استعرضت صحيفة نيويورك تايمز -في تقرير لها- وثائق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) كانت قد استولت عليها القوات الإسرائيلية خلال معاركها في قطاع غزة، وتظهر الوثائق إستراتيجية حماس في القتال بالأنفاق خلال معاركها.

وقالت الصحيفة إن من بين تلك الوثائق "دليل حماس عام 2019 للقتال تحت الأرض" الذي يصف بتفصيل دقيق كيفية الإبحار في الظلام، والتحرك خلسة تحت غزة، وإطلاق الأسلحة الآلية في أماكن ضيقة لتحقيق أقصى قدر من الفتك، حتى إن قادة ساحة المعركة تلقوا "بالثانية" كم من الوقت يستغرقه مقاتلوهم للتنقل بين نقاط مختلفة تحت الأرض.

وكان دليل عام 2019 جزءا من جهد دام سنوات بذلته حماس، قبل وقت طويل من هجومها في 7 أكتوبر/تشرين الأول والحرب الحالية مع إسرائيل، لبناء عملية عسكرية تحت الأرض يمكنها الصمود مدة طويلة.

القتال في الأنفاق

وأوردت الصحيفة أنه قبل عام واحد فقط من مهاجمة إسرائيل، وافق يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قطاع غزة، على إنفاق 225 ألف دولار لتركيب أبواب ضد الانفجار لحماية شبكة أنفاق الكتائب من الغارات الجوية والاعتداءات البرية.

وجاء في وثيقة الموافقة أن قادة ألوية حماس قاموا بمراجعة الأنفاق أسفل غزة، وحددوا الأماكن الحيوية تحت الأرض وعلى السطح التي تحتاج إلى تحصين.

وتساعد السجلات، إلى جانب المقابلات مع الخبراء والقادة الإسرائيليين، في تفسير السبب وراء معاناة إسرائيل، بعد مرور ما يقرب من عام على الحرب، لتحقيق هدفها المتمثل في تفكيك حماس.

وقضى المسؤولون الإسرائيليون سنوات في البحث عن الأنفاق وتفكيكها التي يمكن أن تستخدمها حماس للتسلل إلى إسرائيل لشن هجوم، لكن مسؤولا إسرائيليا كبيرا قال "إن تقييم أنفاق غزة لا يمثل أولوية، لأن الحرب الشاملة هناك تبدو غير محتملة".

وفي الوقت نفسه، يدرك المسؤولون الآن أن حماس كانت تستعد لمثل هذه المواجهة، ويقول الخبراء إنه لولا الأنفاق لما كانت لحماس فرصة كبيرة في مواجهة الجيش الإسرائيلي.

ويحتوي دليل القتال تحت الأرض على تعليمات عن كيفية تمويه مداخل الأنفاق، وتحديد موقعها بالبوصلات أو نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، والدخول بسرعة والتحرك بكفاءة.

وجاء في الوثيقة المكتوبة باللغة العربية "أثناء تحركه في الظلام داخل النفق، يحتاج المقاتل إلى نظارات رؤية ليلية مزودة بالأشعة تحت الحمراء، ويجب ضبط الأسلحة على الوضع الآلي وإطلاق النار من الكتف"، وهذا النوع من إطلاق النار فعال لأن النفق ضيق، لذا فإن الطلقات تستهدف مناطق القتل في الجزء العلوي من جسم الإنسان.

وكان المسؤولون الإسرائيليون يعلمون قبل الحرب أن لدى حماس شبكة أنفاق واسعة النطاق، ولكن ثبت أنها أكثر تطورا واتساعا مما كانوا يعتقدون.

وفي وقت مبكر من الحرب، قدروا أنها تمتد على قرابة 250 ميلا، والآن يعتقدون أن الأمر يصل إلى الضعف.

نصب الكمائن

وحين قللت إسرائيل من شأن الأنفاق، استعدت حماس لمعارك تحت الأرض، وقامت في المقام الأول بنصب كمين للجنود الإسرائيليين بالقرب من مداخل الأنفاق، مع تجنب المواجهات المباشرة.

