لجريدة عمان:
2025-01-29@16:41:10 GMT

زهور جديدة تتفتح في جامعة السلطان قابوس

تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT

أحرص في بداية كل عام جامعي جديد أن أشهد اليوم الأول في استقبال الطلبة الجدد الذين يبدأون رحلة التعليم الجامعي في رحاب جامعة السلطان قابوس. وجوه وضاءة متفائلة لشباب وشابات في عمر الزهور أنهوا دراستهم الثانوية وجاؤوا من مختلف محافظات وولايات سلطنة عُمان ليتفرغوا تماما ويخصصوا أوقاتهم وسنوات من أعمارهم يقضونها في طلب العلم في بيت العلم، ليس فقط بحثًا عن وظيفة قد تتأخر بعد التخرج، ولكن لبناء شخصياتهم وزيادة فهمهم للعالم وما يدور فيه، وإثراء معارفهم وتنمية مهاراتهم وبناء مستقبلهم ومستقبل وطنهم.

يسعدني هذا اليوم كثيرًا، وأحرص خلاله على مطالعة وجوه هؤلاء الطلبة البريئة، وهم يسألون بحذر شديد وحب استطلاع جارف لكل شيء لم يروه من قبل، وكذلك وهم يستمعون باهتمام كبير لكل كلمة توجه لهم تتعلق بحياتهم الجامعية الجديدة ومتطلباتها. أسترجع في تلك اللحظات ذكريات أول يوم لي في الدراسة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة منذ أربعين عامًا تقريبا، عندما كانت هي كلية الإعلام الوحيدة في مصر وكانت تمثل ملتقى وطنيا للطلبة من جميع محافظات مصر، تمامًا مثلما تمثل جامعة السلطان قابوس الآن ملتقى وطني للطلبة من كل محافظات سلطنة عُمان.

أتذكر دهشة البدايات التي كانت تصبغ كل شيء في الجامعة والكلية، والرغبة في التعرف على الزملاء الجدد الذين سوف يصبحون فيما بعد أصدقاء العمر وربما زملاء المهنة الواحدة، وأفضل ما قدمه لنا زمن الدراسة الجامعية الذي سوف نصفه بالجميل بعد ذلك.

الأحد الفائت كان الموعد المرتقب في حفل استقبال طلبة الجامعة الجدد (الدفعة 38) الذي استضافته القاعة الكبرى في مركز الجامعة الثقافي، برعاية صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد رئيس الجامعة.

حرك استقبال الطلبة الجدد كل شيء في الجامعة. ازدانت الطرقات والحدائق بأكثر من ثلاثة آلاف طالب وطالبة يتوزعون على 62 برنامجًا دراسيا من برامج الدراسات الجامعية الأولى.

عاد الزحام الخفيف والمحبب شيئًا فشيئًا، وفتحت مكاتب الأساتذة والإداريين والفنيين التي كانت مغلقة بعد العودة من الإجازة السنوية، وعادت الطرقات لتزدان باللونين الأبيض والأسود، وبدا الجميع مستعدا لبداية فصل جديد من فصول الحياة العلمية المتواصلة داخل الجامعة الأم التي يقع على عاتقها منذ إنشائها في العام 1986- إلى جانب الجامعات والكليات الأخرى الحكومية والخاصة في سلطنة عمان- إعداد الأجيال الجديدة من الشباب العُماني إعدادًا علميًا وثقافيًا متميزًا لكي تكون جاهزة لحمل مشاعل التنوير في المجتمع، والمشاركة في النهضة المستمرة للوطن العزيز.

قد تكون شهادتي مجروحة عندما أكتب عن الجامعة التي أشرف بالعمل بها منذ سنوات، ومع ذلك أستطيع أن أقول بكل موضوعية أن اهتمام الجامعة بطلبتها منذ التحاقهم بها، ومتابعتهم حتى بعد تخرجهم، لم أشاهده في جامعات أخرى كثيرة وعريقة عملت بها. الطالب في جامعة السلطان قابوس يبقى محور العملية التعليمية التي جندت لها الجامعة الآلاف من الأساتذة والإداريين والفنيين الذين يتفانون في تقديم الخدمات التعليمية والأكاديمية والاجتماعية والصحية والنفسية إلى جانب الأنشطة الثقافية والدينية والرياضية.

وفي الوقت الذي تتراجع فيه تلك الخدمات والأنشطة في جامعات عربية كثيرة، فإنها في جامعة السلطان قابوس تشهد زيادة مستمرة، ويضاف لها كل عام المزيد من الخدمات والأنشطة التي تيسر حياة الطلبة وتجعل كل جهدهم يتركز في التحصيل العلمي والتدريب واكتساب المهارات في مجال التخصص.

ما تقدمه الجامعة لطلبتها كل عام يرد لها أضعافا مضاعفة، ويصب في سمعتها الطيبة داخل وخارج الدولة، عندما يتحول كل طالب جلس على مقاعد الدراسة فيها إلى سفير فوق العادة لها في كل مكان يعمل به أو يذهب إليه.

يمكن أن تلحظ ذلك في عبارات الفخر بالحصول على درجة علمية من الجامعة التي يفاجئك بها خريج تقابله صدفة في مكان عمله ويقول لك بكل سعادة إنه تخرج في جامعة السلطان قابوس، أو عندما تقابل تلاميذك في أماكن العمل ويحتفون بك لأنك كنت أستاذهم يومًا ما في هذه الجامعة، أو عندما يأتون للتقدم لبرامج الدراسات العليا بالجامعة وتستمع إلى قصص نجاحهم في العمل والحياة. كثير من زملائي الأعزاء الذين يأتون في زيارات لعُمان لتقديم دورات تدريبية للإعلاميين يقولون لي: «كل المتدربين يعرفونك يا دكتور ويمدحونك» فأقول لهم: إنهم أبنائي الذين جمعتني بهم جامعة السلطان قابوس. حالة من الولاء والتمازج بين الطلبة والجامعة لا تحدث في جامعات ومؤسسات أكاديمية كثيرة في العالم. ورغم صراع الدرجات في نهاية كل فصل دراسي لم أجد من يسيء إلى أستاذه أو الكلية أو الجامعة، ونادرا ما يتظلم طالب من الدرجة التي منح إياها وفي هذه الحالة يتصرف وفقا للوائح الجامعية.

تشعر مع طلبة الجامعة أن هناك ميثاقا أخلاقيا غير مكتوب قائما على الاحترام والتقدير المتبادل بين الطالب والأستاذ، مستمدا أولا من البيئة العمانية أو ما كان يسميه صديقي الأستاذ العُماني «الخصوصية العُمانية»، ومن روح التسامح التي تصبغ كل تصرفات هذا الشعب الطيب، والتربية الحسنة التي تلقاها الطلاب في المنازل والمساجد والمدارس، ومستمد ثانيا من حرص إدارة الجامعة على انتقاء أعضاء هيئة التدريس سواء العُمانيين أو الأجانب وفقا لمعايير علمية وأخلاقية صارمة.

ولا أنسى ما حييت أحد الطلبة الجدد في إحدى السنوات سألني ببراءة شديدة عندما قابلني عرضا في الكلية «هل حضرتك عالم؟»، وهو ما يؤكد أن شخصا ما في منزله أو في مدرسته قال له: إن أساتذة الجامعة علماء.

إن ما تحققه جامعة السلطان قابوس من تقدم على جميع المستويات الأكاديمية والبحثية والإدارية والفنية يعود إلى تميز طلابها وحرصهم على التعلم وحضور كل الأنشطة التعليمية.

تذهب إلى قاعة المحاضرات في الموعد المحدد فتجد أن الطلبة قد سبقوك وأخذوا أماكنهم فيها قبل الموعد المحدد، ونادرا ما يتأخر أحد الطلاب عن المحاضرة. يناقشون في كل شيء ويسألون عن كل شيء ويشاركون بفاعلية في إثراء الجلسة التعليمية. وكثيرا ما شعرت في نهاية بعض المحاضرات أنني تعلمت منهم أشياء جديدة وبادلوني المعارف التي قدمتها لهم بمعارف جديدة.

تحية لطلبة الجامعة الجدد والقدامى- إن جاز التعبير- الذين تحيا الأمم بهم، تحية للورد الجديد الذي وضع جذوره في حرم الجامعة، وتحية لمصابيح المستقبل التي سوف تنير حياة الأجيال القادمة.

أ.د. حسني محمد نصر أكاديمي في قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی جامعة السلطان قابوس کل شیء

إقرأ أيضاً:

مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (1)

يناير 26, 2025آخر تحديث: يناير 26, 2025

محمد الربيعي

تصبح المؤسسة الأكاديمية مؤسسة بارزة عندما تنمو وتتطور مع مرور الزمن وعبر المساهمة في التنشئة والتغيير، والتكيف مع هذا التغيير مع القدرة على الحفاظ على تراثها الجوهري عبر الزمن. جامعة أكسفورد هي إحدى هذه المؤسسات.

بصرف النظر عن أن أكسفورد من أشهر الجامعات العالمية فهي تحتل مرتبة عالية في أي تصنيف عالمي للجامعات، ودائما ما تكون في المراكز الخمسة الأولى في العالم وتحتل المرتبة الأولى أو الثانية في التصنيف العالمي لجامعات المملكة المتحدة.

الجامعة قديمة جدا ويمكن اعتبارها موقعا تراثيا، نظرا لمرموقية ابنيتها التاريخية. والدخول إلى أكسفورد يعد أمرا مهما، لان الجامعة ليس فقط رمز ثقافي واسم مألوف بل لأن تعليمها ككل هو ظاهرة تنعكس في تصنيفاتها ومكانتها وما إلى ذلك.

على مر العصور، دافع اساتذة وطلاب أكسفورد عن الحقيقة وليس عما يكسب المزيد من القوة والمكانة. لذا تكمن رؤية الجامعة في توفير الحقيقة “عن طريق البحث والتعليم على مستوى عالمي وبطرق تعود بالنفع على المجتمع الوطني والعالمي”.

