سودانايل:
2024-11-22@05:05:54 GMT
البعشوم .. وصناعة المشهد: احتجاجات كسلا نموذجاً
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
محمد سليمان حامد
تسعى الأنظمة الاستبدادية دائماً إلى تكريس هيمنتها عبر استخدام أساليب خبيثة لزرع الفتنة والفرقة بين أفراد الشعب. في السودان، يمثل جهاز الأمن نموذجاً صارخاً لهذه السياسات المدمرة. فمع تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، لجأ هذا الجهاز إلى إشعال الفتن بين مكونات المجتمع السوداني كأداة لتشتيت الانتباه عن القضايا الحقيقية، وتعزيز نفوذه وفرض أجنداته.
بينما يعيث الجنجويد فساداً في أرض السودان، مستبيحين العرض والأرض، تسعى المنظومة الأمنية عبر جهازها المهترئ إلى التهرب من مسؤولياتها الأساسية. بدلاً من حماية المواطن واستعادة الأمان، نجدها تنشغل بصناعة مشهد مضلل، بهدف تشتيت انتباه الرأي العام وصرف الأنظار عن القضايا الملحة.
على سبيل المثال، لم يجف بعد حبر تصريحات اللواء المتقاعد بدر الدين عبد الحكم، الذي أطلق قبل بضعة أشهر مزاعم مشككة في ولاء قبيلة البني عامر، داعياً إلى سحب الجنسية منهم. هذه التصريحات لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل كانت جزءاً من حملة ممنهجة تهدف إلى إثارة الفتنة وزرع الشكوك بين مكونات المجتمع السوداني.
وفي إطار هذا السعي المحموم لصناعة المشهد، ظهر على الساحة شخص يتخفى على وسائل التواصل الاجتماعي تحت اسم "البعشوم". هذا الشخص ليس مجرد ناشط عادي، بل يمتلك معلومات أمنية ووثائق لا تتوفر إلا لأجهزة أمنية بحجم دولة. استغل "البعشوم" هذه المعلومات للترويج للأكاذيب وصناعة المواقف التي تخدم أجندات خفية لصالح تيارات معينة في السلطة.
أحدث حلقات "البعشوم" على يوتيوب كانت محورية في هذا السياق. تناول فيها شخصية القوني، شقيق حميدتي، حيث بث معلومات مغلوطة، رغم احتوائها على بعض الحقائق. دس "البعشوم" السم في الدسم عندما زعم أن مصاهرة القوني من أسرة تنتمي إلى قبيلة البني عامر أدت إلى تجنيد القبيلة لصالح الدعم السريع. لتعزيز روايته الساذجة، قدم قائمة بأسماء بعض المتعاونين مع القوني، مما أثار موجة من الاستياء والتوتر على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بين أبناء البني عامر.
والبعشوم هو أحد الأذرع الأمنية التي يستخدمها جهاز الأمن تمرير معلومات ونشر الدسائس هو شخص يتخفى على وسائل التواصل الاجتماعي تحت اسم "البعشوم". ويمتلك معلومات أمنية ووثائق مستندات لا تتوفر إلا لجهاز أمن بحجم دولة، وقد عمد إلى استخدام هذه المعلومات للترويج للأكاذيب وصناعة المواقف وفرض اجندات خفية لصالح أحد التيارات المتصارعة على سدة الحكم وقد لعب "البعشوم" منذ سقوط الانقاذ دورًا كبيرا في تحديد مسار الثوار وسقف المطالب ..
أحدث حلقات "البعشوم" على يوتيوب كانت محورية في هذا السياق. تناول فيها شخصية القوني، شقيق حميدتي، حيث بث معلومات مغلوطة، رغم احتوائها على بعض الحقائق. دس "البعشوم" السم في الدسم عندما زعم أن مصاهرة القوني من أسرة تنتمي إلى قبيلة البني عامر أدت إلى تجنيد القبيلة لصالح الدعم السريع. لتعزيز روايته الساذجة، قدم قائمة بأسماء بعض المتعاونين مع القوني، مما أثار موجة من الاستياء والتوتر على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بين أبناء البني عامر.
هذا الوضع تفاقم بشكل أكبر عندما اعتقل جهاز الأمن شاباً من أبناء كسلا، بتهمة التخابر لصالح قوات الدعم السريع. وفاته تحت التعذيب في المعتقلات لم تكن مجرد حادث عرضي، بل أطلقت شرارة احتجاجات واسعة في كسلا، وعمّ الغضب أوساط المجتمع.
إن هذا الاستهداف المنهجي لقبيلة البني عامر لم يكن وليد اللحظة، فقد تعرضت القبيلة لأكثر من سبعة أحداث واشتباكات أهلية منذ سقوط نظام الإنقاذ قبل خمس سنوات. هذه الاشتباكات، التي وقعت في مناطق مثل القضارف وكسلا وبورتسودان وحلفا الجديدة، أودت بحياة العديد من الأرواح البريئة، وأدت إلى فرض حظر تجول. وهنا يطرح السؤال: لماذا تستهدف هذه القبيلة بشكل متكرر؟ هل لأنهم متسامحون ومتمسكون بالتقاليد والدين؟ أم أن امتدادهم بين إريتريا والسودان أصبح لعنة تطاردهم؟
فإذا كانت الحكمة تقول "من مأمنه يؤتى الحذر"، فقد أمنت الجهات المسؤولة ردات فعل هذا المكون، الذي يمثل نموذجاً للتسامح والتماسك والعيش الكريم. وخير مثال على ذلك هو الناظر علي إبراهيم دقلل، الذي برهن بحكمته ورباطة جأشه على قدرته على كظم الغيظ والتعامل بحنكة مع الأزمات، متجنباً الفتن والصدامات. كما يعبر الشاعر الحارث بن عباد عن هذه الحكمة بقوله:
قد تجنبت وائلا كي يفيقوا *********** فأبت تغلب علي إعتزالي
وأشابوا ذؤآبتي ببجير ************** قتـــلوه ظلما بغير قتال
قتلوه بشسع نعل كليب ************** إن قتل الكريم بالشسع غال
ختاما، يجدر بالمجتمع السوداني أن يكون واعياً لهذه الدسائس والمكائد التي تحاك ضد وحدته وسلامته. تعزيز الوحدة الوطنية والوقوف صفاً واحداً في وجه محاولات التفرقة هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد. في ظل وعي وطني قوي، لن تنجح أي محاولات لزعزعة هذا الاستقرار أو تفريق صفوف الشعب.
rw3ams@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی البنی عامر
إقرأ أيضاً: