دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في أعماق الممرات المائية المعقدة لمنطقة الأمازون، اتّجه عالم الأحياء البحرية الكولومبي، فرناندو تروخيو، لدراسة الدلافين النهرية الوردية الغامضة لأول مرة في عام 1987، وذلك بناءً على توجيهات عالِم المحيطات الشهير، جاك كوستو.

والتقى تروخيو بكوستو في ندوةٍ جامعية في العاصمة الكولومبية، بوغوتا.

 

وعندما سأل تروخيو عمّا يجب أن يركز عليه بحثه، أخبره كوستو أنّ عليه الذهاب لدراسة الدلافين النهرية التي لم تتم دراستها بعمق. 

وبعد ذلك بعامين، استقل تروخيو طائرة شحن لبدء مغامرته في منطقة الأمازون.

ويتذكر تروخيو، الذي ولد ونشأ في بوغوتا، وصوله إلى  قرية "بويرتو نارينيو" الواقعة على ضفاف النهر كخرّيجٍ حديث يتمتع "بغطرسة رجلٍ جامعي". 

وسرعان ما أدرك أنّه سيحتاج إلى مساعدة شعب "تيكونا" المحليين من أجل التنقل بين التضاريس المعقدة، والاقتراب من الدلافين.

يُعد نهر الأمازون موطنًا للدلافين الوردية المهددة بالانقراض. وتولد هذه الكائنات وهي رمادية اللون، وتتحول إلى اللون الوردي مع تقدمها في السن. Credit: Michel VIARD/Getty Images/iStockphoto

وعند حديثه عن منطقة الأمازون، قال تروخيو لـCNN: "هذه بيئة شديدة العدوانية، ومن الصعب جدًا البقاء على قيد الحياة فيها". 

ومن ثم أضاف: "بدأ السكان الأصليون يعلمونني، كيفية التجديف في زورق، والمشي في غابة".

وفي النهاية، تشكلت علاقة وطيدة بينه وبين دلافين المياه العذبة، والمناطق المحيطة بها.

تشير تقديرات مؤشر الكوكب الحي (Living Planet Index) لعام 2022 إلى أنّ أعداد دلافين نهر الأمازون انخفضت بنسبة 73% منذ الثمانينيات. Credit: Sylvain CORDIER/Gamma-Rapho via Getty Images

واكتشف العالِم أنّ أعدادها تتضاءل بسبب الصيد الجائر، وتدمير الموائل، والتلوث، وتغير المناخ.

وأشار تروخيو إلى وجود نوعين من دلافين المياه العذبة الموجودة في جميع أنحاء منطقة الأمازون، وهي دلافين نهر الأمازون، أو "الدلافين الوردية" بسبب لونها، ودلافين "توكوكسي" الأصغر حجمًا.

وهذه الكائنات تُعتَبَر ضمن الحيوانات المفترسة، ويعني ذلك أنّها تساعد على إبقاء أعداد الأسماك تحت السيطرة. 

صورة لعالِم الأحياء البحرية، فرناندو تروخيو، في مياه حمراء اللون مع دلفين وردي. Credit: Omacha Foundation

في عام 2018، تم تصنيف الدلافين الوردية على أنّها مهددة بالانقراض من قِبَل الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، وبعد ذلك بعامين، تم تصنيف دلافين "توكوكسي" على أنّها مهددة بالانقراض أيضًا.

وقال تروخيو: "في العام الأول الذي أتيت فيه إلى هنا، وخلال عام واحد، وجدت 21 دلفينًا ميتًا، لذا علمت أنّه (كان علي) أن أفعل شيئًا لهذه الحيوانات". 

يتواجد نوع آخر من الدلافين في هذا النهر، وهو دلفين "توكوكسي". Credit: Omacha Foundation

وقرّر البقاء في المنطقة ومواصلة عمله إلى جانب السكان المحليين، الذين بدأوا يُطلقون عليه اسم "أوماتشا"، والذي يعني "دلفين يتحول إلى رجل" بلغة  شعب "تيكونا".

وأوضح العالِم: "لقد قالوا لي: يعتقد جميعنا أنّك دلفين تحول إلى إنسان لحماية الدلافين".

وفي عام 1993، حوّل تروخيو لقبه إلى اسم منظمته المعنية بالحفاظ على البيئة، والمكرسة لحماية الدلافين، والحياة البرية المائية الأخرى المهددة بالانقراض أيضًا، وموائلها في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية.

