سودانايل:
2025-04-15@00:59:07 GMT

خطاب مفتوح لفخامة الرئيس سلفاكير ميارديت

تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT

التاريخ: 2 سبتمبر 2024

إلى فخامة الرئيس سلفاكير ميارديت

رئيس حمهورية جنوب السودان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أُوجه لكم هذا الخطاب، متمنياً لكم ولشعبكم الشقيق التوفيق والسداد والأمن والرفاهية والسلام، وأن يفتح الله على أيديكم أبواب الخير كله، ويأتيكم الحكمة والعزيمة على الإصلاح والرشاد والمضي قُدماً في سبيل التنمية.



يا فخامة الرئيس

لقد حملت لنا الصحف والرسائل خبراً مؤسفاً حقاً ألا وهو سرقة كل مقتنيات المتحف القومي السوداني وترحيلها بالشاحنات الى بلادكم العزيزة. هذا وقد تتبعت الإقمار الصناعية تلك الشاحنات وصوَّرتها ووثَّقت لها كما أنَّ المخابرات في البلدين لهم علم أكيد بذلك. ويا سعادة الرئيس لا يفوت على علمك ونباهتك وخبرتك أنّ هذه الآثار المنهوبة ليست إرث قومي فقط، بل هي إرثٌ إنسانيٌ حضاريٌ عريق عمره أكثر من سبعة ألف عام. ووفقاً للقانون الدولي ومناهج العلوم الإنسانية يجب المحافظة عليها ورعايتها، لأنّ الأمم تنهض بإرثها وتاريخها وتبني عليه، وهذا البناء هو مهمة الشعب والدولة في كل مكان فيه آثار عتيقة. وآثار كوش يا فخامة الرئيس وماتبعها من حضارات في المنطقة تُعتبر أقدم آثار عرفتها البشرية على الإطلاق، وبالتالي هي آثار لا تهم السودانيين وحدهم، بل هي ملك للإنسانية جمعاء من الناحية العلمية التاريخية لأنها تُحدِّث عن ميلاد الإنسانية وتاريخها، ولهذا نرجو من فخامتكم التعاون معنا في مصيبتنا لتتبع وإرجاع تلك الآثار السودانية لموطنها الإصلي ولمكانها المخصص لها في متحف السودان القومي.

يا فخامة الرئيس

إننا في مركز بحوث ثقافة وتاريخ الحضارات السودانية، وهو مركز يضم أكثر من 200 بروفيسور وباحث نتقدم لكم بالشكر الخالص من باب الحرص الشديد على أُخوَّتِكم وجِوارِكُم وتاريخِكُم المشترك معنا. وعليه، نود أن نعلمك بأننا سنتحرك بقوة وشراسة لمطاردة لصوص الآثار هؤلاء على جميع المستويات، سنطاردهم على المستوى القانوني والدبلوماسي والثقافي والإكاديمي لإرجاع تلك الآثار التي سُرقت حديثاً، وسنمضي حُقُباً لنسترد تلك التي سبق نهبها في الماضي أيام الإستقلال وتسربت لمتاحف أوروبا وغيرها من دول العالم.

يا فخامة الرئيس

إننا ندعوك سيدي الرئيس وقد كنت في يوم من الأيام الرجل الثاني في هذا البلد، وكنت مسؤولاً عن هذه الآثار مسؤولية مباشرة بحكم منصبك الرفيع فينا، وكذلك ندعو حكومتك وسائر شعب جنوب السودان الأبي معاونتنا في تتبع أولئك اللصوص الذين دخلوا بلادكم خلسة ليُقبض عليهم ويُحاكموا وتُرد منهم آثارنا التي لا يَعدِلُ ثمنها مال الدنيا أجمع.