وعلى مر العصور ساهم اساتذة أكسفورد في نمو مواضيع متعددة من الدراسات والتخصصات التي اصبحت برامج ومناهج اساسية في الجامعات العالمية. وكان الالتزام بدفع المعرفة الانسانية إلى الأمام هو المحور الأساسي للحصيلة الفكرية العالية لكل طلابها. لذلك شغل الذين درسوا فيها مناصب نخبوية في أوروبا وحول العالم.

يعتبر خريج اوكسفورد مفكرا ومثقفا مستقلا للغاية وعقلانيا يهتم بعمق بالمجتمع ومشاكله ككل. جامعة أكسفورد التي لا تزال أقدم جامعة كلاسيكية ناطقة باللغة الإنجليزية على وجه الأرض هي حقا مكان للاذكياء والمثفقين.

لماذا أكسفورد مرموقة جدا؟ يعزي البعض السبب لطريقة التدريس الفريدة والتي تشجع الطلاب الذين لديهم دوافع ذاتية. لذلك يجد المتفوقون بيئة يتركون فيها لمتابعة اهتماماتهم الشخصية في مكتبات ممتازة وفي صحبة المتفوقين الآخرين ذوي الدوافع العالية. اساتذتها علماء على مستوى عالي من المعرفة والعلم ويقدم فيها محاضرات زوار مرموقين وقادة عالميين من الذين كانوا في الغالب باحثين جيدين جدا. ثم هناك غرفة النقاش في اتحاد أكسفورد والحياة الاجتماعية المفعمة بالحيوية في أماكن تاريخية رائعة بحيث تجعل درجة أكسفورد بمثابة جواز سفر للعمل، ولا يندم احد على قضاء وقته بين رحابها على الإطلاق.

باختصار تتصدر أكسفورد جامعات العالم للأسباب التالية:

– لديها أكثر من 1000 عام من الخبرة كمركز للتعلم والبحث العلمي

– يتم جذب الأفضل والألمع من جميع أنحاء العالم كطلاب وباحثين ومدرسين

– تستخلص طريقة البرنامج التعليمي أفضل ما في الطلاب (جلسات مرة واحدة في الأسبوع مع متخصص في مجالك يقوم بمراجعة ورقة بحثية قمت بإعدادها خلال الأسبوع).

– نظام البرنامج التعليمي، جنبًا إلى جنب مع عبء الدراسة تم تطويره من خلال التأثير التعزيزي لمعظم ألطلاب ليكونوا أذكياء جدًا. فعندما تتحدث دائما إلى أشخاص أذكياء، ستصبح أكثر ذكاءً.

– يحاضر فيها علماء حصل كثير منهم على جوائز نوبل  (69 عالما) وعلى جوائز عالمية مرموقة

– في السنة المالية 2018/19، بلغ إجمالي الدخل البحثي للجامعة  769.2 مليون باوند إسترليني. منها 624.7 مليون باوند من المنح والعقود البحثية الممولة من الخارج.

– تشتهر عالميا بالتميز البحثي وهي مكان لافضل وأكثر الموهوبين من جميع أنحاء العالم. تساعد بحوثها في تحسين حياة الملايين، وتحل مشاكل العالم الحقيقي من خلال شبكة ضخمة من الشراكات والتعاون. وثتير الطبيعة الواسعة لابحاث الجامعة رؤى وحلول إبداعية ومبتكرة.

– جمال معماري لا يصدق يجعلك تشعر أنك محظوظ بما يكفي للدراسة في مثل هذا المكان.

– مكتبات رائعة بالإضافة إلى مرافق بحث حديثة مفتوحة لك مع قيود قليلة جدًا

– الوقت متاح للانضمام إلى انشطة اخرى (الرياضة والموسيقى والمناظرة والمسرح) أو لتناول مواضيع أخرى.

– يمكن الوصول بسهولة إلى بعض أعظم الأساتذة في العالم، ويمكن ان تحضر دروسا في فصول مفتوحة لأي طالب في الجامعة

– كليات منفصلة تنتمي جميعها إلى الجامعة ولكن لها ثقافات وتقاليد متميزة.

– بالاضافة للجلابيب السوداء الطويلة والقبعات المضحكة تجعل الجميع يبدون متميزين بشكل خاص.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة حلوان يستقبل وفدًا من جامعة مايو لتفعيل بروتوكول التعاون وتطوير مستشفى الطلبة
  • جامعة السلطان قابوس في عيون الأكاديميين المصريين
  • جامعة أردنية تعاقب طالبا بسبب الشهيد ماهر الجازي.. ما القصة؟ (صور)
  • جامعة أردنية تعاقب طالبا بسبب اسم ماهر الجازي.. ما القصة؟ (صور)
  • "جامعة السلطان قابوس في عيون الأكاديميين المصريين" بمعرض القاهرة للكتاب
  • أمسية دينية بمناسبة الإسراء والمعراج في الرستاق
  • جامعة السلطان قابوس تنظم "المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي"
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (1)
  • جامعة السلطان قابوس تهدي درعها للأساتذة المصريين في ندوة معرض الكتاب
  • جامعة السلطان قابوس تهدي الأساتذة المصريين درعها خلال جلستها الحوارية