زهور جديدة تتفتح في جامعة السلطان قابوس
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
أحرص في بداية كل عام جامعي جديد أن أشهد اليوم الأول في استقبال الطلبة الجدد الذين يبدأون رحلة التعليم الجامعي في رحاب جامعة السلطان قابوس. وجوه وضاءة متفائلة لشباب وشابات في عمر الزهور أنهوا دراستهم الثانوية وجاؤوا من مختلف محافظات وولايات سلطنة عُمان ليتفرغوا تماما ويخصصوا أوقاتهم وسنوات من أعمارهم يقضونها في طلب العلم في بيت العلم، ليس فقط بحثًا عن وظيفة قد تتأخر بعد التخرج، ولكن لبناء شخصياتهم وزيادة فهمهم للعالم وما يدور فيه، وإثراء معارفهم وتنمية مهاراتهم وبناء مستقبلهم ومستقبل وطنهم.
يسعدني هذا اليوم كثيرًا، وأحرص خلاله على مطالعة وجوه هؤلاء الطلبة البريئة، وهم يسألون بحذر شديد وحب استطلاع جارف لكل شيء لم يروه من قبل، وكذلك وهم يستمعون باهتمام كبير لكل كلمة توجه لهم تتعلق بحياتهم الجامعية الجديدة ومتطلباتها. أسترجع في تلك اللحظات ذكريات أول يوم لي في الدراسة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة منذ أربعين عامًا تقريبا، عندما كانت هي كلية الإعلام الوحيدة في مصر وكانت تمثل ملتقى وطنيا للطلبة من جميع محافظات مصر، تمامًا مثلما تمثل جامعة السلطان قابوس الآن ملتقى وطني للطلبة من كل محافظات سلطنة عُمان.
أتذكر دهشة البدايات التي كانت تصبغ كل شيء في الجامعة والكلية، والرغبة في التعرف على الزملاء الجدد الذين سوف يصبحون فيما بعد أصدقاء العمر وربما زملاء المهنة الواحدة، وأفضل ما قدمه لنا زمن الدراسة الجامعية الذي سوف نصفه بالجميل بعد ذلك.
الأحد الفائت كان الموعد المرتقب في حفل استقبال طلبة الجامعة الجدد (الدفعة 38) الذي استضافته القاعة الكبرى في مركز الجامعة الثقافي، برعاية صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد رئيس الجامعة.
حرك استقبال الطلبة الجدد كل شيء في الجامعة. ازدانت الطرقات والحدائق بأكثر من ثلاثة آلاف طالب وطالبة يتوزعون على 62 برنامجًا دراسيا من برامج الدراسات الجامعية الأولى.
عاد الزحام الخفيف والمحبب شيئًا فشيئًا، وفتحت مكاتب الأساتذة والإداريين والفنيين التي كانت مغلقة بعد العودة من الإجازة السنوية، وعادت الطرقات لتزدان باللونين الأبيض والأسود، وبدا الجميع مستعدا لبداية فصل جديد من فصول الحياة العلمية المتواصلة داخل الجامعة الأم التي يقع على عاتقها منذ إنشائها في العام 1986- إلى جانب الجامعات والكليات الأخرى الحكومية والخاصة في سلطنة عمان- إعداد الأجيال الجديدة من الشباب العُماني إعدادًا علميًا وثقافيًا متميزًا لكي تكون جاهزة لحمل مشاعل التنوير في المجتمع، والمشاركة في النهضة المستمرة للوطن العزيز.
قد تكون شهادتي مجروحة عندما أكتب عن الجامعة التي أشرف بالعمل بها منذ سنوات، ومع ذلك أستطيع أن أقول بكل موضوعية أن اهتمام الجامعة بطلبتها منذ التحاقهم بها، ومتابعتهم حتى بعد تخرجهم، لم أشاهده في جامعات أخرى كثيرة وعريقة عملت بها. الطالب في جامعة السلطان قابوس يبقى محور العملية التعليمية التي جندت لها الجامعة الآلاف من الأساتذة والإداريين والفنيين الذين يتفانون في تقديم الخدمات التعليمية والأكاديمية والاجتماعية والصحية والنفسية إلى جانب الأنشطة الثقافية والدينية والرياضية.
