#سواليف

قال رئيس تحرير موقع ميدل إيست آي البريطاني، #ديفيد_هيرست، إن “تكاليف عدم الوقوف في وجه #نتنياهو يمكن أن ترجح كفتها سريعا على الفوائد المحلية الناجمة عن الانجرار وراءه”.

وأوضح في مقال، أن “العثور على جثث #الأسرى الستة فجر موجة عارمة من #السخط داخل #إسرائيل، حيث هزت البلد مظاهرات لم تشهدها إسرائيل منذ الاحتجاجات التي نظمت ضد التعديلات القضائية، بل لقد أطلق عليها الإسرائيليون كلمة انتفاضة”.

وأضاف أن “أربعة من الرهائن كانوا على قائمة حماس الإنسانية من الأسرى، وكانوا سيطلقون في المرحلة الأولى من #صفقة_تبادل كانت سوف تتم لو لم يرفض #نتنياهو الانسحاب من ممر #فيلادلفيا الذي يفصل #مصر عن #غزة. هذه معلومات لا مجرد تخمين”.

مقالات ذات صلة “المقاومة العراقية” تعلن قصف ميناء حيفا.. وأصوات انفجارات شمالي الأردن (شاهد) 2024/09/04

وأردف بأن إسرائيل في قبضة تمرد استيطاني ديني يميني متطرف، ورئيس أمريكي تتعرض سياسته للتجاهل من قبل أهم حلفائه في المنطقة، حتى وإن كان ثمن ذلك خسارة حملة انتخابية حامية الوطيس، ومقاومة في غزة لا تعرف الاستسلام، وفلسطينيون في غزة لن يبرحوا مكانهم، وفلسطينيون في الضفة الغربية باتوا الآن على استعداد لتصعيد المواجهة، وانقسام ضخم داخل الأردن، ثاني بلد عربي يعترف بإسرائيل.

وتناول هيرست الأسباب التي توجب على الغرب الوقوف بوجه نتنياهو.

وفيما يلي نص المقال:
لقد فجر العثور على ست رهائن آخرين أمواتاً موجة عارمة من السخط داخل إسرائيل، حيث هزت البلد مظاهرات لم تشهدها إسرائيل منذ الاحتجاجات التي نظمت ضد التعديلات القضائية. بل لقد أطلق عليها الإسرائيليون كلمة “انتفاضة”.

ترك عشرات الآلاف من الإسرائيليين أعمالهم وانضموا إلى إضراب عام، وغدا وزير الدفاع يوآف غالانت والمؤسسة الأمنية كلاهما في صدام مع رئيس حكومتهما.

ودعا زعماء المعارضة بيني غانتز ويائير لابيد الناس إلى الخروج إلى الشوارع، وهكذا فعلوا، فسدت الطرق الرئيسية المحيطة بتل أبيب، وأغلق مطار بن غوريون.

أياً كانت الطريقة التي مات بها الرهائن – فحماس تقول إنهم قتلوا بنيران إسرائيلية، بينما يقول الجيش الإسرائيلي إنهم أعدموا من مسافة قريبة قبيل محاولة تمت لتحريرهم – فإن الملامة على موتهم حُمّلت بشكل تام لنتنياهو والزمرة اليمينية المتطرفة التي تسند حكومته.

كان أربعة من الرهائن على قائمة حماس “الإنسانية” من الأسرى، وكانوا سيطلقون في المرحلة الأولى من صفقة تبادل كانت سوف تتم لو لم يرفض نتنياهو الانسحاب من ممر فيلادلفيا الذي يفصل مصر عن غزة. هذه معلومات لا مجرد تخمين.

تقويض صفقة محتملة
هذا ما يقوله قادة الأجهزة الأمنية أنفسهم، الذين حذروا نتنياهو مراراً وتكراراً حول ما الذي يمكن أن يحدث للرهائن الباقين فيما لو استمر في تخريب صفقة التبادل.

قبل ثلاثة أيام، تحول لقاء اعتيادي للحكومة للاستماع إلى تقرير أمني إلى مباراة في التراشق بالصياح بين غالانت ونتنياهو، بحسب ما ذكرته وكالة أكسيوس.

تقول الوكالة إن غالانت قال في اللقاء: “يجب علينا أن نختار بين فيلادلفيا والرهائن، لا يمكننا أن نفوز بالاثنين معاً. فيما لو صوتنا، فقد نكتشف إما أن الرهائن سوف يموتون أو أننا سوف نتراجع من أجل ضمان إطلاق سراحهم.”

ما كان من غالانت ورئيس أركان الجيش الجنرال هيرزي هاليفي ومدير الموساد ديفيد بارنيا ورئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض إلا أو وقفوا جميعاً في مواجهة نتنياهو واقتراحه بالتصويت على قرار يقضي بالاحتفاظ بسيطرة إسرائيلية كاملة على امتداد الحدود مع مصر، فذلك من وجهة نظرهم كان سيقوض صفقة محتملة مع حماس.

في تصريح لوكالة أكسيوس، قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى: “لقد حذرنا نتنياهو ووزراء الحكومة إزاء هذا السيناريو بالضبط، ولكنهم لم يسمعوا.” مضى التصويت على القرار وكانت الأغلبية مؤيدة له.

إلا أن الرهائن لقوا حتفهم، والذي فهمته عائلات الرهائن بوضوح هو أن هذه المجموعة من الرهائن كانت على قيد الحياة قبل وقت قصير من محاولة الجيش إنقاذهم.

جاء في تصريح صادر عن منتدى الرهائن والعائلات المفقودة ما يلي: “كانت على الطاولة منذ ما يزيد عن شهرين صفقة لإعادة الرهائن. ولولا أنه [أي نتنياهو] استمر في المماطلة والتعطيل وتقديم الأعذار وممارسة الخداع، لربما بقي الرهائن، الذين علمنا بموتهم هذا الصباح، على قيد الحياة.”

ما لبث خبر موت الرهائن أن ترددت أصداؤه في أرجاء الولايات المتحدة بالطريقة ذاتها التي حصلت مع خبر هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر. ولعل مما ساهم في ذلك أن والدي أحد الرهائن الذين ماتوا، المواطن الأمريكي هيرش غولدبيرغ بولين، كانا قد تحدثا من على منصة المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، بينما كان الجمهور يهتف قائلاً “أعيدوهم إلى بيوتهم”.

رداً على ذلك، تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي توشك ولايته على النهاية، بأن يجعل حماس تدفع ثمن موت الرهائن، بينما قالت المرشحة الرئاسية عن الحزب كامالا هاريس إنه يجب إزالة حماس.

كلاهما يعلم أن المسؤولية عن موت الرهائن تقع على عاتقه أيضاً.

الحقيقة المؤلمة
كان بايدن قد دعا قبل أربعة شهور، بوضوح وبشكل لا لبس فيه، إلى وقف إطلاق نار دائم. وأصدرت الأمم المتحدة في شهر يونيو (حزيران) قراراً بوقف إطلاق نار شامل عبر ثلاث مراحل.

إن من أهم واجبات بايدن كقائد عام هو التأكد من التزام حليف أمني أساسي له في الشرق الأوسط بالسياسة الأمريكية، وخاصة عندما يكون هذا الحليف معتمداً على ما تزوده به الولايات المتحدة من أسلحة كما هو الحال مع إسرائيل.

ولكن الحقيقة المؤلمة من وراء قتل الرهائن هي أنه لو كان بايدن على استعداد لفرض سياسته هو عبر حظر تصدير السلاح إلى إسرائيل، لكان ممكناً الآن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ولأمكن تحرير الكثيرين من الرهائن المتبقين، بما في ذلك حملة الجنسيات الأمريكية والبريطانية.

لو توجب على أي شخص النظر إلى نفسه عبر المرآة فيما يتعلق بموت غولدبيرغ بولين لتوجب أن يكون ذلك هو بايدن.

إن من الحماقة أن تسير هاريس بكل وداعة على نفس هذه الخطى. كان ينبغي عليها أن تتذكر ما قاله جنرالاتها حول استحالة إلحاق الهزيمة بحماس في غزة.

