في منزل بشمال أفغانستان، رسمت خوشي (19 عاما)، صورة لنفسها داخل قفص وهي متسربلة ببرقع أزرق.

كانت الطالبة الجامعية السابقة تحضر دروسا في القانون والعلوم السياسية في الجامعة الرئيسية بإقليم بلخ شمال أفغانستان، لكنها وقعت فريسة للاكتئاب منذ أن منعت حركة طالبان الفتيات من الالتحاق بمؤسسات التعليم الجامعي في ديسمبر، وهو أمر تطلب خضوعها لعلاج نفسي حيث نصحها الأطباء بحضور جلسات علاج بالرسم.

قالت خوشي، التي عرفت باسمها الأول فحسب لدواع أمنية، "حينما أدركت أنني لست على ما يرام نفسيا، حزنت، لم أكن سعيدة إطلاقا، كنت مكتئبة دوما، شعرت أنني طائر محبوس في قفص، طائر فقد كل أسباب السعادة".

وأضافت أنه "بعدما حظرت طالبان التحاق الفتيات بالجامعات وأعلنت أنه لم يعد بوسعهن مواصلة التعليم، شعرت بالغضب الشديد‭ ‬وتدهورت صحتي النفسية يوما بعد يوم، وقررت أخيرا الذهاب لطبيب نفسي التماسا للتحسن".

تقول طالبان إنها تحترم حقوق المرأة بما يتماشى مع تفسيرها للشريعة الإسلامية والثقافة الأفغانية.

لكن أفغانيات وخبراء في الصحة النفسية يقولون إن كثيرا من النساء، وتحديدا في المناطق الحضرية، ممن حصلن على فرص تعليم وعمل خلال وجود القوات الأجنبية الذي استمر 20 عاما وحكومة مدعومة من الغرب يعانين الآن من إحساس عميق باليأس ومشكلات نفسية.

قال طبيب خوشي النفسي، الذي لا يمكن ذكر اسمه أيضا لدواع أمنية، "منذ بدأت الإمارة الإسلامية (حكومة طالبان) حكم البلاد، فرضوا الكثير من القيود على النساء، فمنعوهن من دخول الجامعات والمتنزهات الترفيهية وصالونات التجميل والقائمة تطول، لم يتركوا شيئا للنساء".

وأضاف "قاعات الرسم هي الفضاء الوحيد المتبقي لدينا لمساعدة مرضانا، أصبحت المكان الوحيد الذي يمكن للفتيات فيه تصفية ذهنهن ومعرفة أخبار صديقاتهن القديمات وتكوين صداقات جديدة، بل يمكنهن تعلم الرسم أيضا علاوة على كل ما سبق".

تزور خوشي طبيبها النفسي مرتين شهريا. واعتاد الطبيب فحص ما بين أربعة وخمسة مرضى يوميا، لكنه يقول إن عدد مرضاه ارتفع الآن إلى ما بين 10 و15 يوميا أغلبهم من النساء. وقال إن الزيادة صارت ملحوظة أكثر بعدما طبقت طالبان حظرا على التحاق الفتيات بالجامعات.

وتقدر المنظمات الصحية أن نصف سكان أفغانستان البالغ عددهم 40 مليونا يعانون من مشكلات نفسية بعد الحرب وانعدام الاستقرار على مدى عقود.

ولا توجد أرقام موثوقة تذكر عن اتجاهات الصحة النفسية، لكن الأطباء وموظفي المساعدات يتناقلون فيما بينهم أن عدد النساء اللائي يعانين من الصحة النفسية في أعقاب أوامر تقييد عملهن وتعليمهن قد ازداد.

وفي مرسم صغير بمزار الشريف عاصمة إقليم بلخ، تزين اللوحات الحوائط وتتجمع فتيات عدة، منهن خوشي، لحضور جلسة الرسم بالقلم الرصاص. وذهبت الكثيرات منهن إلى هناك بتوصية من خبير في الصحة النفسية لتخفيف شعورهن بالعزلة وتعلم مهارة جديدة، بالإضافة إلى حضور جلسات العلاج النفسي وأخذ الأدوية.

وقالت طالبة سابقة بالجامعة في الجلسة "حينما شعرت بالاكتئاب، وصف لي الطبيب الذهاب إلى مكان أشعر فيه بالهدوء النفسي. اخترت المرسم. فلم أكون صداقات وطيدة هنا فحسب، وإنما خضعت أيضا للعلاج بالرسم".

وقالت خوشي "يمنحني ذلك شعورا بالإنجاز لأنني فعلت شيئا ما، وبشكل عام، الرسم يكسبني الثقة". وأضافت "أنا محبطة في حياتي، لكنني لن أستسلم، سأقاتل. آمل أن تتحسن الأمور في المستقبل".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الصحة النفسیة

إقرأ أيضاً:

توتر واكتئاب وخوف من المجهول.. مخاطر الحروب على الصحة النفسية للأطفال.. أطباء نفسيون يوضحون الأضرار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مخاطر الحروب يعيشها العالم حاليا؛ في ظل حالة من التوتر والاضطراب والصراعات الجيوسياسية بين دول العالم ، حيث تشهد العديد من المناطق نزاعات مسلحة وأزمات اقتصادية متفاقمة تؤثر هذه الأحداث بشكل كبير على الصحة النفسية للجميع، ولكن الأطفال هم الأكثر عرضة لتداعياتها السلبية ، فالأطفال الذين يشهدون العنف والصراعات والاضطرابات يعانون من صدمات نفسية عميقة قد تؤثر على نموهم وتطورهم على المدى الطويل. لذلك، فإن الاهتمام بصحة الأطفال النفسية في ظل هذه الظروف يعد أمرًا بالغ الأهمية يطرح تساؤل فى منتهى الخطورة هو ما اهمية توافر جودة الصحة النفسية للأطفال وسط مايدور حولهم من تصعيدات عسكرية جيوسياسية واخبار الابادة الجماعية الصهيونية للشعب الفلسطينى والشعب اللبنانى حاليا والازمات الاقتصادية المتنامية بشراسة

