شبكات تضليل معقدة.. الصين تطور أدواتها لضرب الانتخابات الأميركية
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
عندما ظهر "هارلان" لأول مرة على منصات التواصل الاجتماعي، قدم نفسه على أنه محارب قديم في الجيش الأميركي، من سكان نيويورك، وداعم للمرشح الرئاسي الجمهوري، دونالد ترامب، وعرض صورة ملف شخصي لشاب وسيم مبتسم يبلغ من العمر 29 عاما.
ولكن بعد بضعة أشهر، تغير هارلان فجأة، وهو الآن يدعي أنه يبلغ من العمر 31 عاما وأنه من فلوريدا.
هذا التحول لم يكن مجرد تغيير في العمر والموقع، بل كان جزءا من استراتيجية أعمق وأكثر تعقيدا، وفق تقرير لأسوشييتدبرس.
الأبحاث الجديدة حول شبكات التضليل الصينية التي تستهدف الناخبين الأميركيين كشفت أن شخصية "هارلان" كانت مزيفة تماما، مثل صورة ملفه الشخصي، التي يعتقد المحللون أنها أُنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وبينما يستعد الناخبون الأميركيون للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المقبلة، كانت الصين تعمل على بناء شبكة من الحسابات المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، مصممة لتبدو وكأنها أصوات أميركية حقيقية.
"هارلان" هو مجرد عنصر صغير في جهد أكبر يبذله خصوم الولايات المتحدة للتلاعب بالنقاش السياسي الأميركي وإفساده من خلال استغلال الانقسامات وزرع الفوضى.
هذه الجهود ليست مجرد عمليات تأثير بسيطة، بل هي حملات محكمة ومنسقة تعتمد على استخدام تكنولوجيا متقدمة وشبكات من الحسابات المزيفة التي تعمل بتناغم لخدمة أهداف مشتركة.
الحملات الصينية تستخدم حسابات وهمية باسم أميركيين ناخبين لبث المعلومات المغلوطة عن الانتخابات الأميركيةإليز توماس، المحللة البارزة في معهد الحوار الاستراتيجي، وصفت هذه الظاهرة بأنها غير مسبوقة، مشيرة إلى أن الصين "تتبنى الآن نهجا أكثر دقة وتطورا في عملياتها التضليلية مقارنة بما سبق".
وتضيف أن الصين "لم تعد تعتمد على الرسائل المباشرة باللغة الصينية فقط، بل أصبحت تتخفى وراء شخصيات أميركية مفترضة تتحدث الإنكليزية بطلاقة، وتتبنى مواقف سياسية متباينة".
"سباموفلاج".. الحملة الأكثر تأثيراهذه التحركات التي تقف الصين وراءها جزء من حملة "سباموفلاج" التي ظهرت لأول مرة في 2019، وركزت في بدايتها على نشر محتوى مؤيد لبكين ومعاد للغرب، باللغة الصينية.
ولكن خلال السنوات الأخيرة، تحولت "سباموفلاج" في أنشطتها إلى استهداف الأميركيين مباشرة، عبر "محاولة زرع الشكوك" حول الإدارة الأميركية، والديمقراطية الأميركية، وفق تقرير جديد لمؤسسة Graphika.
ومنذ عام 2019، تتبعت مؤسسة Graphika حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي تحمل رموزا وطنية، مثل علم أميركا، وأسماء أميركيين يقدمون أنفسهم على أنهم ناخبون وناشطون.
وكشف تقرير للمؤسسة، صدر الثلاثاء، بأن هذه الحسابات تتبع لحملة "سباموفلاج"، الأكثر تأثيرا، والتي ترتبط بالحكومة الصينية، وتتنكر في صورة ناخبين أميركيين لترويج روايات تهدف إلى تعميق الانقسام بين الأميركيين.
وGraphika هي مؤسسة أميركية متخصصة في مجالات الثقة والأمان، واستخبارات التهديدات السيبرانية، والاتصالات الاستراتيجية عبر صناعات تشمل الاستخبارات والتكنولوجيا والإعلام والترفيه، والمصارف العالمية.
ويكشف تقرير المؤسسة أن حملة "سباموفلاج" تستخدم أكثر من 40 منصة إلكترونية، وحسابات غير أصلية لنشر وتضخيم الفيديوهات والرسوم الكاريكاتورية التي تروج لروايات مؤيدة للصين ومعادية للغرب.