وقد سمحت هذه الإستراتيجية لحماس بشن هجمات كرّ وفرّ فوق الأرض، والاختباء من القوات الإسرائيلية، وتفجير المتفجرات باستخدام أجهزة التحكم عن بعد والكاميرات الخفية، وأدى ذلك إلى إبطاء مناورات الجيش الإسرائيلي، وفقا لمسؤولين عسكريين إسرائيليين ومراجعة للصور ومقاطع الفيديو من ساحة المعركة.

وقال مسؤولون إن عناصر من الجيش الإسرائيلي اكتشفوا وثيقة حرب الأنفاق في منطقة الزيتون بمدينة غزة في نوفمبر/تشرين الثاني، كما عُثر على رسالة من السنوار إلى قائد عسكري في الشهر نفسه جنوبي المدينة، ووفّر الوثائق للتايمز مسؤولون عسكريون إسرائيليون.

وتتوافق العلامات الموجودة على الوثائق مع مواد أخرى تابعة لحماس نشرتها أو فحصتها صحيفة التايمز، وقد وصف الجنود الإسرائيليون التفاصيل، مثل مداخل الأنفاق المموهة والأبواب المضادة للتفجير التي تم تركيبها أخيرا وتتفق مع وثائق حماس.

وتصف الوثائق أيضا استخدام أجهزة الكشف عن الغاز ونظارات الرؤية الليلية، وهي معدات عثرت عليها القوات الإسرائيلية داخل الأنفاق.

وقال تامير هايمان، الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، إن إستراتيجية حماس القتالية تعتمد على التكتيكات السرية، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسة التي جعلتهم قادرين على الصمود أمام الجيش الإسرائيلي حتى الآن.

هندسة الأنفاق

ولدى حماس أنفاق أخرى عبارة عن مراكز قيادة وسيطرة متطورة أو شرايين تربط مصانع الأسلحة تحت الأرض بمنشآت التخزين، وتعمل بعض الأنفاق أيضا كمراكز اتصال.

وذكرت الصحيفة أن القوات الإسرائيلية عثرت في الشتاء الماضي على نظام اتصالات "نوكيا" تحت الأرض، وتوفر هذه الأنظمة نغمات الصوت والبيانات، ويمكن أن تكون بمنزلة لوحة مفاتيح لشبكة اتصالات تحت الأرض، لكن الميزات تتطلب أجهزة إضافية وليس من الواضح ماهية القدرات التي تمتلكها حماس.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن حماس تحتجز أسرى إسرائيليين تحت الأرض، لذلك يجب التحقيق في كل نفق وتطهيره، على حد تعبيرهم.

وقالت دافني ريتشموند باراك، خبيرة حرب الأنفاق في جامعة رايخمان في إسرائيل، إن الأنفاق تؤثر على وتيرة العمليات "فلا يمكنك التقدم ولا يمكنك تأمين التضاريس". وأضافت "أنت تتعامل مع حربين؛ واحدة على السطح وأخرى تحته".

وقال أحد ضباط العمليات الخاصة الإسرائيليين إنه مع اقتراب الجنود من الأنفاق، تقوم حماس أحيانا بتفجير الأسقف، ومن ثم يتسبب ذلك في انهيارات من شأنها أن تسد الطريق داخل الأنفاق.

ويمكن أن يستغرق تدمير عشرات الجنود لجزء من الأنفاق نحو 10 ساعات، وفقا لضابط إسرائيلي كبير وخبير في حرب الأنفاق. وفي العام الماضي، اكتشف الجيش الإسرائيلي نفقا بعمق 250 قدما، أي بارتفاع مبنى مكون من 25 طابقا، وقال الجيش إن تدميره استغرق أشهرا.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إن تدمير شبكة الأنفاق بأكملها قد يستغرق سنوات.

