الخرطوم- في مقطع مرئي بُث هذا الأسبوع، ظهر قائد قوات "درع السودان" أبو عاقلة محمد أحمد كيكل، على صفحات خاصة بقوات الدعم السريع، معلنًا تأييده وانحيازه لهذه القوات التي تخوض قتالًا شرسًا ضد الجيش السوداني، منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي.

وأعلن كيكل مناصرة الدعم السريع "لنصرة الهامش ومحاربة فلول النظام السابق" كما قال، وهو ما أثار تساؤلات عن حجم قوته وإمكاناتها وإسهامها في ترجيح كفة "الدعم السريع" على الأرض.

وخلال المقطع المرئي القصير الذي ظهر فيه كيكل مرتديًا زي "الدعم السريع" ومحاطًا بعشرات الجنود وسط أناشيد حماسية، قال إنه انضم للدعم من أجل المهمّشين ولمحاربة "الكيزان"، في إشارة الى أنصار النظام السابق من الإسلاميين.

ترحب قوات الدعم السريع، بانضمام القائد أبو عاقلة كيكل بكامل قواته وعتاده إلى صفوف الدعم السريع.

إننا إذ نرحب بانضمام القائد أبو عاقلة كيكل والأشاوس الأبطال في قوات درع السودان لقوات الدعم السريع؛ نؤكد أن هذه الخطوة تشكّل إضافة عسكرية نوعية مهمة في هذا التوقيت الحاسم.

إن بلادنا… pic.twitter.com/lLBQnjKB55

— Rapid Support Forces – قوات الدعم السريع (@RSFSudan) August 7, 2023

كان الظهور الأول لقائد "درع السودان" في منتصف ديسمبر/كانون الثاني من العام الماضي، حين نظّم عرضًا عسكريًا لقواته بمنطقة "الجبال الغُر" في "سهل البطانة" وسط السودان.

ووقتها تداول الناس سيرة كيكل بوصفه أحد ضباط الجيش المتقاعدين، ويمثّل تيار الضباط الإسلاميين في الجيش، وكان من المقاتلين في إقليم النيل الأزرق، وتمكّن من جمع قوات وسلاحها من قبائل عدة في المنطقة.

وعرضت "درع السودان" وقتها قوة قدّرتها بـ 35 ألف جندي، وقالت إن لديها آلاف المؤيدين في العديد من مناطق السودان، لكن قادتها الذين ظهروا وقتها بالزي العسكري أعلنوا أنهم ليسوا في حالة عداء مع أحد.

وتحدث أبو عاقلة كيكل عن أن هدف قواته هو إعادة التوازن الاستراتيجي بالبلاد، بعد أن ألحقت اتفاقية جوبا للسلام الموقّعة في 2020 "ظلمًا بمناطق الوسط وشمال وشرق السودان، وانحازت لحركات دارفور"، على حد قوله.

كما أعلن أنه يهدف إلى القضاء على التهميش السياسي والاقتصادي الذي يعانيه وسط السودان، لافتًا إلى أن منطقة "البطانة" غير ممثّلة في كل الوحدات النظامية، والمجلس السيادي والانتقالي.

وأثار سماح السلطات العسكرية لمجموعة كيكل بالإعلان عن نفسها بتلك الطريقة جدلًا واسعًا، وجرى تصنيفها واجهة استخباراتية تحظى بدعم وإسناد قادة الجيش، للعمل على عرقلة اتفاق جوبا، وخلق أذرع جديدة في موازاة حركات دارفور المسلحة.

كيكل قال إن دعم "درع السودان" للدعم السريع لا يمثّل قبيلة ولا منطقة وإنما قناعات الضباط والجنود فيه (مواقع التواصل) ولاء مبكر

وحسب تسريبات لاحقة، فإن كيكل كان يلقى الضوء الأخضر من قائد الدعم السريع محمد حمدان "حميدتي"، الذي وفّر له الغطاء العسكري والدعم المادي لتكوين القوات وحشدها.

وبالفعل، انضم كيكل للدعم السريع بعد أيام من بدء القتال مع الجيش، بل أرسل قوات له لقتال الجيش في شرق النيل، وفقًا لمصادر متطابقة تحدثت للجزيرة نت، مؤكّدة أن قوات كيكل تعرضت لقصف هناك بعد دخولها من منطقة "البطانة" لإسناد الدعم السريع. ومن ثم فهي انضمّت للدعم السريع مبكرًا، ولم تلتحق به حديثًا كما راج مؤخرًا.

المعلومات ذاتها يؤكّدها الأمين العام لقوات "كيان الوطن" غاندي إبراهيم، الذي قال إن إعلان انضمام كيكل للدعم السريع خلال اليومين الماضيين ليس سوى "فرقعة إعلامية"، لرفع الروح المعنوية للجنود بعد هزائم متلاحقة في الميدان.

ويُشار إلى أن قوات "كيان الوطن" سبقت تكوين "درع السودان" بأسابيع، ونادت بالمضامين نفسها التي رفعتها مجموعة كيكل، فيما يخص التوازن العسكري لوسط السودان وشماله، بمواجهة حركات دارفور المسلحة ورفض اتفاق السلام.

ويؤكّد إبراهيم للجزيرة نت، أن كيكل انضم للدعم السريع في الأيام الأولى للحرب "بمعية نحو 100 شخص معظمهم الآن بين قتيل وهارب"، حسب قوله. وأضاف أن الحديث عن امتلاك "درع السودان" 75 ألف مقاتل محض افتراء ولا يمتّ للواقع بصلة.

ويقول إبراهيم إن نيات انضمام كيكل للدعم السريع كانت معلومة لديهم قبل اندلاع الحرب، خاصة عندما طُرحت رؤية دمج كل الكيانات والدروع المسلحة التي ظهرت في شمال ووسط السودان، الرافضة لاتفاقية جوبا وتعدّد الجيوش، لكن كيكل رفض وأظهر تغييرًا في لغة خطابه، وتبنّى رؤية حميدتي الداعية لقبول الاتفاق الإطاري.

وأردف "منذ تلك اللحظة تبنّى كيكل خطًا يمثّله وحده، وابتعد عن القضية التي من أجلها كوّن "درع السودان"، لينسلخ منه الجميع ويُعزل من قيادة هذه القوات، ومن مجتمعه وقبيلته".


"تجنيد بلا قدرات"

والملاحظ أن كيكل حرص خلال المقطع المرئي الذي ظهر فيه مؤخرًا على "تأكيد قتاله لمحاربة التهميش وتمثيل قواته لجميع القبائل"، في محاولة منه لإبعاد شبهة العنصرية عن الدعم السريع، لكن أعيان غالبية القبائل التي ذكرها سارعوا لإصدار بيانات تبرؤوا فيها من الانتماء لجماعة "درع السودان"، وأكّدوا مساندتهم للجيش.

وقال أحد أعيان منطقة "البطانة" للجزيرة نت، إن كيكل "يتمتع بمعرفة كبيرة بسهل البطانة، خاصة الطرق الخفية، ما يشكّل خطرًا على الجيش، لا سيما في تقديم الدعم اللوجستي والعسكري للدعم السريع عبر تلك الطرق التي تستخدم غالبًا في عمليات التهريب، ولها ارتباطات بالحدود الإثيوبية". وقال إن غالبية المجنّدين في "درع السودان" هم من قبيلة وأقرباء كيكل.

وحسب ضابط في الجيش السوداني تحدّث للجزيرة نت، فإن قائد "درع السودان" جنّد مئات الشباب في صفوف قواته، لكنه قلّل من قدراتهم القتالية، خاصة أنها قوات حديثة الإنشاء والتكوين رغم خبرة قياداتها العسكرية.

وأضاف "يمكن لقيادتها أن تقدّم بعض النصائح للدعم السريع من ناحية جغرافية لحركة الجنود، لكنها لن تقدّم أو تحدث فارقًا في الميدان الحربي".

عناصر من قوات الدعم السريع في الخرطوم (رويترز) ثوب قومي لا قَبَلي

وتمضي الصحفيّة والمحللّة السياسية شمائل النور، في الاتجاه ذاته بتأكيد أن إعلان انضمام كيكل للدعم السريع ليس سوى "محاولة لضخ روح جديدة فيها، في ظلّ عدم تحقيق أي انتصارات على الأرض".