ومع ذلك يمكن لهذه الحادثة التي أودت بحياة الرهائن الستة أن تشكل نقطة التحول التي تفرض على نتنياهو التراجع عن موقفه في المفاوضات، والتي ماتزال تقف أمام طريق مسدود.

قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في حديثه مع عائلات الرهائن الأمريكيين المحتجزين داخل غزة إن الولايات المتحدة سوف تقدم لإسرائيل وحماس عرضاً أخيراً لوقف إطلاق النار إما أن يأخذوه أو يتركوه.

لقد قيل مثل هذا الأمر مرات عديدة من قبل، ولعل هذا هو أحد الأسباب التي أفقدت الولايات المتحدة كل المصداقية في التعامل مع المفاوضين المستقلين من كل من مصر وقطر.

ولكن فيما لو كانت النتيجة هي انسحاب إسرائيلي على مراحل من ممر فيلادلفيا واستسلام نتنياهو تحت وطأة الضغوط المحلية والدولية، فإنه يعلم أنه متجه لا مفر نحو أزمة أخرى.

نهاية السيطرة الأشكنازية
لا يقتصر الأمر على احتمال أن ينسحب من الائتلاف الحكومي، كما هددا مراراً من قبل، كل من بيزاليل سموتريتش، وزير المالية، وإيتامار بن غفير، وزير الأمن الوطني، وهما من أشد المتطرفين داخل الحكومة.

بل يعلم نتنياهو أن إسرائيل منقسمة إلى شقين، حيث يطالبه نصف الناس في البلد بأن “ينهي المهمة” التي أخفق ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي، في إتمامها.

هذه الانتفاضة، مثلها مثل المظاهرات التي نُظمت ضد التعديلات القضائية العام الماضي، هي واحدة من الرهانات الأخيرة التي تقوم بها النخبة الأشكنازية الليبرالية.

يساور هذه النخبة شعور بأنهم يفقدون البلد الذي أنشأوه. فها هم قد فقدوا السيطرة على الجيش وعلى قوات الشرطة لصالح المستوطنين. لم يبق في أيديهم حصرياً الكثير، ويثبت ذلك ما شهدته إسرائيل طوال العام الماضي من هجرة للناس والأموال باتجاه أوروبا.

لا يتصرف نتنياهو فقط انطلاقاً من الرغبة في بقائه شخصياً على قيد الحياة سياسياً، بل يشعر أيضاً بأن إسرائيل على وشك أن تشهد ثورة يمينية متطرفة. ولذلك ما من غريزة سياسية إلا وتحذره من أن ما يوشك أن يفقده كثير، وكثير جداً. وفيما لو حدث ذلك، فإن الوضع القادم سيكون في تناقض تام مع رئاسة ديمقراطية في الولايات المتحدة.

انكشاف على الهواء مباشرة
كما ينبغي على بايدن أن ينظر إلى نفسه في المرآة إزاء ذلك الذي يجري داخل الضفة الغربية المحتلة.
إزاء عجزه، لعدة أسباب لا أقل منها انعدام الاستعداد العسكري، في فتح جبهة ثانية ضد حزب الله في لبنان، حوّل نتنياهو اهتمامه باتجاه البلدات الثلاث في شمال الضفة الغربية في عملية عسكرية شاملة تسمى “عملية المخيمات الصيفية”، والمصممة لإجبار السكان على الرحيل.

كما يتبع الليل النهار، بدأت العمليات ضد القوات الإسرائيلية في كل أنحاء الضفة الغربية، وبشكل خاص في منطقة الخليل في الجنوب.

ينبغي على بايدن وهاريس ملاحظة من هو الشخص الذي أطلق الرصاص على ثلاثة من رجال الشرطة الإسرائيليين فقتلهم رداً على العملية التي ينفذها الجيش في الشمال.

كان مطلق النار عضواً في حركة فتح وشغل سابقاً منصباً ضمن الحرس الأمني الرئاسي في السلطة الفلسطينية. يضاف إلى ذلك أن مهند العسود من سكان إذنا في الخليل، وهو من مواليد الأردن وكان من مواطنيه، ثم عاد إلى موطنه الأصلي في الضفة الغربية في عام 1998 هو وعائلته بعد حصولهم على لم شمل عائلي.

يحمل التاريخ الشخصي لمهند العسود تحذيراً واضحاً بشأن التداعيات التي سوف تنجم عن كيفية رد الفلسطينيين في الضفة الغربية على فتح جبهة ثانية في هذه الحرب التي تدور رحاها داخل الأراضي المحتلة، مستخدمين نفس الأسلحة والوسائل في جنين وطولكرم وطوباس كتلك التي استخدموها من قبل في غزة.

لم يكن العسود عضواً لا في حماس ولا في الجهاد الإسلامي، ولا كان جزءاً من أي مجموعة مقاومة محلية معروفة. بل اتخذ قراراً شخصياً بأن المقاومة هي الرد الوحيد على الهجوم العسكري الإسرائيلي.

هناك مئات الآلاف من الفلسطينيين المسلحين وغير المنتمين مثله في الضفة الغربية وفي الأردن، وكل هؤلاء وصلوا إلى نفس الخلاصة.

أضف إلى ذلك أن التوترات بين الأردن وإسرائيل تتفاقم بشكل مضطرد.

ترافق شن الهجوم مع اشتعال حرب كلامية بين وزير الخارجية الإسرائيلي، إسرائيل كاتز، ونظيره الأردني، أيمن الصفدي.

لم يكتف كاتز بإخبار سكان جنين إن عليهم أن يخلوا مساكنهم “مؤقتاً”، بل اتهم الأردن مراراً وتكراراً بتكديس الأسلحة في المخيمات، زاعماً أنه لم يعد قادراً على السيطرة على أراضيه. بل قال في تغريدة له عبر حسابه في منصة إكس: “تقوم إيران بإقامة بنية تحتية للإرهاب في يهودا والسامرة، مغرقة مخيمات اللاجئين بالأموال والأسلحة التي يتم تهريبها عبر الأردن، وذلك بهدف تأسيس جبهة إرهاب شرقية ضد إسرائيل. وهذه العملية تهدد كذلك النظام الأردني. يجب على العالم أن يصحو ويوقف الأخطبوط الإيراني قبل فوات الأوان.”

رد عليه نظيره الأردني قائلاً إن تلك كلها أكاذيب.

كتب الصفدي يقول: “إننا نرفض المزاعم التي صدرت عن الوزير العنصري المتطرف الذي يخترع المخاطر لتبرير قتل الفلسطينيين وتدمير مقدراتهم. إن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، والتصعيد الإسرائيلي في المنطقة هو ما يشكل أكبر تهديد للأمن والسلام. ولسوف نعارض بكل ما لدينا من قدرات أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني داخل أو خارج الأراضي المحتلة.”

ضرام أكبر
أما وقد مر على الوضع خمسة أيام، ها هو المشهد يتحضر تارة أخرى لعملية داخل الضفة قد تستمر لفترة مشابهة لتلك التي خضعت لها غزة، ولا يملك الرئيس الفلسطيني محمود عباس القدرة على وقفها.

لقد استنفر الفتيان الفلسطينيون للقتال. ولد وائل مشه وطارق داود بعد أوسلو، ولم يشهدا لا الانتفاضة الأولى ولا الانتفاضة الثانية.

كلاهما أطلق سراحهما في تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس في نوفمبر (تشرين الثاني). ويوم إطلاق سراحه تحدث مشه عن معاناة الأطفال الذي يتعرضون للضرب والامتهان داخل السجون الإسرائيلية.

كانت رحلة مشه القصيرة مقدرة. تقول والدته: “تحول من سجين إلى مطارد، ثم إلى المواجهة (ضد الاحتلال)، ثم ليصبح شهيداً.”

لقد قتل بواسطة مسيرة فجر يوم الخامس عشر من أغسطس (آب) بينما كان يقاوم هجوماً إسرائيلياً على نابلس. هناك الآلاف من مثله ممن يُدفعون دفعاً نحو المعركة.

