تحقق الشعبوية المناهضة للحكومات تقدماً في أوروبا، ليس بفضل المخاوف من الهجرة والاقتصاد والأمن، وإنما بفعل تيار أعمق، ألا وهو فقدان الثقة بقدرة الحكومات على تجاوز هذه التحديات.

الأزمات تتراكم على شكل طبقات عصية على المعالجة

وكتب برتراند بينوا في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أنه في ألمانيا حصل حزب البديل من أجل ألمانيا وحزب شعبوي محسوب على اليسار المتطرف، على نحو نصف الأصوات التي تم الإدلاء بها في مقاطعة تورنيغن بشرق البلاد، كما أنهما حصلا معاً على أكثر من 40 في المائة من الأصوات في مقاطعة ساكسوني المجاورة.

وفي تورنيغن، حل البديل من أجل ألمانيا أولاً، لتكون المرة الأولى التي تفوز فيها حركة متطرفة بانتخابات إقليمية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي فرنسا، منحت انتخابات تشريعية أسفرت عن برلمان معلق التجمع الوطني اليميني المتطرف نحو ربع المقاعد- بزيادة كبيرة عن الانتخابات التي سبقتها- ولم تتشكل حكومة بعد شهرين من الانتخابات.

من الهجرة إلى التضخم

إن سلسلة من الأزمات، تتراوح من الهجرة إلى التضخم والحرب في أوكرانيا، قد ساعدت الشعبويين على إحراز انتصارات في الانتخابات من إيطاليا إلى هولندا، ومن السويد إلى فنلندا في الأعوام الأخيرة. وبالنسبة إلى بعض المشرفين على استطلاعات الرأي والمحللين، فإن هذه الأزمات ليست بالأمر الجديد. لكن الجديد هو تضاؤل الثقة بقدرة الحكومات على حلها. 

Europe’s Populist Surge Isn’t Only About Immigration, It Is About Fading Trust https://t.co/spN8PT9Bgx via @WSJ

— Nino Brodin (@Orgetorix) September 2, 2024


وقال رئيس مجموعة فورسا للاستطلاعات مانفريد غولنر، إن "الأزمات عادة ما تكون أمراً جيداً للحكومات...الناخبون يحتشدون خلف حامل الراية. حدث ذلك بعد 11 سبتمبر(أيلول)، وبعد الأزمة المالية، وحتى خلال أزمة كوفيد في أول الأمر. لكن ليس اليوم. فالأزمات تتراكم والدعم المقدم للحكومات هو في حده الأدنى".

استطلاع


وفي استطلاع أجرته مجموعة فورسا مع الناخبين الألمان ونشر الأسبوع الماضي، قال 54 في المائة من المشاركين، إنهم لا يثقون بأن أي حزب قادر على حل مشاكل البلاد. وقالت نسبة 16 في المائة فقط، إنها تثق بالحكومة. وأظهر استطلاع آخر مع الناخبين في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا نشرته جامعة ساينس بو، التي تتخذ باريس مقراً لها، في وقت سابق من هذا العام، أن 60 في المائة من المشاركين لا يثقون بالمؤسسات السياسية. وقالت النسبة ذاتها إن الديمقراطية ليست ناجحة.
وبالنسبة لغولنر، فإن صعود الشعبويين والأحزاب الجديدة، هما قمة رأس جبل الجليد من الاستياء، بينما الجزء المغمور منه يتمثل في الامتناع عن التصويت. في ساكسوني وتورنيغن، ارتفعت نسبة الممتنعين عن التصويت بنسبة 26 في المائة و56 في المائة على التوالي منذ أول انتخابات أجريت بعد اعادة توحيد ألمانيا في عام 1990.

 

Having spent most of my career in Latin America, where trust in institutions is low and voters downcast about democracy, it's really surprising and alarming to read about majorities in countries like Germany and France saying similar things. https://t.co/85rXwHYBso via @WSJ

— David Luhnow (@davidluhnow) September 2, 2024


إن التردد السياسي يمكن أن يديم نفسه بنفسه. ومع فقدان الناخبين لثقتهم بالحكومات، فإنهم يلجأون إلى الشعبويين ويعاقبون الأحزاب المشاركة في السلطة، مما يؤدي إلى برلمانات منقسمة على نحو متزايد. وهذا بدوره يولد تحالفات غير عملية وغير حاسمة في كثير من الأحيان تكافح من أجل الحكم.
وحتى في فرنسا، حيث كان النظام الانتخابي المكون من جولتين يضمن لفترة طويلة غالبية مستقرة، بلغ الانقسام السياسي حداً جعل الانتخابات البرلمانية الأخيرة تفرز برلمانات معلقة، كان آخرها في يوليو حيث لم تتشكل حكومة بعد.
وقال جيرار بروكلي (72 عاماً)، وهو طبيب متقاعد للأذن والأنف والحنجرة من وسط فرنسا :"كنت أعتقد أن السياسيين يتمتعون بالصدق الأساسي... لقد انتهى الأمر...إنهم ليسوا صادقين، وغير قادرين، وليسوا شجعاناً".
إن فقدان الثقة ملحوظ أيضاً في ألمانيا، التي بالكاد نما اقتصادها منذ 2019، وحيث غذت سنوات من نقص الاستثمار، شعوراً عاماً بأن أشياء–من الشرطة إلى القطارات إلى الجيش والعدالة والتعليم- لم تعد تعمل.
وبعدما قتل طالب لجوء سوري ثلاثة أشخاص في ألمانيا في 23 أغسطس (آب) في هجوم إرهابي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه، قالت السلطات إن مرتكب الجريمة كان يجب ترحيله قبل عامين لكن ذلك لم يحدث. وحاولت السلطات ترحيله في يونيو من العام الماضي، لكنها لم تتمكن من العثور عليه. ولم تقم بمحاولة أخرى لاعتقاله، بحسب الحكومة الإقليمية.
وصرح زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المعارض فريدريك ميرز بعد الهجوم :"المستشار (أولاف شولتس) يفقد السيطرة على بلاده...هذه القشة التي قسمت ظهر البعير".
ورأى عالم السياسة والكاتب في التيار المحافظ توماس بيبريشر، أن تعليق ميرز "يرفع التحدي... فهو يخلق توقعات من غير المرجح أن تتحقق بمجرد وصوله إلى الحكومة".
ووفقاً لهيرفريد مونكلر أحد علماء السياسة البارزين في ألمانيا، فإن فقدان الثقة بالحكومة عائد في جزء منه إلى الخطاب الشعبوي المتشدد، الذي تؤدي تحذيراته إلى شعور بالإلحاح مفاده أن ما من حكومة قادرة على المضي قدماً.
وأضاف أنه في الوقت نفسه "فإن الأزمات تتراكم على شكل طبقات عصية على المعالجة". وأعاد إلى الأذهان ما حدث في أوروبا في العشرينات "عندما ناءت الحكومات تحث ثقل الأزمات...وكانت تكافح كي تقنع الناس بأنه على رغم من أن المشاكل حقيقية، فإنها قابلة للحل".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اليمين المتطرف فقدان الثقة فی ألمانیا فی المائة