الانتخابات الأميركية هدف لحملة "سباموفلاج"حملة "سباموفلاج" الصينية تعمل منذ سنوات على نشر المعلومات المضللة، لكن تغيرا طرأ على استراتيجيتها مؤخرا، لتتوجه سهامها تجاه الانتخابات الأميركية #الحرة #الحقيقة_أولا #شاهد_الحرة
Posted by Alhurra on Friday, April 26, 2024وتؤكد التقييمات التي أجرتها "سباموفلاج" بناء على مؤشرات المصادر المفتوحة والشركاء في الصناعة أن هذه الأنشطة مرتبطة بشكل وثيق بالدولة الصينية.
وكشف التقرير أن 15 حسابا على منصة أكس، وحسابا واحدا على منصة تيك توك، تتبع لحملة "سباموفلاج"، وتدعي تلك الحسابات أنها تخص مواطنين أميركيين أو مدافعين عن حقوق الإنسان، ولكنها في الحقيقة جزء من الحملة.
قبل أن ينسحب بايدن، ركزت الحملة الصينية "سباموفلاج" على تشويه سمعته تطور أساليب "سباموفلاج"في البداية، كانت "سباموفلاج" تركز على موضوعات جيوسياسية عامة، إلا أنها سرعان ما بدأت في توسيع نطاق الموضوعات التي تتناولها.
شمل هذا التوسع تناول القضايا الداخلية الأميركية، مما جعل الحملة أكثر تأثيرا على الرأي العام الأميركي.
وعلى سبيل المثال، بدأت الحملة في مناقشة قضايا مثل امتلاك الأسلحة، والتشرد، وتعاطي المخدرات، وعدم المساواة العرقية، بالإضافة إلى حرب غزة والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
واللافت أنه منذ منتصف عام 2023، بدأت "سباموفلاج" في استخدام شخصيات وهمية على أساس أنهم مواطنون أميركيون أو ناشطون في مجال حقوق الإنسان والسلام.
وصممت هذه الشخصيات لتبدو وكأنها جزء من المجتمع الأميركي، للمساعدة في زيادة مصداقيتها وتأثيرها.
واستخدمت هذه الشخصيات صور الأعلام الأميركية والجنود في ملفات التعريف الخاصة بهم على هذه الحسابات، وأكدت في منشوراتها أنها لن تصوت للرئيس بايدن في الانتخابات القادمة.
جزء من الحملة الصينية يستهدف هاريس ويستخدم حسابات وهمية لهذا الغرض انتخابات 2024ومع اقتراب موعد الاقتراع في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، بدأت "سباموفلاج" في التركيز بشكل أكبر على النقاشات الانتخابية الأميركية. خاصة مع احتدام المنافسة بين المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، ومنافسته الديمقراطية، كمالا هاريس.
وكانت الحملة قد بدأت مبكرا في نشر محتوى يركز على انتقاد الرئيس الأميركي، جو بايدن، (قبل أن ينسحب من السباق الرئاسي)، والمرشح الجمهوري ترامب، ويشكك هذا المحتوى في شرعية العملية الانتخابية.
وصمم هذا المحتوى لإثارة الشكوك وزرع الفوضى بين الناخبين الأميركيين لتقويض الثقة في النظام الديمقراطي.
ومن بين التطورات الرئيسية التي شهدتها تكتيكات "سباموفلاج" هو استخدامها لتقنيات الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى.
واستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء شخصيات وهمية أكثر واقعية، وإنتاج محتوى بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
ولم يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة المحتوى الذي تنتجه الحملة فقط، بل أيضا في زيادة نطاق انتشاره عبر شبكات التواصل الاجتماعي وفضاء الإنترنت.
التأثير على الرأي العاملم تقتصر "سباموفلاج" على استخدام منصة واحدة لنشر محتواها، بل عملت الحملة على التنسيق بين عدة منصات تواصل اجتماعي لنشر رسائلها.
