تنتشر المعلومات المضللة على الإنترنت بشأن انتخابات الرئاسة الأميركية، سواء من أنصار اليمين أم اليسار. ويرصد خبيران، تحدث معهما موقع "الحرة"، الديناميكيات المختلفة لعملية التضليل المنتشرة حاليا.

تقول صحيفة نيويورك تايمز في مقال تحليلي إن المناقشات بشأن المعلومات المضللة عبر الإنترنت ركزت في السنوات الماضية على اليمين، ولكن في الأسابيع الأخيرة ظهرت موجة من نظريات المؤامرة والروايات الكاذبة من اليسار أيضا.

على سبيل المثال، قال مساعد للملياردير، المانح المعروف للحزب الديمقراطي، ريد هوفمان، إن محاولة اغتيال الرئيس السابق، دونالد ترامب، ربما تكون مسرحية من تدبيره هو. 

وأثار دميتري ميلهورن، مساعد هوفمان، الجدل بعدما أرسل بريدا إلكترونيا إلى مراسلين يشجعهم فيه على النظر في احتمال أن يكون الحادث مدبرا.

ونتج عن إطلاق النار في تجمع انتخابي لترامب في بنسلفانيا في يوليو الماضي، العديد من نظريات المؤامرة، وتحولت الشائعات بأن ترامب هو من دبر إطلاق النار بنفسه إلى نظريات مؤامرة.

ولايزال يروج لهذه النظريات مستخدمون مجهولون أو مؤثرون ليبراليون لديهم مئات الآلاف من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.

وزعم مؤثرون مشهورون على "أكس" وثريدز" ومنصات أخرى أن عملاء الخدمة السرية ربما ساعدوا ترامب في تنفيذ خطته. وافترض آخرون أن الدم على أذن ترامب الذي شوهد بعد إطلاق الرصاص كان في الواقع "كاتشب".

ووفقا لاستطلاع رأي أجرته شركة "مورنينغ كونسلت" في يوليو الماضي، يعتقد أكثر من ثلث أنصار الرئيس بايدن، الذي انسحب من السباق الرئاسي لاحقا، أن محاولة الاغتيال ربما كانت مدبرة.

وفي قضية أخرى، زعم العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي البارزين، ومنهم الممثل مارك هاميل، ووزير العمل السابق، روبرت رايش، أن ما يعرف باسم "مشروع 2025" وهي وثيقة منسوبة للحزب الجمهوري، تتضمن "خفض الضمان الاجتماعي"، و"حظر وسائل منع الحمل"، و"منع المسلمين من دخول البلاد"، و"إنهاء حق المواطنة بالولادة"، لكن هذه الادعاءات لم يتم ذكرها في الوثيقة، وفق نيويورك تايمز.

والشهر الماضي، قالت حملة مرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، إن ترامب بدا مرتبكا في أحد التجمعات الانتخابية، في تلميح إلى تدهور صحته الذهنية.

ويشعر بعض الباحثين في مجال المعلومات المضللة بالقلق من أن الموجة الجديدة من نظريات المؤامرة ذات الميول اليسارية قد تزيد من استقطاب الخطاب السياسي قبل انتخابات نوفمبر، وفق الصحيفة.

وفي المقابل، روج اليمين أيضا لنظريات المؤامرة بشأن محاولة اغتيال ترامب.

ويعتقد ناشطون في اليمين، وحتى بعض شاغلي مناصب منتخبين، أن محاولة اغتيال ترامب تبدو كأنها عملية داخلية، وتم تبرير الإخفاق في منع مطلق النار على أنه مؤامرة.

من اليمين واليسار.. كيف انتشرت الشائعات عن محاولة اغتيال ترامب؟ منذ الدقائق الأولى لمحاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، مساء السبت الماضي، انتشرت نظريات المؤامرة على الإنترنت، وبعضها يتحدث عن مطلق نار "تحت أوامر" الرئيس جو بايدن أو "الدولة العميقة"، وبعضها يندد بـ"مسرحية مدبرة" لجعل الرئيس السابق بطلا، أو تورط الموساد

وأظهرت العديد من الدراسات أن اليمين السياسي يشارك الكثير من الروايات الكاذبة والمعلومات المضللة، وفق إريك نيسبيت، أستاذ الاتصال وتحليل السياسات في جامعة نورث وسترن الأميركية، الذي تحدث لموقع "الحرة".

وفي أبريل الماضي، تم تداول منشور لحساب يتابعه نحو 3 ملايين شخص أشار بشكل غير صحيح إلى معدلات "مرتفعة" للناخبين المسجلين من دون بطاقة هوية في 3 ولايات هذا العام، اثنتان منها حاسمتان.

 

H O L Y S H I T

The number of voters registering without a photo ID is SKYROCKETING in 3 key swing states:

Arizona, Texas, and Pennsylvania. 

Since the start of 2024:

TX: 1,250,710
PA: 580,513
AZ: 220,731

HAVV allows voters to register with a Social Security Number (4…

— End Wokeness (@EndWokeness) April 2, 2024

 

وما زاد من الترويج للمنشور أن الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، رد عليه، وقال: "هذا أمر مقلق".

وتساءلت النائبة عن ولاية جورجيا، حليفة ترامب، مارغوري تايلور غرين، على إنستغرام: "هل يسجل المهاجرون للتصويت باستخدام رقم الضمان الاجتماعي؟".

وتساءل ترامب نفسه على منصته الاجتماعية الخاصة "تروث سوشل": "من هم كل هؤلاء الناخبين المسجلين دون بطاقة هوية في تكساس وبنسلفانيا وأريزونا؟ ماذا يحدث؟".

لكن مسؤولا في ولاية أريزونا نفى هذا الادعاء في منشورات متعددة على موقع "أكس"، وأصدرت جين نيلسون، سكرتيرة ولاية تكساس، بيانا وصفت ما جاء في المنشور بأنه "غير دقيق تماما".

ومع ذلك، فقد انتشر الادعاء الكاذب على نطاق واسع.

وقالت وكالة أسوشيتد برس إن هذا المنشور يكشف كيف يمكن أن تهيمن مثل هذه الحسابات على المناقشات السياسية اليمينية عبر الإنترنت، حتى مع نشرها معلومات كاذبة.

ويعرف العديد من الشخصيات التي تروج لمثل هذه المنشورات أنفسهم باعتبارهم صحفيين أو مواطنين يكشفون عن الفساد الحقيقي. ومع ذلك، فإن قدرتهم على نشر معلومات مضللة مع إخفاء دوافعهم الحقيقية تثير القلق.

ومؤخرا، حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من "جهات فاعلة سيئة" تغمر المشهد الإعلامي بمعلومات كاذبة ومضللة تستهدف مجتمعات الملونين.

وتشير إلى صور تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي تظهر ترامب مع ناخبين سود مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة واضحة لجذب هؤلاء الناخبين. 

ونشرت بعض هذه الصور مجموعات إعلامية محافظة وبعضها الآخر أفراد عاديون.

أستاذ الاتصال نيسبيت قال لموقع "الحرة" إنه بدءا من انتخابات عام 2016، زاد حجم المعلومات المضللة عن الانتخابات في الولايات المتحدة التي تميل إلى اليمين مقارنة بالتي تميل إلى اليسار.

ويعتقد أن سبب ذلك أن هناك عددا أكبر من وسائل الإعلام والمؤثرين على الإنترنت من أصحاب الميول اليمينية مقارنة بالوسائل الإعلامية ذات الميول اليسارية في الولايات المتحدة. 

ويقول: "المسألة تتعلق بحجم تواجد اليمين على الإنترنت"، ويشير إلى دراسة سابقة لجامعة نورث وسترن بهذا الشأن.

كما يشير إلى دراسة سابقة وجدت أن عدد المؤثرين المؤيدين لترامب على "تيك توك" على سبيل المثال يفوق عدد المؤثرين المؤيدين لبايدن بنسبة اثنين إلى واحد.

ويقول: "قد تعتقد أن مستخدمي تيك توك جيل أصغر سنا يميل إلى اليسار، لكن في الواقع، هذا ليس هو الحال. هناك صعود لليمين أو من يميلون إلى اليمين".

ويشير كذلك إلى ظهور الوسائط الاجتماعية الأخرى مثل رامبل، وهو "بديل كامل" لموقع يوتيوب، يضم عددا كبيرا من الشخصيات الإعلامية اليمينية أو المعلقين السياسيين الذين تم استبعادهم من منصات أخرى لنشرهم معلومات مضللة.

وهناك أيضا كثير من القنوات التي تروج لنظرية المؤامرة "كيو آنون" التي تحظى بقدر كبير من التفاعل على رامبل. (وهي نظرية مؤامرة تقول إن هناك دولة عميقة تخوض حربا سرية على ترامب).

