جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-22@16:16:48 GMT

أصحاب "السُترات الخضراء" والوعي البيئي

تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT

أصحاب 'السُترات الخضراء' والوعي البيئي

 

سالم الكثيري

 

كمتابعٍ للشأن البيئي مُنذ سنوات، لاحظتُ الوعي الذي وصل إليه المجتمع في أهمية الحفاظ على الطبيعة بكل مكوناتها، وإذا أخذنا محافظة ظفار نموذجًا لهذا الوعي، فلا يخفى على أي مِنَّا ما كانت تتعرض له المساحات الخضراء في السهول والجبال في كل موسم خريف من تأثر بالغ بسبب حركة السيارات في الطرق العشوائية، والتفحيط، ورمي المخلفات من قبل بعض المُستهترين، وما يصاحب كل ذلك من تصرفات مُضرَّة بالبيئة، ثم ما يلحق بها من ضرر في بداية الربيع عندما يتزاحم المُرتادون من أبناء المحافظة دون غيرهم على منطقة القطن والتي تعد جبجات أبرز مثال عليها.

المهتم بهذا الشأن يُلاحظ أن جهودًا فردية كانت تبذل من قبل بعض المهتمين لسنوات طويلة إلى أن بدأت تأخذ شكلا تنظيميا في العقد الأخير وخاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتي ساهمت بشكل فعّال في تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة أضعاف أضعاف جهود فرد أو مجموعة لا تلبث أن تعجز عن الاستمرار في جهدها وسط زحام الخريف أو حتى الربيع .ومع الأيام أخذت هذه الجهود الفردية تتشكل في فرق أهلية في كل ولايات المحافظة أو في جمعية صون الطبيعة قيد التأسيس لتقديم ما يمكن تقديمه للحفاظ على البيئة. وقد أتت هذه الجهود أكلها بشكل ملحوظ، مع ما ساندها من غطاء قانوني بقيام الجهات المختصة بعقوبة المخالفين ونشر مخالفاتهم إعلاميًا؛ الأمر الذي أدى مع الوقت إلى زيادة الوعي لدى الأكثرية وخوف القلة المستهزئه من المعاقبة ولتتحسن النتيجة في المحافظة على الطبيعة سنة بعد سنة بوضوح.

ومنذ 3 أعوام أعلنت جمعية صون الطبيعة عن مبادرة "وعي"، والتي نَفّذت من خلالها الكثير من الأعمال والمناشط البيئية بالتنسيق والتعاون مع مختلف الجهات ذات العلاقة وخاصة هيئة البيئة والمديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وبلدية ظفار، والتي كان لها الأثر الطيب على أرض الواقع ولازالت هذه المبادرة مستمرة للعام الثالث على التوالي؛ حيث يقرأ أحدنا بين الفينة والأخرى خبرًا أو يتابع تقريرًا أو يقابل متطوعين بيئيين من مختلف الأعمار والوظائف والاهتمامات بسُتراتهم الخضراء يقومون بشق طريق أو اقتلاع أشجار أو نبات غازٍ أو تنظيف عين ماء أو شاطئ أو مكافحة طائر مُخرِّب أو حشرة تفتك بالأشجار البرية المُعمِّرة، كل هؤلاء لم يجمعهم إلّا حُب أرضهم وبيئتهم، وهذا على الشق المجتمعي.

أما على الشق المؤسسي، فيُمكننا القول إنَّ الدولة تولي قضية البيئة اهتمامًا خاصًا من حيث وضع التشريعات والقوانين؛ تماشيًا مع التوجه العالمي في معالجة ظاهرة التصحُّر والتغير المناخي وتقليل الانبعاثات السامة والاحتباس الحراري، وصولًا إلى مشاريع الهيدروجين الأخضر، إضافة إلى أن الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني؛ بل وحتى القطاع الخاص بات على استعداد تام للتعاون مع الجمعيات والفرق البيئية المختلفة ودعمها ماليًا وإداريًا؛ حيث يتبين يومًا بعد يوم تجاوب الجهات المختلفة مع مُقترحاتها، والمشاركة في تنفيذها ميدانيًا؛ كونها جهودًا وطنية تهدف في نهاية الأمر إلى حفظ البيئة وصون الطبيعة وليس إلى أي شيء آخر.

