عربي21:
2025-01-11@13:35:21 GMT

نظرية الدور

تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT

درسنا في علم النفس العديد من النظريات التي تفسر السلوك الإنساني وتنير الطريق للناس والمتخصصين للوصول إلى أفضل، أو بمعنى أدق أقرب تفسير للسلوك..

تداهمني دائما نظرية اسمها نظرية الدور.. أننا نقوم في حياتنا الإنسانية بمختلف مراحلها بأدوار معينة.. دور الابن.. دور الأب.. دور الوزير.. دور رئيس الجمهورية..



زمان لما كنت أقعد مع والدي الله يرحمه وأسأله: إزاي عبروا في أكتوبر: فكان يقول لي جملة مفتاحية.. احنا عبرنا في 68 مش في 73 لأننا منذ حرب الاستنزاف واحنا بنتدرب على العبور.. الجندي المصري عبر القناة وفق نظرية الدور وكأنه في مشروع تدريبي..

وتركز نظرية الدور على قيام المبحوث بدوره على أكمل وجه، وأن فشله في أداء دوره يؤدي إلى خلل في الشخصية.. وأهم ما يميز الشخصية الناجحة طبقا لنظرية الدور هو أن تصدق الشخصية وتؤمن بما تقوم به من دور..

* يحيى حسين عبد الهادي مثلا صدق أنه معارض حقيقي لنظام يسمح بهامش معارضة وآمن بتلك القضية، قضية معارضة النظام، سواء في الحركة المدنية أو من خلال الكتابة.. وللأسف النهاية ضد نظرية الدور..

* أحمد طنطاوي صدق نفسه ونحن صدقناه أنه مرشح رئاسي يستطيع تغيير نظام "مش بتاع سياسة" بالسياسة، وكانت النتيجة كلنا نعرفها.. أنا صدقت نفسي وأني عضو في حملة مرشح رئاسي وأخذت الموضوع بجد جدا، وأظن ناس كتير كانت شاهدة على ده.. ومع ذلك النتيجة لم تكن مرضية.. وخرجت من التجربة بأخف الخسائر بالنسبة لما حدث لزملائي.. خرجت ببلونة دوائية ودعامتين في القلب..

* المشكلة الكبري في نظرية الدور تكمن في الشخصية السيكوباتية عندما تفرض عليها الأحداث والظروف وأنواؤها العاصفة التعامل وفق شخصية الدور.. تجده مرة أنتم نور عينينا.. أمين أووي وصادق.. وفجأة يتذكر انسحاقه وأنه نتن حط الدبوس في الأستيكة وفنجان قهوة طنطاوي الصباحي، فنجده ينتفض على دوره ويقول لكم: عرت كتفها وكشفت ظهرها، وأنتم فقرااا اوووي..

* الدكتاتور لا يجيد لعب أدواره.. مبارك وهو في المحاكمة وغطوني وصوتوا.. وطبعا لا بد من الإكسسوار وهي هنا نظارة سوداء يداري بها نظارته النارية.. وهو يهتف للقاضي بعد ذكر اسمه.. تمام يا فندم..

* عرفات عندما تغير من ثائر وفق دوره الإنساني إلى رجل دولة وهو الدور الطارئ.. تحول إلى مسخ.. مشهد السلام الرئاسي واستعراض حرس الشرف كان مشهدا بائسا بامتياز.. نقل عرفات من مصاف صناع التاريخ إلى عمدة كفر البطيخ..

* صدام حسين في محاكمته.. إكسسواراه كان القرآن الكريم.. هو عارف وفاهم أن محاكمته طائفية فاحتمى حسب نظرية الدور بالدين لعل وعسى يشفع له.. ولكنه رجع إلى سيرته ما قبل الأولى.. إلى مواطن عراقي بسيط.. بدون سلطة.. الوحيد الذي لم ينس أنه شخصية سيادية هو أخوه برزان، ولذلك السلطة شنقته أكثر من مرة عقابا على تمسكه بدوره وتحديه لها..