ويلفت أيضا إلى أن ماسك، مالك "أكس"، أعاد تنشيط كثير من الحسابات المتعلقة بمؤيدي اقتحام الكابيتول بعد إزالتها من "تويتر".

وقال إنه في "الوقت الحالي، نرى المعلومات المضللة على فيسبوك وإنستغرام وأكس، مع حجم أكبر من المعلومات المضللة التي تميل إلى اليمين".

لكن هذا لا يعني عدم وجود معلومات مضللة تميل إلى اليسار، وهو ما حدث بعد محاولة الاغتيال.

ويوضح أنه "بعد محاولة الاغتيال مباشرة، انتشر كثير من المعلومات المضللة التي تدعي أنها كانت عملية داخلية، وأن بايدن والبيت الأبيض دبراها، ولكن كان هناك أيضا ادعاءات ذات ميول يسارية بأنها كانت خطة دبرها ترامب من أجل حشد التعاطف.

ويشير إلى قدر كبير من المعلومات المضللة عن هاريس، وعلى سبيل المثال، الترويج لفكرة أنها شقت طريقها إلى قمة الحزب الديمقراطي من خلال علاقات غرامية مع مسؤولين كبار.

هيذر هندرشوت، أستاذة الاتصال، التي تركز على الحملات الانتخابية والإعلام، تتفق أيضا على فكرة زيادة حجم المعلومات المنتشرة لليمين.

وتوضح هندرشوت أنه في بعض الأحيان يتم نشر المعلومات المضللة من خلال تكرارها.

وتقول: "إذا كان لديك القليل جدا من المعلومات، أو لا شيء، فإن الأمر يتضخم لأن الناس يلاحظونه ويحاولون تصحيحه، ويبدو الأمر وكأنه كرة ثلجية".

وتوضح أنه "في أي حملة انتخابية، هناك معلومات يتم تداولها من الجانبين: لديك مصادر رسمية للغاية. لديك معلومات شبه رسمية، وهناك أشخاص عشوائيون يقولون أي شيء يريدونه، وقد لا يكون لديهم أي صفة رسمية في الحملات، أو أي انتماء حزبي على الإطلاق".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المعلومات المضللة نظریات المؤامرة محاولة اغتیال على الإنترنت من المعلومات العدید من تمیل إلى

إقرأ أيضاً:

عقيدة ترامب التي ينبغي أن يستوعبها الجميع

ترددت عبارة خلال إدارة دونالد ترامب الأولى هي بمقام نصيحة مفادها أن كلام ترامب ينبغي أن يؤخذ «على محمل الجد، لكن ليس بحرفيته». وكان هذا التعبير ذو الضرر الفريد قد تردد على ألسنة نطاق عريض من الساسة ووسائل الإعلام. وكان تبنّيه يتواءم مع الموقف الذي ارتاح إليه الكثيرون، وهو أن ترامب شخص سيئ لكنه ليس بالشخص الذكي، فهو لا يعني ما يقول. ولا يتكلم انطلاقًا من حسابات وتعمُّد. وهو قد يجهر ويصرح، لكنه نادرا ما يتبع أقواله بأفعال. وهو في جوهره سلاح أخرق يمكن أن يلحق أضرارًا جسيمةً، ولكن ذلك في الغالب يكون عن طريق الصدفة.

ولا تزال بقية من هذا النهج قائمة بيننا، حتى في التحليل الذي يصف أوامر ترامب التنفيذية الأولى بأنها حملة «صدمة ورعب»، فكأنها محض إرسال إشارات وليست تنفيذا لسياسات. أو في القول بأن خطته لغزة يجب أن تؤخذ -إذا أحسنتم التخمين- مأخذ الجد لكن ليس بشكل حرفي. وحينما قيل ذلك للسيناتور الديمقراطي آندي كيم فقد صبره وقال لمجلة بوليتيكو «إنني أفهم أن هناك من ينكبون على محاولة التخفيف من بعض تداعيات هذه التصريحات» لكن ترامب هو «القائد الأعلى لأقوى جيش في العالم.. فإذا لم أستطع أن أفهم أن كلمات رئيس الولايات المتحدة تعني شيئًا فعليًا، بدلًا من أن ينبغي عليّ أن أكون عرافًا لكي أفسرها، فأنا بالفعل لا أعرف كيف يمكن أن يكون الحال حينما يتعلق الأمر بأمننا الوطني».