أمضى العالِم الأعوام الثلاثين الماضية في مراقبة مجموعات الدلافين لحمايتها بشكلٍ أفضل. Credit: Leonardo Spencer

وقال: "لقد جئت إلى هنا بنهج عاطفي لإنقاذ الدلافين، لكنني أدركت فجأةً أنّ الدلافين مجرد جزء صغير من هذا النظام البيئي الضخم". 

كما أضاف: "من أجل حماية الدلافين، كنت بحاجة إلى حماية الأنهار، والبحيرات، والأنواع الأخرى، مثل خراف البحر، و(تماسيح) الكايمان، إضافةً للأشخاص الذين يعيشون هنا".

وعلى مدار الأعوام الثلاثين الماضية، عمل العالِم الحائز على جوائز ومؤسسته بلا كلل للمساعدة في تعزيز اتفاقيات الصيد الصديقة للدلافين، وإنعاش الأراضي الرطبة، والمساعدة في إطلاق أول إعلان عالمي لحماية الدلافين النهرية في عام 2023.

في هذه الصورة، يفحص تروخيو دلفينًا من نهر الأمازون بصحبة فريقه. Credit: Omacha Foundation

وساعد تروخيو في تدريب العلماء في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية على جهود دراسة الدلافين والحفاظ عليها، وقام ببعثات لا تعد ولا تحصى في جميع أنحاء القارة لتقييم النظم البيئية الأخرى للمياه العذبة، والتهديدات التي يتعرض لها التنوع البيولوجي.

وأفاد الكولومبي أنّ الدلافين لعبت دورًا حيويًا في مساعدة الفريق في جهودهم المستمرة للحفاظ على البيئة أينما ذهب، وأكّد: "الدلافين عبارة عن مقياس حرارة نوعًا ما، وهي بمثابة حارسة لصحة الأنهار".

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، قامت مؤسسة "Omacha" بوضع أجهزة تتبع بالأقمار الصناعية على الدلافين لمراقبة أعدادها.

وأوضح تروخيو لـCNN: "قمنا بترقيم أكثر من 60 دلفينًا في أمريكا الجنوبية بالفعل، و27 منها في كولومبيا فحسب". 

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: أمازون الحيوانات فی جمیع أنحاء نهر الأمازون العال م فی عام

إقرأ أيضاً:

لمعالجة عجز بـ80 مليار دولار لبنان يسعى لاتفاق مع صندوق النقد

قال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام إنه منفتح على مساهمة صندوق النقد الدولي في مشروع قانون يسعى إلى معالجة عجز يُقدر بـ80 مليار دولار في القطاع المالي، ما يُمهد الطريق لتوفير الأموال التي تشتد الحاجة إليها في ظل الأزمة.

وقّعت بيروت اتفاقية على مستوى الخبراء مع الصندوق عام 2022، واستأنفت المفاوضات مع المؤسسة المُقرضة التي تتخذ من واشنطن مقرا لها في عهد سلام، الذي تولى منصبه عقب انتخاب جوزيف عون رئيسا للجمهورية قبل عام تقريبا.

يقترح البرنامج المُقرر أن يُقدِّمه البنك المركزي إلى الحكومة قبل نهاية العام، كيفية توزيع خسائر بمليارات الدولارات بين الدولة والبنك المركزي والبنوك التجارية والمودعين، وجاءت هذه الخسائر في الأساس من سلسلة معقدة من خطط الودائع ذات الفائدة المرتفعة، والاقتراض المُفرط، والتخلف عن سداد الديون السيادية.

مصرف لبنان المركزي يعمل على إعادة تنظيم القطاع المصرفي آخذا بالاعتبار توصيات صندوق النقد (رويترز)قانون قابل للتعديل

قال سلام، في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ "إذا استطعنا الحصول على 3 أو 4 مليارات دولار، فهذا ليس بالأمر الهين -فنحن بأمسّ الحاجة إلى مثل هذه الأموال.. إذا كنتَ جزءا من برنامج مع صندوق النقد الدولي، بالنسبة للمستثمرين- سواء كانوا من القطاعين العام والخاص- فهذا يعني أنك في وضع جيد".

وأضاف سلام أن مشروع القرار الذي يعمل عليه البنك المركزي "سيكون مفتوحا للتعديلات والتغييرات ليس فقط لإرضاء صندوق النقد. ثمة أيضا جهات فاعلة أخرى قد يكون لها مدخلات مختلفة، لكن العملية قد بدأت".