* عمر سليمان الله يرحمه أو يرجعه لنا بالسلامة كان مستر X في نظرية الدور.. رئيس مخابرات عامة.. حتى وهو نائب رئيس جمهورية كان يرى نفسه رئيس مخابرات عامة وكفى، ودور النائب مش داخل دماغه.. ولما حاولوا أن يلعبوا معه وحولوه للنيابة.. قال لوكيل النيابة جملة.. جملة واحدة كانت كفيلة بأب تتسبب لمحمد حسين طنطاوي ومجلسه العسكري بالجنون.. قال لوكيل النيابة.. يا بني لو أنا جاوبتك على أسئلتك ده كل واحد في البلد هيضرب اللي جنبه بالقلم وبالرصاص وبالشلوت.. آخر مرة تستدعوني هنا.. فاهم.. بلغ رؤساءك بكده..

* وهناك شخصيتان متطابقتان ومختلفتان هم أفضل من تطبق عليهم نظرية الدور.. حبيب العادلي.. وأشرف السعد..

حبيب العادلي حتى وهو في القفص وأمام المحاكمة وهو يعي تماما أنه هو ووزارته كانوا السبب الأول والرئيس لثورة يناير في بدايتها، إلا أنه لم يتنازل عن دوره.. وزير داخلية.. أيوااا وزير داخلية يحاكم.. ولكن وزير داخلية وليس آي شخص آخر.. كان يتحدث ويهمس ويلوح ويبوح ويخفي ويركز على نقاط ويتغاضى عن نقاط.. دماغ.. حبيب العدلي كان في محاكمته دماغ متمسكا بدوره أنه وزير داخلية حتى لو كان مذنبا ويحاكم..

أما الطرف الآخر في المعادلة فهو.. أشرف السعد.. الحاج أشرف.. راجل حافظ وفاهم ومستوعب وقارئ نظرية الدور وعايشها ومستمتع بها..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المصري أدواره مصر شخصيات أدوار سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وزیر داخلیة

إقرأ أيضاً:

عبادة الشخصية في الأنظمة العربية: سوريا نموذجاً

إلى حد هذا اليوم لم يقدم نظام عربي واحد نموذجا منفتحا على شعبه للمشاركة السياسية في إدارة الحكم والمؤسسات، والسماح بالتعددية الحزبية والقبول بمعارضتها، والفصل الفعلي بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وضمان صحافة حرة تحفظ حق حرية الرأي والتعبير، بل في مجملها اعتمدت على الشخصنة في رأس النظام، والعمل بمنهجية في ترسيخ عبادة شخصية الحاكم «الملهم»، «الفذ»، «القائد»، حتى لو كان مستواه الدراسي شهادة ثانوية، أو أقل من ذلك، ووصل إلى رأس السلطة عن طريق انقلاب عسكري.

وقد أثبتت كل هذه الأنظمة فشلها الذريع في بناء الدولة والمجتمع، لأن الدولة كانت تتمركز بشخص الحاكم، والحاكم فقط، أو بعبارة أخرى كما يقال: الدولة أنا، وأنا الدولة، «فمن أنتم؟» هذا النمط من الحكم من مظاهره صور الحاكم وتماثيله التي تملأ ساحات المدن وزواياها المعتمة والمنيرة، وبروز الجيش كقوة ردع صارمة لكل من تسول له نفسه التعرض للذات الحاكمة، تضاف إليها مؤسسة مخابراتية ترصد أنفاس الناس، وتطلعاتهم، ولو تمكنت لتسللت إلى أحلامهم، والأمثلة الفاقعة في الماضي القريب شوهدت في أكثر من دولة عربية شهدت سقوط أنظمتها، وقتل قادتها «الملهمون»، الذين كانوا يعتبرون أنفسهم محصنين من السقوط. ولم يتعظوا من أسلافهم ممن شابهوهم (هتلر ألمانيا، موسوليني إيطاليا، ماركوس الفلبين، بينوشيه تشيلي، باتيستا كوبا) ومنهم المثال السوري.

