رياض سلامة..من أضواء الشهرة إلى عتمة الزنزانة
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
بعد أن كان عراب استقرار الليرة وانتعاش الاقتصاد بعد الحرب الأهلية، وبعد أن حصد جوائز وتكريماً في العالم، أُوقف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المستهدف بتحقيقات عدة في لبنان والخارج، الثلاثاء، إثر استجوابه في قضية اختلاس أموال، في مشهد انتظره اللبنانيون طويلاً.
ويشكّل سلامة منذ 3 أعوام محور تحقيقات محلية وأوروبية في أصول عقارية ومصرفية يملكها بشكل غير قانوني، وإساءة استخدام أموال عامة على نطاق واسع خلال توليه حاكمية مصرف لبنان، وتحويل أموال إلى حسابات في الخارج و"الإثراء غير المشروع".ومنذ نهاية ولايته في 31 يوليو (تموز) 2023، ابتعد سلامة 74 عاماً، عن الأنظار ولم يظهر إلا في أواخر 2023 في جنازة شقيقه في ضاحية بيروت الشمالية.
في أول مثول له أمام القضاء اللبناني بعد انتهاء ولايته، أوقف سلامة "بعد استجوابه على مدى ثلاث ساعات حول شبهات اختلاس من مصرف لبنان تفوق 40 مليون دولار، حولها إلى الخارج"، حسب مصدر قضائي.
وسلامة الذي شغل منصبه منذ 1993، يُعتبر أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم، ويعدّ سلامة مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد، بعد الحرب الأهلية 1975-1990. لكن على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي يشهده لبنان منذ 2019، يُحمِّل كثر أركان الطبقة الحاكمة وسلامة، مسؤولية الفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة.
#عاجل| القبض على حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامةhttps://t.co/hteBMvCTY3
— 24.ae (@20fourMedia) September 3, 2024وتحمّل جهات سياسية ومحللون ومواطنون في لبنان سلامة المسؤولية عن انهيار العملة الوطنية، وينتقدون بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها في السنوات الماضية، لأنها راكمت الديون وعمقت الأزمة، إلا أنه دافع مراراً عن نفسه بتأكيده أن المصرف المركزي "موّل الدولة، ولكنه لم يصرف الأموال".
وحتى آخر يوم في ولايته، واصل سلامة الدفاع عن السياسة النقدية التي اعتمدها، معتبراً أنه حاول "تخفيف وطأة الأزمة" الاقتصادية التي هزت لبنان منذ أكثر من 5 سنوات. وقال في مقابلة مع قناة محلية بعد أيام من انتهاء ولايته: "سأطوي صفحة من حياتي وأعتقد أنه بين 30 عاماً، 27 عاماً ساهم خلالها البنك المركزي بسياساته النقدية في إرساء الاستقرار والنمو الاقتصادي".
ورغم التحقيقات التي تستهدفه، أصر سلامة الذي حصل على جوائز إقليمية ودولية، وأوسمة شرف تقديراً لجهوده في منصبه، وكان أول حاكم مصرف مركزي عربي يُقرَع له جرس افتتاح بورصة نيويورك، على أنه جمع ثروته من عمله السابق طيلة عقدين في مؤسسة ميريل لينش المالية العالمية، ومن استثمارات في مجالات عدة بعيداً عن عمله على رأس حاكمية مصرف لبنان.
تاجر ووسيط
ويقول اقتصادي مخضرم وخبير في الأسواق المالية تحفظ على ذكر اسمه: "لقد كان تاجراً ووسيطاً طيلة حياته، وهذه هي المشكلة. هناك حاجة إلى شخصية اقتصادية لإدارة مصرف مركزي، لا إلى مقرّب من النظام المصرفي ويودّ حمايته".
في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي نيكولا شيخاني أن سلامة "عرِف كيف ينعش الاقتصاد، ويكسب ثقة المستثمرين".
وتمكّن لبنان طوال سنوات من جذب رؤوس أموال من الخارج، مقابل منح فوائد مرتفعة للغاية للمودعين. وبات القطاع المصرفي ركيزة رئيسية في الاقتصاد اللبناني.
ومنذ توليه منصبه، حافظت الليرة على استقرارها بعدما ثبّت سلامة سعر صرفها عند 1507 ليرات، وهو ما كان يبرّره بوجود "احتياطات مهمة بالدولار الأمريكي" لدى المصرف المركزي سرعان ما نضبت منذ بداية الأزمة التي برزت مع امتناع الحكومة اللبنانية عن دفع ديونها المستحقة. فبدأ الانهيار وشحّت السيولة.
ومنذ تعيينه، جُدِّد لسلامة أربع مرات. وحصل في 2006 على جائزة أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم من مجلة "يورو موني"، ثم من مجلة "بانكر" في 2009، وحصل على أوسمة شرف فرنسية.
وتحت غطاء سياسي، انخرط سلامة منذ 2016 في هندسات مالية هدفت إلى الحفاظ على قيمة الليرة ورفع احتياطي المصرف المركزي، ورسملة المصارف، لكن خبراء اقتصاديين يعتبرونها من بين الأسباب الرئيسية في تعميق أزمة البلاد المالية.
يتكلّم سلامة بصوت منخفض، ومن دون أي انفعالات. ولا يبتسم علناً إلا نادراً.
مع بدء أزمة شحّ السيولة وفرض المصارف قيوداً مشددة على سحب الودائع، خصوصاً بالدولار في خريف 2019، أصرّ في الأشهر الأولى على أن "الليرة بخير".لكن بعد الانهيار الذي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850، فقدت العملة المحلية أكثر من 98% من قيمتها أمام الدولار.