وطلب صندوق النقد من لبنان تطبيق سلسلة من الإجراءات والقوانين قبل أن يسمح بالتمويل. وتشمل هذه الإجراءات آلية لإعادة تنظيم القطاع المصرفي وخطة لسد العجز.

وأوضح سلام، الرئيس السابق لمحكمة العدل الدولية، أن لبنان أقرّ قانونا لجعل المؤسسات المالية أكثر شفافية، وقانونا آخر لإعادة هيكلة البنوك المحلية، بالإضافة إلى قرار لتعزيز القضاء، وهي خطوات وصفها بأنها مهمة نحو استعادة ثقة المستثمرين.

إعلان

واجه لبنان سلسلة من الأزمات منذ عام 2019، بدأت بانهيار مالي شهد فقدان العملة الوطنية لقيمتها تقريبا، وتسبب في فقدان مليارات الدولارات من الودائع.

وبإغراء أسعار الفائدة المرتفعة، استثمرت البنوك المحلية مليارات الدولارات في البنك المركزي، الذي استخدمها لاحقا للحفاظ على استقرار المالية العامة، لكن هذا النظام انهار في نهاية المطاف مع جفاف التدفقات الأجنبية وعجز الحكومة عن سداد ديونها.

ارتفاع السندات

ارتفعت قيمة السندات المتعثرة هذا العام، وراهن المستثمرون على أن حكومة سلام ستنفذ الإصلاحات اللازمة لإنعاش الاقتصاد وتمهيد الطريق لإعادة هيكلة الديون.

وإلى جانب جائحة كورونا، والانفجار الهائل في ميناء بيروت، أدت الضغوط المالية إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبنان بنسبة 25% وسط ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

تخلفت الدولة عن سداد سندات دولية بقيمة 30 مليار دولار تقريبا في عام 2020، وواجهت الحكومات اللاحقة صعوبة في تمرير قرار لسد العجز، وإنعاش القطاع المصرفي، وبدء محادثات مع حاملي السندات، تم تشكيل مجموعة من الدائنين الذين يحملون سندات لبنانية عام 2020 لإجراء محادثات إعادة هيكلة، وكانت تضم في الأصل شركتي بلاك روك وأموندي لإدارة الأصول.

لم تُسدّد خدمة السندات منذ عام 2020، لكن الآمال في استرداد قيمة أعلى من الأسعار الحالية دفعت الدائنين إلى الاحتفاظ بأصولهم.

وقبل انتخاب الرئيس عون، تعثرت المحادثات مع صندوق النقد بسبب عدم اتفاق السياسيين والمصرفيين على آلية لسداد ديون المودعين، وأصرّ المُقرضون المحليون على أن تتحمل الحكومة العبء الأكبر من الخسائر.

وقال سلام "أؤكد لكم أنه في الأسابيع المقبلة، وآمل أن يكون ذلك قبل منتصف ديسمبر/كانون الأول المقبل، سيكون مشروع القانون هذا أمام الحكومة.. هذا بحد ذاته مؤشر مهم على أننا نسير في الاتجاه الصحيح. وهذه إحدى القضايا الرئيسية التي يُعنى بها صندوق النقد الدولي".

مقالات مشابهة

  • الوضع ليس كما تسمعون.. الصومال يسعى لإحياء قطاع السياحة
  • مشروع سكة حديد يمر عبر غابات الأمازون يثير احتجاجات خلال كوب 30
  • المرعي: دار الفتوى تعمل لإنقاذ لبنان ووحدة اللبنانيين
  • لمعالجة عجز بـ80 مليار دولار لبنان يسعى لاتفاق مع صندوق النقد
  • بعد جراحة دقيقة| متبرع يعرض كِليته لإنقاذ تامر حسني.. رسالة تهز الوسط الفني
  • أوكسفام: أرباح مليارديرات العشرين تكفي لإنقاذ جميع فقراء العالم
  • العاصفة تفتك بمخيمات النازحين في غزة: آلاف الخيام مُدمَّرة و300 ألف خيمة جديدة مطلوبة لإنقاذ السكان
  • مصور يوثّق لحظة مضحكة لطائر يُمسك بطائر آخر من رأسه في النرويج
  • تهديد غابات الأمازون وتأثير التغيرات المناخية.. خبير يكشف التفاصيل
  • كاميرا تلتقط اثنين من الحيتان يسبحان بتناغم مع مجموعة دلافين في البرازيل