ولاكتمال هذه الجهود، تبقى مسألة منح هذه الجمعية التطوعية أو تلك الترخيص القانوني؛ لإيجاد المُمَكِّن الأقوى لاستدامتها والقيام بأعمالها بشكل أكثر مرونة وسهولة، وفتح باب الانتساب لعضويتها لكافة أبناء المُجتمع، فمهما قامت الجهات الرسمية بدورها- وهو أمر أصبح واضحًا وبات أكثر جدية من ذي قبل دون شك- يظلُ المجتمع هو القاعدة الصلبة التي يُمكن أن تقوم عليها أية أعمال طويلة الأمد، خاصةً إذا بات المجتمع هو المُبادِر والمُتخصِّص والأكثر وعيًا بقضية البيئة، بدلًا من أن يكون طرفًا سلبيًا فيها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ﻗﻄﻊ اﻷﺷﺠﺎر ﻓﻰ اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻣﻦ رﻣﻀﺎن.. ﺗﺨﺮﻳﺐ وﺗﺪﻣﻴﺮ ﻓﻰ ﺑﻠﺪ اﻟﻮزﻳﺮ

فى تحدٍ صارخ لقانون البيئة، أزال جهاز مدينة العاشر من رمضان، خلال الفترة الماضية، أجزاء كثيرة من الأشجار الموجودة داخل مناطق الحزام الاخضر الممتدة على طول 3 كيلو مترات بالحى الثالث غرب المجاورات «19،21،23،25»، بدعوى التطوير وإقامة أنشطة ترفيهية!، وقام بطرح آخر لعدد 4 قطع أراضى مسطحات خضراء بالحى الأول شرق المجاورات «2،4،6،8».
ورغم التصريحات الرسمية، لوزارة البيئة عن زراعة ملايين الأشجار فى كافة المحافظات، لزيادة المسطحات الخضراء، ومواجهة التغيرات المناخية، وتعظيم دمج البعد البيئى كمحور أساسى لتعزيز الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والاستثمار فيها مع توفير بيئة نظيفة وصحية وآمنة للمواطنين، طرح جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان أراضى بالمسطح الأخضر لإقامة أنشطة ترفيهية، وذلك فى تحدٍ صارخ لمساعى الدولة بشأن الحفاظ على التوازن البيئى، والحد من مستويات ملوثات الهواء الناتجة من عوادم المحركات والشركات العاملة فى مدينة العاشر التى تعتبر أكبر المدن الصناعية فى الشرق الأوسط.
ونشر جهاز المدينة عبر صفحته الرسمية بالفيسبوك منشورًا بعقد جلسة مزايدة علنية فى اليوم الثلاثاء الموافق 22 أكتوبر 2024، لطرح عدد 4 قطع أراضٍ مسطحات خضراء، لإقامة أنشطة ترفيهية، بمساحات متعددة ما بين من 4500 م إلى 11778م بالحى الثالث غرب المجاورات «19،21،23،25» وذلك بنظام حق الانتفاع لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، بحجة تحقيق أقصى استفادة من هذه الأماكن الحيوية وزيادة الإيرادات التى ستساهم فى تطوير البنية التحتية ورفع مستوى الخدمات المقدمة لسكان المدينة.
وعزز رئيس جهاز المدينة لعملية طرح المسطحات الخضراء لإقامة أنشطة ترفيهية عبر المنشور الرسمى، بأن هذا الطرح يمثل خطوة هامة فى دعم رؤية المدينة لتوفير مساحات عامة ترفيهية تُسهم فى تعزيز رفاهية السكان.
يد الهدم التى أصابت الحزام الأخضر بمدينة العاشر من رمضان، أثارت غضب كثير من أهالى المدينة، لما كانت تتّسم به المدينة من طبيعة خاصة بشأن انتشار المسطحات الخضراء فى كافة أرجائها سواء السكنية أو الصناعية، يقول المهندس محمد حافظ الزاهد النائب الوفدى السابق عن مدينة العاشر من رمضان، أن ما يجرى فى مدينة العاشر الآن من إزالة الأشجار والقضاء على المسطحات الخضراء لهو أمر عظيم يخالف تعليمات وتوصيات رئيس الجمهورية والذى تبنى
مبادرة «اتحضر للأخضر» وزراعة المليون شجرة بمختلف المحافظات، وذلك من أجل رفع الوعى البيئى بقضية التغيرات المناخية، فى إطار الاستراتيجية القومية للتنمية المستدامة «مصر 2023»، فضلًا عن استضافة مدينة شرم الشيخ لقمة التغير المناخى القادم «cop27» والتى استهدفت وضع الآليات النافذة للتخلص من ظاهرة الاحتباس الحرارى، والحد من تأثير النشاط البشرى على المناخ العالمى.
وأشار الزاهد إلى أن مدينة العاشر من رمضان، هى من المدن الجيل الأول فى مصر وأكبرها فى مصر والشرق الأوسط، وتم أنشأها بالقرار 249 لسنة 1977، ومقامة على مساحة 95 ألف فدان، وتضم أكثر من 6000 مصنع وشركة ما بين المصانع الكبيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، ويعيش فيها أكثر من مليون مواطن مواطنة، وتوفر أكثر من 500 ألف فرصة عمل، وتساهم بأكثر من 30 مليار جنيه فى الناتج القومى، ولذلك فإن أى إجراء يتعلق بالحفاظ على منطقة الأشجار والمسطحات الخضراء المدينة كان يتطلب من مسئولى الجهاز تقييم الأثر البيئى والاجتماعى والاقتصادى قبل البدء فى المذبحة التى طالت الأشجار التى تعد أحد أهم عناصر الموارد الطبيعية المتجددة التى تقوم بحفظ التوازن البيئى وتساعد استدامة الحياة للأجيال الحالية والقادمة.
وقال أشرف بيومى رئيس اللجنة الثالثة بوفد العاشر، إن الأشجار التى كانت عنوان للمناطق السكنية بالمدينة ومظهرها المتميز عبر الأربعين سنة الماضية، كانت تُساهم فى تحسين نوعية الهواء لقاطنى وزوار المدينة، خاصة وأن مدينة العاشر التى نفتخر بأنها تضم الألف المصانع، ترتفع فيها مستويات التلوث، الناتج من عمليات الإنتاج ببعض هذه المصانع، فضلا عن آثار المحروقات الأخرى الناتجة من المركبات المتحركة، لذلك كان يجب العمل بالقوانين المخصصة لحماية الأشجار، بدلًا من التعدى عليها، وتحويل مسار المنطقة التى تم اعتمادها من قبل كمتنفس طبيعى.
ولفت إلى أن سكان المجاورات «19،21،23،25» اختاروا مكان لإقامة أُسرهم لهذه المجاورات قبل أن ينتقلوا إليها من عشرات السنين لها، كنوع من التميز لما لها من طبيعة خاصة وهى المسطحات الخضراء، مشيرًا إلى أن قرار رئيس المدينة بتحويل هذه المناطق لأنشطة ترفيهية، سيسبب ضجيجًا لسكانها، خاصة وأنه لم يحدد طبيعة الأنشطة الترفيهية والتى قد تتنوع ما بين قهاوى أو كافيهات أو أندية ليلية وقاعات أفراح، والتى تتعدى نشاطها لبعد منتصف الليل، الأمر الذى يضر بطبيعة سكان المدينة الذى اعتادوا على الاستيقاظ مبكرة للذهاب إلى مصانعهم والتى تعمل معظمها فى السابعة صباحًا، وبالتالى سيؤثر ذلك على إنتاجية هذه الشركات ومن ثم ستضر الاقتصاد الوطنى.
ووصف النائب الوفدى، أن إجراء تحويل المسطح الأخضر لأنشطة ترفيهية من قبل رئيس الجهاز بمثابة «دعوة للفوضى»، خاصة وأن هناك أماكن شاغرة فى كثير من أرجاء المدينة، يمكن له أن يحولها لأنشطة ترفيهية تكون بعيدة عن أماكن سكن الأهالى، مشيرًا إلى أن مدينة العاشر هى مدينة وزير الإسكان الحالى واثنين من نوابه، وإنه لا يعتقد أن وزير الإسكان يعلم بمذبحة الأشجار التى تتم فى المدينة، وإلا كان له رأى آخر بوقف هذه الأعمال، والتوصية بمزيد من زراعة الأشجار بدلاً من إقتلاعها كونها تزيد من القدرة على إنتاج الأكسجين وعزل انبعاثات الكربون الضارة الناتجة من الأنشطة التنموية التى تجرى فى المدينة.