وعلى سبيل المثال، استخدمت منصات أكس وتيك توك لنشر محتوى مشابه في توقيتات متزامنة، مما زاد من فعالية الحملة في الوصول إلى جمهور واسع.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها حملة "سباموفلاج" للتأثير على النقاشات الانتخابية الأميركية، لم تتمكن العديد من الحسابات المرتبطة من تحقيق تفاعل كبير في المجتمع الأميركي.
ولكن كان هناك استثناء واحد، إذ نجح أحد الحسابات المزيفة على تيك توك في نشر مقطع فيديو حصل على 1.5 مليون مشاهدة. وهذا النجاح يعكس التحدي الكبير الذي تواجهه الولايات المتحدة في مواجهة هذه الأنشطة التضليلية.
تحاول الحملات الصينية التأثير على قرارات الناخبين الأميركيين الذين سيصوتون في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر استهداف مكثفوفي مبادرة تتبع أخرى، حددت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) 170 صفحة وحسابا مزيفا على فيسبوك، كانت تروج لرسائل معادية لأميركا، بما في ذلك هجمات موجهة ضد الرئيس، جو بايدن. وكانت "سباموفلاج" منخرطة بقوة في هذه الأنشطة.
وتعرف مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في تقرير، حملة "سباموفلاج" بأنها إحدى أبرز الحملات الرقمية الصينية التي تهدف إلى نشر رسائل سياسية معادية للولايات المتحدة عبر منصات مثل فيسبوك.
ورغم جهود المنصات المختلفة للحد من هذه الأنشطة، استمرت الحملة في التكيف والتطور، مما يجعل من الصعب تتبعها أو إيقافها بشكل كامل.
وتقول المؤسسة إنه رغم محاولات شركات التكنولوجيا لتحديد وإيقاف هذه الحسابات، يمثل تعقيد تكتيكات "سباموفلاج" تحديا كبيرا.
وتتطلب هذه العمليات مستوى عاليا من التنسيق والتخطيط، مما يزيد من صعوبة اكتشافها ومنع تأثيرها.
ويؤكد تقرير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات على أهمية التعاون بين الشركات والمؤسسات الحكومية لمكافحة هذه الحملات.
ويتطلب التصدي لمثل هذه التهديدات الرقمية، أيضا، تكاملا بين التكنولوجيا المتقدمة والإجراءات القانونية والسياسات العامة.
"حنكة وتطور"وتمكنت هذه الحسابات من جذب انتباه المستخدمين الحقيقيين، مما جعل من الصعب على الباحثين التعرف عليها بسرعة مقارنة بالمحاولات السابقة.
ونشاط "هارلان" وحسابات أخرى مشابهة أثار القلق داخل الولايات المتحدة، حيث أفاد مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، في فبراير، إلى أن الصين تسعى لتوسيع حملات نفوذها بهدف تقويض الديمقراطية الأميركية وتعزيز نفوذها الخاص.
وعلى الرغم من تصريحات المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن بأن الصين لا تتدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة، تشير الأدلة المتزايدة إلى عكس ذلك.
المحللة البارزة في معهد الحوار الاستراتيجي، إليز توماس، أشارت إلى أن النهج الجديد الذي تتبعه الصين يشير إلى "درجة عالية من الحنكة والتطور"، إذ أصبحت هذه الحسابات "أكثر إقناعا في انتحال شخصيات أميركية حقيقية ودعم مواقف سياسية متناقضة".
هذه الحملات لا تسعى فقط لتأييد مرشح على حساب آخر، بل تهدف بشكل أساسي إلى "إضعاف الثقة" في النظام الديمقراطي الأميركي، وفق الخبراء.
تسعى الولايات المتحدة إلى حماية العملية الانتخابية في نوفمبر من أية محاولات لتدخلات أجنبية خاصة الصين وإيران وروسياوأثبتت التحقيقات التي تجريها الجهات الأميركية المعنية بتتبع حملات المعلومات المضللة أن الصين "لم تتخل عن هدفها الاستراتيجي في تصوير الولايات المتحدة على أنها دولة غارقة في الفوضى والانقسامات".
وتظهر قصة "هارلان" كيف يمكن لعمليات التضليل أن "تتحول إلى أدوات قوية لتقويض الديمقراطيات"، وفق أسوشييتدبرس.
