الرياض

أعربت وزارة الخارجية عن إدانة المملكة واستنكارها الشديدين للتصريحات الإسرائيلية بشأن محور فيلاديلفيا، والمحاولات العبثية لتبرير الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقوانين والأعراف الدولية.

وأكدت تضامنها ووقوفها إلى جانب جمهورية مصر في مواجهة تلك المزاعم الإسرائيلية.

وحذرت المملكة من عواقب هذه التصريحات الاستفزازية، ومالها من تبعات في تقويض جهود الوساطة التي تقوم بها جمهورية مصر العربية، ودولة قطر، والولايات المتحدة الأمريكية، للتوصّل إلى وقفٍ دائمٍ لإطلاق النار، وتزيد حدة التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة.

وأكدت تأكيدها على أهمية وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، وضرورة تضافر الجهود الدولية لتمكينه من حقه الأصيل في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: المملكة فيلاديلفيا وزارة الخارجية

إقرأ أيضاً:

لماذا يكره الحداثيون التونسيون تركيا؟

تصدير: "إن التمييزَ السياسيَ الدّقيقَ الذي نستطيع اختزال الدوافعَ والأفعال السياسية كلَّها فيه هو التمييزُ بين الصديق والعدو" (المفكر الألماني كارل شميت)

منذ المرحلة التأسيسية لما سُمّي بالانتقال الديمقراطي في تونس، يلاحظ المراقب للشأن التونسي أنّ المواقف الإقليمية من الفاعلين الاجتماعيين في تونس تتجه إلى التصلب في محورين أساسيين، وهما محوران يختلفان اختلاف تضاد في الموقف من الثورات العربية ومخرجاتها، وإن شئنا الدقة قلنا إنهما محوران يختلفان في الموقف من وجود الإسلاميين -خاصة المنتمين إلى الحركات ذات المرجعية الإخوانية- في الحقل السياسي القانوني. ولذلك اعتبر محور "الثورات المضادة" -بقيادة الإمارات والسعودية- أن كل من يدعم الانتقال الديمقراطي أو حتى يعارض إفشاله هو عدو له.

ونحن نتحدث هنا عن المحور التركي-القطري الذي كان ذا موقف إيجابي من الثورات العربية بدءا من الثورة التونسية، وهو موقف لن ينساه محور الثورات المضادة ووكلاؤه المحليين في تونس كلما وجدوا تركيا أو قطر في وضعية صعبة. ولن نعدم الأمثلة عن مجاهرة أغلب "الحداثيين" التونسيين بالعداء لتركيا أو قطر -بل بالتحريض عليهما والشماتة فيهما- كلما مسّهما الضر قبل "تصحيح المسار" وبعده. وهو ما وقع خلال الأزمة الديبلوماسية بين بعض دول الخليج وقطر ما بين 2017 و2021، وكذلك خلال الانقلاب العسكري الفاشل على الرئيس أردوغان سنة 2016.

مثلما استطاعت "العائلة الديمقراطية" في تونس تذويب خلافاتها الأيديولوجية وصراعاتها التاريخية لمواجهة العدو "الإسلامي" المشترك والمتمثل في حركة النهضة أساسا، فإن "الحداثيين" التونسيين -سواء أكانوا في السلطة أم كانوا في الموالاة النقدية أو المعارضة الراديكالية حاليا- قد نجحوا في تذويب خلافاتهم عند بناء الموقف من المحورين الإقليميين المتواجهَين في تونس وخارجها. فمحور "الثورات المضادة" -أي محور التطبيع- قد كان وما زال هو الحليف الاستراتيجي لكل "القوى الديمقراطية"، بما فيها تلك التشكيلات الأيديولوجية القومية واليسارية التي تكتسب جزءا من شعبيتها من دعم المقاومة الفلسطينية. بل إن ذلك المحور يبقى هو الحليف الأهم لـ"تصحيح المسار" وللسلطة القائمة باسم تحقيق "الإرادة الشعبية" و"مطالب الثورة" داخليا، وباسم "مناهضة التطبيع" والسياسات الإمبريالية والصهيونية خارجيا.

للكشف عن التناقضات الداخلية للوعي السياسي "الحداثي" في موقفه من الأزمة الأخيرة بين السلطة والمعارضة في تركيا، ولمواجهة حملات التزييف المُمنهج التي يمارسها اليسار الوظيفي في الإعلام والنقابات والمجتمع المدني ضد ما يسميه بتركيا "الإخوانية"، سيكون علينا أن نتجاوز ما تقوله الجملة السياسية "الحداثية" لنبحث عما يؤسسها معرفيا وتاريخيا. فلتركيا -على خلاف قطر وقناة الجزيرة- حضور قوي في التاريخ التونسي منذ قرون، وهو تاريخ تمت إعادة كتابته في مرحلة الاستعمار غير المباشر -أو ما يسمى بمرحلة الاستقلال- عبر نخب فرنكفونية تبنت سردية الدولة-الأمّة البورقيبية، وكانت الذراع الأيديولوجية لمنظومة الاستعمار الداخلي. وفي هذه السردية تمت شيطنة الأتراك واعتبارهم سببا أساسيا من أسباب التخلف.

