في العام الدراسي 2018، أشارت الإحصائيات إلى أن عدد الحاصلين على مقعد دراسي ضمن منح الابتعاث الخارجي للدراسة في الجامعات الدولية بلغ (1643) طالبًا وطالبة، أما هذا العام فقد أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عن (550) بعثة دراسية خارجية فقط، أي بانخفاض قدره (1093) مقعدًا من أصل حوالي 57 ألف خريج من شهادة التعليم العام، هذه الأرقام تسلط الضوء على تقليص كبير في أعداد البعثات الدراسية الخارجية، ويرجع السبب الأساسي في هذا الانخفاض إلى سياسة تخفيض الإنفاق العام للدولة، والتي شملت تقليص الإنفاق على التعليم العالي من خلال تقليص عدد البعثات الخارجية وزيادة أعداد البعثات الداخلية.
جودة التعليم على المحك، وهي بين كفتي ميزان مؤسسات التعليم العالي المحلية ومؤسسات التعليم العالي الدولية أو الخارجية، وبنظرة سريعة غير متعمقة في التفاصيل الأكاديمية، يمكن القول إن كفة الميزان تميل إلى مؤسسات التعليم الخارجية، ويعززها في ذلك أرقام التصنيفات العالمية في جودة الجامعات الدولية مثل مؤشرات «QS»، و«شانغهاي»، و«ويبومتركس». في حين أن بعض مؤسسات التعليم العالي المحلية لم تجد لها موطئ قدم حتى في تصنيف الجامعات المحلي الذي تقوم به الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي، فضلاً عن الاعتراف بها إقليميًا وعالميًا أو حتى إدراجها ضمن قوائم التصنيفات العالمية. وهذا بدوره يؤثر سلبًا على جودة مخرجات التعليم المحلي التي غالبًا ما تفتقر إلى المعايير الدولية.
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تبذل جهودًا كبيرة في الارتقاء بجودة التعليم ومراقبة أداء الجامعات والكليات المحلية، سواء كانت خاصة أو عامة، وهي تقوم بمراجعة المناهج وطرق التدريس، ولديها برنامج صارم في الاعتماد الأكاديمي، كما أن الدولة تقدم دعمًا سخيًا لهذه المؤسسات عبر المنح والمخصصات المالية المعتمدة لتطوير المناهج والخطط الدراسية، كل هذه الجهود تهدف إلى رفع مستوى المؤسسات التعليمية المحلية، وهو هدف يسعى إليه الجميع، حيث تُقاس قوة أي مجتمع بجودة مخرجاته التعليمية.
لكن على الرغم من هذه الجهود الاستراتيجية، لا ينبغي أن تؤثر على برنامج الابتعاث الخارجي الذي اعتمدته الدولة منذ زمن طويل لرفد سوق العمل بتخصصات جديدة تواكب الثورة العلمية والتقنية العالمية، فالاستفادة من مخرجات مؤسسات التعليم العالي الخارجية ذات التاريخ العريق والتقاليد الراسخة في التعليم الجامعي هو أمر بالغ الأهمية.
عند الاستماع إلى تجارب العديد من خريجي الكليات المحلية الخاصة، يشعر المرء بعدم التفاؤل بمستقبل التعليم العالي. فما يتحصل عليه الطالب خلال سنوات دراسته الجامعية غالبًا ما يكون معرفة محدودة بأساسيات التخصص، وشهادة علمية تؤكد إتمامه لبرنامجه التعليمي، مصدقًا عليها من وزارة التعليم العالي، وهنا يبرز سؤال جوهري: هل استطاعت تلك المؤسسات تحقيق الطموح العلمي والمهني الذي حددته خطط التنمية؟ أم أن مخرجاتها لم ترتقِ إلى مستوى الجودة المطلوبة؟
إذا كان لا بد من تقليص عدد البعثات الخارجية لصالح البعثات الداخلية، فمن الضروري استثناء بعض التخصصات الحيوية التي تحتاج إليها خطط البناء المستقبلية، مثل تقنية المعلومات، الفضاء، الذكاء الاصطناعي، تطبيقات الإدارة الحديثة، والهندسة وغيرها من العلوم الحديثة التي لا يمكن تدريسها بكفاءة في الجامعات المحلية.