وتقول في حديث للجزيرة نت، إن إعلان انضمام كيانات من النيل الأزرق ووسط السودان بدتْ محاولة لإلباس الدعم السريع ثوب قومي، لأن الحديث عن كونها مليشيا قَبَلية مرتبطة بمكوّن واحد أفقدها كثيرًا من المصداقية، فكان لزامًا العمل على حملة استقطاب لقوى أخرى.

وتستبعد شمائل كلّيًا تشكيل أبو عاقلة كيكل ومجموعته أي إضافة عسكرية أو سياسية لقوات الدعم السريع، "فلن يكون لها أي مردود فاعل، ولن يغيّر في ميزان القوى؛ لأنها لا تملك أي سند".

وفي السياق ذاته، يؤكّد الخبير العسكري عمر أرباب، أن كيكل لا يملك قوات كبيرة مدرّبة تمكّنها من التأثير في العمليات الميدانية. ومع ذلك، يعتقد -في حديثه للجزيرة نت- أن التحاق "درع السودان" بالدعم السريع يمكن أن يشكّل عاصمًا من شبح الحرب الأهلية الذي بدا يلوح في الأفق، ويضع حدًّا كذلك للاصطفاف القبلي في المعركة مع وضد طرفي القتال، لا سيما في ظلّ إعلان مكوّنات أخرى الانضمام للجيش.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع للجزیرة نت قال إن

إقرأ أيضاً:

جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد

العملية التي وصفتها الخرطوم بـ"الجريمة الإرهابية"، تمّت بدم بارد، وسط اتهامات مباشرة لقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بالمسؤولية المباشرة عن الفاجعة.

ولم تقف الفوضى عند هذا الحد، إذ شنّت نفس القوات قصفاً على مطار الخرطوم، مخلّفة دماراً واسعاً في طائرات مدنية، ومضيفة بذلك فصلاً جديداً في مسلسل العنف والخراب الذي يعصف بالبلاد.

شبكة أطباء السودان وصفت ما حدث في صالحة بأنه "أكبر عملية قتل جماعي موثقة" في المنطقة، مضيفة أن الضحايا استُهدفوا فقط بسبب الاشتباه بانتمائهم للجيش. في الوقت ذاته، نشطت وسائل التواصل الاجتماعي في تداول مقاطع مصوّرة تُظهر عناصر من الدعم السريع وهم يطلقون الرصاص على مدنيين في الشارع العام.

وتحذر الجهات الحقوقية من كارثة إنسانية وشيكة، حيث يعيش آلاف المدنيين في حي صالحة تحت قبضة قوات الدعم السريع، في ظل غياب ممرات آمنة وغياب أي تدخل دولي فاعل.

في الغرب السوداني، الوضع ليس أفضل، إذ قُتل أكثر من 20 شخصاً وجُرح العشرات في قصف طال مخيم أبوشوك للنازحين قرب الفاشر، وسط ظروف إنسانية كارثية.

الخرطوم تطالب المجتمع الدولي بتحرك عاجل، وتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية، ومحاسبة الدول التي تمدها بالدعم. فهل يتحرك العالم لإنقاذ المدنيين، أم أن صمت المجتمع الدولي سيبقى شريكاً في الجريمة؟

 

مقالات مشابهة

  • اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع في "النهود" جنوبي السودان
  • ???? من أشعل الحرب في السودان ؟ الجيش السوداني أم الدعم السريع؟
  • شهادات ميدانية تتحدث عن مجزرة دموية للدعم السريع بحق سكان الفاشر
  • السودان يطالب الصين بتوضيح حول كيفية حصول قوات الدعم السريع على مسيرات صينية
  • الجيش السوداني: مقتل 41 مدنيا بقصف مدفعي للدعم السريع على الفاشر
  • طيران الجيش ينفذ ضربات جوية استهدفت مواقع قوات الدعم السريع في مدينة الدبيبات
  • جريمة تهزّ السودان: قوات الدعم السريع تُغرق حيّاً بالدماء وتحوّل مطار الخرطوم إلى رماد
  • الجيش السوداني: سقوط 41 مدنيا وإصابة عشرات بقصف مدفعي للدعم السريع في الفاشر
  • السودان.. الدعم السريع يشن قصفا عنيفا على الفاشر
  • قتلى وجرحى في اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالفاشر