إجراءات البنك المركزي العراقي الجديدة بين التحديات المحلية والعقوبات الأميركية
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
بغداد– اكتسبت اللقاءات التي عقدها وفد البنك المركزي العراقي في واشنطن زخما كبيرا، حسب الخبراء الماليين والمصرفيين، وسط إدراك أن مخرجات هذه اللقاءات ستكون الأهم ضمن سلسلة من التدقيقات البنكية والمالية، بشأن آلية نقل الأموال بين المصارف العراقية والخارج، لتلافي عقوبات أميركية إضافية وخيمة، سينعكس صداها على الشارع العراقي في ظل تخوفات من تأثيرها على دفع الرواتب للموظفين، وعرقلة محتملة للمعاملات التجارية بالدولار.
وقال البنك المركزي، في بيان، "إن اللقاءات تمخضت عن اتفاق مع شركائه الدوليين سيرى النور نهاية العام الحالي، بشأن إنهاء العمل بالمنصة الإلكترونية للتحويلات الخارجية، واستبدالها بالعلاقات المصرفية المباشرة، وتوسيع شبكة المصارف الدولية المراسلة، بمشاركة 13 مصرفا عراقيا، وذلك في خطوة مهمة تهدف إلى تعزيز تنوع العملات وتسهيل عمليات التحويل الدولي".
وحول تقييم الزيارة ونتائجها، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، للجزيرة نت، إن وفد البنك المركزي عرض على الأميركيين ملف الإصلاحات النقدية في النظام المصرفي العراقي، بجانب مناقشة العقوبات الأميركية على بعض مصارفه، موضحا أن اللقاءات تناولت الإجراءات التدقيقية التي توصل لها تعاقد البنك المركزي العراقي مع شركتين عالميتين متخصصتين بالتدقيق المالي، وعرض نتائجها على الجانب الأميركي.
وأكد المشهداني للجزيرة نت أن عمل الشركتين يتولى التدقيق في عمل المصارف من جهة، والتدقيق في الحوالات البنكية من جهة أخرى، وأن عملية التدقيق هذه تتطلب 3 أشهر ونصف الشهر، وهي مدة التعاقد مع هاتين الشركتين، وذكر المشهداني نقلا عن محافظ البنك المركزي علي العلاق قوله إن التعاقد مع هذه الشركات كان بناء على نصيحة من الخزانة الأميركية، مؤكدا وقف عمل المنصة الإلكترونية بشكلها الحالي، والاتفاق مع مصارف مراسلة ذات سمعة عالمية مرموقة، للإشراف على تدقيق عمل مصارف بينها الأهلي العراقي والمنصور وبغداد والتجاري العراقي، وتتولى نحو 70% من الحوالات العراقية.
المشهداني: وفد البنك المركزي عرض على الأميركيين ملف الإصلاحات النقدية في النظام المصرفي العراقي (الجزيرة) منصة إلكترونية عراقيةوكان البنك المركزي العراقي قد أطلق بداية العام 2023 منصة إلكترونية لشراء الدولار الأميركي ضمن استجابته للمتطلبات الأميركية، وأصبحت المنصة المنفذ الوحيد لمن يريد شراء الدولار الأميركي، لكن إجراءات تلك المنصة، بحسب المعنيين، افتقرت إلى معلومات دقيقة تبين مصادر الأموال التي يتم تداولها، والبضاعة التي يريد التجار استيرادها والمنشأ الذي يُستورد منه، فضلا عن المنفذ الذي ستدخل منه تلك البضاعة.
وقد أشار البنك المركزي إلى أن "الإعلان الجديد جاء بعد التوصل إلى اتفاق حول آليات تنظيم هذه العمليات، حيث سيشمل التعامل بعملات اليورو واليوان الصيني والروبية الهندية والدرهم الإماراتي"، مؤكدا أن "تحديد نطاق عمل شركة التدقيق الدولية /E&Y/ التي ستقوم بمراجعة عمليات التحويل لضمان سلامتها وامتثالها للمعايير الدولية، تعدّ انعكاسا لالتزام البنك المركزي العراقي بتحقيق أعلى مستويات الشفافية والأمان، وتعزيز الثقة في النظام المالي العراقي".
