عصب الشارع
صفاء الفحل
نحن أحياناً نخدع أنفسنا أو نحاول أن نفعل ذلك رغم قناعتنا بأن ما نقوم به لن يقودنا إلى مانصبوا إليه، حتى أننا لا نتعلم من تجاربنا ونكرر نفس الأخطاء أكثر من مرة، فجميعنا على علم بأن الإفلات من العقاب تكرر أمامنا خلال العهد الكيزاني والممتد حتى اليوم أكثر من مرة، ورغم ذلك نحاول أن نصدق بأن هناك عدل وعدالة في ظل حكومة كيزانية عسكرية دكتاتورية تكذب وتدلس وتلوي عنق الحقيقة الماثلة أمامنا كما تشرب الماء ونعلم بأن كافة أحاديثها عبارة عن (مخدر) وقتي يزول بزوال الخطر، بل وينقلب بعد ذلك على كل من وقف خلف ذلك الحدث بطشا واعتقالاً وتشريداً وإغلاق كافة الأبواب أمام الشرفاء للعيش الكريم.
وبالأمس شيعت البلاد في موكب مهيب حزين جثمان الشهيد (الأمين محمد نور) الذي استشهد على أيدي زبانية جهاز الأمن بكسلا في الوقت الذي ما زال يصدح فيه حماة (القتلة) بأكاذيب تحقيق العدالة وهدوء الأحوال والقبض على من مارسوا هذا العمل الشنيع وتقديمهم للتحقيق، ونحن نعلم جميعاً بأنه سينتهي (إلى ما لاشيء) كسابقاته من جرائم هذا النظام الدموي الذي ظل يدور سنوات في تحقيقات فض الاعتصام وقتل الثوار حتى تعفنت جثثهم بالمشارح وأكلتها الفئران ثم قامت بإطلاق سراح كل القتلة من السجون بعد إشعال هذه الحرب العبثية.
وحتى لا نخدع أنفسنا وننجر وراء هذه (الأكاذيب) ونحن ندرك بأنها كذب وخداع جديد ونعلم بأن لا تحقيق لعدالة في ظل هذا النظام البوليسي، فليس من المعقول أن يطبق (القاتل) العدالة في نفسه ومستحيل أن يفعل ذلك من يمسك بالقرار والزناد ليدين نفسه إلا إذا ماكنا أغبياء أو عاجزين ولا أعتقد بأن هذا الشعب العظيم كذلك، ويدرك تماماً من هو القاتل ومن يقف وراءه.
وإذا ما كان البعض ينتظر بأن تقوم المجموعة التي تدير هذا (العبث) من الشرق بتحقيق العدالة فسينتظروا كثيرا، فهي لن تفرط في قبضتها الحديدية ولن تحاسب من يعملون على حمايتها بالقتل والقمع والإرهاب، حتى لا ترتخي تلك القبضة، وسنظل ندور في دائرة هذا القمع لسنوات طويلة قادمة إذا لم ننتفض وظللنا في هذه الإستكانة والسلبية ويضيع كل ما دفعناه من تضحيات خلال ثورة ديسمبر، لنظل ذلك الشعب المقهور الجائع المشرد، ويضيع هذا الوطن العزيز من أيدينا وطريق الحرية والديمقراطية صعب وقاسي ولكنه الطريق الوحيد حتى نعيش بعزة وكرامة.
أن تظل الثورة مستمرة عهداً قطعناه للشهداء..
وأن يظل القصاص والمحاسبة أمر لا مناص منه..
ولا للحرب..
ونعم للسلام..
والحرية..
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً: