دمار في كل مكان.. الجزيرة نت تنقل أوضاع الحي الشرقي بجنين
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
جنين- رغم كل الأخبار التي خرجت من الحي الشرقي لمدينة جنين شمال الضفة الغربية خلال أيام حصاره الستة الماضية، فإن ما كشف عنه انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي -أمس الاثنين- من دمار هائل أحدث صدمة كبيرة لسكانه وأهالي المدينة بشكل عام.
شهادات صعبة أدلى بها أهالي الحي الذين باتوا 6 أيام تهددهم جرافات الاحتلال وعدد كبير من الجنود المشاة الذين حولوا المنازل لنقاط عسكرية واستقروا فيها.
وفور الإعلان عن انسحاب قوات الاحتلال من الحي، خرج من بقي في منزله لتفقد الدمار والخراب، في حين توافد أهالي الأحياء الأخرى من جنين للاطمئنان على أقاربهم ومعرفة ما جرى الأيام الماضية.
دمار هائلوبجهد كبير، يتنقل الأهالي مشيا على الأقدام في ما كانت تُعرف بشوارع الحي، التي حولتها الجرافات الإسرائيلية لبقعة دمار ضخمة.
"أقف منتصف منزلي، وكأنني في الشارع"، قال رشدي حثناوي (70 عاما)، الذي دمر الاحتلال منزله وهدم جدرانه، وأضاف "لم يتركوا حجرا على حجر، كأن لهم ثأرا مع شوارع الحي ومنازله، وكل شيء فيه".
وبينما بدت عليه علامات الصدمة والتعب، تابع حثناوي -الذي عاش جل حياته في الحي- "لقد دمروا المنزل وبيوت الجيران، ما يحدث اليوم صادم وموجع، لكني أفكر بأهالي المخيم، لأن الدمار فيه أكبر، ووضع سكانه أصعب".
وكان الاحتلال قد قتل مسنا فلسطينيا قبالة مسجد خالد بن الوليد في الحي الشرقي ذاته، وترك جثمانه على الأرض لساعات، ومنع اقتراب الناس منه لمحاولة نقله، ثم سارت آلية عسكرية فوقه داهسة قدميه وأكملت تجريفها للشارع.
وحسب أحد الشبان، الذي فضّل حجب اسمه، أطلق الاحتلال عددا كبيرا من الرصاص على المسن، ثم تركوه مرميا على الأرض، ومنعوهم من إسعافه. وحين تأكدوا من استشهاده -يضيف الشاب- أجبرهم الاحتلال على الخروج من منزلهم والمرور من جانب جثمانه، ولم يسمحوا لهم بنقله، وكانوا يصرخون عليهم والسلاح بأيديهم، وبعدها شاهد الشاب الآلية تدهس قدمي الشهيد وتمضي في طريقها.
وحشية غير مسبوقةوأمس الاثنين، عاد ابن الحي محمد أبو غالي لتفقد منزله بعد نزوحه منه في أول أيام الحملة العسكرية الإسرائيلية على جنين. وقال للجزيرة نت "لا يوجد منزل لم يتضرر، مدخل منزلي اختلط بمدخل بيت الجيران، هدموا السور وساحة البيت، بهذه الحال لا يمكن أن نعود إليه، كل شيء مدمر ولا يصلح للسكن، عدا عن انقطاع المياه".
وُلد أبو غالي في هذا الحي، ويوضح أنه أمضى فيه 46 عاما من عمره، وعايش فترة اجتياح جنين الكبير عام 2002، وأنه لا تمكن مقارنتها بما حدث خلال هذه الأيام الستة، ويؤكد أنهم "لم يعانوا حينها كما يعانون الآن، وأن الحي لم يدمَّر كما اليوم، ولم يُحرموا من الغذاء والكهرباء والماء مثل اليوم".
أما أبو حسن السعدي، الذي شهد الانتفاضة الأولى في ثمانينيات القرن الماضي واجتياح جنين، فيعتبر أن "وحشية الاحتلال هذه المرة تفوق كل السنوات الماضية".
ويصف السعدي -للجزيرة نت- كيف احتجز جنود الاحتلال عائلته وأسرة جيرانه منذ الساعات الأولى لحصار الحي في الطابق الأرضي، وشرعوا بالانتقال من طابق لآخر وصولا إلى الثالث، ودمروا كل شيء مروا به، في حين احتجزوا أولاده الاثنين بعد تعصيب أعينهما في مطبخ المنزل.
وطوال فترة وجود الجنود في البيت، منعوهم من التحرك من الغرفة، واحتجزوا الأولاد في المطبخ ثم نقلوهم في الليل إلى المنطقة العليا من الحي وأبقوا عليهم حتى الساعة الثانية فجرا ثم أفرجوا عنهم، كما يضيف.
ويتابع "بقينا أياما من دون كهرباء ولا ماء، كل الطعام والخضار الذي كان في الثلاجات تلف، المياه في الشارع، وحتى الآن ننقل الماء بالغالونات من المساجد، شوارع الحي لا يمكن السير فيها لكثرة الركام ولتراكم مياه الصرف الصحي".
