قوة العملة الأمريكية لا تزال تسيطر على الاقتصاد العالمي
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
تصاعدت خلال السنوات الأخيرة المطالب باستخدام العملات الوطنية في المبادلات التجارية بين الدول بدلا من الدولار الأمريكي، وهي المطالب التي ارتبطت بالسياق الراهن للاقتصاد العالمي؛ إذ تشير تقديرات التجارة العالمية إلى هيمنة الدولار على نحو واسع على حركة هذه التجارة؛ حيث يتم استخدامه فيما لا يقل عن 4 أضعاف التجارة الخارجية الأمريكية.
وتسعى بعض القوى العالمية إلى إزاحة الدولار الأمريكي من على قمة سوق العملات في العالم، وهو ما حدا ببعض الدول إلى تحفيز التبادلات التجارية بعيداً عن الدولار، وهو مسعى من المرجح أن يتصاعد.
وأوضحت ورقة بحثية حديثة أعدها مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” في أبوظبي أن الدولار الأمريكي لا يزال يهيمن على نحو 90% من إجمالي تجارة معظم الدول النامية أو الصاعدة مع العالم.
• مؤشرات رئيسية
وأشار “إنترريجونال” إلى أن العديد من الدول أصبحت أكثر تحفزاً لاستكشاف التجارة باستخدام العملات الوطنية، واستخدام أنظمة الدفع الدولية بخلاف النظام الدولي “سويفت” الذي يتأثر بشدة بالولايات المتحدة وقد نما بالفعل دور العملات الوطنية مؤخراً.
• تصاعد العملات الوطنية
وتتمثل أهم مؤشرات تصاعد العملات الوطنية في التجارة بين الدول في العديد من التحركات والتي من أبرزها: قيادة الصين وروسيا اتجاه التخلي عن الدولار عالمياً وإجراء التجارة بالعملات الوطنية لاسيما في روسيا والصين و الهند.
• التوترات
وأشار “إنترريجونال”: إلى ان العديد من الخبراء الدوليين قد اتفقوا مع صندوق النقد الدولي على ان التوترات الأمريكية الروسية وغيرها عالمياً جعلت العديد من الدول الأخرى تدرك أهمية تجاوز أي اعتماد على الدولار الأمريكي، كما أن التجزئة على مستوى أصغر أمر ممكن بالتأكيد؛ حيث يُشاهد في الفترة الأخيرة قيام بعض البلدان بإعادة التفاوض بشأن العملة التي تتقاضى بها مقابل التجارة.
• قيود
وأضاف “إنترريجونال”: أن التداول بالعملات الوطنية يمكن أن يخفف القلق بشأن استخدام الدولار في التجارة؛ ما يساعد الدول على استيراد المواد الخام والطاقة بأسعار معقولة لأنشطتها التصنيعية. ومع ذلك فإن هناك العديد من القيود التي يجب الانتباه إليها
ويمكن توضيح أهم أسباب لجوء الدول إلى التبادل التجاري بالعملات الوطنية في: تقنين الاعتماد على الدولار في المعاملات الدولية حيث يدفع ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي قيمة السلع والخدمات بالنسبة إلى حائزي العملات الأخرى، وهو ما يدفع الدول نحو البحث عن بديل ولا ينفصل تزايد استخدام العملات الوطنية في المبادلات التجارية في الفترة الأخيرة عن الأزمات القائمة في النظام الدولي التي عكست طريقة تفاعل غربية متشددة
• معضلة الاستقرار
وأشار “إنترريجونال” إلى أنه وبالرغم من التوجه المتنامي لاستخدام العملات الوطنية في المبادلات، فإن هذه العملات تتسم بأنها ليست مستقرة دائماً، ويمكن بسهولة أن تتأثر بالسياسات الاقتصادية والنقدية المحلية؛ وفي الوقت الذي تكون فيه العملات الوطنية قابلة للاستخدام في التجارة القصيرة الأجل، فإنها تظل غير موثوقة على المدى الطويل كخيار للادخار أو كعملات احتياطية يمكنها الصمود أمام العديد من العوامل.
• نزع “الدولرة”
وأكد “إنترريجونال” أن التحرك نحو نزع “الدولرة” من التجارة العالمية لا يزال في مرحلته الأولى وبالرغم من الجهود المبذولة من قبل العديد من الدول في محاولات التخلص من هيمنة الدولار على حركة التجارة العالمية، فإن العالم لا يزال عالقاً مع الدولار الأمريكي، ليس لأنه يخلق امتيازاً باهظاً للاقتصاد الأمريكي الذي ستحارب واشنطن من أجله، ولكن لأنه يسمح للعديد من أكبر الاقتصادات في العالم باستخدام جزء من الطلب الأمريكي لتغذية النمو المحلي.