دُفقة لصالح المصارف العراقية
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي، للجزيرة نت، "إن من أهم مخرجات لقاءات واشنطن زيادة الاعتماد على المصارف العراقية التي تملك شبكة بنوك مراسلة رصينة، والبنوك المراسلة هي البنوك التي تعمل كطرف وسيط أو بالنيابة عن المصارف المحلية العراقية لإكمال عمليات التحويل المالي، وضمان مطابقة الحوالات الدولية لمعايير وضوابط التحويل الدولية، مشيرا إلى أن العشرات من المصارف المحلية العراقية التي لا تملك سلسلة بنوك مراسلة خارجية رصينة، تكون مستبعدة من الوصول لدولار الحوالات، بعد إنهاء العمل بشكل كامل بنظام المنصة بدءا من الشهر الأول عام 2025″.
لكن الهاشمي عقّب في حديثه للجزيرة نت قائلا على أن " تطبيق مخرجات اجتماعات واشنطن بدقة، وإن كان سيرفع مستوى حماية الأموال العراقية من التسرب نحو قنوات غير نظامية، ويحسّن كثيرا مستوى جودة الخدمات المصرفية والتنافسية بين المصارف، إلا أنه قد يتسبب خلال المرحلة الأولى بتضييق عنق زجاجة تدفقات الحوالات، وبالتالي قد يؤثر ذلك على حجم كتلة الدينار العراقي التي يمكن توفيرها للمالية العامة، لتغطية المصاريف التشغيلية الهائلة والمتزايدة سنة بعد أخرى".
وجاءت هذه التحركات الحثيثة من حكومة بغداد عقب اجتماع مماثل في مارس/آذار 2024، بشأن إعادة النظر في العقوبات الأميركية على 14 مصرفا عراقيا في يوليو/تموز 2023، و4 مصارف أخرى في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تتبع في أغلبها مؤسسات تابعة لأحزاب سياسية تدعمها شخصيات معروفة، وتُتهم بتهريب أكثر من 100 مليون دولار أسبوعيا إلى 4 دول مجاورة، أبرزها إيران إلى جانب كل من سوريا والأردن وتركيا، بحسب تقارير دولية.
ورغم أن بعض المسؤولين العراقيين قللوا حينها من تأثير الخطوة الأميركية على الاقتصاد العراقي، مستشهدين بإحصاءات داخلية أظهرت أن البنوك الأربعة عشر مجتمعة تمتلك 1.29% فقط من إجمالي الأصول المصرفية في العراق، من بين 46 مصرفا تجاريا آخر، فإن مسؤولين أميركيين أشاروا إلى تراجع ملحوظ في إجراء التحويلات المالية في الأشهر الأخيرة من قِبل المصارف المتهمة بممارسة الاحتيال المصرفي على تحويل الأموال، وتقليل قدرتها على الوصول إلى الدولار، ما أدى لخفض كبير في قيمة التحويلات اليومية بالدولار عبر تلك البنوك التجارية العراقية.
احتيال مصرفيويشير خبراء إلى أن عمليات الاحتيال المصرفية هذه تجري عبر إعادة بيع الدولار، الذي تشتريه المصارف والشركات من البنك المركزي العراقي بالسعر الرسمي، الذي يكون دائما أقل من سعر السوق، وهو ما يوفر لها بعض الأرباح، فعلى مدى عقدين من الزمن، أصبحت تجارة الدولار في العراق مصدرا للفساد المستشري في البلاد.
عمليات الاحتيال تجري بطُرق جديدة لنقل الدولارات بشكل غير قانوني (الجزيرة)في حين تجري عمليات احتيال بطُرق جديدة لنقل الدولارات بشكل غير قانوني، بما في ذلك الاستعانة بشركات تحويل أموال غربية وشبكات غير رسمية في الشرق الأوسط لنقل الأموال عبر الحوالات، من أجل تجنب عمليات التدقيق، بينما لجأت صرافات وشركات محلية لاستخدام عشرات البطاقات النقدية المحملة بالدينار في العراق، ثم نقلها إلى الدول المجاورة، حيث يمكن سحب الأموال منها بالدولار.
وهذا ما دفع واشنطن إلى فرض ضوابط أكثر صرامة على التحويلات المالية في البلاد بشكل عام، ما اضطر البنك المركزي العراقي في الأشهر الأخيرة إلى إلزام المصارف بطلب عقود الاستيراد وتذاكر السفر مقابل صرف الدولار لمستحقيه، وهذه الوثائق بدورها تُقدَّم للبنك المركزي ليسمح ثانية لتلك المصارف بالمشاركة في مزاد العملة، وتسبب هذه العقبات بدفع قيمة الدينار العراقي إلى التراجع مقابل الدولار، وارتفاع أسعار السلع المستوردة، متسببة بأزمة استمرت نحو 3 شهور مطلع العام الحالي.
الهاشمي اعتبر أن أهم مخرجات واشنطن هو زيادة الاعتماد على المصارف العراقية التي تملك شبكة بنوك مراسلة رصينة (الجزيرة)ما لا يعرفه الكثيرون عن قضية التدقيق المصرفي والواقع المالي في العراق أن أغلب العراقيين من المواطنين وحتى التجار يحتفظون بمدخراتهم المالية التي يمتلكونها في منازلهم، ولا يفضلون إيداعها في المصارف، وعندما يريد رجال الأعمال شراء الدولار الأميركي من المصارف، فإن الكثير منهم يدفع بالدينار العراقي نقدا، دون تقديم شهادات أو تحويلات مكتوبة عن مصدر تلك الأموال.
الجدير ذكره في هذا السياق، أنه منذ عام 2003، تم وضع العراق تحت الوصاية الأميركية، ومعها وضعت أموال العراق الناتجة عن بيع النفط والتي تشكل أكثر من 90% من واردات العراق من العملة الصعبة، في بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي، لحمايتها من مطالب التعويض التي قدمتها بعض الدول المتضررة من سياسات النظام السابق الذي حكم العراق قبل عام 2003، وهو ما يعني التحكم الأميركي في عمليات صرفها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات البنک المرکزی العراقی المصارف العراقیة للجزیرة نت فی العراق
إقرأ أيضاً:
الصحة: إجراءات فورية لتوفير نواقص المستلزمات في مستشفى أجا المركزي
استكملت وزارة الصحة والسكان، تنفيذ المرحلة الرابعة من حملة المرور الميداني على المنشآت الطبية في جميع المحافظات، وذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، سعيا نحو التواصل المباشر مع المواطنين، ورفع كفاءة المنشآت الطبية وتقديم خدمة طبية ذات جودة.
وقال الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، إن المرحلة الرابعة من حملة المرور الميداني، استهدفت محافظة الدقهلية، وتضمنت مرور فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية على إدارة أجا الصحية، حيث تفقد الفريق مستشفى أجا المركزي، والمركز الطبي منية سمنود، ومركز رعاية الأمومة والطفولة بـ«أجا أول»، وذلك لرصد أي قصور في مستوى الخدمة، واتخاذ الإجراءات التصحيحية على رأس العمل.
وأشار المتحدث الرسمي، إلى أن الفريق بدأ جولته بتفقد مستشفى أجا المركزي، حيث تفقد جميع الأقسام، وتلاحظ أثناء المرور على قسم الأسنان وجود أعطال في «جهاز إذابة الرواسب بالأسنان» وتم التوجيه بسرعة إصلاح الأعطال لاستيعاب تردد الحالات، ورفع معدل الإشغال، كما تلاحظ وجود وحدة أسنان جديدة خاصة بجراحات الفم والأسنان، سيتم تخصيصها للأطفال من ذوي الهمم، وتم التواصل مع الوزارة والمديرية لسرعة توفير الاحتياجات لتفعيل الوحدة.
