأبنائهم، وتنتقل من جيل الى آخر، وفي كل عام يزداد عدد الصيادين، وفي ظل ذلك تنشط عمليات بيع أسلحة الصيد على أنواعها جديدة أو مستعملة، وكذلك الخرطوش.


تتركز مناطق الصيد، في فصل الخريف، في عكار والبقاعين الأوسط والشمالي، حيث تزدحم الطريق الدولية بمئات السيارات الوافدة من بيروت إلى قرى السهل في البقاع. وينشط بسبب هذا الزحام، موسم بيع الخرطوش والأسلحة.
وارتفعت بذلك أسعار الخرطوش وكل أغراض الصّيد، لتلامس أرقامًا قاسيةً وتهدّد استمراريّة الكثير من الصّيادين بممارسة هوايتهم المفضّلة.
إلا أن هذا الصيد لم يكن منتظماً يوماً، اذ ان جزءاً كبيراً من المواطنين لا يعرف بوجود ضوابط للصيد أصلا، على الرغم من وجود قانون ينظّمه، خصوصاً عندما نجد أن نسبة كبيرة من الصغار في العمر، وعدد لا يستهان به منهم دون الـ 18 عاماً يحملون البواريد. وقد برزت في السنوات الأخيرة أشكال متعددة للصيد غير القانوني، لعلّ أبرزها الليلي، الذي يُعدّ أسوأها.
وفي هذا السياق، يؤكد المحامي منير مزهر أن الصيد "العشوائي" وليس ممارسة الصيد كهواية ضمن ضوابط قانونية، هو بمثابة مجزرة سنوية بحق الطيور، فكل الطيور تتعرض للصيد من دون مراعاة الأنظمة والقانون.
وقال مزهر "في لبنان ليست هناك ضوابط لأي شيئ، ولو أن من يرتكبون المجازر بالعصافير يمتلكون الأخلاق، لكانوا عرفوا أن ما يقومون به هو انتهاك للطبيعة، وهناك كثير من الطيور المصابة بسبب الصيد العشوائي وبعضها يتنوع بين مهاجر ومحمي ومهدد بالانقراض".
وأشار الى أن الصيد الليلي واحد من أسوأ أنواع الصيد المخالف للقانون، وإن معظم من يمارسون الصيد الليلي يهدفون إلى الاتّجار بالعصافير، وهنا تبرز الخطورة، إذ تباد الطيور بطريقة جنونية، الأمر الذي يهدد وجودها واستمراريّة نوعها. مؤكداً أن صيد الليل "صار موضة" خصوصاً بسبب الأوضاع الإقتصادية، حيث أنه يعتمد بشكل أساسي على نصب الأفخاخ للطيور، وهذه ظاهرة تتفشى بين البيوت، ومن الأسباب التي تجعل أعداد الطور في سماء لبنان تتراجع.
وقال مزهر أن "الصيد يكون شرعياً فقط في حال امتلك الصياد رخصة سلاح ورخصة صيد خلال الموسم المعلن عنه، أما خارج موسم الصيد فمع رخصة أو بدونها يجب توقيفه أو حجز سلاحه. وفي الإجمال وجب على القوى الأمنية مراقبة المخالفات، ولكنَّ الوضع الأمني في البلد قد يعيق عملها، والأكثرية الساحقة من الصيادين لا تلتزم مطلقًا بقانون منع الصيد".
اضاف: يجب التشدد عبر النقاط العسكرية، أي على حواجز التفتيش، فكل من يمتلك بندقية خارج موسم الصيد يجب توقيفه وتغريمه. وثانيا يجب فرض الرقابة على محال الصيد التي تبيع الخرطوش والأسلحة المستخدمة لاصطياد الطيور المحمية والكبيرة والقوية".
ويقول عمر الجوزو صاحب محل لبيع مسلتزمات الصيد ، أن حركة البيع مقبولة ولكنها تراجعت بسبب غلاء المحروقات والتكلفة العالية لمشوار الصيد وايضا ارتفاع سعر علبة الخرطوش من العيار الكبير والذي يصل إلى 10 دولارات، فيلجأ الصياد إلى الخرطوش الخفيف والذي يبلغ سعر علبته دولاراً واحداً فقط، وعلى سطح منزله يمارس هذا النوع من الصيد من دون أن يتكلّف عناء التنقل وتكاليفه.
وأكد الجوزو أن في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، تراجع إقبال الصيادين على شراء خرطوش الصيد بنسبة جيدة، وأصبح الصيادون يجمعون أنفسهم بأقل عدد من السيارات بعد أن كان كل صياد يتنقل بسيارته.
وأضاف "أن معظم الصيادين بدأ بشراء الخرطوش بالتقسيط أي أنهم كل أسبوع يشترون علبة أو اثنتين على مدى أشهر لتجميعها لموسم الصيد الحالي. أما في ما يخص حركة بيع الأسلحة المخصصة للصيد فكان الجواب بأنها معدومة".
وقال الجوزو " إن الذين يستخدمون الصيد كوسيلة للعيش، يحققون ما قيمته 10 الاف دولار في الموسم كمدخول من الصيد، بينما 6% من هؤلاء الصيادين يحقق ألف دولار في الموسم، والقسم الآخر من هؤلاء الصيادين يحقق 150 دولارًا في الموسم".
 