• أسباب الهيمنة
ومع الإقرار بحقيقة أن الاقتصاد الأمريكي لم يعد هذا العملاق الذي كان عليه في السابق – فإن المُلاحَظ اقتصادياً هو استمرار هيمنة الدولار على غيره من العملات؛ للعديد من الأسباب التي تناولها تقرير مجلة “فورين أفيرز”، والذي يشير إلى المشكلات الاقتصادية التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب ارتفاع ديونها العامة، وعدم انتظام عملية صنع السياسات، بجانب أن التهديدات المستمرة بالتخلف عن سداد الديون تعمل على تقويض التصور بأن سندات الحكومة الأمريكية آمنة الأمر الذي دفعهم إلى إعادة تقييم ثقتهم بالدولار والبحث عن بدائل.
ويشير تقرير “فورين أفيرز”، إلى العوامل المختلفة لاستمرار هيمنة الدولار عالمياً، وهي العوامل التي حددها في استمرار مكانة الدولار عملة الاحتياط العالمية الرئيسية حيث أن 59% من احتياطات النقد الأجنبي في البنوك المركزية في العالم موجودة في أصول مقومة بالدولار، أو أصول يتم تحديد قيمتها الاسمية وأسعارها بالدولار.
وبالرغم من الأسباب المتعددة لتراجع الثقة بالعملة الأمريكية، إلا أنه تزال العوامل الاقتصادية والجيوسياسية تزيد من حوافز البنوك المركزية العالمية على تنويع احتياطاتها من النقد الأجنبي، فإن الحقيقة أن الدولار يظل قوياً وراسخاً في الاقتصاد العالمي كما لا يتعلق تفوق الدولار بقوة الولايات المتحدة بقدر ما يتعلق بنقاط الضعف في اقتصادات بقية دول العالم.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: العملات الوطنیة فی الدولار الأمریکی هیمنة الدولار العدید من من الدول
إقرأ أيضاً:
في يوم المرأة العالمي.. لماذا لا تزال أجور النساء في أوروبا أقل مما يتقاضاه الرجال؟
على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في مجال المساواة بين الجنسين، لا تزال النساء في الاتحاد الأوروبي يتقاضين أجورا أقل من الرجال بنسبة 12% وفقًا للبيانات الصادرة عن "يوروستات" لعام 2023. أي أن النساء يكسبن 88 يورو مقابل كل 100 يورو يحصل عليها الرجال.
تُظهر هذه الأرقام تباينًا واضحًا في الأجور بين الجنسينعبر الاتحاد الأوروبي، وتظل هذه الفجوة واحدة من القضايا التي يتم تسليط الضوء عليها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، من خلال تقرير "يورونيوز بيزنس".
ماذا تقول الأرقام؟في عام 2023، سجلت الفجوة غير المعدلة في الأجور بين الجنسين في الاتحاد الأوروبي نسبة 12%. وإذا قارنّا هذه البيانات بعام 2013، نجد أن الفارق كان أعلى بنحو أربع نقاط مئوية، حيث كان يبلغ 16%.
ففي لوكسمبورغ، تقاضت النساء أجرا أكثر من الرجال، حيث بلغ دخل المرأة 101 يورو مقابل 100 يورو للرجال.
في المقابل، كانت لاتفيا هي الدولة التي شهدت أكبر فجوة في الأجور، حيث حصلت النساء على 81 يورو مقابل كل 100 يورو تقاضاها الرجال.
أما في دول مثل النمسا والتشيك، فقد بلغت الفجوة 82 يورو، ما يعني أن النساء في هذه الدول يكسبن 360 يورو أقل من الرجال شهريًا إذا افترضنا أن متوسط الأجر في النمسا يبلغ 2000 يورو.
في المقابل، سجلت إيطاليا وإسبانيا من بين أقل الفجوات في الأجور، حيث تكسب النساء في إيطاليا 98 يورو مقابل كل 100 يورو للرجال، بينما كانت الفجوة في إسبانيا 91 يورو.
وقد سجلت فرنسا والمملكة المتحدة أيضًا فجوات أقل من 90 يورو، حيث كانت النساء في فرنسا يكسبن 88 يورو مقابل كل 100 يورو للرجال، وبلغت النسبة في بريطانيا 86 يورو.
وفيما يتعلق بالاقتصادات الكبرى في الاتحاد الأوروبي، فقد جاءت ألمانيا في المركز الخامس بين 31 دولة من حيث التفاوت في الأجور، حيث تكسب النساء 82 يورو مقابل كل 100 يورو للرجال.
