أعلنت انضمامها للدعم السريع.. هل تقلب درع السودان ميزان القوى ضد الجيش؟
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
الخرطوم- في مقطع مرئي بُث هذا الأسبوع، ظهر قائد قوات "درع السودان" أبو عاقلة محمد أحمد كيكل، على صفحات خاصة بقوات الدعم السريع، معلنًا تأييده وانحيازه لهذه القوات التي تخوض قتالًا شرسًا ضد الجيش السوداني، منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي.
وأعلن كيكل مناصرة الدعم السريع "لنصرة الهامش ومحاربة فلول النظام السابق" كما قال، وهو ما أثار تساؤلات عن حجم قوته وإمكاناتها وإسهامها في ترجيح كفة "الدعم السريع" على الأرض.
وخلال المقطع المرئي القصير الذي ظهر فيه كيكل مرتديًا زي "الدعم السريع" ومحاطًا بعشرات الجنود وسط أناشيد حماسية، قال إنه انضم للدعم من أجل المهمّشين ولمحاربة "الكيزان"، في إشارة الى أنصار النظام السابق من الإسلاميين.
ترحب قوات الدعم السريع، بانضمام القائد أبو عاقلة كيكل بكامل قواته وعتاده إلى صفوف الدعم السريع.
إننا إذ نرحب بانضمام القائد أبو عاقلة كيكل والأشاوس الأبطال في قوات درع السودان لقوات الدعم السريع؛ نؤكد أن هذه الخطوة تشكّل إضافة عسكرية نوعية مهمة في هذا التوقيت الحاسم.
إن بلادنا… pic.twitter.com/lLBQnjKB55
— Rapid Support Forces – قوات الدعم السريع (@RSFSudan) August 7, 2023
كان الظهور الأول لقائد "درع السودان" في منتصف ديسمبر/كانون الثاني من العام الماضي، حين نظّم عرضًا عسكريًا لقواته بمنطقة "الجبال الغُر" في "سهل البطانة" وسط السودان.
ووقتها تداول الناس سيرة كيكل بوصفه أحد ضباط الجيش المتقاعدين، ويمثّل تيار الضباط الإسلاميين في الجيش، وكان من المقاتلين في إقليم النيل الأزرق، وتمكّن من جمع قوات وسلاحها من قبائل عدة في المنطقة.
وعرضت "درع السودان" وقتها قوة قدّرتها بـ 35 ألف جندي، وقالت إن لديها آلاف المؤيدين في العديد من مناطق السودان، لكن قادتها الذين ظهروا وقتها بالزي العسكري أعلنوا أنهم ليسوا في حالة عداء مع أحد.
وتحدث أبو عاقلة كيكل عن أن هدف قواته هو إعادة التوازن الاستراتيجي بالبلاد، بعد أن ألحقت اتفاقية جوبا للسلام الموقّعة في 2020 "ظلمًا بمناطق الوسط وشمال وشرق السودان، وانحازت لحركات دارفور"، على حد قوله.
كما أعلن أنه يهدف إلى القضاء على التهميش السياسي والاقتصادي الذي يعانيه وسط السودان، لافتًا إلى أن منطقة "البطانة" غير ممثّلة في كل الوحدات النظامية، والمجلس السيادي والانتقالي.
وأثار سماح السلطات العسكرية لمجموعة كيكل بالإعلان عن نفسها بتلك الطريقة جدلًا واسعًا، وجرى تصنيفها واجهة استخباراتية تحظى بدعم وإسناد قادة الجيش، للعمل على عرقلة اتفاق جوبا، وخلق أذرع جديدة في موازاة حركات دارفور المسلحة.
كيكل قال إن دعم "درع السودان" للدعم السريع لا يمثّل قبيلة ولا منطقة وإنما قناعات الضباط والجنود فيه (مواقع التواصل) ولاء مبكروحسب تسريبات لاحقة، فإن كيكل كان يلقى الضوء الأخضر من قائد الدعم السريع محمد حمدان "حميدتي"، الذي وفّر له الغطاء العسكري والدعم المادي لتكوين القوات وحشدها.
وبالفعل، انضم كيكل للدعم السريع بعد أيام من بدء القتال مع الجيش، بل أرسل قوات له لقتال الجيش في شرق النيل، وفقًا لمصادر متطابقة تحدثت للجزيرة نت، مؤكّدة أن قوات كيكل تعرضت لقصف هناك بعد دخولها من منطقة "البطانة" لإسناد الدعم السريع. ومن ثم فهي انضمّت للدعم السريع مبكرًا، ولم تلتحق به حديثًا كما راج مؤخرًا.
المعلومات ذاتها يؤكّدها الأمين العام لقوات "كيان الوطن" غاندي إبراهيم، الذي قال إن إعلان انضمام كيكل للدعم السريع خلال اليومين الماضيين ليس سوى "فرقعة إعلامية"، لرفع الروح المعنوية للجنود بعد هزائم متلاحقة في الميدان.