بدايات الشخصنة
لم يمر نظام واحد على سوريا بعد الاستقلال، وصلت فيه عبادة الشخصية إلى حد التأليه، فخلال الفترات القصيرة التي حكمت فيها أنظمة تعتمد على الانتماءات الحزبية وتاريخها النضالي ضد الاستعمار، والوصول إلى السلطة سلميا عبر انتخابات رئاسية، وبرلمانية (حكومات شكري القوتلي، وهاشم الأتاسي، وناظم القدسي)، لم تعتمد سياسة الشخصنة، واستخدام قوة الجيش الفارطة لتثبيت حكمها، وربما كان هذا السبب لعدم استمرارها، وتطوير التجربة الديمقراطية الوليدة بسبب الانقلابات العسكرية عليها (انقلاب حسني الزعيم، وسامي الحناوي، وفوزي سلو، وأديب الشيشكلي، تم اغتيال ثلاثة منهم ونجا فوزي سلو).

وأول ظهور للشخصنة، وعبادة الشخصية بدأ مع مشروع الوحدة المصرية السورية، وتخلي شكري القوتلي عن الحكم في سوريا للرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي كان من شروطه لقبول مشروع الوحدة، أن يتسلم السلطة دون أن ينازعه فيها أحد، وحلّ كل الأحزاب، واعتماد سياسة الحزب الواحد (الاتحاد القومي) ومنع الصحف الخاصة، وإنشاء نظام مخابراتي (برئاسة عبد الحميد السراج). (فاوضه في ذلك مجموعة من الضباط السوريين برئاسة عفيف البزري دون علم الرئيس شكري القوتلي والحكومة الشرعية برئاسة خالد العظم)، فخلال ثلاث سنوات من الوحدة (1958ـ 1961)، كانت شخصية جمال عبد الناصر طاغية في العالم العربي بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص.

لكن الجيش السوري الذي تم تهميش ضباطه، وحزب البعث «القومي» الذي أجبره عبد الناصر على حل نفسه، ووجد المشروع القومي لعبد الناصر منافسا له وطاغيا عليه، عمل حزب البعث المتغلغل في الجيش على إنهاء تجربة الوحدة بانقلاب عسكري (عبد الكريم النحلاوي، حيدر الكزبري) وعادت سوريا إلى حكم الأحزاب الذي لم يدم طويلا (حكومة ناظم القدسي 1961ـ 1963)، فقام الجيش مرة أخرى بانقلاب عسكري، وبرز حزب البعث كمخطط ومنفذ لهذا الانقلاب (في مواجهة للشرعية الدستورية، «بالثورية» (الانقلابية) والتي أعطت لنفسها صفة «ثورة 8 آذار»)، الذي كان من منفذيه ما سمي باللجنة العسكرية المؤلفة من الضباط (حافظ الأسد، محمد عمران، صلاح جديد، محمد المير، عبد الكريم الجندي).

تعميق الشخصنة
يعتبر انقلاب 8 آذار، أول النفق الطويل المظلم لتاريخ سوريا الحديث، بدأ في فرض الأحكام العرفية وقانون الطوارئ، ففي الفترة ما بين 1963 و1970، تمت عملية تطويف الجيش السوري، وعمليات التصفية في الصراع على السلطة، فالتف العلويون على الضابطين حافظ الأسد ومحمد عمران (بعد تصفية محمد عمران، وتحييد الآخرين)، والضباط السنة حول الرئيس أمين الحافظ، وانتهت المواجهة بانقلاب 1966 الذي قاده سليم حاطوم، وترأسه صلاح جديد تحت مسمى حركة 23 شباط، وتم طرد مؤسسي حزب البعث القومي (ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار الذي تم اغتياله في باريس)، وسجن أمين الحافظ قبل أن يهرب إلى العراق. ولم يتبق في الميدان سوى صلاح جديد، وحافظ الأسد، الأول يسيطر على الحزب والثاني يسيطر على الجيش بعد أن تولى منصب وزير الدفاع، وانتهى الصراع بين الاثنين، خاصة بعد هزيمة حرب 67 والبلاغ رقم 66 الذي أصدره الأسد للجيش السوري بالانسحاب الطوعي من الجولان، بحجة أن القنيطرة تم احتلالها من قبل إسرائيل (ولم يكن صحيحا) ما أثار صدمة كبيرة للشعب السوري، (ولا تزال نتائج ما سمي بالنكسة تعاني منها سوريا حتى اليوم، فقد ضمت إسرائيل جزءا من الجولان وهي تتوسع فيه حاليا). ولم تتم مساءلة الأسد، أو محاكمته، بل قام هو بآخر انقلاب في سوريا تحت مسمى «الحركة التصحيحية»، وأمر بسجن رفيقه صلاح جديد (الذي توفي بعد قضاء 28 سنة في السجن).

الأسد إلى الأبد
منذ 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 1970 ولغاية 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 هي الفترة التي سيطرت فيها عائلة الأسد على الحكم في سوريا. وهي أسوأ حقبة تمر على السوريين، وسوريا في تاريخها.

فمع حافظ الأسد بدأ عهد عبادة الشخصية بأبشع صورها، وقد استمد شرعية حكمه من استفتاءات شعبية ملفقة، وبرلمان معين، ودعم حزب البعث «القائد»، وجبهة وطنية تقدمية من مجموعة أحزاب من صنعه تسبح بحمده، وتدور في فلكه، واتحادات عمالية ومهنية تبصم بالولاء له، وتنقية الجيش من الضباط القدامى المشكوك في ولائهم، وتعزيزه بضباط جدد جلهم من الطائفة العلوية، وترسيخ الطائفية والمذهبية، واستحداث 14 جهاز مخابرات تحصي أنفاس السوريين، وبناء السجون، ومنها سجن صيدنايا الرهيب «المسلخ البشري»، وتدجين الجيل الجديد بخطاب البعث عبر منظمة «طلائع البعث»، و»شبيبة الثورة»، والسيطرة التامة على وسائل الإعلام، واعتماد عبارة (سوريا الأسد) في الخطاب السياسي والإعلامي السوري، وإطلاق اسم الأسد على كل المرافق، والبنى التحتية والثقافية، نشر صوره في كل مكان، مع تماثيل في كل ساحات المدن السورية.

وهذه جميعها تدفع باتجاه عبادة الشخصية، وتخطتها بالنسبة لحالة الأسد، إلى حالة مرضية وصلت إلى حد التأليه، وكل من يواجه النظام فمصيره القتل، أو التعذيب، أو ارتكاب المجازر، كما حصل في سجن تدمر، ومدينة حماة، ثم تم تحويل سوريا إلى جمهورية وراثية من الأب المؤسس حافظ الذي حكمها ثلاثة عقود، إلى الوريث بشار الذي حكمها عقدين ونيف بعقلية لا تختلف عن مورثه، بل أسوأ بكثير، فالشعار المعتمد في عهده.

وبعد انطلاق الثورة كان «الأسد أو نحرق البلد»، وهذا ما حصل بعد أن جلب كل الميليشيات الأجنبية، والقوات الروسية لإنقاذ نظامه، ففتك بالشعب حتى بالسلاح الكيماوي، وشرد نصف الشعب السوري، وأودى بسوريا إلى ما هي عليه من تدمير عمراني، واجتماعي، وثقافي، واقتصادي، يحتاج لسنين طويلة لإعادة سوريا إلى ما كانت عليه قبل نصف قرن ونيف، ولكن كغيرة من الطغاة لم يتعظ إلى أن واجه سقوطه بفرار من شعبه إلى موسكو، وشاهد بأم عينيه كيف سقطت تماثيل أبيه، ومزقت صوره وداستها الأقدام، وهي تحتفل في 8 ديسمبر بيوم النصر.
القدس العربي

مقالات مشابهة

  • الأهرام تصدر مجلدًا يخلد مقالات الفنان سليمان جميل ويثمن دوره الثقافي
  • السفير معتز زهران: مشاركة مصر في جنازة كارتر لتكريم دوره المحوري في صنع السلام
  • «أحمد عبد الله» عن دوره بمسلسل وتقابل حبيب: شخصية جديدة عليا تمامًا
  • «شمس» تنظم دورة تدريبية بعنوان «الأنماط الشخصية»
  • محمد بن سلمان يفوز بلقب الشخصية القيادية العربية الأكثر تأثيرا لعام 2024
  • ما هي نظرية تايلور وفوائد تطبيقها لتحسين الإنتاج؟
  • ولي العهد يفوز بلقب الشخصية القيادية العربية الأكثر تأثيرا
  • بدء مناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية.. صوت الدراما يصل لـ قبة البرلمان
  • عبادة الشخصية في الأنظمة العربية: سوريا نموذجاً
  • اليمن يستعيد دوره الريادي التاريخي