انطلقت ثالث جلسات المحور الفكري لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، في دورته الحادية والثلاثين (دورة د. علاء عبد العزيز) برئاسة الدكتور سامح مهران، بعنوان "المسرح وصراع المركزيات" وجاءت الجلسة الثالثة تحت عنوان "الأداء اللغوي للنص المسرحي وخلخلة المركزيات" والتي أقيمت بقاعة الندوات بالمجلس الأعلى للثقافة، وأدارتها الدكتورة رانيا فتح الله.

 د. أحمد ضياء : الليبرالية أحدثت انفتاحا على النصوص المسرحية

وفي بداية الجلسة قدم الكاتب والناقد العراقي د. أحمد ضياء، ورقة بحثية بعنوان "الليبرالية الجديدة وتشكيلها في النص المسرحي" حيث أكد فيها أن الليبرالية شكلت حضوراً بارزاً في تكوين المركزيات الغربية وهيمنتها الانتقالية على المجتمع الآخر، المرحلة التي مثلت تداعيات مهمة بعد أن جاء المصطلح على يد عالم اقتصاد أمريكي، الأمر الذي جعل منها ذات أثر واضح على الجوانب الحياتية والسياسية والاقتصادية بشكل مباشر وصريح.

وأضاف "ضياء" أن: الانكماش المسرحي يحصل نتيجة للتداعيات الحاضرة التي طرأت على البنية النصية والبصرية، لذا جاءت الليبرالية الجديدة لتحد من واقع الأفعال التي ظهرت كرؤية وظيفية أي أنها تحاول إعطاء سمة بارزة على منطلقات المركزيات، مما حتم عليها إعادة تكوين حواضن مسايرة تعمل على حماية النص الأصلي من تخبطات الرؤى السياسية وتفاعلاتها، لذا فالنصوص المسرحية داخل منظومة الليبرالية الجديدة لا تقبل بالاحتكار التنظيري، بل يجعل من النص بنية قابلة للتغيير.

 

وأوضح الكاتب والناقد العراقي، أنه من النصوص المسرحية التي عالجت قضية العراق، نص مسرحية (نمر بنغالي) للكاتب المسرحي الأمريكي (جوزيف راجيف) المقاتل في الحرب العراقية الأمريكية، والذي شهد المتغيرات التي طرأت على المجتمع العراقي، لذا جاءت هذه المسرحية لتحمل الأخطاء التي تم ارتكابها ضد شعب كامل، نتيجة لمركزيات وأهواء سلطوية (كولونيالي) خاطئة، ففي نمر بنغالي يستعرض الكاتب حالة الهلع التي تصيب الإنسان في القصور الرئاسيَّة للرئيس العراقي السابق، والألم الذي يرمى إنسان وهو على قيد الحياة إلى النمور، وهذا الشيء جاء نتيجة مركزيات مستبدة.

د. أحمد مجدي: الزائف والخيالي أصبح أكثر سطوة من الحقيقي


من جانبه قدم الدكتور أحمد مجدي أستاذ الدراما والنقد ورقة بحثية بعنوان  "تفكيك مركزية النص الشكسبيري في رؤية مابعد حداثية لقضايا عالمنا المعاصر نص هاملت بالمقلوب نموذجًا" حاول فيها الإجابة علي بعض الأسئلة المحورية وهي: كيف صاغ مهران رؤية معاصرة لنصه وتكشف بعض التحولات الكبرى التي تشهدها مجتمعاتنا العربية والعالمية في ظل إشكاليات العولمة، وصعود التكنولوجيا والاعلام المرئي بشكل غير مسبوق؟.


وأكد "مجدي" أن المجتمعات الحالية سواء في الأقطاب العربية أو حتى في الخارج تعاني من الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الافتراضية بشكل يفوق الحدود المنطقية، وهو ما عمل خلخلة مركزية الواقع والحقيقة والمسلمات، وأصبحت البدائل تتخلص في الانفتاح على كل ما هو خيالي حالم وافتراضي وزائف، باعتبارهم القيم الجديدة التي يتبنى عليها حقائق مجتمعات ما بعد الحداثة، في ظل هذا الكم الهائل من التخييل والتزييف التي تحدثه مواقع الإعلام المرئي، وهو ما تسبب في تنحي الواقع والحقيقة، واحلال كل ما هو زائف محلهما في بعض الأحيان.

ويري الدكتور أحمد مجدي في بحثه أن المسرح عملية فنية عابرة للثقافات تتخطي فكرة المركزيات المهيمنة، من أجل الغرض من الكتابة والطرح والمعالجة في أي زمان ومكان، إذ أن بعد ظهور الفضاءات الافتراضية العمومية والتكنولوجيا الحديثة أصبحت الأشكاليات تنصب على الموضوعات الشمولية التي تخص الإنسانية عموما وليس بشرط أن تستعرض صدام المركزيات، أو تؤكد على هيمنة نص معين على التراث المسرحي الإنساني.

 

د. أمينة الدشراوي: النظم الاستعمارية تحاول طمس ملامح الهوية العربية

فيما قدمت الكاتبة والمخرجة التونسية أمينة الدشراوي ورقة بحثية بعنوان "المسرح العربي بين التأصيل الحضاري والتجديد الفكري الجمالي: قراءة في مسرحية "خيل تايهة" لإيهاب زاهدة" واستهلت أمينة بحثها بكلمات من قصيدة "أنا هنا" لشاعر الأرض المحتلة محمود درويش، مشيرة إلى أن مسألة الإرث الثقافي في علاقة بالحضارة العربية بصفة عامة والمسرح العربي بشكل خاص، تعد مادة تستحق الدرس، إذ سقطت ورقة التوت عن الأنظمة الغربية الاستعمارية وانكشف القناع عن المشروع الصهيوني في الشرق الأوسط والذي يقوم على ثلاثية الأساطير المزيفة ليجد شرعية لتطهير الشعب الفلسطيني عرقيا وطمس ملامح الهوية العربية منذ نكبة 1948.

وأوضحت "الدشراوي" أن انتشار حالة الوعي في صفوف الطلبة والنخب في الجامعات الامريكية وفي كامل أنحاء العالم كأثر الفراشة الّذي لا يرى ولا يزول، ينبئ بثورة شاملة عالميّة ستنتج حتمًا تغيرات شعبية ونخبوية فكريّة وجماليّة تطال كافة المجالات الفنّية والمشهد المسرحي العالمي وهو ما يحملنا إلى تأمّلات في التجربة المسرحية العربية التي تصبو إلى تحقيق التوازن بين التأصيل الحضاري التراثي والتّجديد الفكري الجمالي. وهو ما يجعلنا.

وفي تحليلها لعرض مسرحية "خيل تايهة" للمخرج الفلسطيني إيهاب زاهدة والكاتب السوري عدنان عودة، أكدت الكاتبة التونسية أن المخرج انطلق من نص سردي روائي باللهجة السورية مع اختلاف اللكنات ليقتحم نمطية الفرجة العربية بنظام عرض مكثف العلامات، فيه انتصار للهامش على حساب المركز وللبادية على حساب المدينة وللعلم على حساب الخرافة بنفس ملحمي بريشتي ما بعد كولونيالي، وينفتح العرض على الفنون الأدائية ليعانق الأسطورة الأوديبية في رحلة صراع الشخصيتين الرئيسيتين مع القدر بحثا عن الهوية (خيل وأمّها تايهة) ويغوص في عالم الشخصيات بكوراليّة تتأرجح بين السّرد والتّشخيصوتتكامل في رؤى جمالية تأخذ المتلقي في دوامة من الاستعارات والرموز فيتوه مع كتابة ركحيّة مغايرة تثير الانفعالات وتؤدي إلى التطهير كما تدفع إلى اعمال العقل والتفكير.

د. أمير هشام الحداد: الغرب رسم صورة افتراضية عن هيمنته على الشرق

بينما قدم د. أمير هشام الحداد أستاذ الفنون المسرحية بكلية الفنون الجميلة بجامعة بابل العراقية، ورقة بحثية بعنوان "التمركز الغربي في النص المسرحي الاستشراقي"، أكد فيها أن المخيال الغربي بعد مابعد الكونيالية وفي ظل ظروف الحرب والاستعمار الكونيالي رسمت صورة عن الذات الشرقية والعربية منها بافتراضات التعالي و الهيمنة والغربنة في التفوق الحضاري والإنساني والثقافي.

ولفت "الحداد" في بحثه، أن تلك الصورة الاستعمارية نتج عنها عدة صور وأشكال الهيمنة النصية والأسلوبية السردية الكتابية مما يقدم لنا حدود خارج أفق التوقع وخارج إمكانيات الأداء للبنى الشرقية وما يسمى أو يشابه التشكيل الرمزي للمجتمعات والثقافات، مما جعلنا أمام سلطة وتمركز فكري وذهني واستعلاء ثقافي برؤية غربية لذاتنا ومخيلتنا بعيدة عن الصور والرسومات الواقعية الملموسة التي نعيشها، مما جعل مثقفينا أحيانا بعيدين كل البعد عن واقعنا فهم يعيشون في حلقة وحبكة دائرية منغلقة تعود للآخر المهيمن.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الدكتور سامح مهران د علاء عبد العزيز محمود درويش المجلس الأعلى للثقافة مهرجان القاهرة الدولي مهرجان المسرح المسرح التجريبي مهرجان المسرح التجريبي سامح مهران السياسية والاقتصادية ورقة بحثیة بعنوان وهو ما

إقرأ أيضاً:

سوسن بدر: إطلاق اسمي على الدورة الرابعة من مهرجان المسرح العالمي شرف كبير

أعربت الفنانة سوسن بدر في فيديو مصور لها، عن سعادتها لاحتضان أكاديمية الفنون في الإسكندرية لمهرجان المسرح العالمي هذا العام.