Relatedفي أوروبا بأكملها.. دولة واحدة فقط تتقاضى فيها النساء أجوراً أعلى من الرجالوكأنهن يعملن قرابة شهرين بدون أجر.. رواتب النساء في فرنسا أقل بقرابة 14% مقارنة بما يتقاضاه الرجالفي دول الاتحاد الأوروبي.. نسبة النساء العاملات بدوام جزئي تفوق مثيلتها عند الرجالتقرير: التمييز ضد النساء لا يزال راسخا في فرنسا خاصة لدى الأجيال الشابةما هو سبب فجوة الأجور؟توضح المفوضية الأوروبيةأربعة أسباب رئيسية للفارق في الأجور بين الجنسين في العديد من الدول الأوروبية:
1. التمثيل الزائد للنساء في القطاعات ذات الأجور المنخفضة:أحد الأسباب البارزة هو أن النساء يعملن بشكل أكبر في القطاعات التي تتميز بالأجور المنخفضة، مثل الرعاية الصحية والتعليم، حيث ذكر تقرير للمفوضية أن حوالي 24% من الفجوة في الأجور تعود إلى الفصل القطاعي. وغالبًا ما تُعتبر الوظائف التي تهيمن عليها النساء أقل قيمة، مما يؤدي إلى انخفاض الأجور في هذه المجالات.
2. التوزيع غير المتكافئ للعمل بأجر وبدون أجر:تلعب النساء دورًا كبيرًا في الأعمال التي بدون أجر، مثل تقديم الرعاية والمهام المنزلية، التي تؤدي إلى أعباء إضافية. رغم أن النساء يعملن لعدد ساعات أكبر في الأسبوع مقارنة بالرجال، إلا أن هذه الساعات غالبًا ما تكون غير مدفوعة، ما يؤدي إلى تفاوت في الأجور بين الجنسين.
3. السقف الزجاجي:توجد فجوة واضحة في تمثيل النساءبالمناصب القيادية، وهو ما يُسمى "السقف الزجاجي". رغم تزايد عدد النساء في سوق العمل، إلا أن تمثيلهن في المناصب العليا يبقى ضعيفًا. على سبيل المثال، في الشركات الكبرى، لا تشغل النساء سوى أقل من 10% من المناصب التنفيذية العليا.
وفي قطاع الإعلام، أظهرت دراسة أجراها معهد رويترز في جامعة أكسفورد أن 27% فقط من كبار المحررين في 240 علامة إعلامية عام 2025 هن من النساء، على الرغم من أنهن يمثّلن نحو 40% من الصحفيين في المؤسسات التي شملتها الدراسة.
4.التمييز في الأجور:في بعض الحالات، لا تزال النساء يتقاضين أجورًا أقل من الرجال على الرغم من قيامهن بنفس العمل أو العمل ذي القيمة المتساوية. ويبقى هذا النوع من التمييز غير مبرر في العديد من الحالات، حيث لا يمكن ربطه بعوامل مثل التعليم أو الخبرة أو ساعات العمل.
وأكدت المفوضية أن الجزء الأكبر من الفجوة بين الأجور في الاتحاد الأوروبيلا يزال غير مبرر. وحثت على تعزيز الشفافية في الأجور للكشف عن هذه الفروق غير المبررة، معتبرة أن العمل بتوجيهات الاتحاد الأوروبي بشأن شفافية الأجور يعد خطوة مهمة نحو معالجة شاملة لهذه القضايا.
إلى جانب الأجور، تظهر التفاوتات في معدلات التوظيف بين الجنسين، حيث يكون معدل التوظيف للرجال أعلى من النساء في جميع الدول الأوروبية الـ32 التي تم تحليلها.
ففي الاتحاد الأوروبي، بلغ معدل التوظيف للرجال 80.9% مقارنة بـ 70.9% للنساء في الربع الثالث من عام 2024، مما يعكس فجوة قدرها 10 نقاط مئوية.
أما في بعض البلدان مثل تركيا، فقد وصل الفارق إلى 38 نقطة مئوية، فيما تجاوز في دول مثل إيطاليا واليونان ورومانيا 18 نقطة مئوية.
تشير هذه الفجوات في الأجور والتوظيف إلى أن المساواة بين الجنسينلا تزال تمثل تحديًا كبيرًا في العديد من البلدان الأوروبية، وأن هناك حاجة ماسة لتحسين الشفافية واتخاذ إجراءات ملموسة لتحقيق العدالة في العمل.