التدريب ودوره في صناعة التغيير
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
تتطور المعارف وتتقدم بشكل متسارع أكبر من أي وقت مضى، ويتحول هذا التطور المعرفي والتكنولوجي إلى مصدر تعقيد في المؤسسات إذا لم تستطع مواكبته بتأهيل موظفيها وكوادرها البشرية لتكون معارفهم العلمية والتكنولوجية مواكبة لآخر تطورات العلم والمعرفة التي تساهم في دعم وظائفهم ومؤسساتهم.. وعلاوة على ذلك فإن التدريب والتأهيل على رأس العمل من شأنه أن يزيد دافعية الموظفين ويرفع إنتاجيتهم ويحفزهم للعمل ويشعرهم بمكانتهم في مؤسستهم التي تسعى لتطويرهم بشكل مستمر.
ولا يمكن النظر إلى هذا النوع من التدريب بوصفه ميزة تقدمها مؤسسة من المؤسسات لموظفيها، إنها استراتيجية أساسية يمكن أن تعزز الإنتاجية والاحترافية بشكل كبير. على أن مثل هذا التدريب لا يقتصر على المؤسسات الإنتاجية/ الصناعية إنه ضروري وأساسي لجميع المؤسسات بما في ذلك المؤسسات الحكومية الإدارية، فعلم الإدارة يتطور بشكل متسارع وتتقدم نظرياته بتقدم وتطور احتياجات المستفيدين من المؤسسات الحكومية، إضافة إلى أن هذا النوع من التدريب من شأنه أن يساهم في بناء السمعة المؤسسية وبالتالي سمعة الدولة نفسها.
وعندما يتلقى الموظفون تدريبًا مصممًا خصيصًا لأدوارهم المحددة، يمكنهم بسرعة تطبيق مهارات ومعارف جديدة على مهامهم اليومية، والموارد البشرية المدربة جيدًا أكثر كفاءة، ويمكنها حل المشكلات بشكل أسرع، وهي مجهزة بشكل أفضل لمواجهة التحديات التي تنشأ في بيئة عمل متطورة بشكل متسارع، وهذا بدوره يؤدي إلى مستويات إنتاجية أعلى في جميع أنحاء المنظمة. كما يعزز التدريب في بيئة العمل وخلاله ثقافة الابتكار التي تسعى لها جميع المؤسسات.
لكن موضوع التدريب والتأهيل لا تقتصر أهميته اليوم على الموظفين بل هو احتياج أساسي للباحثين عن عمل، فالدورات التدريبية المصممة بمهنية عالية من شأنها أن تكسب الباحثين عن عمل الكثير من الخبرات التي تكون في العادة شرطا للحصول على الكثير من الوظائف؛ لذلك من الأهمية بمكان أن تصمم مؤسسات الدولة دورات تدريبية على مستوى عالٍ من المهنية والاحترافية ينخرط فيها الباحثون عن عمل، ويمكن أن تكون مربوطة بخطط توظيف إن لم يكن في الجهات الحكومية ففي القطاع الخاص بحيث لا يكون هناك شكوى من ضعف المخرجات وقلة دافعيتها وخبرتها، على أن يكون القطاع الخاص شريكا أساسيا في بناء الدورات التدريبية والتأهيلية لتكون مصممة وفق احتياجاته واحتياجات سوق العمل بشكل عام. لكن هذا الأمر يحتاج أيضا إلى بناء وعي داخل مؤسسات القطاع الخاص بأهمية التدريب والتأهيل وأثره على الإنتاجية، والخروج من الأفكار التقليدية التي ظلت لعقود تسيطر على الكثير من المؤسسات إلى حد أبعدتها عن دائرة المنافسة فيما كان يمكن أن تتجاوز منافستها السوق المحلية إلى السوق الإقليمية.
وفي هذا السياق يمكن التأكيد على أن الأسواق العالمية اليوم تبحث عن المبدعين وتقدم لهم الكثير من الحوافز لما لهم من قدرة في تغيير مسارات المؤسسات. وإذا كانت المرحلة الماضية شهدت الكثير من التعقيدات في هذا الجانب فإن الأحداث التي جرت خلال السنوات الماضية جديرة أن نستوعب منها العبر.. ويمكن أن نستذكر المقولة التي تقول «إن الخطأ الحقيقي الوحيد هو الخطأ الذي لا نتعلم منه شيئًا».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکثیر من یمکن أن
إقرأ أيضاً:
إدريس إلبا يلهم رواد التغيير البيئي في قمة إرثنا بالدوحة
تحدّث الممثل والناشط الإنساني، إدريس إلبا، خلال قمة إرثنا التي نظمتها مؤسسة قطر، عن دور الابتكار في إحداث التغيير الإيجابي، مشددا على أهمية إشراك الشباب أينما كانوا، من خلال منصات تواكب اهتماماتهم.