قائد كتيبة طولكرم، محمد جابر – المعروف بلقب “أبو شجاع”، محارب آخر قتلته إسرائيل، والتي كانت قد وصفته بأنه أكبر مسلح مطلوب لديها، رغم أنه لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره. كان أبو شجاع، الذي ولد بعد أسلو بأربعة أعوام، لاجئاً من سكان مخيم نور شمس، وإن كان ينحدر أصلاً من حيفا. سوف يلهم قتله أعداداً غفيرة أخرى ويحرضها على الانضمام تماماً كما تلقى هو الإلهام من آخرين.

حتى مع التردد السابق لكل من حزب الله وإيران في التورط، باتت المكونات كلها مجتمعة بما يضمن اندلاع ضرام أكبر.

إسرائيل في قبضة تمرد استيطاني ديني يميني متطرف، ورئيس أمريكي تتعرض سياسته للتجاهل من قبل أهم حلفائه في المنطقة حتى وإن كان ثمن ذلك خسارة حملة انتخابية حامية الوطيس، ومقاومة في غزة لا تعرف الاستسلام، وفلسطينيون في غزة لن يبرحوا مكانهم، وفلسطينيون في الضفة الغربية باتوا الآن على استعداد لتصعيد المواجهة، وانقسام ضخم داخل الأردن، ثاني بلد عربي يعترف بإسرائيل.

بالنسبة لبايدن وهاريس، الرسالة في غاية الوضوح، الأنوار المنبعثة منها ساطعة، ومفادها أن تكاليف عدم الوقوف في وجه نتنياهو يمكن أن ترجح كفتها سريعاً على الفوائد المحلية الناجمة عن الانجرار وراءه.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف ديفيد هيرست نتنياهو الأسرى السخط إسرائيل صفقة تبادل نتنياهو فيلادلفيا مصر غزة الولایات المتحدة فی الضفة الغربیة من الرهائن فیما لو من قبل فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا تتمسّك إسرائيل بممر فيلادلفيا؟

يبلغ عَرْض ممر فيلادلفيا 100 متر فقط وطوله 14 كيلومتراً، ما يعني أنه مجرد بقعة صغيرة. ومع ذلك، اكتسبَ خلال الأسابيع الأخيرة أبعاداً كبيرة.

قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول)، كانت هذه البقعة الصغيرة الفاصلة بين مصر وغزة قناة رئيسة لتدفق الأسلحة والأموال إلى حماس. أما اليوم، فهي العقبة الأساسية في طريق التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس.

وفي هذا الإطار، قال الكاتب الصحفي البريطاني جوزيف جوفي في مقاله بموقع "Unherd": بموجب اتفاق وقف إطلاق النار المقترح لمدة ستة أسابيع مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، سيتعين على الجيش الإسرائيلي الانسحاب من الممر. لكنّ ذلك يمثل معضلة. فإذا أخلينا الممر، سيعود الوضع إلى ما كان عليه. وستعيد حماس تشكيل صفوفها وستتسلح مجدداً، مُتحينةً فرصة أفضل لملاحقة اليهود "الشياطين" مرة أخرى. وسترجع إسرائيل إلى نقطة الصفر.
درس للتاريخ

ويقول الكاتب إن ما حصل يعتبر درساً للتاريخ . فبعد كل توغلٍ للجيش الإسرائيلي، كانت حماس تعود مُسلحة بعتادٍ وتدريب أفضل. واستخدمت ”حماس“ منافذ الهواء لبناء أنفاق مُحصَّنة تستوعب الشاحنات المُحمَّلَة بالعتاد.

