الخرطوم تبحث عن موارد بديلة لتمويل خدمات المواطنين
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
تصريحات الوالي جاءت خلال ورشة عمل نظمتها “جهاز تطوير وتحصيل الموارد الموحد” الثلاثاء، بهدف إيجاد حلول لمشكلة نقص الموارد المالية بعد توقف مصادر تمويل الميزانية بسبب الحرب.
الخرطوم: التغيير
قال والي الخرطوم المُكلف، أحمد عثمان حمزة، إن قوات الدعم السريع قد تسببت في تدمير القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والخدمية بالولاية، مما أدى إلى توقف المصادر الأساسية للإيرادات وخروجها من دائرة الإنتاج.
وأوضح أن هذا الوضع أثر بشكل كبير على ميزانية الدولة التي كانت تعتمد بشكل كبير على العائدات الناتجة من الأنشطة الاقتصادية في الولاية، باعتبارها مركز الثقل لكل الأنشطة الإنتاجية.
تصريحات الوالي جاءت خلال ورشة عمل نظمتها “جهاز تطوير وتحصيل الموارد الموحد” الثلاثاء، بهدف إيجاد حلول لمشكلة نقص الموارد المالية بعد توقف مصادر تمويل الميزانية بسبب الحرب.
الورشة تناولت ورقة عمل رئيسية تحت عنوان “تحصيل الإيرادات واستنباط موارد جديدة: الفرص والتحديات”، وشارك فيها أعضاء حكومة ولاية الخرطوم، بالإضافة إلى الأجهزة المالية والإيرادية والمحاسبية.
وأكد الوالي، وفقاً لوكالة الأنباء السودانية، أن ولاية الخرطوم ملتزمة بتشغيل أجهزتها حتى ولو بالحد الأدنى لتلبية احتياجات المواطنين، مشددًا على ضرورة البحث عن حلول غير تقليدية لتوفير التمويل.
كما دعا إلى تحديد المواعين الإيرادية بدقة، بحيث لا تؤدي إلى إرهاق المواطنين والتجار الذين فقدوا مدخراتهم بسبب الحرب.
وأشار الوالي إلى أن مخرجات هذه الورشة سيتم تنفيذها فوراً، فيما لفتت ورقة العمل الرئيسية إلى أن استمرار الحرب أدى إلى توقف الموارد، وأن من أبرز التحديات هو إعادة النشاط للقطاعات الاقتصادية المتوقفة، واستعادة الأنظمة الإلكترونية المتعلقة بالتحصيل.
ودعت الورقة إلى ضرورة وجود حلول عاجلة لتوفير التمويل اللازم لولاية الخرطوم للاستمرار في تقديم الخدمات.
وقد أكد المشاركون في الورشة على ضرورة استمرار الحياة والعمل رغم الحرب، مقترحين عدداً من الأنشطة القابلة للتطبيق التي يمكن أن توفر عائدات سريعة، خاصة في مجالات الخدمات، والاستثمار، وتطوير الأسواق والموانئ البرية، وتوجيه عائدات هذه الأنشطة لدعم المشاريع الخدمية والتنموية في الولاية.
الوسومآثار الحرب في السودان الإيرادات القطاع النقدي حرب الجيش والدعم السريع ولاية الخرطومالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الإيرادات القطاع النقدي حرب الجيش والدعم السريع ولاية الخرطوم
إقرأ أيضاً:
المخدرات "عملة بديلة" في صفقات داعش السرية
كيف أصبح الفساد حليفًا خفيًا للجماعات الإرهابية؟ وكيف تحولت المخدرات إلى عملة بديلة في صفقات السلاح داخل تنظيم داعش؟
أسئلة كثيرة تتبادر إلى الأذهان ونحن نقرأ صفحات ملف من أخطر الملفات التي كشفت عنها منظمة الشفافية الدولية في تقريرها المثير "The Big Spin" الصادر عام 2017، مؤكدًا أن الفساد لم يعد مجرد بيئة حاضنة للإرهاب، بل شريكًا رئيسيًا في تمدده عبر شبكات تهريب المخدرات والأسلحة.
اعتمد تنظيم داعش الإرهابي منذ نشأته على مصادر تمويل متعددة وغير مشروعة، شملت تهريب النفط والذهب، واختطاف الرهائن، والاتجار بالبشر، وتجارة الآثار. هذه الأنشطة كانت بمثابة الشريان الحيوي الذي وفر له السيولة اللازمة لشراء الأسلحة والذخائر.
لكن المثير أن المخدرات لم تكن مجرد سلعة ضمن مصادر التمويل، بل تحولت إلى عملة بديلة وآلية دفع "آمنة" في صفقات السلاح والسلع، بعيدًا عن أعين الرقابة الرسمية في العديد من الدول.
وفقًا لتقرير "The Big Spin" الصادر في 21 فبراير 2017 عن منظمة الشفافية الدولية، فإن تنظيم داعش استفاد من الفساد المستشري في بعض الدول، واستغله بطريقة منهجية لتأمين موارده المالية. فقد أصبحت تجارة المخدرات أداة رئيسية لتسهيل تبادل الأسلحة والسلع الأخرى عبر شبكات تهريب تمتد عبر القارات.
لا يكتفي تقرير الشفافية الدولية بوصف الفساد كعامل مساعد لصعود داعش، بل يصفه بأنه "ركيزة أساسية" مكّنت التنظيم من توسيع نفوذه الجغرافي والأيديولوجي. ففي المراحل الأولى لتمدده في سوريا والعراق، استغل داعش الانهيارات الأمنية والإدارية لتنظيم عمليات تهريب ممنهجة شملت البشر، والمخدرات، والأسلحة، وحتى السلع الاستهلاكية.
بعد سقوط ليبيا في دوامة الفوضى، وجد داعش بيئة خصبة لعقد صفقات السلاح مع عناصر فاسدة داخل الميليشيات وتابعيها والداعمين لها. الرشاوى كانت الوسيلة الذهبية لتسهيل عمليات تهريب شحنات ضخمة من الأسلحة عبر الطرق الصحراوية المفتوحة.
والأخطر أن التنظيم لم يعتمد فقط على الرشاوى النقدية، بل أدخل المخدرات كوسيلة دفع في صفقات الأسلحة. بهذا الأسلوب، تحوّل داعش إلى "مافيا عابرة للحدود"، تستغل كل الوسائل الإجرامية للبقاء والتمدد والتوغل في دول إفريقية.
استخدم تنظيم داعش شبكات تهريب دولية متطورة لنقل المواد المخدرة من مناطق الإنتاج مثل أفغانستان ولبنان إلى أماكن التخزين أو التداول، حيث تُقايض بالأسلحة مع فصائل فاسدة أو تجار سلاح خارجيين. هذا التكامل بين تجارة السلاح والمخدرات مكّن داعش من تقليل اعتماده على النظام المالي التقليدي، مما صعّب من مهمة تتبعه، ومنحه هامشًا واسعًا للتحرك في الأسواق السوداء.
إلى جانب التمويل، أظهر تقرير الشفافية الدولية كيف استغل داعش الفساد المالي والإداري في عدة دول، وقدم نفسه كـ"مُنقذ" بديل، يفرض النظام ويوفر الأمن على جثث الأبرياء، ويقدم وظائف لعناصره، مستغلاً فراغ السلطة وانعدام الثقة بمؤسسات رسمية.
الفراغ الناتج عن الفساد لم يسهل فقط تجنيد الشباب، بل مكّن التنظيم من السيطرة على مدن كاملة أحيانًا دون مقاومة تذكر، كما حدث في الموصل عام 2014.
من بين أبرز الأدوات التي استخدمها التنظيم كانت حبوب الكبتاجون المخدرة، التي لعبت دورًا مزدوجًا. فهي أولاً كانت تُستخدم كمنشط لعناصر التنظيم أثناء القتال، وثانيًا كانت سلعة تجارية عالية القيمة. تقارير دولية عديدة كشفت أن شحنات كبتاجون تم ضبطها في موانئ على البحر المتوسط كانت تحمل علامات تشير إلى مصانع واقعة في مناطق كانت خاضعة لسيطرة داعش.
بتكلفة تصنيع منخفضة وأرباح هائلة، أصبح الكبتاجون مصدر تمويل رئيسي مكّن داعش من شراء الأسلحة الثقيلة، وتمويل العمليات الإرهابية، ودفع رواتب مقاتليه.
تقرير " The Big Spin" أكد أن الفساد لم يعد مجرد ملف إداري أو شأن أخلاقي داخلي للدول، بل تحوّل إلى خطر داهم على الأمن القومي. فحين تُباع الحدود بالرشوة، وتُمرر الأسلحة عبر منافذ ملوثة بالفساد، وتتحول المنظومة المتكاملة إلى بيئات حاضنة للتهريب والجريمة، فإن الإرهاب يجد الطريق معبّدًا أمامه للتوسع.
التقرير يدعو الدول إلى إدراك العلاقة البنيوية بين الفساد والإرهاب، وإلى ضرورة أن تكون مكافحة الفساد جزءًا لا يتجزأ من أي استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، إلى جانب الجهود الأمنية والعسكرية.
لقد أثبتت الوقائع، بما لا يدع مجالًا للشك، أن تنظيم داعش ما كان له أن يتمدد بهذه السرعة ويحقق هذه القوة لولا البيئة الملوثة بالفساد التي نما فيها: رشاوى، تهريب، مخدرات، سلاح.. .كلها أدوات لم تكن لتُتاح لداعش لولا تفشي الفساد وغض الطرف الرسمي في بعض الدول ورعاية من دول أخرى.
إن الحرب على الإرهاب لا ينبغي أن تظل معركة عسكرية فقط، بل يجب أن تكون أيضًا حربًا مفتوحة على الفساد بكل أشكاله. ففي عالمٍ تُشترى فيه الذمم، يصبح الإرهاب مجرد أحد أعراض مرض أكبر وأكثر خطورة: إنه الفساد.
ولذلك، إذا أرادت الدول حماية مستقبلها وأمنها، يجب أن تبدأ أولاً بتجفيف مستنقعات الفساد، قبل محاولة اقتلاع الإرهاب من جذوره.