أهمية الكفاءات في الإعلام الاقتصادي بالمؤسسات
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
تعمل المؤسسات التجارية والصناعية والمالية والمصرفية وغيرها في العالم على تشغيل شخص اقتصادي وإعلامي مُتخصص للترويج وتسويق أعمالها اليومية، وخاصة تلك التي لها مصالح مرتبطة بالمجتمعات.
ومن خلال هذه الفئة يمكن لهم الحصول على تحليلات مالية ومصرفية واقتصادية للأحداث التي تشهدها المؤسسات حولها وخاصة من قبل المنافسين الآخرين.
ومن هذا المنطلق تعمل الدول وخاصة الصناعية منها على تعزيز بنية وصناعة الإعلام لدى مؤسساتها باعتبار أن الإعلام الاقتصادي يعد اليوم من أقوى البنيات الصناعية نتيجة لقوتها في التأثير الكبير على الرأي العام وعلى الحكومات والأنظمة والمؤسسات والأفراد. واليوم تستخدم الدول مختلف التقنيات في إدارة قطاع الإعلام الاقتصادي الذي يعتبر من المصطلحات الجديدة في العالم العربي، حيث يهدف هذا القطاع الانخراط في النشاط الإعلامي الذي يعني بالقطاعات الإنتاجية المختلفة لما لها من أهمية في تحقيق العائد المادي، وفي توفير مئات من فرص العمل لخريجي الإعلام والتخصصات الاقتصادية.
الطرح الاقتصادي أصبح اليوم يفرض نفسه على ساحة الأعمال والإنتاج والتبادل التجاري والعمل الصناعي والمصرفي والمالي بين دول العالم، ويخلق المزيد من التغيرات في طبيعة العلاقات المهنية بين إدارات تلك المؤسسات؛ الأمر الذي يؤكد تعاظم دور الاقتصاد في الصناعة الإعلامية على مختلف المستويات. وتزداد أهمية المؤسسات الإعلامية نتيجة حاجات الناس ورغبات الجماهير في الحصول على المعلومات التي تهم تلك القطاعات الاقتصادية، وحاجة المعلنين والمؤسسات المنتجة لتسويق ما لديها من سلع ومنتجات وخدمات، وكل ما يرتبط بحاجة الناس والمجتمعات. وهذا يؤدي إلى تنظيم العديد من المعارض التجارية الدولية كل عام، الأمر الذي يساهم في تعزيز علاقات المؤسسات والناس والمُعلنيين عبر قيام وحدات الإعلام الاقتصادي بالترويج وإشعار النَّاس بأهمية تلك المعارض والحديث عنها وعن احتياجات الجماهير من المنتجات الجديدة في الأسواق.
هذه المعلومات التي توفرها وسائل الإعلام الاقتصادي تعمل على تعزيز المنافسة بين المؤسسات التجارية العالمية وفي تعزيز حركة الأسواق المالية وتطوراتها، وظهور مزيد من الشركات التي تقوم بلعب دور كبير في إدارتها، الأمر الذي يعزز من إنتاج مزيد من الوسائل لإدارة قطاعات الاتصالات والتقنيات والمعلومات في العالم. فالبعد الاقتصادي أصبح اليوم هو الذي يتحكم في سلوك وقرارات الناس ومدى احتياجهم لمنتج أو سلعة من خلال ما يقوم به العاملون في وسائل الإعلام الاقتصادي وفي تقييم الخدمات الإعلانية والإعلامية في مختلف الأعمال التي تهم الشركات لخلق التنافس بين الأسواق.
ومن هذا المنطلق، نرى سيطرة الشركات المتعددة الجنسيات على تلك الوسائل الإعلامية والإعلانية للتحكّم في أسعار المنتجات والسلع وكمياتها وطرق تحضيرها وتصديرها، خاصة ما يتعلق بامتلاك الموارد والمنتجات الهامة لديها. كما إنها أصبحت اليوم توفر الكثير من فرص العمل في وسائل الإعلام المختلفة، خاصة في مجال التواصل الاجتماعي الذي يُعد من القطاعات التي لا غنى عنها في حياتنا اليومية، بجانب القطاعات الأخرى المصاحبة له من الصحافة والإعلام، والإذاعة، والتلفزيون، والسينما والإنترنت، والأقمار الصناعية وقطاع الاتصالات عمومًا.
ويؤدي الإعلام الاقتصادي دورًا في تنشيط عجلة التنمية الاقتصادية في الدول وفي جذب الفرص الاستثمارية والمستثمرين إلى المؤسسات الباحثة عن الشركاء الدوليين، من خلال ما يقوم من عمل في نقل وتحليل وتفسير التطورات والتغيرات والسياسات الاقتصادية للحكومات والمؤسسات. وفي هذا نرى أن الاقتصاد أصبح اليوم جزءًا من صناعة الإعلام كما أن الإعلام هو الآخر مرتبط في أي عمل تقدمه المؤسسات الاقتصادية.
ولذا ينبغي على المؤسسات الأكاديمية توفير هذا التخصص "الإعلام الاقتصادي" في مناهجها السنوية بحيث يطلّع الطالب والدارس على التخصصين ويكون مستعدًا للعمل في المؤسسات فور تخرجه. فرجل الإعلام فقط لا يمكنه القيام بمهمته في المؤسسات التي ترغب في التحليل الاقتصادي والمالي إلا أن يكون الخريج على علم وفهم ودراية بالتطورات الاقتصادية في محيطه وفي العالم، خاصة وأن كل مؤسسة أو شركة أصبح لها اليوم منصة خاصة وتواصل اجتماعي تتعامل مع العالم عبرهما.
إنَّ قطاع الإعلام الاقتصادي أصبح اليوم أداة فاعلة في إنتاج الوعي لدى شرائح المجتمع وكيفية تحريكها بجانب نشر الثقافة الاقتصادية وتعريف الجماهير بالسياسات والقوانين والتشريعات والإجراءات التنظيمية للمؤسسات، والعمل على تعزيز ثقافية الجمهور بأهمية الادخار والاستثمار وغيرها من القضايا المرتبطة بعمليات الإنتاج والترويج والتسويق.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الخاسر الذي ربح الملايين !
رغم مرور أيام على النزال الذي أقيم فـي تكساس بالولايات المتحدة بين الملاكم الشهير مايك تايسون ومنافسه الملاكم واليوتوبر، جيك بول، إلّا أنّ تداعياته ما زالت تشغل وسائل الإعلام، وقد تعرّض تايسون لانتقادات كونه دخل نزالًا خاسرًا سلفًا، فقد بلغ من الكبر عتيّا، بينما منافسه يصغره بأكثر من «31» عامًا، وجيك بول صانع محتوى وممثل، والأمر بالنسبة له زيادة أعداد متابعين، وشهرة وثراء، وخوض هذا اليوتوبر النزال يعني أنّ صنّاع المحتوى قادرون على دخول مختلف المجالات، لِمَ لا؟ وسلطة الإعلام الجديد بأيديهم! النزال، وها هو يوتوبر يعيد بطلًا من أبطال العالم للملاكمة لحلبة النزال بعد انقطاع بلغ «19» سنة! والواضح أن تايسون دخل ليس بنيّة الفوز، بل لكسب المال، بعد أن مرّ بأزمات عديدة، وتراكمت عليه الديون، خصوصا أن هذه النزالات تدرّ على المتبارين مبالغ طائلة، يجنونها من أرباحها، ويكفـي أنّ سعر تذكرة كبار الزوار بلغت مليوني دولار، ولنا أن نتخيّل الأموال التي كسبها القائمون على هذا النزال الذي أعاد إلينا أمجاد الملاكم محمد علي كلاي وهناك عدّة نقاط تشابه، بين كلاي وتايسون، فكلاهما من ذوي البشرة السمراء ونشآ فـي ظروف صعبة بمجتمع عنصري، وكلاهما أعلن إسلامه وانتماءه لقضايا كبرى، فكلاي رفض انضمامه للجيش الأمريكي أيام حرب فـيتنام عام 1967م ودفع ثمن موقفه غاليا، فقد أُنتزع منه لقب بطل العالم للوزن الثقيل، وكان نجمه قد لمع بدءًا من عام 1960 عندما حصل على ذهبية الوزن الثقيل فـي دورة روما الأولمبية 1960، فـيما لف تايسون جسمه بعلم فلسطين، وكلاهما عاد ليجرب حظّه بعد توقف، مع اختلاف النتيجة، فكلاي عاد للملاكمة فـي 30 أكتوبر 1974، فـي زائير (جمهورية الكونغو) بعد انقطاع عن خوض النزالات والتدريب استمرّ سنوات، ليخوض نزالًا أمام جورج فورمان الذي يصغره بسبع سنوات (فورمان ولد عام 1949م فـيما ولد كلاي عام 1942م)، وصار النزال حديث الناس، فأسمته وسائل الإعلام «قتال فـي الغابة»، وُعدّ أعظم حدث رياضي فـي القرن العشرين، شاهده حوالي مليار مشاهد، فـي وقت لم تكن به فضائيات ولا وسائل تواصل اجتماعي، وحقّق إيرادات بلغت 100 مليون دولار فـي ذلك الوقت، لكن نهاية النزالين كانت مختلفة، فقد انتهت مباراة مايك تايسون (58 عامًا) مع جيك بول الملاكم واليوتوبر (27 عامًا)، بهزيمة تايسون بالنقاط، فـي الجولة الثامنة، فـيما تمكّن محمد علي كلاي من إلحاق الهزيمة بفورمان بالضربة القاضية فـي الجولة الثامنة، فـي مباراة أبهرت العالم، يقول فورمان: إنه كاد أن يحقّق الفوز لولا أن كلاي همس بأذنه «أهذا كل ما لديك؟» فأثار فـي نفسه الرعب، وتغيّرت موازين المعادلة، فقد هزمه نفسيا قبل أن يهزمه على حلبة النزال، فكسب القتال، واستعاد اللقب وصار حديث الناس ومنهم الشعراء، ومن بينهم الشاعر محمد مهدي الجواهري الذي كتب فـي عام 1976 م قصيدة عنوانها «رسالة إلى محمد علي كلاي»: شِسْع لنعلِك كلُّ موهبةٍ وفداء زندك كلُّ موهوبِ كم عبقرياتٍ مشت ضرمًا فـي جُنح داجي الجنْحِ غِربيب! يا سالبًا بجماع راحتيه أغنى الغنى، وأعزَّ مسلوبِ شِسْعٌ لنعلِكَ كلُّ قافـيةٍ دوّت بتشريق وتغريبِ وشدا بها السُّمار ماثلةً ما يُفرغُ النَّدمان مِن كوبِ وفـيها سخرية من العالم الذي يمجّد القوّة، ولا يرعى الموهوبين، فالجواهري، كما يقول الباحث رواء الجصاني: كان يحسب ألف حساب فـي كيفـية تسديد إيجار شقة صغيرة فـي أثينا، وكان لا يملك الكثير لتسديد الإيجار وفجأة يقرأ أن كلاي ربح الملايين من الدولارات لأنه أدمى خصمه»! أمّا تايسون، فقد عاش سنوات المجد، فـي شبابه، وحمل لقب «الرجل الأكثر شراسة فـي التاريخ، الذي لا يهزم «كما وصفه زملاؤه الملاكمون، وحين عاد، عاد كهلا حتى أن منافسه أشفق عليه وصرّح أنه كان يستطيع أن يوجّه إليه لكمات موجعة لكنه خشي أن يوجّه إليه مثلها ويحتدم الصراع! وهذا يعني وجود اتفاق ضمني بأن يستمر النزال ثماني جولات وتحسم نقاط الفوز. وإذا كان العالم قد تذكّر كلاي بعد أن اعتزل الملاكمة، وأصيب بمرض باركنسون (الشلل الرعاش)، فأسند إليه إيقاد الشعلة الأولمبية فـي دورة أتلانتا 1996 وعاد ثانية ليحمل العلم الأولمبي فـي دورة لندن 2012م، فقد كاد أن ينسى تايسون، فعاد لحلبة النزال ليذكّر العالم بنفسه، ولو بهزيمة وخسارة ثقيلة فـي نزال استمرّ لدقائق ربح خلالها (20) مليون دولار، وبذلك بطل العجب. |