#IsraelHamasWar | Netanyahu remains adamant on keeping a tight grip on Philadelphi Corridor

Mossad and Shin Bet chief oppose Netanyahu stance: Reports

Oliver Regan brings you this report

Watch more: https://t.co/wojetdIEnk pic.twitter.com/BDPYygB9dT

— WION (@WIONews) September 9, 2024

أيجعل هذا الوضع الحفاظ على الممر أمراً حتمياً؟ يتساءل الكاتب ويقول: "إستراتيجيّاً، نعم. ولكن ليس في دولة مثل إسرائيل، حيث خرجَ مئات الآلاف إلى الشوارع بعد قتل ستة رهائن، بينما لا يزال 101 منهم في غزة. سنبذل كل الغالي والنفيس لأجل إعادتهم إلى الوطن الآن ، طارحين جانباً أي أولويات استراتيجية يضعها نتانياهو".
ومع ذلك، يقول الكاتب، فالغضب المبرر لا يحلُّ المعضلة المروعة التي تواجهها إسرائيل: إما إنقاذ الأرواح أو نزع سلاح حماس، وإما ضمان وقف إطلاق النار أو الحفاظ على الممر. ولا ننسى أنَّ زعيم حماس يحيى السنوار لا يتطلع إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار، ناهيك عن التوصل إلى تسوية مؤقتة. فهدفه هو إعادة حماس إلى السلطة.


اللعبة لن تنتهي

أما على المستوى التكتيكي، يضيف الكاتب، الحقيقة القاسية الغائبة عن أمَّةٍ معذبة واضحة، وهي أن حماس لن تفرج عن جميع الرهائن الـ 101 لسببٍ بسيط، وهو أنَّ قيمة كل إسرائيلي متبقٍ ستزيد. والأرجح أنهم سوف يتخلصون منهم ويحتفظون بالبقية الباقية ورقة مساومة لمواصلة الضغط ومقايضة الأرواح مقابل تنازلات. فهذه اللعبة لن تنتهي.
وتابع الكاتب: رغم معرفة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بذلك، ما يزال ينكر القيمة الاستراتيجية للممر. بصفته لواءً متقاعداً، ينبغي أن يكون يدرك ذلك. وبالمثل، يحتجُّ زعيم المعارضة بيني غانتس بأنَّ الجيش الإسرائيلي يمكنه العودة دائماً، وهذا صحيح. ولكن كم مرة اندفع الجيش الإسرائيلي إلى غزة دون جدوى؟ لطالما ازدادت كتائب القسام قوةً وحصلت على عتاد أكثر تطوراً.
والتاريخ أيضاً لا يؤيد المتفائلين المقتنعين بأن وقف إطلاق النار لمدة 42 يوماً سيفضي إلى الاستقرار. فالهدنة العربية الإسرائيلية التي استمرت عدة سنوات في عام 1949 لم تمنح هذه المنطقة الملعونة سوى استراحة مؤقتة لم تلبث أن تحولت إلى حروب عربية إسرائيلية ثلاث في 1956 و1967 و1973. فالهدنة، في نهاية المطاف، لا تنجح إلا عندما لا يمسي العدو المهزوم قادراً على القتال، كألمانيا عام 1918. والأهم من ذلك أن ”المقاومة الإسلامية“ ليست مهتمة باتفاقٍ دائم، وكذلك إيران التي تستغل حماس وحزب الله والحوثيين طرفاً مساعداً في حربٍ لا تنتهي ضد ”الكيان الصهيوني“.

The Fight for Control Over the Philadelphi Corridor

The increasingly bitter dispute has not just affected cease-fire talks but also destabilized a once-strong security partnership between Egypt and Israel.https://t.co/uLu6niKXhH

— ???? Gift Articles - Nothing but Gift Articles ???? (@springwatch2020) September 13, 2024