واستطرد «عبدالغفار» أنه تلاحظ وجود نقص في مستلزمات حشو الأسنان، وتم توجيه إدارة الأسنان بسرعة توفيرها خلال أسبوع، كما تبين وجود عجز في بعض مستلزمات مكافحة العدوى، وتم التواصل مع المديرية، وطلب توفير المستلزمات، وبالمرور على قسم الاستقبال والطواري، تلاحظ تهالك القسم واحتياجه إلى رفع كفاءة، حيث تم تكليف الإدارة بوضع خطة لرفع كفاءة القسم والاستغلال الأمثل لقسم عمليات الطوارئ.
وأضاف «عبدالغفار» أنه تلاحظ وجود عجز في بعض القوى البشرية (استشاري رعاية مركزة، وتمريض) وتم التوجيه بعمل مذكرة بالاحتياجات من القوى البشرية، وارسالها إلى الجهات المعنية لسرعة التوفير وسد العجز، كما تلاحظ وجود قسم عمليات يضم 3 غرف، وغرفة إفاقة، وتم رفع كفاءته، ولم يتم تفعيله بسبب عدم توافر بعض الأجهزة الجراحية، وتم توجيه المديرية بسرعة توفير التجهيزات لاستيعاب حالات التردد على المستشفى.
وتابع «عبدالغفار» أنه تلاحظ عدم إلتزام قسم الرعاية والحضانات بتطبيق سياسات المضادات الحيوية، وتم تدريب الطاقم الطبي أثناء المرور، وتوجيه مسئول مكافحة العدوى، بمتابعة تطبيق السياسات.
ولفت «عبدالغفار» إلى أن الفريق استكمله في إدارة أجا الصحية بالمرور على المركز الطبي منية «سمنود»، حيث تفقد الفريق جميع الأقسام وتلاحظ وجود بعض الآلات الجديدة الخاصة بتنظيم الأسرة مخزنة بطريقة غير سليمة، وتم التواصل مع المديرية للتحقيق مع المسئولين عن هذه الواقعة، كما تلاحظ عدم وجود مستلزمات جهاز التنفس الخاص بالأطفال في قسم الاستقبال، وتم اتخاذ الإجراءات الفورية وتوفيرها أثناء المرور.
وتابع «عبدالغفار» أنه تلاحظ وجود نواقص في أدوية الأطفال والأمهات، وتم التواصل مع المديرية لسرعة توفير النواقص من الادوية، كما تبين اثناء المرور وجود بعض الادوية داخل غرفه الاستقبال والطوارئ مخزنة بطريقة غير سليمة وتم التواصل مع المديرية وتم التوصيه بالتحقيق في هذه الواقعة.
واستكمل «عبدالغفار» أن الفريق اختتم جولته في إدارة أجا الصحية، بالمرور على مركز رعاية الأمومة والطفولة بـ«أجا أول» وتلاحظ أثناء المرور تعطل جهاز الضغط بقسم الاستقبال، وعلى الفور تم التواصل مع المديرية وتوفير بديل، كما تلاحظ عدم توافر مستلزمات مبادرة الأم والجنين، ومبادرة الأمراض المزمنة، نتيجة سوء توزيع المستلزمات داخل الإدارة، وتم التواصل مع المديرية لسرعة توفير المستلزمات، ومتابعة التوزيع من قبل الإدارة.
وأضاف «عبدالغفار» أنه تلاحظ عدم تفعيل مبادرة «الألف يوم الذهبية» بالرغم من تدريب الفريق الطبي، وتم التوجيه بتوفير كل ما يلزم المباردة وتفعيلها في أسرع وقت، كما تلاحظ وجود بعض الأجهزة المعطلة داخل الغرف وعدم وجود أوامر إصلاح ومنها أجهزة ضغط، وموازين، وطابعة، وجهاز سمعيات، والكمبيوتر الخاص به، وتم التوجيه بالتعاقد مع الصيانة، وعمل الصيانة الدورية في مواعيدها المقررة.
وذكر «عبدالغفار» أن المرور تم بالتعاون مع القطاعات المعنية في الوزارة، وبمشاركة القطاع العلاجي، وقطاع الرعاية الأساسية، وإدارة الصيدلة، وتنظيم الأسرة، ومكافحة العدوى، والمشروعات، لاتخاذ إجراءات فورية لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.