لحماية قلبك استثمر عطلاتك في تعويض ما فاتك من النوم
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
كشفت دراسة حديثة أن الأشخاص الذين "يعوضون" نقص النوم الذي يعانون منه خلال الأسبوع بالنوم لساعات إضافية في عطلات نهاية الأسبوع قد يرون انخفاضا في خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى الخُمس.
وقُدمت هذه الأخبار السارة في مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب يوم 29 أغسطس/آب 2024 والذي عقد في لندن في المملكة المتحدة، وكتب عن الدراسة موقع ساينس ديلي.
يحدث أحيانا أن يتطلب أسبوع من العمل الجاد أو الامتحانات تقليلا من ساعات النوم أو إحداث تغير في مواعيدها، الأمر الذي يؤدي إلى نقص النوم لدى الأفراد. ومن المعروف أن من يعانون من نقص النوم ينامون ساعات إضافية في أيام العطلة لتخفيف آثار نقص النوم.
استخدم الباحثون بيانات لـ90 ألفا و903 أشخاص شاركوا في مشروع البنك الحيوي في المملكة المتحدة، هو قاعدة بيانات طبية حيوية واسعة النطاق ومورد بحثي يتيح إجراء اكتشافات علمية جديدة تعمل على تحسين الصحة العامة من خلال إتاحة مجموعة كبيرة من بيانات المرضى بطريقة لا تخترق خصوصيتهم.
ولتقييم العلاقة بين النوم التعويضي في عطلات نهاية الأسبوع وأمراض القلب، تم تسجيل بيانات النوم وتم تقسيمها إلى أربع مجموعات تقريبية من الأقل تعويضا للنوم إلى الأكثر تعويضا.
عرّف الباحثون الأشخاص الذين سجلوا عدد ساعات نوم أقل من 7 ساعات في الليلة على أنهم يعانون من نقص النوم. وتم تعريف ما مجموعه 19 ألفا و816 شخصا (21.8%) من المشاركين على أنهم يعانون من نقص النوم. أما باقي المشاركين فقد عانوا من نقص النوم أحيانا، لكن متوسط ساعات نومهم اليومية لم يصل إلى معيار نقص النوم.
أمراض القلبتم استخدام سجلات المستشفى ومعلومات سجل أسباب الوفاة لتشخيص مختلف أمراض القلب بما في ذلك أمراض القلب الإقفارية، وفشل القلب، والرجفان الأذيني، والسكتة الدماغية.
وبمتابعة متوسطة تصل إلى ما يقارب 14 عاما، كان المشاركون في المجموعة التي حصلت على أكبر قدر من النوم التعويضي أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة 19% مقارنة بأولئك الذين حصلوا على أقل قدر من النوم التعويضي. ولم تُظهر التحليلات أي فروق بين الرجال والنساء.
وقال زيشن ليو، المؤلف المشارك في الدراسة من المختبر الوطني الرئيسي للأمراض المعدية بمستشفى فواي، والمركز الوطني لأمراض القلب والأوعية الدموية في بكين، "تُظهر نتائجنا أنه بالنسبة لجزء كبير من السكان في المجتمع الحديث الذين يعانون من نقص النوم، فإن أولئك الذين يحصلون على أكبر قدر من النوم التعويضي في عطلات نهاية الأسبوع لديهم معدلات أقل بكثير للإصابة بأمراض القلب مقارنةً بأولئك الذين يحصلون على أقل قدر من النوم التعويضي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
الذين يشبهون الدعاء لا يُنسَون
عائشة بنت سالم المزينية
هناك أشخاص حين تلتقي بهم، تشعر أنك لم تلتقِ بشخص، بل بدعاء سكن قلبك يوما، ولبّاه الله لك دون أن تدري. أولئك الذين يشبهون الدعاء لا يمرّون مرور الكرام في حياتنا، بل يزرعون شيئا ناعمًا في الروح، شيئًا لا يُرى بالعين، ولا يُقاس بالكلمات، لكنه يبقى. يبقى كأثر المطر على الأرض، وكطمأنينة السجود بعد ضيق.
ولأنهم يشبهون الدعاء، فإن حضورهم لا يكون صاخبا، بل هادئا يشبه نسيم الفجر، يدخل القلب دون استئذان، ويُضيء العتمة دون أن يُشعل ضوءًا. هم أولئك الذين يكفون عن الكلام حين يحين وقت الإصغاء، ويُحسنون الظن بك حين تعجز عن تبرير صمتك. وجودهم لا يعتمد على قرب المسافة، بل على نقاء النية، وصدق الشعور، وسخاء القلب.
وفي كل مرحلة من مراحل العمر، لا بد أن تصادف شخصًا واحدا على الأقل، يُعيد ترتيبك من الداخل. لا يطلب شيئا، لا ينتظر رد الجميل، لا يسعى لفرض حضوره، فقط يكون هناك حين تحتاج، كأن قلبه يرنّ مع ألمك، وكأن نفسه لا تهدأ حتى يطمئن عليك. هؤلاء لا يُنسَون، لأنهم ببساطة يشبهون تلك اللحظات التي بُثّت فيها أمنياتنا إلى السماء.