وبينما تواصل الصين بناء شبكاتها المعقدة من الحسابات المزيفة، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية حماية العملية الانتخابية الأميركية في نوفمبر المقبل من هذه التهديدات الخفية، والتي قد تغذي أي خلافات أو انقسامات قد تظهر بعد إعلان المرشح الفائز برئاسة أميركا.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الانتخابات الأمیرکیة التواصل الاجتماعی الحسابات المزیفة الذکاء الاصطناعی الولایات المتحدة بین الأمیرکیین فی الانتخابات هذه الحسابات هذه الأنشطة من الحسابات أن الصین جزء من
إقرأ أيضاً:
الرقابة المالية تطوّر قواعد الجودة الخاصة بأعمال مراقبي الحسابات المُقيّدين بسجلات الهيئة
أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، برئاسة الدكتور محمد فريد، القرارين 174 و175 لسنة 2024، في شأن تطوير قواعد الجودة والسلوكيات الخاصة بأعمال مراقبي الحسابات المُقيّدين في سجلات الهيئة.
يبدأ سريان القواعد المنصوص عليها في القرارين اعتباراً من أول يناير من العام 2026، ويشملان العاملين في نشاط مراقبة الحسابات بالقطاع المالي غير المصرفي، ويتضمن العاملين في الشركات المُقيّدة بالبورصة، والتأمين، والتمويل العقاري، والتأجير التمويلي والتخصيم، والتمويل الاستهلاكي، والتمويل متناهي الصغر، وصناديق التأمين الخاصة، والشركات العاملة في سوق المال، من المقيدين في سجلات هيئة الرقابة المالية.
حيث ينظّم القرار رقم 174 لسنة 2024، قواعد مراقبة الجودة الواجب على مراقبي الحسابات المُقيّدين لدى الهيئة الالتزام بها، بما يضمن امتثال العاملين للقواعد المهنية والمتطلبات القانونية والتنظيمية وملاءمة التقارير الصادرة عن مكاتب المحاسبة، ودعم إجراءات الحوكمة في مكاتب المحاسبة. وتضمّن القرار، على سبيل المثال لا الحصر، قواعد بشأن تطبيق المتطلبات ذات الصلة والالتزام بها، وبيان بعناصر نظام مراقبة الجودة، ومسؤوليات الإدارة العليا للمكتب تجاه جودة المهام، وقبول المهام واستمرار العلاقات مع العملاء.
أما القرار رقم 175 لسنة 2024، في شأن الآداب والسلوكيات الواجب على مراقبي الحسابات المُقيّدين لدى الهيئة الالتزام بها، فينظم آداب وسلوكيات مزاولة نشاط المراجعة بما يواكب القواعد العالمية وقواعد السلوك المهني، فينظّم، على سبيل المثال لا الحصر، الالتزام بقواعد وسلوكيات مزاولي مهنة المحاسبة والمراجعة والمبادئ الأساسية، ومعايير الاستقلالية.
يأتي القراران في إطار الدور المنوط بالهيئة العامة للرقابة المالية، بالإشراف والرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، وتوفير الوسائل والنظم وإصدار القواعد التي تضمن كفاءة هذه الأسواق وشفافية الأنشطة المُمارسة فيها، واستكمالاً للجهود التي تضطلع بها الهيئة من أجل تحسين مستويات الشفافية ومكافحة الفساد، وتعزيز مستويات استقرار النظام المالي، وتحقيقاً لمزيد من الانفتاح للقطاع المالي غير المصرفي على الاقتصاد العالمي.
كما يأتي تطوير معايير المحاسبة في إطار استهداف التكامل مع كافة المعايير الدولية، وفي ضوء استهداف مواكبة أفضل التطورات والممارسات العالمية، وتكاملاً مع جهود الإصلاح التي تتبناها وتنفذها الحكومة المصرية لتعزيز مستويات النمو والتنمية المستدامة.
كان الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، قد أفاد بأن معايير المحاسبة المصرية تساعد الشركات على التعبير عن المركز المالي ونتائج الأعمال بشكل سليم، بما يدعم صحة موقفها في اتخاذ قرارات تمويلية واستثمارية سليمة. وأشار إلى ما شهدته الفترة الماضية من تطوير شامل لأحكام معايير المحاسبة المصرية، بداية من تقييم الأصول بالقيمة العادلة بدلاً من الدفترية، والاستثمار العقاري، وحقوق الملكية.