إقرأ أيضاً:

الكشف عن المبالغ التي جمعها ترامب وهاريس في حملتيهما الانتخابية وكم أنفقا!

الثورة نت/وكالات// كشفت لجنة الانتخابات الفيدرالية الأمريكية، اليوم الأحد، المبالغ التي جمعتها حملة المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب، الانتخابية. ووفقا لبيانات لجنة الإحصاء الفيدرالية فقد جمعت حملة هاريس ما يقرب من مليار دولار، بينما جمع ترامب أقل من 400 مليون دولار. وبحسب بيانات اللجنة فقد تم إنفاق معظم الأموال التي تم جمعها تقريبا حتى منتصف أكتوبر، حيث تبقى لدى هاريس 118 مليون دولار، بينما تبقى لدى ترامب 36.2 مليون دولار، وبذلك، يكون المرشحان قد أنفقا ما يزيد عن 1.2 مليار دولار في المجموع. وفي المرحلة النهائية من السباق الانتخابي، تجاوزت هاريس ترامب من حيث التبرعات بحوالي خمسة أضعاف، حيث جمعت في بداية أكتوبر 97.2 مليون دولار مقارنة بـ 16.2 مليون دولار لترامب. كما تفوقت هاريس على السياسيين الذين ترشحوا في الدورة الانتخابية السابقة من حيث سرعة جمع الأموال، حيث أصبحت مرشحة قبل بضعة أشهر فقط من الانتخابات. وأشارت وسائل إعلام أمريكية إلى أن هاريس حققت رقما قياسيا في سرعة جمع التبرعات، حيث جمعت أكثر من مليار دولار في غضون ثلاثة أشهر. بينما في الدورة الانتخابية السابقة فقد جمع كلا المرشحين الرئاسيين معا 1.85 مليار دولار على النحو التالي: 785 مليون دولار جمعها ترامب، و1.06 مليار دولار جمعها جو بايدن. وتفيد وسائل الإعلام الأمريكية بأن انخفاض إنفاق ترامب قد يكون مرتبطا باستراتيجية يتم فيها تغطية رواتب الموظفين وتكاليف استئجار أماكن التجمعات الانتخابية من قبل هيئات مرتبطة بالجمهوريين. ولفتت ذات الوسائل إلى أن أكبر متبرع لحملة ترامب كان الملياردير تيموثي ميلون، الذي قدم 150 مليون دولار، فيما تبرع رجل الأعمال إيلون ماسك بمبلغ 120 مليون دولار. وحصل ترامب على دعم مالي من حوالي 50 مليارديرا، أما هاريس، فقد دعمتها 76 شخصية أمريكية ثرية. يذكر أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستجري في الخامس من نوفمبر الجاري. وقد صوت 70 مليون مواطن أمريكي بشكل مبكر في الانتخابات، حسب معطيات جامعة فلوريدا.

مقالات مشابهة

  • عواصم أوروبا ونتيجة الانتخابات الأمريكية.. ترقبٌّ وحذر وآمالٌ ومخاوف
  • هل تؤثر الانتخابات الأمريكية على العلاقات الأمنية بين واشنطن وأوروبا؟
  • تأثير الانتخابات الرئاسية الأمريكية على العلاقات الأمنية مع أوروبا
  • مايا ساندو تعلن فوزها بانتخابات الرئاسة في مولدوفا
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. محمد العالم: شخص الرئيس الأمريكي سيؤثر على علاقة واشنطن بأوروبا
  • الانتخابات الأمريكية.. هل تكون نقطة تحول في أمن أوروبا؟
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. استطلاع رأي: هاريس وترامب أصواتهم متقاربة في الولايات المتأرجحة
  • ما هي أبرز الأسباب التي ستحسم الفائز في الانتخابات الأمريكية؟
  • الكشف عن المبالغ التي جمعها ترامب وهاريس في حملتيهما الانتخابية وكم أنفقا!
  • يويفا: نحو 30 مليون يورو استثمارات الاستدامة في يورو 2024