وفي الوقت الذي تتراجع فيه تلك الخدمات والأنشطة في جامعات عربية كثيرة، فإنها في جامعة السلطان قابوس تشهد زيادة مستمرة، ويضاف لها كل عام المزيد من الخدمات والأنشطة التي تيسر حياة الطلبة وتجعل كل جهدهم يتركز في التحصيل العلمي والتدريب واكتساب المهارات في مجال التخصص.
ما تقدمه الجامعة لطلبتها كل عام يرد لها أضعافا مضاعفة، ويصب في سمعتها الطيبة داخل وخارج الدولة، عندما يتحول كل طالب جلس على مقاعد الدراسة فيها إلى سفير فوق العادة لها في كل مكان يعمل به أو يذهب إليه.
يمكن أن تلحظ ذلك في عبارات الفخر بالحصول على درجة علمية من الجامعة التي يفاجئك بها خريج تقابله صدفة في مكان عمله ويقول لك بكل سعادة إنه تخرج في جامعة السلطان قابوس، أو عندما تقابل تلاميذك في أماكن العمل ويحتفون بك لأنك كنت أستاذهم يومًا ما في هذه الجامعة، أو عندما يأتون للتقدم لبرامج الدراسات العليا بالجامعة وتستمع إلى قصص نجاحهم في العمل والحياة. كثير من زملائي الأعزاء الذين يأتون في زيارات لعُمان لتقديم دورات تدريبية للإعلاميين يقولون لي: «كل المتدربين يعرفونك يا دكتور ويمدحونك» فأقول لهم: إنهم أبنائي الذين جمعتني بهم جامعة السلطان قابوس. حالة من الولاء والتمازج بين الطلبة والجامعة لا تحدث في جامعات ومؤسسات أكاديمية كثيرة في العالم. ورغم صراع الدرجات في نهاية كل فصل دراسي لم أجد من يسيء إلى أستاذه أو الكلية أو الجامعة، ونادرا ما يتظلم طالب من الدرجة التي منح إياها وفي هذه الحالة يتصرف وفقا للوائح الجامعية.
تشعر مع طلبة الجامعة أن هناك ميثاقا أخلاقيا غير مكتوب قائما على الاحترام والتقدير المتبادل بين الطالب والأستاذ، مستمدا أولا من البيئة العمانية أو ما كان يسميه صديقي الأستاذ العُماني «الخصوصية العُمانية»، ومن روح التسامح التي تصبغ كل تصرفات هذا الشعب الطيب، والتربية الحسنة التي تلقاها الطلاب في المنازل والمساجد والمدارس، ومستمد ثانيا من حرص إدارة الجامعة على انتقاء أعضاء هيئة التدريس سواء العُمانيين أو الأجانب وفقا لمعايير علمية وأخلاقية صارمة.
ولا أنسى ما حييت أحد الطلبة الجدد في إحدى السنوات سألني ببراءة شديدة عندما قابلني عرضا في الكلية «هل حضرتك عالم؟»، وهو ما يؤكد أن شخصا ما في منزله أو في مدرسته قال له: إن أساتذة الجامعة علماء.
إن ما تحققه جامعة السلطان قابوس من تقدم على جميع المستويات الأكاديمية والبحثية والإدارية والفنية يعود إلى تميز طلابها وحرصهم على التعلم وحضور كل الأنشطة التعليمية.
تذهب إلى قاعة المحاضرات في الموعد المحدد فتجد أن الطلبة قد سبقوك وأخذوا أماكنهم فيها قبل الموعد المحدد، ونادرا ما يتأخر أحد الطلاب عن المحاضرة. يناقشون في كل شيء ويسألون عن كل شيء ويشاركون بفاعلية في إثراء الجلسة التعليمية. وكثيرا ما شعرت في نهاية بعض المحاضرات أنني تعلمت منهم أشياء جديدة وبادلوني المعارف التي قدمتها لهم بمعارف جديدة.