أما القطاع الخاص، الذي كان في الماضي يدعم برامج الابتعاث الخارجي، فقد توقف عن تقديم هذا الدعم، تاركًا العبء كله على عاتق الحكومة، وهذا لم يساهم في تحقيق رؤية القطاع الخاص في الحصول على مخرجات تعليمية عالية الكفاءة، كما لم يخدم رؤية الحكومة في تخريج طلاب يمتازون بقدرات علمية ومعرفية تساهم في بناء وتطوير الوطن.
زيادة المخصصات المالية للابتعاث الخارجي وزيادة أعداد المبتعثين، أو الارتقاء بمؤسسات التعليم العالي المحلية وتقديم الدعم اللازم لها، هي من الأركان الأساسية التي يجب على الدولة دعمها، مع حث القطاع الخاص على المساهمة في هذا الدعم، فكل استثمار في التعليم سيعود بالفائدة على الوطن والمواطنين، سواء في المستقبل القريب أو على المدى البعيد.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مؤسسات التعلیم العالی
إقرأ أيضاً:
«التعليم العالي»: اختيار 300 عضو لتمثيل المجالس النوعية بأكاديمية البحث العلمي
أعلن الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي إعادة تشكيل المجالس النوعية بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، والتي تضم 20 مجلسًا نوعيًا تغطي جميع مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، لتعمل كبيوت خبرة وطنية ومراكز للمعرفة والفكر الاستراتيجي.
عاشور: اختيار 300 عضو لتمثيل المجالس النوعيةوأشار الوزير إلى أن عدد المتقدمين عبر الموقع الرسمي للأكاديمية بلغ 743 متقدمًا من مختلف الجهات البحثية والجامعات ومراكز البحوث والوزارات والهيئات الأخرى، حيث تم اختيار 300 عضو لتمثيل المجالس النوعية، بواقع 15 عضوًا لكل مجلس. وأضاف أن نسبة الشباب المتقدمين ممن تقل أعمارهم عن 45 عامًا بلغت 20%، أي ما يعادل 60 عضوًا.
وأوضح عاشور أن التشكيل الجديد يضم علماء من 34 جامعة حكومية وأهلية وخاصة، و17 مركزًا ومعهدًا وهيئة بحثية، إلى جانب ممثلين عن 10 وزارات، وأعضاء من مجلس النواب، فضلًا عن ممثلين من قطاع الصناعة. وتصدرت جامعة القاهرة قائمة المتقدمين بعدد 41 متقدمًا، تلاها المركز القومي للبحوث «29»، ثم جامعة عين شمس «24»، وجامعة المنصورة «10»، وجامعة الإسكندرية «10»، وجامعة النيل الأهلية «7»، يليها كل من جامعة حلوان «6»، جامعة أسيوط «6»، ومدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا «6»، بالإضافة إلى جامعة طنطا «5»، جامعة قناة السويس «5»، ومركز بحوث الصحراء «5».
آلية تشكيل المجالس النوعيةمن جانبها، أوضحت د. جينا الفقي، القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي، تفاصيل تشكيل المجالس النوعية، مؤكدة أنها تضم نخبة من شباب الباحثين الحاصلين على درجة الدكتوراه والمتميزين علميًا ممن لا تتجاوز أعمارهم 45 عامًا عند التقديم، بالإضافة إلى نخبة من الخبراء والشخصيات العامة الذين يشغلون أو شغلوا مناصب قيادية أو يمتلكون خبرة في المجالات التطبيقية والتكنولوجية ذات الصلة، بما في ذلك رجال الصناعة وممثلي مؤسسات المجتمع المدني.
وأضافت الفقي أن آلية الاختيار تعتمد على معايير الكفاءة والإنجازات العلمية والقدرة على العطاء، بهدف تحقيق التكامل بين خبرات الأجيال الأكبر سنًا من العلماء وحيوية شباب الباحثين، بما يسهم في مواجهة التحديات التنموية. وأشارت إلى أن المجالس النوعية تلعب دورًا مهمًا في تدعيم الروابط بين مؤسسات البحث العلمي والتكنولوجي وقطاعات الإنتاج والخدمات، بما يضمن توجيه الجهود العلمية لخدمة القضايا التنموية المختلفة في المجتمع.