ويُشار إلى أن قوات "كيان الوطن" سبقت تكوين "درع السودان" بأسابيع، ونادت بالمضامين نفسها التي رفعتها مجموعة كيكل، فيما يخص التوازن العسكري لوسط السودان وشماله، بمواجهة حركات دارفور المسلحة ورفض اتفاق السلام.
ويؤكّد إبراهيم للجزيرة نت، أن كيكل انضم للدعم السريع في الأيام الأولى للحرب "بمعية نحو 100 شخص معظمهم الآن بين قتيل وهارب"، حسب قوله. وأضاف أن الحديث عن امتلاك "درع السودان" 75 ألف مقاتل محض افتراء ولا يمتّ للواقع بصلة.
ويقول إبراهيم إن نيات انضمام كيكل للدعم السريع كانت معلومة لديهم قبل اندلاع الحرب، خاصة عندما طُرحت رؤية دمج كل الكيانات والدروع المسلحة التي ظهرت في شمال ووسط السودان، الرافضة لاتفاقية جوبا وتعدّد الجيوش، لكن كيكل رفض وأظهر تغييرًا في لغة خطابه، وتبنّى رؤية حميدتي الداعية لقبول الاتفاق الإطاري.
وأردف "منذ تلك اللحظة تبنّى كيكل خطًا يمثّله وحده، وابتعد عن القضية التي من أجلها كوّن "درع السودان"، لينسلخ منه الجميع ويُعزل من قيادة هذه القوات، ومن مجتمعه وقبيلته".
"تجنيد بلا قدرات"
والملاحظ أن كيكل حرص خلال المقطع المرئي الذي ظهر فيه مؤخرًا على "تأكيد قتاله لمحاربة التهميش وتمثيل قواته لجميع القبائل"، في محاولة منه لإبعاد شبهة العنصرية عن الدعم السريع، لكن أعيان غالبية القبائل التي ذكرها سارعوا لإصدار بيانات تبرؤوا فيها من الانتماء لجماعة "درع السودان"، وأكّدوا مساندتهم للجيش.
وقال أحد أعيان منطقة "البطانة" للجزيرة نت، إن كيكل "يتمتع بمعرفة كبيرة بسهل البطانة، خاصة الطرق الخفية، ما يشكّل خطرًا على الجيش، لا سيما في تقديم الدعم اللوجستي والعسكري للدعم السريع عبر تلك الطرق التي تستخدم غالبًا في عمليات التهريب، ولها ارتباطات بالحدود الإثيوبية". وقال إن غالبية المجنّدين في "درع السودان" هم من قبيلة وأقرباء كيكل.
وحسب ضابط في الجيش السوداني تحدّث للجزيرة نت، فإن قائد "درع السودان" جنّد مئات الشباب في صفوف قواته، لكنه قلّل من قدراتهم القتالية، خاصة أنها قوات حديثة الإنشاء والتكوين رغم خبرة قياداتها العسكرية.
وأضاف "يمكن لقيادتها أن تقدّم بعض النصائح للدعم السريع من ناحية جغرافية لحركة الجنود، لكنها لن تقدّم أو تحدث فارقًا في الميدان الحربي".
عناصر من قوات الدعم السريع في الخرطوم (رويترز) ثوب قومي لا قَبَليوتمضي الصحفيّة والمحللّة السياسية شمائل النور، في الاتجاه ذاته بتأكيد أن إعلان انضمام كيكل للدعم السريع ليس سوى "محاولة لضخ روح جديدة فيها، في ظلّ عدم تحقيق أي انتصارات على الأرض".
وتقول في حديث للجزيرة نت، إن إعلان انضمام كيانات من النيل الأزرق ووسط السودان بدتْ محاولة لإلباس الدعم السريع ثوب قومي، لأن الحديث عن كونها مليشيا قَبَلية مرتبطة بمكوّن واحد أفقدها كثيرًا من المصداقية، فكان لزامًا العمل على حملة استقطاب لقوى أخرى.
وتستبعد شمائل كلّيًا تشكيل أبو عاقلة كيكل ومجموعته أي إضافة عسكرية أو سياسية لقوات الدعم السريع، "فلن يكون لها أي مردود فاعل، ولن يغيّر في ميزان القوى؛ لأنها لا تملك أي سند".
وفي السياق ذاته، يؤكّد الخبير العسكري عمر أرباب، أن كيكل لا يملك قوات كبيرة مدرّبة تمكّنها من التأثير في العمليات الميدانية. ومع ذلك، يعتقد -في حديثه للجزيرة نت- أن التحاق "درع السودان" بالدعم السريع يمكن أن يشكّل عاصمًا من شبح الحرب الأهلية الذي بدا يلوح في الأفق، ويضع حدًّا كذلك للاصطفاف القبلي في المعركة مع وضد طرفي القتال، لا سيما في ظلّ إعلان مكوّنات أخرى الانضمام للجيش.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع للجزیرة نت قال إن
إقرأ أيضاً:
كنداكة الثورة السودانية تتحدث عن الثورة والانقلاب وانتهاكات الدعم السريع
وتعود كلمة "كنداكة" إلى العهد الكوشي أو ما يعرف بالحضارة النوبية، وهي تعني الملكة أو السيدة الأولى، لكن آلاء صلاح، قالت لبودكاست "ملهمات" إن الكلمة تعني "المقاتلة" أو بمعنى آخر "الأيقونة".