تكلفة البناء

ويقدر الجيش الإسرائيلي أن بناء نفق بدائي يبلغ طوله نصف ميل تقريبا يكلف حماس نحو 300 ألف دولار، وقالت ريتشموند باراك إن رسالة السنوار سلطت الضوء على التكلفة والتعقيد وراء هذا الجهد.

وكتب السنوار في الرسالة التي اطلعت عليها نيويورك تايمز أن "الكتائب ستُمنح الأموال بحسب الأهمية والضرورة"، ويمكن أن تشير الرسالة إلى المكان الذي تتوقع فيه المجموعة القتال الأشد. وأذن السنوار بأكبر قدر من المال لأبواب الأنفاق المضادة للانفجار في شمال غزة وخان يونس. وفي الواقع، وقعت بعض أعنف المعارك خلال الحرب في تلك المناطق.

وتعمل الأبواب المضادة للانفجار على إغلاق أجزاء الأنفاق من بعضها بعضا ومن الخارج، وذلك يحمي من التفجيرات والخروقات، كما أنها تعيق استخدام الجيش الإسرائيلي للطائرات من دون طيار لتفتيش الأنفاق ورسم خرائط لها.

وقد واجه الجيش الإسرائيلي مرارا وتكرارا أبوابا مضادة للانفجار أثناء قيامه بتمشيط الأنفاق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القوات الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی تحت الأرض

إقرأ أيضاً:

الهلع من قرارات ترامب يدفع الجزائر لتوقيع عقد مع لوبي يقوده رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك(وثائق رسمية)

زنقة 20. الرباط

في خطوة مثيرة للجدل، كشفت وثائق رسمية صادرة عن وزارة العدل الأمريكية عن توقيع النظام الجزائري عقدًا مع شركة الضغط السياسي الأمريكية BGR Group، التي تُعرف بعلاقاتها الوثيقة مع إسرائيل ومن بين مستشاريها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك.

ويهدف هذا التعاقد، وفق مصادر مطلعة، إلى تحسين صورة النظام الجزائري لدى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في محاولة لكسب نفوذ سياسي ودبلوماسي.

وتأتي هذه الفضيحة في وقت تواجه فيه الجزائر اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، والتضييق على الحريات، وقمع الأصوات المعارضة، وهو ما جعلها محط انتقادات من قبل منظمات حقوقية دولية، كما دفع دولا كبرى مثل الولايات المتحدة إلى التعامل معها بتناقض، بين انتقاد سياساتها القمعية ومحاولات استمالتها سياسيًا عبر شركات الضغط.

إلى ذلك تؤكد هذه الوثائق، أن الأمر ليس مجرد تكهنات إعلامية، بل حقيقة موثقة رسميًا، ما يثير الكثير من التساؤلات حول ازدواجية الخطاب الجزائري، خصوصا في ظل تبني النظام مواقف مناهضة علنيا للتطبيع، بينما يعقد صفقات سرية مع جماعات ضغط داعمة لإسرائيل.

النظام العسكري الجزائريترامب

مقالات مشابهة

  • إسرائيل توجه الجيش بالاستعداد لاستئناف القتال في غزة
  • رئيس الأركان الإسرائيلي يناقش مع نتنياهو استعدادات الجيش لاستئناف القتال في غزة
  • أمريكا تعترف بحماس بعد اعتراف الجيش الإسرائيلي بالهزيمة
  • نتنياهو ورئيس الأركان الإسرائيلي بحثا استئناف القتال في غزة قريبًا
  • الهلع من قرارات ترامب يدفع الجزائر لتوقيع عقد مع لوبي يقوده رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك(وثائق رسمية)
  • عاجل. هآرتس: قراصنة إيرانيون يخترقون الأمن الإسرائيلي ويسربون وثائق حساسة
  • ترامب ينفي تقريرا لـ"نيويورك تايمز" حول اشتباك بين ماسك وروبيو
  • هذا عدد أسرى الاحتلال الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
  • هآرتس تكشف عدد الأسرى الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
  • لقد كنت هناك..ترامب ينفي تقريراً لـ"نيويورك تايمز" عن مواجهة بين ماسك وروبيو