والتحية لك مجدداً ولحكومة وشعب جنوب السودان

ونتمنى لكم التوفيق والسداد والرفاهية

 

محمود عثمان رزق

أمين أمانة التعاون الدولي

مركز بحوث ثقافة وتاريخ الحضارات السودانية

morizig@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فخامة الرئیس

إقرأ أيضاً:

التنوع الثقافي جذوره عميقة في الدولة السودانية

بقلم: تاج السر عثمان
١

تستمر الحرب اللعينة الجارية حاليا بكل دمارها ومآسيها الإنسانية والتي تدخل عامها الثالث، مع خطر تحولها لحرب عرقية وعنصرية تنسف وحدة التنوع والتعدد الثقافي الذي جذوره عميقة في الدولة السودانية، وكان ملازما لها منذ نشأتها. بالتالي من المهم التصعيد الجماهيري لوقف الحرب واستعادة مسار الثورة، حتى تقف سدا منيعا أمام تفكك الدولة السودانية.
معلوم ان التعدد الثقافي جذوره عميقة في الدولة السودانية منذ نشأتها وحتى قيام الدولة الوطنية الحديثة ، فما هي عناصر ذلك التنوع والتعدد؟.
- شهدت الدولة السودانية تعدد الأديان ابتداءاً من الوثنية إلى المسيحية ثم الإسلام ومازال التنوع والتعدد الديني موجوداً في واقعنا الماثل.
- كما شهدت تعدد اللغات مثل: اللغة المصرية القديمة ( الهيروغليفية)، ثم حدث الاستقلال اللغوي بقيام حضارة مروي التي عرفت اللغة المروية ، واللغة النوبية في حضارة النوبة المسيحية، ثم اللغة العربية التي انتشرت في عهد سلطنتي الفونج والفور، هذا إضافة للتنوع في لغات ولهجات أهل السودان ومكوناتهم الثقافية ( بجاوية، نوبية، زنجية) وناتج التلاقح اللغوي من الثقافات الحديثة ( تركية، انجليزية، فرنسية،حبشية الخ)، وبمراجعة قاموس اللهجة العامية في السودان للمرحوم د. عون الشريف قاسم ، نلاحظ التنوع والتلاقح اللغوي الذي شهده السودان منذ أقدم العصور..
- استوعبت الدولة السودانية التنوع الديني واللغوي والاثني وشهدت الاستمرارية في الثقافة السودانية خلال الحقب التاريخية المختلفة.
2
كما اشرنا سابقا، في مسارها التاريخي الطويل شهدت الدولة السودانية الحضارات الآتية :
- حضارة كرمة ( 3000 سنة ق .م) التي شكلت ميلاد الدولة السودانية، بعد ارتقاء الإنسان السوداني سلم الحضارة وتفكك المجتمعات البدائية التي تقوم على الصيد والتقاط الثمار وظهور المجتمع الزراعي والرعوي وتطور المدينة والصناعة الحرفية والتبادل التجاري وظهور أول انقسام طبقي واتساع الفروق الاجتماعية، وكانت نشأة الدولة السودانية مرتبطة بتفاعل عوامل سياسية ودينية وطبقية واجتماعية .
- حضارات نبتة ومروي والنوبة المسيحية التي كانت اوسع تطورا في الجوانب المادية والثقافية والفنية والروحية.
- المماللك الإسلامية ( الفونج ، دارفور ، تقلي المسبعات. الخ) التي استوعبت منجزات الحضارات السابقة المادية والفكرية وأضافت الجديد لها.
للمزيد من التفاصيل: راجع ، تاج السر عثمان الحاج : الدولة السودانية : النشأة والخصائص ، الشركة العالمية 2008)
* من سمات وخصائص الدولة السودانية أنها كانت في حالة تطور واتساع، في كل مرحلة تعرف حالات الازدهار والانحطاط والزوال،ثم تنبعث من جديد بشكل أوسع وأكبر مما كانت عليه في السابق، كما عرفت وحدة الاستمرارية والانقطاع، وتعدد المراكز أو العواصم. فضلا عن أنها كانت في حالة تطور باطني، وفي الوقت نفسه كانت في حالة تفاعل مع العالم الخارجي أخذا وعطاءاً.
- الشكل الحديث للدولة السودانية بدأ خلال فترة الحكم التركي - المصري (1821 -1885م) الذي شهد مولد السودان الحديث بشكله الحالي تقريبا، بعد ضم دارفور وسواكن وإقليم التاكا (كسلا حاليا)، والمديريات الجنوبية الثلاثة (الاستوائية ، بحر الغزال، وأعالي النيل، قبل انفصال جنوب السودان)، من خلال التوغل جنوباً، سواء لحملات تجارة الرقيق أو تجارة العاج أو لاكتشاف منابع النيل.
- كان صراع الهوّية ملازما لصراع الإنسان السوداني خلال الحقب التاريخية المختلفة ضد القهر والظلم من أجل الحرية ، ويتجلى ذلك في الثورات التي حدثت في دولة الفونج، والثورة المهدية ضد الاحتلال التركي، و ثورة الاستقلال ضد الحكم الإنجليزي ، وبعد الاستقلال: كانت ثورة أكتوبر 1964م ضد دكتاتورية الفريق عبود ، وانتفاضة مارس - ابريل 1985م ضد ديكتاتورية النميري، وثورة ديسمبر 2018 ضد ديكتاتورية نظام البشير أو الإنقاذ..
3
تجلي صراع الهوّية في علاقة الدين بالدولة ، فنجد أن الدولة السودانية مرت بكل المراحل التي عرفها التاريخ البشري، كما يتضح من الآتي:
- شهد السودان القديم الدولة الدينية أو الحكم بالحق الإلهي وعلى سبيل المثال :في دولة مروي كان كهنة آمون يحكمون بالحق الإلهي، وكان هناك صراع ضد القهر باسم الدين وحرية الاعتقاد، كما في صراع الملك "اركماني" ضد تسلط كهنة مروي، حتى تجح في الانتصار عليهم ، وغّير في المعتقدات والمفاهيم الدينية بعيد عن تسلطهم.
كما شهد السودان الوسيط: .
- ممالك النوبة المسيحية التي جمع فيها الملوك بين وظيفتي القس والحاكم، أي جمعوا بين السلطتين الزمنية والدينية .
- في سلطنة الفونج أو السلطنة الزرقاء ، شهد البلاد الشكل الجنيني للدولة المدنية ،حيث كان مشايخ الطرق الصوفية مستقلين نسبيا عن ملوك سنار .
أما في السودان الحديث والمعاصر فقد قامت:
- الدولة المدنية في فترة الحكم التركي- المصري ،و تم التراجع إلى الدولة الدينية في فترة المهدية ، ثم اتسعت دائرة الدولة المدنية خلال فترة الحكم الإنجليزي.
- بعد الاستقلال ظلت الدولة مدنية حتى قوانين سبتمبر 1983م وبعد انقلاب 30/يونيو 1989م، تم التراجع مرة أخرى إلى الدولة الدينية التي ارتبطت بالقهر ومصادرة الحريات الدينية والثقافية واللغوية والتفرقة العنصرية والعرقية، وقمع ثقافات وهوّيات الأقليات القومية، وفرض تصورهم الديني القاصر عليها وفي مناهج التعليم، وبالفساد والنهب والإبادة الجماعية كما حدث في دارفور، وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق، وحتى انفصال الجنوب، وواصل شعب السودان الصراع ضدها حتى اسقاطها في ثورة ديسمبر ، وما زال الصراع مستمرا لإزالة آثارها المدمرة. كما في مقاومة انقلاب اللجنة الأمنية للنظام البائد في ١١ أبريل ٢٠١٩، وانقلاب مجزرة فض اعتصام القيادة العامة والولايات، وحتى انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ الذي قاد للحرب الحالية بهدف تصفية الثورة ونهب ثروات البلاد من المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب، التي تهدد وحدة البلاد والتفريط في السيادة الوطنية.
4