مقالات مشابهة

  • 7 معلومات من وزارة البيئة عن برنامج الصناعة الخضراء المستدامة (فيديو)
  • مديرية الضرائب تكشف عن تواريخ دخول التدابير الجبائية الجديدة حيز التنفيذ والتي ستخفف العبء الضريبي وتحسين دخل الأجراء والمتقاعدين
  • "التعليم البيئي" يختتم أنشطة 2024 مع المدارس الشريكة
  • مشروع "مسرح المواجهة والتجوال" يواصل نشر الثقافة والوعي في المنيا
  • نيبينزيا: مقتل كيريلوف كشف الطبيعة الإرهابية لكييف
  • ناشطات وثقافيات لـ”الثورة ” :اليوم العالمي للمرأة المسلمة إحياء للمبادئ والقيم والتي وأدها الأعداء بنشر فسادهم
  • انقلابات في السياسة وانقلاب في الطبيعة أيضا.. ماذا تعرف عن أطول ليلة في نصف الكرة الشمالي؟
  • أيمن قرة: دعم التحول للطاقة الخضراء يعزز إستراتيجية التنمية المستدامة
  • التمسوا الصفاء وحلاوة الإيمان في رحاب الطبيعة البكر!
  • ﻗﻄﻊ اﻷﺷﺠﺎر ﻓﻰ اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻣﻦ رﻣﻀﺎن.. ﺗﺨﺮﻳﺐ وﺗﺪﻣﻴﺮ ﻓﻰ ﺑﻠﺪ اﻟﻮزﻳﺮ