وأكدت بدر أن الدورة الرابعة تحمل اسمها، مما اعتبرته شرفًا عظيمًا لها، مقدمة شكرها لإدارة المهرجان على هذا التكريم كما أعربت عن فخرها بوجود مهرجان تحت اسم المسرح وبالتعاون مع أكاديمية الفنون التي كانت طالبة فيها، مشيرة إلى اعتزازها بهذه التجربة وتمنت رؤية الشباب الموهوبين، حيث ستذكرها هذه اللحظات بأيام حماسهم لتقديم فن جميل والمساهمة في نهضة وطنهم.

قدمت سوسن بدر خالص شكرها لإدارة المهرجان ولكل القائمين على تنظيمه. وأشادت بفرحتها المتزايدة لكون النجمة ليلى علوي، المحبوبة لديها، تشغل منصب الرئيس الشرفي للمهرجان، مؤكدة أن ذلك يضمن أن تكون هذه الدورة ناجحة واستثنائية.

يُذكر ينظم المعهد العالي للفنون المسرحية بالإسكندرية الدورة الرابعة لمهرجان المسرح العالمي، الذي يحمل اسم الفنانة سوسن بدر. تحت رعاية الدكتور غادة جبارة، رئيس أكاديمية الفنون، ورئاسة الدكتور أحمد عبد العزيز، وكيل المعهد العالي للفنون المسرحية، وإدارة الفنانة ليلى علوي، الرئيس الشرفي للمهرجان، والفنان إسلام علي، مدير المهرجان، بالإضافة إلى الفنان مصطفى عامر، رئيس اتحاد الطلاب سيقام المهرجان في محافظة الإسكندرية من 10 إلى 18 مايو المقبل.

أوضح تامر طه، مدير المركز الإعلامي للمهرجان، أن لجنة المشاهدة قد أكملت أعمالها، حيث ضمت في تشكيلها كلًا من الدكتور مدحت عيسى، والدكتور نبيل الحلوجي، والفنان هاني كمال. وقد قامت اللجنة بمشاهدة مجموعة من العروض في المرحلة الأولى، وقد أسفرت تلك المشاهدات عن اختيار عشرة عروض، وهي: عرض قبل أن تبرد القهوة من إخراج محمد خالد، عرض المؤسسة من إخراج محمود حسين، عرض Can't Pay، Won't Pay من إخراج عمرو خميس، وعرض القفص من إخراج مريم عثمان و عرض جريمة في فطار الشرق السريع إخراج مصطفى عامر، عرض رواية ( انهم يقتلون الجياد.. أليس كذلك؟) إخراج إبراهيم حسن، عرض الأولاد الطيبون يستحقون العطف إخراج محمد ايمن، عرض اللُعبة إخراج علي محمود، عرض الجلف إخراج فارس هريدي، عرض كوازيموديو والساحر إخراج محمد سمير.

مقالات مشابهة

  • بنسعيد يدشن جناح المغرب... ضيف شرف مهرجان باريس للكتاب 2025
  • تفاصيل فعاليات اليوم الثالث من مهرجان الفضاءات المسرحية
  • اجتماع بصنعاء يناقش سبل تطوير الأداء الإعلامي حول المستجدات في غزة وفلسطين
  • إلهام شاهين تحتفل برئاستها لجنة تحكيم مهرجان هوليوود للسينما العربية للسنة الثانية
  • صنعاء.. اجتماع يناقش سبل تطوير الأداء الإعلامي ومواجهة الشائعات التي يبثها العدو
  • حزب الجبهة الوطنية يناقش خطة العمل وتطوير الأداء الإعلامي
  • بالصور.. فعاليات وعروض ثاني أيام مهرجان الفضاءات المسرحية
  • مهرجان المسرح العربي.. بيان مهم من الثقافة بشأن الدورة 16
  • سوسن بدر: إطلاق اسمي على الدورة الرابعة من مهرجان المسرح العالمي شرف كبير
  • نقول مبروك.. مها أحمد تعبر عن سعادتها باكتمال عدد عرضها المسرحي