في المقابل، لا ينكر الصيادون بأن الأوضاع الإقتصادية حدّت من إندفاعهم هذا العام، وخصوصاً مع أخبار الصيادين المتكاثرة حول تراجع أعداد الطيور ، إذ لن يرغب هؤلاء بتكبّد النفقات الكبيرة لرحلة الصّيد، ومع ذلك يؤكّد بعض الصيادين أنهم لم يمرّروا الموسم من دون أن يقصدوا الحقل أو المناطق البقاعية، متمنين أن يكون هذا الموسم حافلا.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الصيد التقليدي الضواغي في ولاية صحم

تعد مهنة صيد سمك السردين، والمعروفة محليا بـ"الضواغي" (جمع ضاغية)، من أقدم وأهم الحرف التي مارسها أهالي ولاية صحم في سلطنة عمان. وقد ارتبطت هذه المهنة ارتباطا وثيقا بحياة السكان المحليين، حيث كانت تمثل مصدر رزق رئيسي لهم منذ القدم، ولا تزال تلعب دورا اقتصاديا مهما حتى اليوم. ويمتد موسم صيد الضواغي من شهر أكتوبر إلى شهر أبريل من كل عام، حيث يتهيأ البحر في هذه الفترة لاحتشاد كميات كبيرة من سمك السردين، الذي يُصطاد باستخدام وسائل وتقنيات تقليدية. ويعتبر هذا الموسم وقتا حاسما للصيادين في ولاية صحم، حيث يعتمدون عليه للحصول على دخل جيد يكفل لهم مستلزمات حياتهم. ورغم تطور مهن أخرى، ما زال صيد الضواغي يشكل مصدرا مهما للدخل للأسر في المنطقة. وفي ولاية صحم، يعتبر الصيد التقليدي للسردين (الضواغي) جزءا من الأنشطة الاقتصادية الأساسية إلى جانب الزراعة والرعي، حيث يعتمد العديد من الصيادين على هذا النشاط كمصدر رئيسي للرزق، خاصة في فصل الشتاء، حيث يكون البحر أكثر غزارة في إنتاج السردين. وكانت هذه المهنة تاريخيا من أهم مصادر الدخل في الولاية، وأدت إلى تحفيز العديد من المشاريع المرتبطة بها، مثل تجفيف السردين واستخدامه في صناعات أخرى.

استخدامات السردين المجفف

السردين المجفف يعد من أبرز المنتجات الناتجة عن مهنة صيد الضواغي، بحيث يستخدم السردين المجفف في عدة أغراض، أبرزها: العلف الحيواني: حيث يعتمد العديد من المزارعين في ولاية صحم على السردين المجفف كعلف للحيوانات في فصل الصيف، حيث يكون المصدر الرئيسي للعلف الطبيعي قليل التوفر، والسماد الزراعي: يتم استخدام السردين المجفف أيضا كسماد عضوي للزراعة، إذ يسهم في تحسين خصوبة التربة ويعزز نمو المحاصيل الزراعية، وكذلك يستخدم في الاستهلاك البشري: يُحفظ السردين المجفف أيضا ليُستهلك من قبل الأهالي في وجباتهم اليومية، ويعد طعاما تقليديا مميزا في بعض الأوقات.

وعلى صعيد متصل، تتابع لجنة سنن البحر بولاية صحم تحديد وتنظيم مواعيد الصيد ومراقبته لضمان استدامته والحفاظ على الثروات السمكية، وتُسهم هذه اللجنة في تنظيم الصيد من خلال وضع قوانين تحكم فترات الصيد وحجم السمك المسموح به للصيد، إضافة إلى تعزيز التوعية بين الصيادين بشأن أهمية الحفاظ على البيئة البحرية من خلال ممارسات صيد مستدامة، كما تسعى دائرة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في ولاية صحم إلى نشر الوعي بين الأهالي والصيادين حول أهمية صيد الضواغي بشكل مستدام. وتقوم الدائرة بتنظيم ورش عمل ومحاضرات توعوية للصيادين حول طرق الصيد الصحيحة وضرورة الحفاظ على الثروة السمكية، كما يتم العمل على تحسين تقنيات الصيد وتطوير أدواته لزيادة الإنتاجية دون التأثير على البيئة.

وتشير الإحصائيات إلى أن ولاية صحم تستمر في إنتاج كميات كبيرة من السردين سنويا، رغم التحديات التي تواجه هذا القطاع، ففي السنوات الأخيرة، لوحظ زيادة في عدد الصيادين الذين يعتمدون على هذه المهنة.

مقالات مشابهة

  • الكتائب يأمل أن تشكل تصريحات الشرع بداية لمرحلة جديدة من العلاقات اللبنانية السورية
  • جريمة تهتز لها الأرض.. الإمارات تطلق النار على الصيادين في حضرموت وتمنعهم من الصيد في بلدهم منذ 10 سنوات.. وصرخاتهم تصدح: أين أنتم أيها الناشطون؟؟
  • انطلاق منافسات مهرجان الظفرة للصيد بالصقور
  • بعد توقف لأربعة أشهر.. استئناف رحلات القطار الليلي وهران-بشار
  • رئيس مجلس النواب يشيد بجهود الهيئة الليبية للصيد البري والرماية
  • هذه مواقيت سير القطار الليلي وهران–بشار
  • مع كل يوم تتراجع عصابات الشر وتنتكس مع شروق كل شمسٍ وغروبها
  • طيور باهظة الثمن في مهرجان الطيور بأربيل (صور)
  • الصيد التقليدي الضواغي في ولاية صحم
  • الأسهم الأوروبية تتراجع وسط قلق المستثمرين بسبب تهديدات ترامب