ولذلك، حين تتقاطع دروبنا مع أشخاص بهذه الروعة، فإننا نكسب شيئا أكبر من مجرد علاقة، نحن نكسب امتدادا روحيا لا يشيخ، لا يتغير بتقلبات المزاج، ولا يتبدد مع الزمن. وفي الحقيقة، ليست الصداقات التي تدوم هي الأطول عمرا، بل هي الأصدق أثرا. هؤلاء، هم أولئك الذين تجد آثارهم في كل لحظة فرح أو حزن، في كل إنجاز أو سقطة، كأنهم يرافقونك سرا حتى حين لا يكونون بجانبك.
ومن اللافت أن هؤلاء الأشخاص لا يبحثون عن أن يكونوا مميزين، هم فقط يعيشون ببساطة، ولكنهم يحملون قلوبا أكبر من العالم. تراهم في كلماتهم، في طريقة إنصاتهم، في تلك التفاصيل الصغيرة التي لا ينتبه لها أحد سواهم. هم يصغون أكثر مما يتحدثون، ويمنحون أكثر مما يأخذون، ويبتسمون رغم ما يخبئونه من أثقال.
ومع مرور الزمن، تكتشف أن أجمل العلاقات هي التي لا تحتاج إلى إثبات دائم. الذين يشبهون الدعاء لا يجعلونك تشك في محبتهم، لا يُربكونك بتقلّباتهم، لا يجعلونك تُرهق نفسك بتأويل كلماتهم. هم ببساطة نعمة، ومن رحمة الله بالقلوب أن يرزقها بأمثالهم في الوقت الذي يكون فيه الإنسان بأمسّ الحاجة ليد خفيفة على كتفه، أو لصوت صادق يقول له: "أنا هنا".
وعلى الرغم من أن الحياة تمضي، والوجوه تتغير، والأيام تأخذنا في دوّاماتها، إلا أن أولئك الذين يتركون فيك هذا الأثر الطيب، يبقون في القلب كأنهم تعويذة راحة، كأنهم غيمة طيبة تظلل عليك كلما اشتد الحر، كأنهم سكينة أُهديت لك في لحظة حيرة.
ومن المهم أن نعي، أنه كما نُرزق بهؤلاء الأشخاص، فإن علينا أيضا أن نسعى لنكون نحن من يشبهون الدعاء للآخرين. أن نُخفّف، لا أن نُثقل. أن نستمع، لا أن نحكم. أن نترك أثرا طيبا، حتى لو لم نعد موجودين. فالحياة لا تُقاس بعدد الأصدقاء، بل بجودة القلوب التي مرّت بنا.
وهنا، لا بُد أن نتأمل: من الأشخاص الذين يأتون إلى ذاكرتنا حين نكون في قاع الحزن؟ من أولئك الذين نشعر بوجودهم حتى وهم بعيدون؟ من الذين نُرسل لهم في سرّنا دعاءً خالصا لأننا لا نملك إلا أن نحبهم دون مصلحة؟ هم بلا شك الذين يشبهون الدعاء، أولئك الذين نحتفظ بهم في دعائنا لأنهم نادرا ما طالبوا بشيء، لكنهم أعطونا كل شيء.
ولعلّ أجمل ما في هذا النوع من البشر، أنهم لا يتبدلون حين تتبدل الظروف، ولا يخذلون حين يشتد التعب. هم الثابتون حين يتغيّر كل شيء. تراهم في رسائل بسيطة، في مكالمة مفاجئة، في دعاء صامت، في نصيحة غير متكلّفة، في وقفة لا يُرجى منها مقابل.
وما أجمل أن نكون مثلهم، أن نمرّ في حياة الآخرين كنسمة طيبة، لا تُؤذي، لا تُثقل، لا تُحاكم، بل تُساند، وتبتسم، وتدعُو في ظهر الغيب. إن الذين يشبهون الدعاء لا يحتاجون إلى مقدمات طويلة، ولا إلى تبريرات عند الغياب، لأن حضورهم يكفي ليملأ القلب رضا، وذكراهم تكفي لتسند الروح حين تتعب.
وهنا، تأكد أن الحياة لا تحتفظ بكل من مرّ بك، لكنها لا تنسى أبدا من شابه الدعاء في حضوره، وأثره، ونقائه. فلا تكن من أولئك الذين يعبرون الحياة بأصواتهم المرتفعة، بل كن من الذين يعبرونها بأثرٍ لا يُمحى، ومن أولئك الذين إذا ذُكروا، سبقتهم دعوة صادقة من قلب أحبهم بصدق.
فالذين يشبهون الدعاء لا يُنسَون، لأن الله وحده هو من وضعهم في دروبنا، في اللحظة التي كنّا فيها بأمسّ الحاجة لهم.