ضمت الدولة السودانية شعوبا وقبائل ومناطق متباينة في التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ،وهذا التباين هو نتاج تطور تاريخي ، حيث شهد شمال ووسط السودان مولد الحضارات في السودان القديم وفي العصور الوسطى ، إضافة لسياسات المستعمر البريطاني الذي كرس الصراع القبلي والعنصري والادارة الأهلية، والانقسام الطائفي والقبلي، أي سياسة "فرق تسد" لاستمرار حكمه ، إضافة لتكريس التفاوت بين الشمال والجنوب من خلال نمط التنمية غير المتوازن ومن خلال قانون المناطق المقفولة الذي شمل الجنوب ومناطق الشرق ، وجنوب النيل الأزرق ، وجبال النوبة.
* من سمات وخصائص الدولة السودانية النشأة المستقلة ، فيما عدا الاحتلال المصري بعد انهيار دولة كرمة ، وفترة الحكم التركي المصري ، وفترة الحكم البريطاني، نلاحظ ان الممالك السودانية كانت مستقلة ، وكان الدفاع عن الوطنية السودانية مرتبطاً بالدفاع عن الدين والعقيدة ، كما حدث في مقاومة النوبة لحملة عبد الله بن أبى السرح والتي انتهت باتفاقية البقط ، والثورة المهدية التي قضت علي الاحتلال التركي ـ المصري، وثورة الاستقلال الثانية التي أنهت الحكم الاستعماري الانجليزي المصري عام 1956..
بعد الاستقلال واجهت الدولة الوطنية السودانية تحديات الديمقراطية التي لم تستقر بسبب الانقلابات العسكرية، وفشل النهضة السياسية والاقتصادية والثقافية ، وعدم قيام وحدة البلاد من خلال استيعاب تنوعها الديني والثقافي واللغوي في الدولة المدنية أو العلمانية الديمقراطية التي تسع الجميع، باعتبار ذلك مصدر إثراء واخصاب ونعمة بدلا أن يتحول لنغمة وحروب دامية لم تجنى منها البلاد غير الخراب والتخلف، وانفجرت مشكلة الجنوب عشية الاستقلال ، والتي ازدادت تعقيداً بعد أن أخذت الحرب طابعاً دينياً وخاصة بعد قوانين سبتمبر 1983م ، والتي زادت النيران اشتعالاً، حتى تمّ انفصاله بعد قيام نظام الانقاذ الدموي.
مما يطرح ضرورة وقف الحرب واستعادة مسار الثورة والمحافظة علي ما تبقي من الوطن بقيام دولة مدنية ديمقراطية المساواة فعلا لا قولا لرعاياها وحرية العقيدة والضمير والمساواة في الأديان وسيادة حكم القانون واستقلال القضاء ومساواة المواطنين أمام القانون بصرف النظر عن المعتقد أو العنصر أو الجنس وكفالة حرية البحث العلمي والفلسفي وحق الاجتهاد الديني وضمان الحقوق والحريات الأساسية والسياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وضمان حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية، وتحقيق التنمية المتوازنة والسلام المستدام

alsirbabo@yahoo.co.uk

   

مقالات مشابهة

  • اليمن يدين الهجمات على مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين بمدينة الفاشر السودانية 
  • طائرات حربية ترافق طائرة الرئيس المصري لحظة وصوله للكويت.. فيديو
  • رسالة المبادرة السودانية ضد الحرب لمؤتمر بريطانيا
  • الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين يُثمن خطاب الرئيس تبون
  • التنوع الثقافي جذوره عميقة في الدولة السودانية
  • فخامة الرئيس.. حللت أهلاً ووطئت سهلاً
  • الرئيس المشاط يطلع على سير الدورات الصيفية بأمانة العاصمة
  • الرئيس المشاط يزور الدورة الصيفية بمركز الأسطى في مديرية الثورة بالأمانة
  • القوات المسلحة السودانية.. استخدام ممنهج لسلاح «التجويع»
  • الرئيس التركي: نقف إلى جانب الشعب والحكومة السودانية لتجاوز التحديات الراهنة