يكمن جزء من المشكلة في أن الناس يعزفون عن افتراض أي قدر من التماسك في ترامب. في حين أن عقيدة ترامبية قد بدأت في الظهور، وهي تظهر في السياسة الخارجية بشكل أكثر حدة. ولها سمات واضحة وملامح وما يشبه نظرية موحدة للصراع. وهي ابتداءً قائمة على الصفقات، خاصة عندما يتعلق الأمر بحرب تلعب الولايات المتحدة دورًا فيها. وليس فيها ما له علاقة بالتاريخ أو بأي إحساس موضوعي بالصواب والخطأ. فالتاريخ يبدأ بترامب، ودور ترامب هو إنهاء الأمور، والمثالي هو أن ينهي الأمور ضامنا للولايات المتحدة بعض المكافآت.

والجانب الإيجابي في هذا هو السمة الثانية لعقيدة ترامب: أي التمويل، أو اختزال السياسة في التكاليف، وفي حجم العائد وكيفية تعظيمه. يرى ترامب أن الصراعات والمساعدات المالية لم تثمر للولايات المتحدة أي شيء ملموس. فمن حرب غزة، يمكن الخروج بصفقة عقارات. وفي أوكرانيا، ثمة اقتراح بأربعة أمثال قيمة المساعدات الأمريكية حتى الآن في شكل معادن، وذلك أشبه بشركة متعثرة يحاول مدير استثمارات جديد أن يستعيد لها الأموال التي بددها أسلافه.

والسمة الثالثة هي التخلص من أي مفاهيم تتعلق بـ«القوة الناعمة»، فهذه تعد مكلفة، وفوائدها مشكوك فيها، ومجردة غير قابلة للقياس. بل إن القوة الناعمة قد تكون خرافة محضة، وخيالا طربت له الأنظمة الساذجة السابقة، واستشعرت من جرائه بعض السيطرة، في حين كانت أنظمة أخرى تتغذى على موارد الولايات المتحدة. ففي غزة أو أوكرانيا، كانت الولايات المتحدة تؤدي حركات العمل دونما تحقيق فتح حاسم. فحيثما يرى الآخرون قوة ناعمة، يرى ترامب مستنقعات.

قد تتغير ملامح هذا النهج، وقد تكون قصيرة النظر وضارة بأمن الولايات المتحدة. وقد لا يكون مصدر هذه الملامح بالكامل هو ترامب نفسه، وإنما تقاطع للخيوط السياسية المختلفة في تركيبة المصالح الداعمة والناصحة له. ونظرًا لمرور هذه العقيدة من خلال ترامب، فإنها تتخذ السمات المميزة لشخصيته، من التفكك، والنرجسية، والجهل. ومع ذلك، لا ينبغي الخلط بين أي من هذا وبين الافتقار إلى الاتساق الأساسي والعزم على المتابعة.

يفضي هذا بزعماء آخرين، وخاصة في أوروبا، إلى أن يجدوا أنفسهم حيث تنطمس ترتيباتهم وتفاهماتهم التاريخية فيما يتعلق بالاتفاق مع الولايات المتحدة. فقد أصبحت الدول الأوروبية الآن محض دول صغيرة بوسعها إما أن تتخلى عن مفاهيمها المهدرة حول أهمية رفض فلاديمير بوتن، والانضمام من ثم إلى ترامب في إنهاء الحرب بشروطه، أو أن تتولى الأمر بأنفسها عندما تسحب الولايات المتحدة دعمها.

أما الغضب ولغة «الاسترضاء» و«الاستسلام» فتبدو قراءة خاطئة لما يحدث، وصدى من زمان كان متفقًا فيه بشكل مطلق على أنه لا بد من مواجهة الأعداء العدوانيين لأن أي شيء آخر عدا ذلك لا يكون إلا هزيمة أخلاقية وعلامة ضعف. لكن ترامب يعمل وفق نظام قيم مختلف، لا تنطبق فيه هذه المفاهيم، أو أن لها فيه معاني أخرى.

وفي حين يغلي الأوروبيون، يجري العمل على خطة ترامب الخاصة بأوكرانيا، وليس ذلك في واشنطن بعيدا عن أوروبا، ولكن في الشرق الأوسط، حيث مراكز جديدة للقوة الوسيطة طالما نزعت إلى حس الصفقات.