ويمكن القول إن كنداكة الثورة السودانية ليست جديدة على النضال السياسي، فقد شاركت جدتها في حراك 1964، الذي أنهى حكم الفريق إبراهيم عبود، وشاركت والدتها في انتفاضة 1985، التي أطاح الجيش على إثرها بحكم جعفر النميري، فيما شاركت أختها في انتفاضة الطلاب عام 2013 التي خرجت ضد قرار رفع الدعم الحكومي عن الوقود.
وبسبب مشاركتها في الثورة على عمر البشير، فقدت آلاء دراستها بعدما تم فصلها من الجامعة، لكنها التحقت بإحدى الجامعات البريطانية بعد حرمانها من الالتحاق بجامعة محلية.
وظلت آلاء في السودان حتى انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث غادرت خشية التعرض للاعتقال كما حدث لكثيرين ممن شاركوا في الثورة على البشير، وفق قولها.
وتعرضت لتهديد مباشر من قوات الدعم السريع، وتلقت اتصالا من مدير مكتب قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي طلب منها لقاء سريًّا، لكنها رفضت ذلك بسبب مسؤوليته عن قتل الثوار في اعتصام القيادة العامة وحرقهم واغتصاب بعضهم، حسب قولها.
إعلان
السفر لبريطانيا
بعد ذلك، أصبح تهديد الدعم السريع للشابة صريحا، وقد ذهبوا إلى بيتها أكثر من مرة وحاولوا ترهيب عائلتها جراء رفضها مقابلة حميدتي، الذي قالت إنه كان يحاول الضغط على رموز الثورة لدعم انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، ووصفه بأنه "تصحيح للمسار".
وعندما توجهت قوات الدعم السريع لبيتها قبل انقلاب 2021 بـ3 أيام، قررت آلاء الاختباء عند بعض أقربائها حتى تمكنت من السفر إلى بريطانيا التي كانت ستسافر لها بعد أيام من الانقلاب على كل حال لإكمال دراستها، كما قالت.
وبعد 5 سنوات من الإطاحة بحكم عمر البشير، وما آلت إليه أوضاع السودان، لا تريد صلاح القول إنها تشعر بخيبة أمل، لأن هذا الأمل هو الذي ساعدهم على تحقيق بعض أهداف الثورة -كما تقول- لكنها تعترف بأنها ليست سعيدة بينما السودان يعيش حالة من القتل والاغتصاب والانتهاكات التي لا تتوقف، وفق تعبيرها.
وشاركت المرأة بشكل كبير بالثورة على نظام البشير في ديسمبر/كانون الأول 2018، رغم القيود الكبيرة التي كانت مفروضة عليها في ذلك الوقت، وكانت كل واحدة منهن تقوم بما تجيد القيام به سواء كان التصوير أو مخاطبة الجماهير أو الرأي العام أو إسعاف الجرحى أو إعداد الطعام والشراب، كما تقول صلاح.
وبعد أن كان السودانيون يحلمون بالديمقراطية وتداول السلطة، "أصبحوا اليوم يعيشون قمعا وتهجيرا وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان على يد قوات الدعم السريع التي تقاتل منذ عامين ضد قوات الجيش"، حسب كنداكة الثورة.
وإلى جانب الانتهاكات، يعيش السودانيون مجاعة فعلية وتراجعا حادا في الخدمات الصحية وقتلا خارج القانون فيما توزع "شباب الثورة" بين جائع ونازح وهارب، حسب وصف صلاح.
أما من نجحوا في الخروج إلى دول أكثر أمنا، تضيف صلاح، فيعملون على توثيق ما يتعرض له الناس من انتهاكات وجرائم وتعريف العالم بها من خلال مواقع التواصل، لكنّ مَن هم بالداخل يجدون صعوبة كبيرة في إيصال ما يتم توثيقه للخارج بسبب توقف الإنترنت.
إعلانبيد أنه في ظل حالة الفقر المدقع والحاجة الشديدة وانهيار الخدمات وتفشي الخوف، أصبحت غالبية النشطاء مشغولين بعائلاتهم وجيرانهم وزملائهم أكثر من انشغالهم بمحاولة إحياء الثورة التي لم تعد سهلة أبدا في ظل ما وصلت إليه البلاد من استحكام للقوة، برأي صلاح.
ومع ذلك، فإن الشباب قادرون على إحداث التغيير لكنهم بحاجة للحد الأدنى من الظروف التي قد تساعد على تحويل مسار البلاد من الحرب إلى السلم الأهلي، وهو مسار تقول صلاح إنه "صعب جدا".
24/12/2024