تأثير الأحداث الجارية على صحة الأطفال النفسية

من جانبها حذرت د. دينا الصفطي لـ " البوابة نيوز " أستاذ الطب النفسي من مخاطر الحروب التى تؤدي الى مزيد من التصعيدات العسكرية الموترة لأعصاب الكبار والأطفال وأخبار عن إبادة جماعية وأزمات اقتصادية إلى مجموعة من الآثار السلبية على صحة الأطفال النفسية، منها الخوف والقلق من المجهول والمستقبل، ويشعرون بالقلق المستمر على سلامتهم وسلامة أحبائهم ،واضطرابات النوم والكوابيس المتكررة ، وصعوبات في التركيز وتعلم أشياء جديدة بسبب انشغالهم بالتفكير في الأحداث المأساوية، والسلوك العدواني تجاه أنفسهم أو الآخرين كطريقة للتعبير عن مشاعرهم السلبية ، والاكتئاب متمثل فى فقدان الشهية، والعزلة الاجتماعية، والشعور باليأس ، واضطراب ما بعد الصدمة، والذي يتضمن إعادة تجربة الحدث المؤلم في الكوابيس والأفكار المتكررة.

أهمية الاهتمام بصحة الأطفال النفسية في ظل مخاطر الحروب

واضافت  إن الاهتمام بصحة الأطفال النفسية في ظل هذه مخاطر الحروب يعد أمرًا بالغ الأهمية لعدة أسباب اهمها الحفاظ على صحتهم النفسية والجسدية التى تساعد الرعاية النفسية للأطفال على تقليل حدة الأعراض النفسية التي يعانون منها وتحسين صحتهم الجسدية ومنع حدوث مشاكل نفسية مستقبلية فيمكن للرعاية النفسية المبكرة أن تساعد في منع تطور مشاكل نفسية أكثر خطورة في المستقبل، مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية وتحسين قدرتهم على التعامل مع الصعوبات فتساعد الرعاية النفسية للأطفال على تطوير مهارات التكيف مع الصعوبات والتحديات التي يواجهونها يوميا فى المدرسة والنادى ومع جيرانهم واصدقائهم ، وكذلك بناء مجتمع أكثر صحة وسعادة لإن الاستثمار في صحة الأطفال النفسية هو استثمار في مستقبل المجتمع، حيث أن الأطفال الأصحاء نفسياً هم أكثر قدرة على المساهمة في بناء مجتمع أكثر صحة وسعادة.

كيف يمكن دعم صحة الأطفال النفسية؟

وداخل السياق ذاته اوضحت د. يارا فيصل الطب النفسي لـ " البوابة نيوز " ان هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها دعم صحة الأطفال النفسية في ظل هذه الظروف، منها توفير بيئة آمنة ومحبة فيجب أن يشعر الأطفال بالأمان والحب في المنزل والمدرسة ومن المهم التحدث مع الأطفال عن مشاعرهم ايا كانت يجب أن يشجع الآباء والمعلمون الأطفال على التعبير عن مشاعرهم بحرية حتى لا يتم كبتها وانتظارها لانفجار مدمر للصحة النفسية وتقديم الدعم العاطفي للأطفال لمساعدتهم على التغلب على الصعوبات والبحث عن مساعدة مهنية من طبيب نفسي أو معالج نفسي ، وتوفير أنشطة ممتعة للأطفال لمساعدتهم على الاسترخاء والتخلص من التوتر المتنامى لدى الاطفال بسبب نشرات الاخبار والصراعات فى الدراما ونقص الترفيه والرحلات الثقافية فى المدارس والجامعات ، إن الأحداث الجارية تؤثر بشكل كبير على صحة الأطفال النفسية، ولكن من خلال توفير الرعاية والدعم اللازمين يمكننا حماية أطفالنا من الآثار السلبية لهذه الأحداث. يجب على المجتمع ككل أن يعمل معًا لتوفير بيئة آمنة ومحبة للأطفال، وأن يوفر لهم الدعم النفسي الذي يحتاجونه للتعافي والتطور.

مقالات مشابهة

  • الأربعاء.. مكتبة الإسكندرية تحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية
  • محكمة العدل الأوروبية: الجنس والجنسية كافيان لمنح النساء الأفغانيات حق اللجوء
  • مجمع إرادة الصحة النفسية بجدة ينظم مؤتمره العاشر عن “الإدمان من الوقاية إلى التأهيل”
  • مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية تنظّم النسخة الثالثة من مؤتمر الصحة النفسية
  • وزير الشباب يشهد انطلاق المعسكر الأول لـ"أطفالنا حياة" لدعم الصحة النفسية للأطفال
  • مكتبة الإسكندرية تحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية
  • على مدار يومين.. مكتبة الإسكندرية تحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية
  • التوتر والضغوط اليومية.. تأثيرها على الصحة النفسية وطرق فعالة للتعامل معها
  • توتر واكتئاب وخوف من المجهول.. مخاطر الحروب على الصحة النفسية للأطفال.. أطباء نفسيون يوضحون الأضرار
  • «ملوش علاج».. تحذير من فيروس قاتل ينتشر في إفريقيا