صحيفة البلاد:
2024-09-15@15:35:45 GMT

من حكايات الماضي 1 – 2

تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT

من حكايات الماضي 1 – 2

لحاجة صافية خمسينية، حافظة لكتاب الله، ومتفقِّهة في علوم الدين، كانت ضمن النسوة المرافقات لحملة (العصبة) الآتية من اليمن في طريقها إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج في الستينات الهجرية، والتي قد يصل عددها أحياناً إلى (50) ما بين رجال ونساء، ويطلق عليها آنذاك (العصبة) ولها مسؤول يُشرف على مسيرتها، وشؤونها السفرية، وشيخ على قدر من العلوم الدينية، يرجع إليه في مسائل الحج والعمرة وما في حكمها، وشخص يسمونه (الحكيم) لديه خبرة ودراية في الطب البديل، ووسائل تنقلاتهم وأمتعتهم في الرحلة هي (الحمير) أكرمكم الله، والمشهورة بقوة الأجسام وتحمل المشاق والمدربة على الأسفار البعيدة، والوعرة.

ولهذه الحملة خلال مسيرتها مواقف في بعض أمكنة الطريق، تقضي فيها بعض الوقت للراحة من عناء الطريق، وعادة ما تكون هذه المواقف قريبة من القرى ومصادر المياه، ممّا يسهل عليهم شراء ما قد ينقصهم من الاحتياجات الضرورية، ويوجد بين أفراد هذه المجموعة من لديهم (بضائع) يسوقونها أثناء رحلتهم على سكان القرى التي يمرون بها، كالملابس الرجالية والمستلزمات النسائية من روائح عطرية وألبسة وحلي وغيرها من المستلزمات المتنوعة الأخرى ؟

وفي أثناء الطريق، أصيبت الحاجة صافية بحمى الملاريا نتيجة لاختلاف الأجواء والتضاريس، ورغم اجتهاد حكيم الرحلة في إعطائها الإسعافات الأولية، إلا أنها أخذت في التزايد، وخلال موقف الحملة، قررت الحاجة صافية عدم مواصلة الرحلة لمرضها، وعدم قدرتها على مواصلتها، ممّا ألجأ مسؤول الحملة، لشيخ القرية القريبة منهم، بطلب إيوائها لديهم، ريثما يعودون من أداء فريضة الحج، فوافق شيخ القرية بعد تفهمه لحالتها، وخصص لها السكن المناسب في القرية، والعاملة التي تقوم على خدمتها وتمريضها، وقوبلت من أهالي القرية وشيخها بالرعاية الفائقة انطلاقاً من شيم العرب والمروءات التي جُبلوا عليها، من حيث إكرام الضيف والحفاوة به في حله وترحاله؟!

وحرصاً من مسؤول الحملة في التعريف بهذه المرأة، والمكانة التي تحتلها في قريتها، قال لشيخ القرية: الحاجة صافية حافظة لكتاب الله ومتفقِّهة في علوم الدين، ولديها مدرسة نسائية لتعليم القرآن، وحفظه، ونشر علوم الدين بين نساء وفتيات القرية بالمجان، أنشأها والدها -رحمه الله- في جزء من دارهم المجاورة لمسجد الحي كمبرَّة لوالديها، ونذرت نفسها لهذا العمل الخيري، والعزوف عن الزواج مدى الحياة، إحتساباً لما عند الله من الأجر والثواب، ورداً لجميل والديها عليها في تعليمها هذا العلم النافع دنيا وآخرة، وتأسياً بالحديث: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).

وغادر مسؤول الحملة منزل شيخ القرية بعد اطمئنانه بأن وديعته باتت في الحفظ والصون، وتحت إشراف أيدٍ أمينة، وواصل هو ورفاق الحملة المسيرة إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، سائلين الله أن يعودوا وقد منّ الله على رفيقة دربهم الحاجة صافية بالشفاء.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

المديح النبوي.. أشهر القصائد التي تغنت بمدح الرسول

 تمر ذكرى المولد النبوي الشريف خلال أيام، وبهذه المناسبة، يتذكر القرَاء ومحبو الشعر ما دونَه تاريخ الأدب العربي من قصائد، كتبها شعراء في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، تباينت بمستوى بلاغتها، وجمالية لغتها وأسلوبها، بل وحتى في القصيدة الواحدة.

ولعل من أوائل الشعراء حسّان بن ثابت، شاعر الرسول الذي كان يرد على شعراء الجاهلية، ممن كانوا يهجون النبي، وورد أن الرسول دعا لحسان قائلا: "اللهم أيده بروح القدس".
و من الصحابة كتب عبدالله بن رواحة أيضا في مدح الرسول  ومن شعره :
وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ   إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الفَجْرِ سَاطِعُ
أَرَانَا الهُدَى بَعْدَ العَمَى فَقُلُوبُنَا       بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ        إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالكَافِرِينَ المَضَاجِعُ.
ويعتبر النقاد من أهل الثقافة والفنون، أن رائد شعر المديح النبوي هو الشاعر كعب بن زهير، ابن الشاعر الجاهلي القدير، زهير بن أبي سلمى. وفي البدايات عادى كعب الإسلام وهجا الرسول، فأهدر النبيّ دمه، وفيما بعد أسلم بجير بن زهير أخو كعب، ونصحه أن يسلم، فذهب إلى المدينة متخفياً، وأعلن إسلامه ثم أنشد قصيدة بدأها بغزل رقيق كما كان سائداً في نظم الشعر الجاهلي وقال بمطلعها:
بانتْ سعادُ فقلبيِ اليومَ مَتبُولُ
متيَّمٌ إِثرَها، لم يُفْدَ، مكبولُ
وما سعادُ غَداةَ البينِ إذ رحلوا
إلَّا أغنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مكحولُ
ثم مدح الرسول وطلب منه العفو قائلاً:
أُنبئتُ أنَّ رسولَ اللهِ أَوْعَدَني
 والعفوُ عند رسولِ اللهِ مأمولُ
مهلا هداكَ الذي أعطاكَ نافلةَ
القرآنِ فيها مواعظ وتفصيلُ
لا تأخُذَنِّيِ بأقوالِ الوُشاةِ
 ولم أُذنبْ ولو كثُرتْ عَنِّيِ الأَقاويلُ
إنَّ الرسولَ لَنورٌ يُستضاءُ بهِ
 مهندٌ من سيوفِ اللهِ مسلولُ.

 ومن بين أشهر القصائد التي كتبت في مدح النبي قصيدة "الكواكب الدريّة في مدح خير البرية" المعروفة باسم نهج البردة وتقع في 160 بيتاً، وقيل إنّ السبب في نظم القصيدة أن الشاعر البوصيري كان مريضاً ثم رأى النبي في منامه، وغطاه ببردته، وعقب هذه الرؤية شفي فكتب قصيدته التي يقول في أحد مقاطعها:
وراودتهُ الجبالُ الُشُّمُّ من ذهبٍ
عن نفسهِ فأراها أيما شممِ
 وأكَّدَتْ زُهْدَهُ فيها ضرورتهُ
إنَّ الضرورةَ لا تعدو على العصمِ
 وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَةُ مَنْ
لولاهُ لم تخرجِ الدنيا من العدمِ
 محمدٌ سيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْنِ
والفريقينِ من عُربٍ ومن عجمِ
 نبينَّا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ
 أبَرَّ في قَوْلِ "لا" مِنْهُ وَلا "نَعَمِ"
 هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ
لِكلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقْتَحَمِ
دعا إلى اللهِ فالمستمسكونَ بهِ
مستمسكونَ بحبلٍ غيرِ منفصمِ

ومن الشعراء الذين كتبوا في مدح الرسول، الشاعر أحمد شوقي، ولعل من أجمل ما كتب قصيدة "سلوا قلبي" التي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم، ومما جاء فيها:
أَبا الزَهراءِ قَد جاوَزتُ قَدري
 بِمَدحِكَ بَيدَ أَنَّ لِيَ انتِسابا
 فَما عَرَفَ البَلاغَةَ ذو بَيانٍ
 إِذا لَم يَتَّخِذكَ لَهُ كِتابا
 مَدَحتُ المالِكينَ فَزِدتُ قَدرًا
فَحينَ مَدَحتُكَ اقتَدتُ السَّحابا
 سَأَلتُ اللهَ في أَبناءِ ديني
فَإِن تَكُنِ الوَسيلَةَ لي أَجابا
 وَما لِلمُسلِمينَ سِواكَ حِصنٌ
 إِذا ما الضَرُّ مَسَّهُمُ وَنابا.

مقالات مشابهة

  • «زحل يلتهم ابنه وملك تقتله خيوله».. حكايات مرعبة وراء أشهر 7 لوحات غامضة
  • قائد الثورة : مناسبة المولد النبوي مدرسة عظيمة غنية بالدروس والعبر التي نحن في أمسِّ الحاجة اليها
  • مسؤول إيراني: سفن الشحن الإسرائيلية تدفع أمولا للحوثيين لتأمين عبورها من باب المندب
  • محافظ الإسماعيلية يؤدي صلاة الجمعة بمسجد القرية النموذجية
  • المديح النبوي.. أشهر القصائد التي تغنت بمدح الرسول
  • "الحج والعمرة" تدعو للحفاظ على قدسية ونظافة المسجد الحرام
  • مأساة «كيان» وأمها وخالتها.. حكايات مأساوية بين ركام عقار «شبرا» المنهار
  • محافظ الإسماعيلية يفتتح "مسجد القرية" بسرابيوم
  • "حكايات من التاريخ الفرعوني" ضمن لقاءات ثقافة الفيوم
  • أستاذ علوم سياسية: معرفة حجم الدمار والمدة الزمنية التي نحتاجها لإعادة إعمار غزة يتوقف على أمرين