وفي كلمته خلال حفل افتتاح القمة التي انطلقت أمس الثلاثاء وتعقد على مدار يومين، بعنوان "بناء إرثنا: الاستدامة والابتكار والمعرفة التقليدية"، أوضح إلبا، أهمية إلهام الشباب في رسم مساراتهم المستقبلية، من خلال استحضاره لذكريات انطلاق شغفه بالتمثيل في سن الـ14، عندما زار مدرسته ممثل بريطاني مشهور، فتغيّر كل شيء في حياته.
وقال إلبا إنه "في تلك اللحظة، ولأول مرة، أدركنا أن التمثيل ليس مجرد هواية، بل يمكن أن يكون مهنة حقيقية. ومنذ ذلك الحين، أصبحت مسيرتي المهنية تدور حول إيجاد طرق لخلق ذات الشعور بالتشجيع والإلهام". تتجسد هذه الرسالة في العمل الخيري الذي يقوده إدريس إلبا من خلال مؤسسة "إلبا هوب" التي أنشأها بهدف إحداث تغيير إيجابي دائم في حياة الأفراد والمجتمعات.
وأضاف أن "تواجدي هنا اليوم هو بسبب مهنتي، لكن بذرة إلهام الآخرين وترك أثر في حياتهم متجذّرة بداخلي. لهذا السبب، أركّز اليوم بشكل كبير على بذل أقصى ما يمكن في إشراك الشباب، لنقل ذلك الإلهام إليهم، لأعيش معهم تلك اللحظة التي يقولون فيها: هذا الرجل، ليس مجرد شخصية على الشاشة، بل هو إنسان حقيقي، وهو يقدم لنا دعمًا حقيقيًا".
وأوضح إلبا، وهو ممثل، وصانع أفلام، وناشط إنساني وموسيقي ومؤسس (IEV/مجموعة أكونا)، أن الأفلام، من خلال التعليق الصوتي والموسيقى والصور، قادرة على التأثير في الناس والحفاظ على تفاعلهم. مشيرا إلى أنه تاريخيا، استُخدمت السينما والتلفزيون لنشر "الخير والشر"، على حدِ قوله، ولهذا السبب فهو يؤمن بأن فكرة "الإبداع الواعي" أساسية لاستدامة دورة التعلم.
إعلانوأشار إلى أن الأمر ينطبق نفسه على الإبداع، "أنا أصبحت ممثلًا فقط لأن ممثلًا جاء يومًا وتحدث إليّ، والمساهمة في الإلهام والتأثير يعدّ جزءًا أساسيًا من دورة بالغة الأهمية. أعتقد أن الوعي أثناء العملية الإبداعية، ومعرفة أننا سنحدث أثرًا فاعلًا في الجيل القادم، هو أمر في غاية الأهمية. وعندما نفكر في كيفية ارتباط هذا كله بأزمة المناخ وأزمة الغذاء، ندرك أننا كبشر، نحن مبدعون بطبيعتنا".
كما تحدث إلبا عن أهمية التعلم والحفاظ على الماضي واحترامه، للبقاء على اتصال بالتقاليد والتكيف في الوقت نفسه مع التغيرات العالمية.
وقال "أخبرني والدي يوما، أنه حين كان صغيرا، كانت القرى تتواصل عبر "الطبل الناطق"، فإذا هطل المطر أو كان هناك أمر يجب أن تعرفه القرية التالية، كانوا يستخدمون الطبل كوسيلة تقليدية للتواصل"، وأضاف "دعونا لا نستغني عن الطبل الناطق، بل دعونا نجد سبلا للابتكار من أجل استمرار هذا التواصل".
والجدير بالذكر أن "إرثنا- مركز لمستقبل مستدام" غير ربحي ينصب تركيزه على بحوث السياسات والمناصرة، أنشئ تحت مظلة مؤسسة قطر بهدف تعزيز وتمكين إستراتيجية متكاملة لتحقيق الاستدامة والازدهار في المجالات البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
كذلك يعمل المركز على تعزيز الاستدامة في قطر والدول ذات المناخ الحار والجاف، مع تركيزه على مجالات متنوعة مثل الاستدامة، الاقتصاد الدائري، انتقال الطاقة، تغير المناخ، التنوع البيولوجي، والمدن المستدامة. يسعى المركز أيضا إلى تعزيز التعاون بين الخبراء والباحثين، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، والشركات، والمجتمع المدني، بهدف تطوير حلول مبتكرة تسهم في إحداث تغييرات إيجابية.
وكذلك يقوم مركز "إرثنا" بتطوير وتجربة حلول مستدامة وسياسات مدعومة بالبيانات لقطر والمناطق الحارة والجافة، مع الاستفادة من إمكانيات المدينة التعليمية كقاعدة اختبار للتقنيات والممارسات المستدامة. ويلتزم المركز بدمج التفكير العصري مع المعرفة التقليدية، مسهما في رفاهية المجتمع من خلال خلق إرث مستدام ضمن بيئة طبيعية مزدهرة.
إعلان