تحية لطلبة الجامعة الجدد والقدامى- إن جاز التعبير- الذين تحيا الأمم بهم، تحية للورد الجديد الذي وضع جذوره في حرم الجامعة، وتحية لمصابيح المستقبل التي سوف تنير حياة الأجيال القادمة.
أ.د. حسني محمد نصر أكاديمي في قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی جامعة السلطان قابوس کل شیء
إقرأ أيضاً:
المراسم السلطانية يتوج بالبطولة السابعة لوحدات ديوان البلاط
توج فريق المراسم السلطانية (أ) بلقب البطولة السابعة لوحدات ديوان البلاط السلطاني لكرة القدم لعام 2024، بعد انتصاره على فريق مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم بركلات الترجيح 2/ 1 في المباراة النهائية التي أقيمت على ملعب كرة القدم بالمنشأة الرياضية في الموالح، ورعى حفل ختام البطولة سعادة الدكتور صالح بن سالم الرحبي، المستشار في ديوان البلاط السلطاني، بحضور سعادة محمد الصارمي رئيس المراسم السلطانية، وأصحاب السعادة، ومديري عموم وحدات ديوان البلاط السلطاني.
بدأ فريق المراسم السلطانية بضغط مبكر في محاولة لخطف هدف التقدم، وفي الدقيقة 12، جاءت أولى المحاولات الخطيرة من تسديدة "على الطائر" نفذها اللاعب عيسى الجرادي ببراعة، لكن الحارس المتألق سليمان الراجحي نجح في التصدي لها ليحافظ على شباكه نظيفة.
وفي الدقيقة 16، كاد المراسم السلطانية أن يسجل هدف التقدم مجددًا، بعد هجمة خطيرة قادها اللاعب جمعة الفارسي، الذي أطلق تسديدة قوية باتجاه المرمى، لكنها مرت بمحاذاة العارضة، لتضيع فرصة محققة لافتتاح التسجيل. واستمر ضغط فريق المراسم السلطانية طوال مجريات الشوط الأول، مع محاولات متكررة للتسجيل، لكن الدفاع الصلب لمركز السلطان قابوس وحارس مرماه حالا دون اهتزاز الشباك، على الجانب الآخر، اعتمد مركز السلطان قابوس على الهجمات المرتدة السريعة، إلا أنها لم تشكل خطورة كبيرة على مرمى المراسم، حتى أطلق الحكم صافرة نهاية الشوط الأول بالتعادل السلبي بينهما.
شوط الأهداف
انطلق الشوط الثاني بقوة، حيث شهدت الدقيقة 2 أولى المحاولات الخطيرة من فريق مركز السلطان قابوس عبر اللاعب حسن مظفر الذي سدد ركلة حرة مباشرة أبعدها الحارس ببراعة، وحاول مجددًا فريق مركز السلطان قابوس في الدقيقة 3، عندما سدد اللاعب محمد العفيفي كرة على الطائر لكنها مرت بجوار القائم، وفي الدقيقة الرابعة، نفذ اللاعب سعيد المعمري ركلة حرة لفريق المراسم السلطانية، مرت بجوار القائم لتضيع فرصة محققة للتقدم، وجاء هدف مفاجئ في الدقيقة 5 لصالح مركز السلطان قابوس عن طريق اللاعب أحمد الفارسي، الذي استغل دربكة بين حارس المراسم ومدافعه ليُسجل الهدف الأول في المباراة، وواصل فريق مركز السلطان قابوس محاولاته لتعزيز التقدم، حيث سدد نصيب العامري كرة قوية مرت من فوق العارضة في الدقيقة 7، أعقبها محاولة أخرى من المتألق أحمد الفارسي في الدقيقة 10، لكنها مرت بجوار القائم هي الأخرى.