ويعتبر السعدي أن كل الدمار بسيط مقابل رعب الأهالي والأطفال من سلوك جيش الاحتلال في المنازل التي دهمها خلال الحصار، وصوت إطلاق النار وصراخ الجنود ووحشيتهم.
ومع انسحاب قوات الاحتلال من الحي، توجهت قوة عسكرية إسرائيلية -ترافقها 4 جرافات- إلى مركز المدينة المعروف باسم "دوار السينما"، حيث بدأت عملية تدمير واسعة أيضا. وخلال أقل من نصف ساعة، كانت الجرافات تسحق كل ما تمر به في المنطقة وتغير معالم المدينة بشكل كامل. وهو ما وُصف بأكبر عملية تدمير تحدث لها منذ احتلال المدينة بعد حرب 1967.
وتُقدر بلدية جنين كمية الخسائر في البنية التحتية والشوارع خلال الأسبوع الأخير (أي منذ بداية اقتحام المدينة المتواصل) بقرابة 50 مليون شيكل (الدولار= 3.7 شيكلات)، والأرقام في تضاعف مع زيادة مدة الاقتحام واتساع دائرة التدمير. وتؤكد أن تحديثات الخسائر تجري كل ساعتين.
وفي السياق، يقول رئيس بلدية جنين نضال العبيدي إنه "من تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى بدء العملية العسكرية المتواصلة في جنين، رصدنا خسائر تقدر بـ100 مليون شيكل، وخلال الأيام السبعة الماضية فقط، وصلت إلى 50 مليون شيكل".
وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف العبيدي أن طواقم البلدية لم تتمكن حتى الآن من دخول الحي الشرقي ورصد عدد المنازل المدمرة كليا أو المتضررة بشكل جزئي، بسبب انتشار جيش الاحتلال في كل مناطق المدينة، ومنعهم من العمل على الأرض.
لكن النداءات الواصلة من الحي تكشف أن الدمار لحق بجُل المنازل، إضافة إلى ضرب شبكة الصرف الصحي والخطوط الرئيسية المزودة للماء والكهرباء، "باختصار، أصف ما حدث في جنين بأنه زلزال"، يختم العبيدي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحی الشرقی شوارع الحی من الحی
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تنقل 1400 شخص من غوما إلى كينشاسا في عملية إنسانية
في خطوة مهمة ضمن جهودها الإنسانية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أعلنت بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الاستقرار في الكونغو (مونوسكو) عن نجاح عملية نقل أكثر من 1400 من أفراد القوات الكونغولية المُنزع سلاحهم، وعائلاتهم من مدينة غوما إلى العاصمة كينشاسا. ويأتي هذا النقل بعد أن اضطرت هذه القوات للتخلي عن أسلحتها في يناير/كانون الثاني الماضي، إثر سيطرة متمردي "إم 23" على المدينة.
تجمع نحو 1400 شخص من أفراد القوات الأمنية الكونغولية وعائلاتهم في منشآت "مونوسكو" في غوما في ذلك الوقت، حيث كانوا يخشون التعرض لانتقام من قبل متمردي "إم 23" الذين يسيطرون على المدينة منذ ذلك الحين. ولكن المنشآت كانت غير مجهزة لاستيعاب هذا العدد الكبير من الأشخاص، وهذا أدى إلى أزمة إنسانية على الأرض.
وأشارت رئيسة "مونوسكو" بينتو كيتا إلى أن الوضع في غوما كان "غير قابل للاستمرار" منذ فبراير/شباط الماضي، حيث كانت القواعد الإنسانية في القاعدة العسكرية للأمم المتحدة تواجه صعوبة في تلبية احتياجات اللاجئين اليومية بسبب غياب البنية التحتية المناسبة.
وفيما يتعلق بالعملية، أوضح برونو ليماركيس، المدير بالإنابة لبعثة "مونوسكو"، أن عملية نقل هؤلاء الأفراد، التي تتم عبر عدة قوافل على مدى عدة أيام، تعتبر خطوة مهمة في حل أزمة إنسانية معقدة. كما أشار إلى الدور المحوري للجنة الدولية للصليب الأحمر التي عملت كوسيط محايد في تسهيل هذه العملية الحساسة، من خلال التنسيق بين الأطراف المعنية. وأضاف ليماركيس أن العملية تتضمن التنسيق الكامل مع السلطات الكونغولية، لضمان أن يتم نقل الأفراد إلى كينشاسا بأمان وبموافقتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الوضع الأمني في مدينة غوما والمناطق المجاورة لا يزال هشّا للغاية، في ظل تجدد العنف في إقليم شمال كيفو والمناطق المحيطة به، وهذا يزيد من تعقيد عمل بعثة "مونوسكو".
وفي وقت يتصاعد فيه التضليل الإعلامي ضد البعثة، تواصل "مونوسكو" مطالبة جميع الأطراف المعنية بالاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي، والعمل الجاد من أجل ضمان نجاح هذه العملية التي تعد واحدة من العمليات الإنسانية الأكثر تعقيدا في المنطقة.
إعلان