وفي مقابل هذا الموقف السلبي من تركيا العثمانية/الإسلامية كان هناك تثمين صريح أو ضمني لتركيا "الكمالية" باعتبارها النموذج المرجعي لسردية الدولة-الأمة في العالم الإسلامي، وباعتبارها مثالا للتحديث الفوقي/الإكراهي على النمط اللائكي الفرنسي الذي اعتمدته النخب التونسية بعد الاستقلال الصوري عن فرنسا.

قبل الثورة التونسية، لم تكن تركيا "الأردوغانية" نموذجا جاذبا للنخب "الحداثية" اللائكية، ولكنها أيضا لم تكن تمثل أي خطر على ما يسمّونه بـ"النمط المجتمعي التونسي". فأردوغان في أسوأ الحالات هو "إسلامي" أو محافظ (لم يكن وقتها يعتبر إخوانيا عند النخبة الحداثية) يظهر قوّة اللائكية وقدرتها على احتواء خصومها ضمن التراث السياسي الأتاتوركي. أما بعد الثورة، فإن مساندة تركيا للثورة واقترابها من حركة النهضة قد جعلاها هدفا لكل حملات الشيطنة والتشويه من أغلب القوى "الديمقراطية"، بمختلف مكوّناتها البورقيبية واليسارية والقومية.

ولم يكن حظ قطر وقناة الجزيرة بأفضل من حظ تركيا في بكائيات "الحداثيين" على مكاسب "النمط المجتمعي" المهدَّدة من المحور التركي-القطري وأدواته "الإخوانية". ولفهم هذه الأطروحة المركزية في السرديات "الحداثية" التونسية بعد الثورة، سيكون علينا أن نطرح السؤال التالي: بأي معنى تمثل تركيا -وتحديدا نموذج حزب العدالة والتنمية- خطرا وجوديا من منظور أغلب القوى الحداثية في تونس؟

رغم أهمية "المخيال التاريخي" في بناء الموقف المعادي لتركيا عند أغلب النخب الحداثية (أي ارتباط الأتراك في السرديات التاريخية "البورقيبية" بالاستعمار والتخلف وسيطرة "الغرباء" -أي البايات الحُسينيين- على تونس قبل أن يسترجعها منهم "الزعيم")، فإن مناصرة تركيا للربيع العربي ودعمها للانتقال الديمقراطي في تونس -ووقوفها في تونس وخارجها ضد محور الثورات المضادة- كل ذلك جعل النخب الحداثية "تُفعّل" الصور النمطية للتركي العثماني وتسقطها على التركي الأردوغاني فتحوّله -دون الحاجة لدليل- إلى مشروع استعماري جديد، أو على الأقل تختزله في دور الوكيل للمشروع الصهيو-إمبريالي كما يُدندن أغلب "الحداثيين" عندنا بدعم قوي من محور الثورات المضادة وعرّابي مشروع القرن.

وبمعنى ما، يمكن اعتبار مواقف "الحداثيين" من تجربة العدالة والتنمية في تركيا تجليا لمفارقة من أهم مفارقات العقول الحداثية وتناقضاتها الداخلية. فعوض الاحتفاء بانتهاء حكم العسكر وعودة الديمقراطية منذ تولي أردوغان الحكم، وعوض تثمين الشراكة بين الإسلاميين والعلمانيين تحت مظلة النموذج الأتاتوركي من "اللائكية الفرنسية"، وعوض الاستئناس بهذا النموذج لإدارة الانتقال الديمقراطي وبناء المشترك المواطني، فإن النخب "الديمقراطية" التونسية لم تر في تركيا أردوغان إلا نظاما "إخوانيا" تجب شيطنته بكل الطرق، كما يجب تأييد محاولات الانقلاب العسكري عليه ونصرة خصومه حتى لو لم يكن في تاريخهم ومواقفهم ما يشهد لهم بالديمقراطية أو بنصرة القضايا العادلة مثل قضية فلسطين.

لا يخرج موقف "الحداثيين التونسيين" من إيقاف إمام أوغلو عن الخط العام المعادي للإسلاميين داخل البلاد وخارجها. وهو خط يتقاطع موضوعيا -بل يتعامد وظيفيا- مع محور الثورات المضادة ومن ورائها "إسرائيل" ورعاتها في الغرب. ولذلك يحرص أغلب الحداثيين على حصر الاستهداف في "الإخوان"، وهو أمر يمكن رده إلى عاملين أساسيين : أولا، مخاوف محور الثورات المضادة -خاصة السعودية- من "الإخوان" باعتبارهم يقدمون نموذجا لإمكانية التصالح بين الإسلاميين والفلسفة السياسية الحديثة، أو باعتبارهم نموذجا للتعايش بين الإسلاميين والعلمانيين بعيدا عن منطق التكفير ومنطق التخوين، أي منطق التنافي والصراع الوجودي. الأصوات المروجة لنهاية "زمن الإخوان" في تونس هي نفسها -وإن ادعت مناصرة المقاومة تماشيا مع الرأي العام- من يعادي بناء أي ديمقراطية تشاركية لا تستثني الإسلاميين. ولمّا كانت تركيا قد قدمت نموذجا لإمكانية وجود فضاء سياسي يستدمج الإسلاميين ويكون فعّالا من الناحية الاقتصادية، فإن النخب "الحداثية" لا يمكن إلا أن تعادي ذلك النموذج خدمةً لمصالحها الداخلية ولمصالح "أصدقائها" الذين سنجد فيهم "إسرائيل" وإن تخفت وراء محور الثورات المضادة وعرّابي التطبيعثانيا، مخاوف "الكيان الصهيوني" والغرب بصفة عامة من "المقاومة الإسلامية" (ذات المرجعية الإخوانية) وهو ما يستدعي شيطنة كل الحركات الإخوانية لتبرير ضرب المقاومة الفلسطينية وشرعنة "الإبادة الجماعية" للشعب الفلسطيني أمام الرأي العام العالمي.

ونحن نذهب إلى أن الموقف من "الإخوان" -وما تلاه من إفشال لكل التجارب الديمقراطية التي شاركوا فيها- لا يمكن أن ينفصل عن العاملين المذكورين أعلاه: الخوف على الأنظمة التسلطية العربية -خاصة الأنظمة ذات الشرعية الدينية- والخوف على "الكيان الصهيوني" في حال سقوط "الحصون المتقدمة" التي تحميه في أنظمة الطوق وغيرها.

لقد أثبتت مواقف "النخب الحداثية" التونسية من الأزمة التركية الأخيرة أن ما يحدد الموقف ليس "الحقيقة" أو "المبادئ" وإنما المصالح الداخلية لما يسمى بـ"العائلة الديمقراطية" ومصالح "الأصدقاء" في الخارج. وبصرف النظر عن الادعاءات الذاتية لتلك النخب، فإن طبيعتها الوظيفية في منظومة الاستعمار الداخلي تجعلها معادية لكل جهة تقبل بـ"الإسلاميين" مكوّنا من مكونات المشهد السياسي القانوني، خاصة الحركات ذات المرجعية الإخوانية. فارتباط النخب "الحداثية" بمحور الثورات المضادة يجعلها واقعيا في محور "التطبيع"، أي في محور متصهين يعتبر أن عدو "الكيان الصهيوني" والغرب عموما (حركات المقاومة الإسلامية "الإخوانية" مثل حماس والجهاد) هو عدوه الاستراتيجي.

ولذلك، فإن تلك الأصوات المروجة لنهاية "زمن الإخوان" في تونس هي نفسها -وإن ادعت مناصرة المقاومة تماشيا مع الرأي العام- من يعادي بناء أي ديمقراطية تشاركية لا تستثني الإسلاميين. ولمّا كانت تركيا قد قدمت نموذجا لإمكانية وجود فضاء سياسي يستدمج الإسلاميين ويكون فعّالا من الناحية الاقتصادية، فإن النخب "الحداثية" لا يمكن إلا أن تعادي ذلك النموذج خدمةً لمصالحها الداخلية ولمصالح "أصدقائها" الذين سنجد فيهم "إسرائيل" وإن تخفت وراء محور الثورات المضادة وعرّابي التطبيع، كما سنجد فرنسا ومنظومة الاستعمار الداخلي وإن انتقدوهما "مجازا" في سردية التحرير الوطني.

x.com/adel_arabi21

مقالات مشابهة

  • لماذا يكره الحداثيون التونسيون تركيا؟
  • محور بديل خزان أسوان.. أحدث مشروعات مصر القومية الكبرى «صور»
  • الرئيس عون: لبنان لا يمكنه أن يتحمل الانتماء إلى أي محور كان
  • إصابة شخصين في تصادم سيارتين على محور جمال عبدالناصر بالقاهرة
  • مصر تدين الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السّورية
  • تقارب صيني فرنسي.. تنسيق بشأن القضايا الدولية والإقليمية الساخنة
  • (نص) كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي ضمن كلمات قادة محور المقاومة في منبر القدس
  • المملكة تدين الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين وسوريا
  • المملكة تدين الانتهاكات الإسرائيلية وتدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته
  • دبلوماسية ولي العهد بالقضايا الدولية.. حكمة وقيادة تعكس مكانة المملكة