أحوال حاكم المصرف المركزي من أحوال #لبنان!
https://t.co/GIG3RWFyxu pic.twitter.com/K6gDKHbD7a
ويشتبه محقّقون أوروبيون في أنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأنه أساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع خلال توليه حاكمية مصرف لبنان.
وبناءً على التحقيقات، أصدرت قاضية فرنسية في باريس، والمدعية العامة في ميونيخ العام الماضي، مذكرتين لتوقيفه عبر انتربول.
إلا أن النيابة العامة في ميونيخ ألغت في يونيو (حزيران) مذكّرة توقيفه لأنه "لم يعد يشغل منصب حاكم مصرف لبنان المركزي وبالتالي لم يعد هناك أي خطر إتلاف أدلة". لكن القرار لا يعني أن التحقيق انتهى.
ورغم أن مذكرة التوقيف الفرنسية التي يحمل سلامة جنسيتها لا تزال سارية، لكنها دون طائل إذ لا يسلّم لبنان مواطنيه لمحاكمتهم في دولة أجنبية.
لكن سلامة يرفض التهم الموجهة إليه، متحدثاً عن "بيانات مزورة" وخلفيات "سياسية".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية لبنان رياض سلامة المصرف المرکزی مصرف لبنان فی العالم حاکم مصرف
إقرأ أيضاً:
الكتائب: لحكومة لا تتخطى القواعد التي أرساها خطاب القسم
عقد المكتب السياسي الكتائبي اجتماعه برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، وبعد التداول في آخر المستجدات أصدر البيان التالي:
بعد سنوات طويلة من الأزمات والحروب والنكسات، يؤمن المكتب السياسي أن لبنان أمام فرصة حقيقية لاستعادة السيادة والقرار الحر والشروع في بناء دولة حقيقية يتساوى فيها اللبنانيون، وتفتح أمامهم آفاق المستقبل على مختلف الصعد، دولة قادرة على استعادة دور البلد التاريخي، شرط حسن توظيف الفرصة لصالح لبنان واللبنانيين.
ويعتبر المكتب السياسي أن ما شهده لبنان منذ بداية انطلاق عجلة المؤسسات واكتمال عقدها بانتخاب رئيس للجمهورية وتجلي الديمقراطية في تسمية رئيس الوزراء، قلب المعطيات وأظهر تصميمًا لبنانيًا للإمساك بزمام الأمور وتقرير المصير.
إن المكتب السياسي يعتبر أن لبنان الذي خرج من حرب مدمّرة، لا بد له، وانسجامًا مع خطاب القسم وكلام الرئيس المكلف، أن يسقط من بيان الحكومة الوزاري أي عبارة، بالمباشر أو بالمواربة، لا تنيط بالدولة وحدها حصرية السلاح وحق الدفاع عن الوطن، ويمكن أن تفسر أنها تفوض أو تتنازل لأي طرف عن هذا الواجب.
إن الحكومة المنتظرة مطالبة أن تضرب بيد من حديد، وأن تفكك كل الميليشيات، وأن تطبق وقف إطلاق النار بحرفيته، وتثبت بنوده على كامل الأراضي اللبنانية جنوبًا وشمالًا.
كما يطالب المكتب السياسي المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتنفيذ تعهداتها بالانسحاب من الأراضي اللبنانية التي احتلتها قبل انقضاء فترة الستين يومًا التي شارفت على الانتهاء.
ويستغرب المكتب السياسي كيف أن الفريق الذي امتهن التعطيل كسلاح للسيطرة على القرار، ما زال مصرًا على استعمال الأساليب ذاتها، فيطالب بتأجيل موعده في الاستشارات ويغيب عن المشاورات لتحسين شروطه التفاوضية على الحصص، في ممارسة باتت من الماضي ويرفض اللبنانيون العودة إليها.
لذلك، يدعو المكتب السياسي رئيس الوزراء المكلف ورئيس الجمهورية إلى عدم الرضوخ للابتزاز المتمادي الذي يمارسه ثنائي التعطيل بالمطالبة بوزارة من هنا أو منصب من هناك خارج القواعد التي أرساها خطاب القسم، والتي تفرض تطبيق وحدة المعايير على الجميع ومن دون استثناء، حتى لا تحمل التشكيلة الحكومية عوامل فشلها المبكر.
إن المكتب السياسي، إذ يؤكد على تمسكه بكل ما ورد في خطاب القسم، لاسيما لجهة الفقرات الخاصة بانبثاق السلطة، يرفض مبدأ التوقيع الثالث والثلث المعطل وثنائية تختزل طائفة.
ويؤكد المكتب السياسي أنه، خلافًا لما يمكن أن يروج له البعض من أن هذه الحكومة ليست سوى مرحلية، فإن لها دورًا في اتخاذ قرارات استراتيجية في الدولة اللبنانية، وملء الفراغ في الإدارات العامة بعد سنوات من الخلاء، والإشراف على تطبيق اتفاق وقف النار وإعادة الإعمار، الذي لا يجب بأي شكل من الأشكال أن يتحول إلى فرصة لتحقيق المكاسب الخاصة أو إعادة صيانة بنية عسكرية غير شرعية يتكبدها اللبنانيون من جيوبهم وتقودهم إلى حروب جديدة، وهذا كله من مسؤولية الحكومة التي ستُشكل.