ولفت الكاتب النظر إلى أن هناك أيضاً درساً في هذا السياق يمكن أن تتعلمه واشنطن، لأن طموحات إيران تتضاءل أمام غزة أضعافاً مضاعفة. تُلاحق إيران بوكلائها "الشيطان الأصغر" إسرائيل، لكن الهدف الحقيقي هو "الشيطان الأكبر" أمريكا. فإذا ضربت إيران إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة الوحيدة التي يُعوَّل عليها، فستلحق ضرراً بالولايات المتحدة. إنّ غزة ليست مواجهة محلية بين طرفين متكافئين، بل هي ”لعبة كبرى ثانية“، تُذكِّرنا بالمواجهة بين بريطانيا وروسيا في القرن التاسع عشر. ومع ذلك، تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً لأجل وقف إطلاق النار.
ولا يعني هذا أنَّ جو بايدن أو خلفه سيسهلان اتخاذ قرار. فنتانياهو المتلهف للبقاء في السلطة وخارج قضبان السجن يصرُّ على التشبث بشخصياتٍ مخزية كإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. فالأول يترأس حزب ”القوة اليهودية“ الذي يريد ”تطهير“ الضفة الغربية من العرب؛ أما الثاني فيقود حركة ”الصهيونية الدينية“ ويعتقد أن تجويع مليوني غزاوي ”مُبرَّر وأخلاقي“. لكنّ الطعن في أجندة نتانياهو الداخلية لا يطمس القضايا الإستراتيجية التي تصحُّ فيها وجهة نظره.
لنتخيل مثلاً سيناريو تتخلى فيه إسرائيل عن ممر فيلادلفيا. ستتدفق مليارات الدولارات إلى القطاع لإعادة الإعمار. وبعد إعادة الإعمار، ستُحدِّد حماس الأطراف التي ستُوزَّع عليها هذه المعونات لاستعادة السيطرة والولاء. وفي ظل قُرب إيران، ستعيد ”المقاومة“ بناء الأنفاق، وتعيد التسلُّح وتستعد للضربة التالية.


الردع الموثوق

والآن، لنقارن هذا السيناريو بسيطرة إسرائيل على فيلادلفيا على المدى البعيد، حيث ينفِّذ سلاح البحرية دوريات على الساحل ويحوم سلاح الجو في السماء. وبتأمين جناحه الجنوبي، يستطيع الجيش التركيز على تهديد حزب الله الأقوى بكثيرٍ في الشمال. ومن شأن الردع الموثوق أن يوقظ حسن نصر الله في لبنان وعلي خامنئي في إيران، مما يصب في صالح الولايات المتحدة أيضاً.

ومضى الكاتب يقول: "لا يخفى على أحد أن الشارع العربي يريد تحييد حماس التي تمثل بديلاً لإيران. فمصر لن تمزق معاهدة سلام عمرها 45 عاماً. وحتى الأربعين ألف قتيل من غزة الذين روَّجَت لهم وزارة الصحة التابعة لحماس لم يزعزعوا التحالف الضمني بين إسرائيل وحلفائها العرب. لكن في دولة ديمقراطية مثل إسرائيل، يمكن أن يطغى الإنهاك والقلق والغضب بشأن الرهائن القتلى على مَنْطِق الدولة.
ولا تعاني الأنظمة الاستبدادية مثل حماس وإيران من هذه القيود. فلننظر وحسب إلى لعبتهما القاتلة. أرادت حماس التضحية بجماهيرها لإثارة العالم ضد الدولة اليهودية. ونجح الجزء الأول على أكمل وجه. فإسرائيل معزولة ومُعاقَبَة ومكروهة. والآن نحن في المرحلة الثانية التي تقتل حماس فيها الرهائن لإضعاف معنويات إسرائيل وشل حركتها. وهذه المناورة المميتة تؤتي ثمارها أيضاً". 

مقالات مشابهة

  • عاجل| حزب العمل الإسرائيلي: نتنياهو أفشل 3 فرص للتوصل لاتفاق لإعادة المحتجزين
  • لماذا تتمسّك إسرائيل بممر فيلادلفيا؟
  • معلومات عن الصاروخ الذي أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل
  • لماذا فشل انتقال تريزيجيه إلى الأهلي قبل التوقيع مع الريان؟ وسيط الصفقة يجيب
  • لماذا تراجع مستوى نابولي؟.. كونتي يجيب
  • سياسي بريطاني يحذر من التهديدات التي سيواجهها الغرب إن سمح لكييف بضرب الأراضي الروسية
  • لماذا اعتمر بايدن قبعة ترامب التي تروج لانتخابه؟
  • هل تستطيع إسرائيل تنفيذ خطة الجنرالات بشمال غزة؟ خبير عسكري يجيب
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة يغلقون جسرا بتل أبيب ويتهمون نتنياهو وزوجته بممارسة الإرهاب النفسي
  • منحها الغرب لأوكرانيا.. تعرف على إمكانيات صواريخ «ظل العاصفة»