وعاد فريق المراسم السلطانية للضغط بحثًا عن التعادل، وجاءت أبرز الفرص في الدقيقة 20 عندما سدد اللاعب سعيد المعمري كرة خطيرة كادت أن تسكن الشباك، لكن الحارس تألق في إبعادها، وفي الدقيقة 21، نجح فريق المراسم السلطانية في إدراك التعادل عبر رأسية رائعة من اللاعب توفيق البوسعيدي، بعد تمريرة متقنة من جمعة الفارسي، وكاد فريق المراسم أن يتقدم مباشرة بعدها، حيث أضاع جمعة الفارسي فرصة محققة في الدقيقة 22، بعدما انفرد بالحارس الذي نجح في التصدي للكرة ببراعة، ليبقي النتيجة متعادلة، وانتهى الشوط الثاني بالتعادل الإيجابي 1-1، ليتجه الفريقان إلى الأشواط الإضافية التي لم تشهد تغيرًا في النتيجة رغم بعض المحاولات من الطرفين، ليحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح. وفي النهاية، تمكن فريق المراسم السلطانية من حسم اللقب لصالحه بركلات الترجيح بنتيجة 2-1، ليُتوج ببطولة وحدات ديوان البلاط السلطاني السابعة لكرة القدم لعام 2024 وسط فرحة كبيرة من اللاعبين والجماهير.
الجوائز الفردية والجماعية
شهدت مراسم الختام توزيع الجوائز الفردية والجماعية تكريما لأفضل اللاعبين والفرق التي تألقت خلال البطولة، حيث حصل اللاعب عيسى الجرادي من فريق المراسم السلطانية على جائزة أفضل لاعب في المباراة النهائية، فيما توج زميله جمعة الفارسي بجائزة أفضل لاعب في البطولة، بعد أداء استثنائي طوال مشوار المنافسات، ونال الحارس سليمان الراجحي من فريق مركز السلطان قابوس جائزة أفضل حارس مرمى، تقديرا لمستوياته الرائعة وتصدياته الحاسمة، بينما توج المدرب فهد المعمري من فريق المراسم السلطانية بجائزة أفضل مدرب.
وعلى صعيد الجوائز الأخرى، حقق عبدالله السيابي من فريق دائرة الشؤون المالية والإدارية لقب هداف البطولة، وحصل فريق الدراسات والبحوث على جائزة الفريق المثالي، بينما ذهب لقب أفضل إداري إلى سعيد العلوي من فريق المراسم السلطانية، وجائزة أفضل مسؤول متابع إلى داود الكيومي، وتم تكريم طاقم التحكيم الذي قاد البطولة بكفاءة عالية.
كما شهدت البطولات المصاحبة للبطولة منافسات قوية بين المشاركين، في الألعاب الأخرى، حيث توج أشرف الحجري من فريق المراسم السلطانية بالمركز الأول في بطولة كرة الطاولة، وحل في المركز الثاني زوميتو بارون من الخدمات الطبية، فيما جاء فيصل الراشدي من الخدمات الطبية في المركز الثالث. وفي بطولة السباحة، حقق منصور النعيمي من فريق مركز السلطان قابوس المركز الأول، بينما جاء سعيد البلوشي من فريق المراسم السلطانية في المركز الثاني، واحتل زميله أحمد الحسني المركز الثالث. أما في بطولة البلياردو، فقد حصد عدنان البلوشي من فريق الخدمات الطبية المركز الأول، بينما جاء خالد الشعيلي من فريق المراسم السلطانية في المركز الثاني، وحل حمد الوهيبي من فريق الخدمات الطبية المركز الثالث.
وفي الختام، تم تسليم فريق مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم الميداليات الفضية بعد حصوله على المركز الثاني، فيما تم تتويج فريق المراسم السلطانية بكأس البطولة وسط أجواء احتفالية وفرحة كبيرة من اللاعبين والجماهير.