وهذه المراكز الجديدة تمر هي الأخرى بإعادة تعريف لعلاقاتها بالولايات المتحدة، وليست لديها أي أوهام بشأن العالم الناشئ. فقد التقى سيرجي لافروف بماركو روبيو في الرياض، وسافر فولوديمير زيلينسكي إلى المنطقة استعدادا لمحادثات السلام التي توسطت فيها دول خليجية في أبو ظبي. ويبدو أن الذين كانت علاقاتهم بالولايات المتحدة متوترة، وتتعلق بالمصلحة الذاتية المتبادلة لا بالقيم المشتركة، وكان عليهم دائما أن يدبروا أمورهم مع الولايات المتحدة بدرجات متفاوتة، قد باتوا الآن في وضع أفضل، فهم غير مضطرين للتجمد في رعب أخلاقي.

أما الآخرون، من الأصدقاء والأقارب المقربين ومن يشتركون مع الولايات المتحدة في القيم والالتزامات الأمنية، فإن تغيير النظام يمثل لهم دواء مريرًا يصعب ابتلاعه. ومن المرجح ألا يوجد إقناع أو تفاوض أو أمل في «جسر عابر للأطلسي»، بحسب الوصف الذي وُصف به كير ستارمر باعتبار أنه شخصية يمكن أن تكون وسيطا بين الولايات المتحدة وأوروبا لمنع القطيعة. فهل يحتمل أن يستطيع ستارمر مخاطبة نرجسية ترامب؟ أو «يسلك نهجا دبلوماسيا»، أو يقنع ترامب بأن الاستسلام لبوتن يجعله يبدو ضعيفًا؟ كل هذا يفترض في ترامب قدرًا من الاندفاع يمكن كبح جماحه (على يد رئيس وزراء غير معروف بشخصيته الساحرة)، وأن يتبنى ترامب أيضًا مفاهيم مماثلة عن «حكم التاريخ» أو«الضعف». والحق أنه ما من أرضية مشتركة، حتى لو صغرت حجما.

ثمة خياران الآن أمام السابقين من أصدقاء الولايات المتحدة المقربين وشركائها الأمنيين: التخلي عن كل شيء، والتخلي عن مفاهيم التضامن الأوروبي، وتسريع نهاية نظام ما بعد الحرب، والتصالح مع ضعف الدفاع والتبعية السياسية، أو الشروع في رسم ضخم لخريطة القوة. ويقتضي هذا اتخاذ إجراءات سريعة ومنسقة تنسيقًا وثيقًا على المستوى السياسي والبيروقراطي والعسكري إما للحلول محل الولايات المتحدة، أو على الأقل لإثبات أن هناك كتلة لديها بعض القوة والقدرة والمرونة - وتحدي ترامب باللغة الوحيدة التي يفهمها.

من المغري أن نتصور أن ترامب لا يقصد ما يقول، أو أنه لا بد من تدبر الأمر معه وإقناعه بأن كل ما يكمن وراء أفعاله هو التهور. أو أن هناك طريقة للتوفيق بين ما أصبح الآن في جوهره مفهومين متعارضين للنظام العالمي. فمن الذي يريد أن يستيقظ كل يوم ليفكر في أن العالم كما يعرفه قد انتهى؟ لكن هذا هو الحال. وكلما أسرع القادة السياسيون في تقبل حقيقة أن الطرق المفضية إلى النهج القديم باتت مغلقة، ازدادت احتمالات ألا يتم تشكيل العالم الجديد بالكامل وفقًا لشروط ترامب.

مقالات مشابهة

  • ما الدروس التي استخلصتها شعبة الاستخبارات الإسرائيلية من فشل السابع من أكتوبر؟
  • ثمن سياسات القوة التي ينتهجها ترامب
  • ترامب يدرس فرض رسوم جمركية على واردات النحاس الأميركية
  • ترامب يكشف عن خطة لطرح بطاقة ذهبية تتيح الحصول على الجنسية الأميركية
  • عقيدة ترامب التي ينبغي أن يستوعبها الجميع
  • «مفوضية الانتخابات» تشارك في مؤتمر «صواب» للتصدي للأخبار المضللة والزائفة
  • استقالات من "إدارة كفاءة الحكومة الأميركية" ضد إجراءات ماسك
  • إصابة 17 فلسطينيا في نابلس ودبابات الاحتلال تنتشر في جنين
  • إيلون ماسك يهنئ زعيمة اليمين المتطرف بألمانيا بعد تحقيق حزبها المركز الثاني في الانتخابات
  • ترامب يلغي توجيها لبايدن ربط تصدير الأسلحة الأميركية بحقوق الإنسان